(حريات)
ألمح محجوب فضل بدري – السكرتير الصحفي السابق لعمر البشير – إلى إغتيال الزبير محمد صالح النائب الأول لرئيس الجمهورية السابق – بسبب تكالب (جهة) لتحل محله .
واتهم تصريحاً في عموده بصحيفة الصحافة أمس 13 فبراير الأخوان المسلمين بالتكالب ، واتهم تلميحاً دون تصريح الترابي وعلي عثمان وصلاح قوش .
وأورد (…شق على الناس وتحدثوا عن مؤامرة لاغتياله ادت الى استشهاده بتلك الطريقة التي نجا منها البعض، واشارت اصابع الاتهام الى جهة بعينها كان عندها مصلحة في ان يغيب الزبير عن الحياة.. اذ لم يكن بالامكان تغييبه عن المسرح السياسي.. خاصة بسبب تكالب تلك الجهة لتحل محله قبل ان تنتهي مراسم تشييعه بغير سبب واضح لتلك العجلة!!! لكنه التهافت..!!) .
وقال ان الزبير (… كان يقول ومنذ ايام الانقاذ الاولى او سنيِّها الاولي عن د. الترابي «زولكم ده داير الكرسي») (…وكان «الاخوان» يغمغمون بالاستغفار عند حديثه عن شيخ حسن).
وأضاف محجوب فضل بدري ان عمر البشير قال : (إن اخطر وأهم قرار سياسي اتخذته في حياتي الرئاسية هو اختيار الاستاذ علي عثمان محمد طه نائبا اول لي) كان ذلك في لقاء صحفي له مع صحيفة الرأي العام… وزاد بعد ذلك «خارج اللقاء» واختياري لصلاح قوش مديراً للأمن!! ..)
يذكر ان محجوب فضل كان شاويشاً في القوات المسلحة ، يعمل ضمن القوة المتواجدة بالتلفزيون ، وصعد نجمه بعد الانقاذ ، وتولى وظائف إعلامية انتهت به الى منصب السكرتير الصحفي لرئيس الجمهورية ، ورغم تواضع قدراته كان موضع تفضيل عمر البشير ربما لما عرف عنه من ظرف و (تخصص) في النكات المتعلقة بالنساء ، وحين احتج العديد من الاسلاميين على منصبه الرفيع قائلين بان السكرتير الصحفي يجب ان يكون شبيهاً بمحمد حسنين هيكل أيام عبد الناصر ، رد متهكماً وعن حق ، بان الذين يعيرونه بانه ليس في قامة هيكل ، لا يطرحون سؤال ( وأين عبد الناصر؟!) .
ووظف محجوب فضل منصبه لأجل مصالحه الشخصية ، مما سهل الانقضاض عليه من الدائرة المحيطة بعمر البشير ، والتي كانت تضيق من قربه الشديد في اطار ضيقها العام بكل من يتقحم الدائرة الصغيرة ، اضافة إلى ان البعض كان يحتج وبحق على تبديد زمن (الرئيس) في (الهزار) . وكل ذلك أدى إلى حرمانه من الدجاجة التي تبيض ذهباً . وحاول محجوب فضل لاحقاً استعادة منصبه بالنفاق الزائد لعمر البشير ، فهو من صك أوصاف ( أسد افريقيا) و(أسد العرب) ، وانتهى به النفاق إلى نسب عمر البشير إلى الدوحة النبوية الشريفة في مقال شهير يصلح نموذجاً لإنحطاط عصر الانقاذ .
واذ فشل التزلف في استعادة المنصب فان محجوب فضل يجرب الآن ابتزاز اخوانه ، فيلمح إلى (المستور) ، وهو في ذلك يريد اللعب على الوتر الحساس لعمر البشير الذي يتهيأ للانقضاض على بعض جماعته من الاسلاميين ، ولكن محجوب بعقلية الشاويش البسيطة لا يعرف بانه يتجاوز الخطوط الحمراء لما يعرف بـ (خلوها مستورة) ، لأن بعض (الموبقات) لم ترتكبها مجموعة بمعزل عن المجموعة الاخرى ، وانما اشتركت فيها الجماعة بكاملها ، وعملية بحجم اغتيال الزبير محمد صالح ، لم تكن لتنفذ دون موافقة وتواطؤ عمر البشير نفسه !
( نص العمود الصحفي أدناه) :
(الصحافة – فبراير)
محجوب فضل بدري
وفي الليلة الظلماء…
ما كان الناس يعرفون اعضاء مجلس قيادة الثورة عند اعلان اسمائهم.. قالت الحاجة هدية في برنامج تلفزيوني «كنت في الحصاحيصا وراجعة الخرطوم ، في واحد قال لي ناس الجيش مسكوا الحكومة وقائدهم عمر حسن ولدك.. قلت ليهو بري يا يمة الحكومة ما بندورها وعمر حسن في الجيش كتير»…
وكان نائب رئيس مجلس قيادة الثورة العميد الزبير محمد صالح، والذي خرج من المعتقل للقيادة، فقد كان متهماً بالاشتراك في (انقلاب الدناقلة) المزعوم، وكان المعتقلون من كبار الضباط الذين ينسب اليهم التخطيط لاعادة النميري من بينهم العميد الزبير في مركز التدريب الموحد بجبل اولياء واللواء مقلد من المدرعات والعميد الضوِّي من المظلات وغيرهم .. وكانت خصال الشهيد الزبير تسبقه فقد عُرف بالبساطة والصرامة والنزاهة والحسم مع لين في غير ضعف وشدة في غير عنف. واخلاق سودانية أصيلة.. وجرأة بلا تهور وسماحة بلا غفلة.. فقد كان عنده ورع يمنعه من أن يَخدَع .. وعقل يمنعه من أن يُخدَع.. وكان يقول ومنذ ايام الانقاذ الاولى او سنيِّها الاولي عن د. الترابي «زولكم ده داير الكرسي» وعندما عرض بعض الوسطاء حل مشكلة الجنوب بفصله من الحدود الطبيعية «بحر العرب والسوباط» أي دون حدود 1956م.. قال الزبير «يا جماعة ادوهم خلوهم يقيموا دولتهم» ، وكان «الاخوان» يغمغمون بالاستغفار عند حديثه عن شيخ حسن او حل مشكلة الجنوب! تقبله الله فقد كان بعيد النظر، فقد حدثت المفاصلة ووقع الانفصال بعد ذلك بكثير.. فقد مَحَضهم نصحه «بمنعرج اللوى» فلم يستبينوا النصح الا بعد بعد غد!!
«والله لو كان الزبير- الله يرحمه – حياً ده ما كان حصل» عبارة تسمعها مئات بل آلاف المرات كلما حلّت بالبلاد أزمة أمنية أو سياسية أو تنظيمية أو اقتصادية.. فلولا الزبير ما كانت ثورة التعليم.. ولولا الزبير ما كانت مسيرة السلام من الداخل التي أثمرت اتفاقية الخرطوم للسلام ، ولولا الزبير ما انداحت دورات عزة السودان.. ولولا الزبير ما تحسنت علاقاتنا مع مصر مبارك …ولا مع الشقيقة السعودية .. ولا تكافينا شر القذافي في ملفات كثيرة. ولولا الزبير لما كانت سياسة توطين زراعة القمح.. ولا نجح الحكم الاتحادي فقد كان هذا الملف بيده، ويذكر الناس كيف اطاح الزبير بحكومة ولاية سنار بضربة واحدة مع ان واليها كان الرجل الزاهد المرحوم محمد عثمان محمد سعيد.. كان الزبير ميالا للحسم ولا يحب انصاف الحلول ولا يتردد في اتخاذ ما يراه احقاقا للحق ولا يخشى في ذلك لومة لائم.. ويجزم الكثيرون بأن «أزمة المناصير» ما كان يمكن ان تكون في وجود الزبير وحياته فهو من بدأ اول الاتصالات بهم… وبطريقته السودانية الاصيلة التي تنفذ الى قلوب الناس بسهولة ويُسر فتنشرح لها الصدور.. كان يقول لأهل كجبار «السد نحن عاملنو لي منو؟! مو ليكم إنتو ان بقيتوا ما دايرين نحنا ذاتنا ما دايرين».. وعندما سمعَ المزارعين في الشمالية يشتكون من قلة العائد من زراعة القمح بمقولتهم الشهيرة «تِلِتْ للطير .. وتِلِتْ للأسبير.. وتِلِتْ للزبير.. والمزارع فاعل خير».. ألغى الرسوم والعوائد التي كانت تُحصَّل من المزارعين تشجيعاً لهم. وعندما احتجّ طلاب دورة عزة السودان في أحد المعسكرات وحوَّروا الهتاف: سير سير يا بشير.. الى .. طِير طِير يا بشير» قال ممازحاً «ديل ما قاصدين الرئيس البشير.. ديل قاصدين بشير القِصيِّر حقى ده»، يقصد الاستاذ بشير محمد بشير سكرتيره وعارف فضله.. وعندما بلغه ان بعض السفهاء يقولون عنه «يا الزبير أبورقبة» ضرب عنقرته بباطن يده وهو يقول «والله ما أكلنا مال الشعب دي عوازيم ساكت».. وكان يلبي دعوة الشباب الوطني لموائد الرحمن في رمضان طيلة ايام الشهر الكريم وهو يشتهي القراصة، فقال ذات مرة وهو في طريقه للافطار «والله الشُّفع ديل دبغوا بطننا بالبليلة دي».. وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر..
حضر ذات مرة في زيارة ليلية سرية لود مدني على ايام واليها المرحوم د. ابراهيم عبيد الله، والتقى بقيادات الجزيرة حكومة ومعارضة، فقال المرحوم ابراهيم معلقا علي حديث معارض «ديل اولاد المصارين البُيُضْ» فرد عليه المعارض «أنا ما ود المصارين البُيُضْ أنا أبوي ترزي»… فهتف الزبير «الله أكبر.. أنا ذاتي أبوي ترزي.. وترزي بلدي كمان».. فانفرجت أسارير «الاجتماع» وخلص الناس الى نتائج طيبة..
لذا فإن نعيه شق على الناس وتحدثوا عن مؤامرة لأغتياله ادت الى استشهاده بتلك الطريقة التي نجا منها البعض، واشارت اصابع الاتهام الى جهة بعينها كان عندها مصلحة في ان يغيب الزبير عن الحياة.. اذ لم يكن بالامكان تغييبه عن المسرح السياسي.. خاصة بسبب تكالب تلك الجهة لتحل محله قبل ان تنتهي مراسم تشييعه بغير سبب واضح لتلك العجلة!!! لكنه التهافت..!!
قال الرئيس البشير : «إن اخطر وأهم قرار سياسي اتخذته في حياتي الرئاسية هو اختيار الاستاذ علي عثمان محمد طه نائبا اول لي» كان ذلك في لقاء صحفي له مع صحيفة الرأي العام…
وزاد بعد ذلك «خارج اللقاء» واختياري لصلاح قوش مديراً للأمن!! ..
من كان متأسياً فليتأس بمن قد مات، لأن الحي لا تُؤمن عليه الفتنة»..
وهذا هو المفروض..