الناطق الرسمي باسم حركة العدل والمساواة جبريل آدم بلال في حوار علي تخوم أحداث أمدرمان (1-2):
حاوره – عبدالرحمن العاجب أمين الإعلام والناطق الرسمي باسم حركة العدل والمساواة جبريل آدم بلال هو من القيادات الشابة في الحركة وشغل عدة مواقع سياسية بها، من بينها رئيس مكتب الحركة في القاهرة ومن ثم رئيس مكتب بريطانيا وإيرلندا، وبعدها نائباً للأمين السياسي، وبعد الهيكلة الأخيرة لأمانات الحركة تم تكليفه أميناً للإعلام وناطقاً رسمياً باسم حركة العدل والمساواة.. (الأهرام اليوم) طرحت عليه عدة أسئلة جميعها متعلقة بقضية دارفور وإمكانية حلها، فضلاً عن الاتهامات التي ظلت تقدم للحركة بأنها الذراع العسكرية لحزب المؤتمر الشعبي المعارض واتهام الحركة بأنها قبلية وعنصرية، وتطرقنا معه إلى العلاقة بين الحركة ودولة تشاد وتراجع الحركة عسكرياً بعد طردها من تشاد ومغامرتها بدخول أم درمان، عرجنا معه إلى استراتيجية الحكومة الجديدة تجاه دارفور، علاوة على عزم الحكومة إجراء الاستفتاء وزيادة عدد ولايات دارفور، إضافة إلى نظرة الحركة إلى دور الوساطة المشتركة ودور اليوناميد في حماية المدنيين، أسباب انقسام الحركات وإمكانية وحدتها والتهم التي تقدم لقادتها بأنهم انتهازيون كانت حاضرة في حوارنا، سألناه عن إمكانية مطالبة دارفور بحق تقرير المصير ودور النخب والمثقفين من أبناء الإقليم في حل القضية وتراجع الدور الدولي والإقليمي، والاتهام المقدم للحركة بتلقي الدعم من حكومة الجنوب وأحداث ليبيا الأخيرة، تطرقنا معه إلى الوثيقة التي تم تقديمها في الدوحة ورأي الحركة فيها.. استمع الرجل إلى هذه الأسئلة وغيرها وكانت حصيلة ردوده هذا الحوار ومعاً لنطالعه ماذا قال..
{ هنالك اتهام ظل دائماً يلاحق حركة العدل والمساواة بأنها هي الذراع العسكرية لحزب المؤتمر الشعبي؟
– هذا ما ظلت تروج له الحكومة لفترات طويلة، ولعدة أسباب كانت الحكومة تعتقد أنها يمكن أن تقلل من الدعم السياسي الدولي للحركة، وقد فشلت في ذلك لأن المجتمع الدولي ما عاد يستمع إلى مثل هذه (الأسطوانات) ، وظل التعاطي الدولي مع الأزمة السودانية في دارفور مربوطاً بحركة العدل والمساواة السودانية كقوة لا يمكن تجاوزها، وظلت الحركة في تواصل مستمر مع كافة الأطراف الدولية الفاعلة في الراهن السوداني، ومن جهة أخرى استعلت الحكومة على الحقيقة، وهي لا تريد أن تعترف لحركة العدل والمساواة بأنها من فكر (الغبش) ومن تضحيات (الهامش) السوداني وأنها تعتمد على رجالها ومفكريها وأبطالها، وأنها لا تعتمد على فكر الآخرين ولا مساعدة الآخرين، ولا تحتاج لمن يخطط لها، ولذلك الحكومة تريد أن تنسب هذا الجهد لغير أهله.
{ حسناً: لكن هنالك اعتقاد أن قضية دارفور سببها الأساسي هو صراع وانقسام الإسلاميين هل توافقني الرأي في هذا وكيف تنظر إلى هذا الحديث؟
– مشكلة دارفور أقدم من الإسلاميين في حكم السودان، وشأنها كمشاكل (الهامش) السوداني الذي تعرض لتهميش متعمد من قبل المركز، والجميع يعلم أن دارفور لم تنل حظاً من المشاركة العادلة في السلطة منذ حكم الخليفة عبدالله التعايشي، وحتى بعد الاستقلال ظلت دارفور بعيدة عن المشاركة العادلة في حكم البلاد، الأمر الذي جعلها الأكثر تخلفاً تنموياً، ونتج عن هذا قيام جبهات مطلبية تنادي بحقوق متساوية للإقليم قبل الإنقاذ، وإن كانت تلك المطالبات سلمية إلا أنها لم تجد من يستجيب إليها، وهذا يؤكد أن مشكلة دارفور ليست وليدة انقسام الإسلاميين بقدر ما أن الإسلاميين كان لهم القدر الأكبر والممنهج في تهميش الإقليم وإبعادة من المشاركة الحقيقية في الحكم، بل وكان حتى حكام الإقليم يعينون من قبل حكومة المركز، وإلى وقت ليس ببعيد نجد الولاة أيضاً كان يتم تعيينهم من المركز، واتبعت حكومة الإنقاذ سياسة إفقار ولاة الإقليم في الفترات الأخيرة عندما أصبحوا من الإقليم، وإنتهجت الحكومة سياسة الحرمان الجماعي من كل الخدمات مما أدى لتفاقم الأوضاع وانفجار الأزمة بعد أن بلغت المعاناة قمتها بمواطني الإقليم، مما أوصل الإقليم للحالة التي هو فيها الآن.
{ لكن نجد أن جميع قيادات حركة العدل والمساواة من قيادات الإسلاميين وتحديداً (المؤتمر الشعبي) ومعظمهم بعد مفاصلة الإسلاميين كانوا ينتمون إلى المؤتمر الشعبي كيف ترد على هذا؟
– غير صحيح أن العديد من قيادات الحركة من الإسلاميين ولا المؤتمر الشعبي، الحركة تأسست قبل أنقسام الإسلاميين، وحينها كانوا الإسلاميون جميعهم في تنظيم واحد عندما خرجت منهم بعض القيادات وشكلت النواة الأساسية المكونة لحركة العدل والمساواة السودانية مع قيادات أخرى من تنظيمات سياسية مختلفة، وبالخوض في الهيكل التنظمي للحركة تجد أن خمسة من سبعة نواب للرئيس ليسوا من الإسلاميين، وهذا يشكل معظم قيادات الحركة، إضافة إلى المكتب التنفيذي الذي يتكون من لونيات سياسية مختلفة، وكذلك القيادات العسكرية في الميدان، وقيادات الحركة في كل بلدان العالم ليسوا ممن تظن، ووجود الإسلاميين كغيرهم من الآخرين الموجودين في الحركة وليس هناك غلبة للإسلاميين على غيرهم، فالعامل المشترك في الحركة هو النظام الأساسي ومنهج وفكر وتوجه الحركة، وفوق ذلك كله هموم الهامش السوداني العريض الذي نعتقد أننا نمثله.
{ حركتكم متهمة بالقبلية والانتماءات الضيقة وسيطرة أسرة رئيس الحركة على مفاصلها واتخاذ القرارات كيف ترد على هذا؟
– هذا الإتهام أتى في إطار الكيد السياسي للحركة، وكون دكتور (خليل) رئيساً للحركة هذا لا يمنع أحداً من أفراد أسرته من أن يكون واحداً من قيادات الحركة، أما التنوع الاجتماعي داخل أجهزة الحركة ومفاصلها فواضح للعيان، وهناك العديد من القيادات من قبائل دارفور المختلفة، وهناك من هو من (كردفان، والشرق والوسط والشمال والجنوب) والكل يعمل في إطار برنامج الحركة، والكل قائد في مكانه يستطيع أن يتخذ من القرارات وفقاً لاختصاصاته، ولإعادة اختلال التوازن في حكم السودان لا يمكن الاعتماد على الانتماءات الضيقة، والتغيير لا يتأتى بالقبلية ولا بالجهوية وإنما بالعمل الشامل والقومي وهذا ما تعمل له الحركة.
{ بعد توتر العلاقات بين حركة العدل والمساواة والحكومة التشادية واقتراب سقوط النظام الليبي حركتكم مهددة بالانقراض كيف ترد على هذا الحديث؟
– ليس هناك توتر بيننا والحكومة التشادية، وكل الذي حدث هو اتفاق بين حكومة السودان والحكومة التشادية يقضي بعدم دخول الحركات المسلحة إلى أراضي البلدين، وهذا حق لدولة تشاد لا نعترض عليه، ولكن الحكومة السودانية كانت تعتقد أن وجود بعض أفراد الحركة داخل الأراضي التشادية كان الغرض منه تسلم الدعم من دولة تشاد، وهذا فهم مغلوط لأن الحركة حتى عندما كانت تستخدم بعض الأراضي التشادية كان لأغراض إنسانية وليست عسكرية، والحكومة اعتقدت أن قفل هذا الباب سيقيها الشرور وسوف يشكل عامل ضغط على الحركة للقبول بأي وثيقة تقدم من قبل الحكومة، ولكن أعتقد أن (رب ضارة نافعة) والحكومة الآن علمت أن القضية لا تموت ولن تقتل بل تخاطب وبصورة جادة، وحركة العدل والمساواة لا يمكن أن تحاصر، وسوف ندخل من كل الأبواب وبكل الوسائل التي نعرفها، وتمسكنا بهذه القضية هو السند والداعم الأكبر.
{ حسناً: لكن المتابع للأحداث يلاحظ أنه بعد طرد حركتكم من تشاد تراجع دورها العسكري كثيراً؟
– في الحقيقة بعد حادثة منع رئيس الحركة الدخول للميدان عند عودته من منبر السلام الذي كان يجب أن يتكفل بضمان عودته إلى حيث أتى وفقاً للأعراف والمواثيق الدولية، خاضت الحركة أكثر من عشرين معركة أساسية، ولكن لوجودنا في (الدوحة) ولأن السلام ما زال خيارنا الاستراتيجي، لم نقرر بعد التحرك خارج إطار مناطق سيطرة الحركة، وهذا لا يعد انحساراً، فالحركة لها رؤيتها وتقديراتها ولا ندخل حرباً مع الحكومة في الوقت الذي تحدده الحكومة ولا في المكان الذي تختاره الحكومة، ولكن ندخل الحرب وفقاً لتقديراتنا وفي المكان الذي نختار.
{ السياسة دائماً ما يكون فيها التكتيكي والاستراتيجي من وجهة نظرك الاتفاقيات التي تمت بين (الخرطوم وإنجمينا) والتي بموجبها طردت حركتكم من تشاد ونشرت قوات مشتركة في الحدود بين الدولتين بعد ذلك هل يمكن أن تتراجع تشاد عن هذه الاتفاقيات؟
– هذا شأن خاص بدولة تشاد والحكومة السودانية، وليست الحركة جزءاً من هذا الاتفاق، ولكن كعادة الاتفاقيات يتم التراجع عنها عندما يشعر أحد الأطراف أن الاتفاق لا يخدم له غرضاً أو يشعر أن الطرف الآخر نقض الاتفاق، وفي هذه الحالة ووفقاً لمعرفتنا للحكومة السودانية لا نعتقد أن أحداً ما لا يشك في صدقية هذه الحكومة، وبالتالي يتضح التصرف التكتيكي من الإستراتيجي، فالحكومة ليست لها مواقف إستراتيجية، وكل مواقفها وتصرفاتها مع الآخرين تكتيكية ولمصلحة محدودة جداً وقتما انتفت المصلحة ينتهي العهد.
{ بعد عملية (الذراع الطويلة) التي نفذتها حركتكم بدخولها أمدرمان فقدت الحركة أبرز قادتها وتراجعت عسكرياً هل توافقني الرأي في ذلك وما السبب؟
– دخول الحركة أم درمان كان أكبر قرار صائب في تاريخ الحركة، ويعتبر من أكبر إنجازات الحركة، وتاريخاً ناصع البياض، انظر كيف تصرفت الحركة مع الشعب في الشارع العام في الوقت الذي كانت تملك كل آليات القوة العسكرية، هذه كانت قمة في الانضباط بتعليمات القيادة السياسية والعسكرية للحركة، صحيح الحركة فقدت بعض القيادات السياسية والعسكرية القوية والمؤثرة (نسأل الله لهم الرحمة ولأهلهم حسن العزاء) بمناسبة هذه الذكرى الطيبة، وكان هناك كسب كبير من وراء هؤلاء الأبطال الذين قضوا نحبهم، فالحركة زادت منعة واحتراماً دولياً كبيراً، وحتى تعامل الحكومة معنا بعد دخول الحركة أم درمان كان فيه نوع من الاحترام المبني على الخوف من العودة للمرة الثانية لأم درمان، وبعد ذلك توالت الانتصارات في دارفور وكردفان، ولم يهدأ لنا بال حتى فتح منبر للتفاوض في (الدوحة) واعترفت الحكومة بأن هناك مشكلة وأن اتفاق (أبوجا) حبر على ورق بعدما كانت تقول إنها سوف لن تعدل فيه شولة، والآن الحركة في أحسن أحوالها ولسنا على مسافة مما نفكر.
{ استراتيجية الحكومة الجديدة تجاه دارفور التي أطلقتها مؤخراً هل يمكن أن نعتبرها تراجعاً عن منبر الدوحة وما تعليقك عليها؟
– نعم الاستراتيجية هي بديل لـ(الدوحة) لأنها مبنية على السلام من الداخل وليس السلام من الدوحة، وفي الحقيقة إن صحت التسمية بأنها إستراتيجية فهي الأفشل على الإطلاق في تاريخ تعامل الحكومة مع الأزمة، وواضح أنها خرجت من شخصيات مأزومة لا تستطيع التفكير إلا في إطار الانتفاع وإن أدى ذلك لإطالة أمد الحرب على حساب الأبرياء، وهذا المنهج الذي تعمل به الحكومة سوف يؤدي لإعاقة جهود التسوية السلمية، وواضح أن القائمين على هذا الأمر يفكرون ويبحثون عن نجاح فقط لمنهج اختطوه، حتى إن كان ذلك نجاحاً صورياً ليسجلوه على فشلهم المستمر في الحياة، ولعل واحداً من القضايا المتعلقة بما يعرف بهذه الاستراتيجية والذي أدى لتعقيد التفاوض في الدوحه هو المرسوم الجمهوري الخاص بالوضعية الإدارية لإقليم دارفور الذي كان يجب أن يحسم في الدوحة وليس عبر الاستفتاء.
{ من خلال الواقع هل يمكن تنفيذ هذه الاستراتيجية؟
– لا يمكن أن تنفذ هذه الاستراتيجية على أرض الواقع لأنها غير واقعية ومبنية على افتراضات الحسم العسكري، وكان واضحاً أن هذه الاستراتيجية مبنية على القضاء على الحركات، ثم جمع السلاح، ثم التفاوض مع من تبقى إن وجد، وهذا سوف يعود بنا إلى مربع العام 2003، و2004، عندما دخلت الحكومة في حرب شعواء بين الحكومة والشعب راح ضحيتها مئات الآلاف من الأبرياء، وفي نهاية الأمر سوف تفشل لأنها سوف لن تتمكن من حسم الأمور عسكرياً.
{ هنالك اعتقاد أن حزب المؤتمر الوطني لا يريد أن يتحقق سلام في دارفور كيف تعلق على هذا الاعتقاد؟
– من خلال كل جولات التفاوض التي خاضتها الحركة مع الحكومة منذ العام 2004 حتى الآن لا نرى جدية من قبل الحكومة، وكل ما نراه واضحاً للعيان أن الحكومة لا تريد أن تخاطب جذور المشكلة، فهي فقط تريد أن تعالج إفرازات المشكلة دون الدخول في القضايا الأساسية التي كانت سبباً لنشوب الحرب، وهذا هو الخلاف الحقيقي بين رؤية الحركة ورؤية الحكومة للحل، وفي أغلب الأحيان تركز الحكومة على خلافات الأطراف في الإقليم وتبني عليها تكتيكاتها لاستخدام الشخص المناسب للظرف المناسب، وأعتقد أن هذا السلوك غير حضاري، ومنهك للدولة السودانية ومكتسبات الشعب، وفي نهاية الأمر لن يحل المشكل، واستنتجنا من خلال حوارنا مع هذه الحكومة أنها لا تستطيع أن تعيش وتستمر دون أن يكون هناك خلاف ما في مكان.
{ الاستفتاء الإداري للاقليم كيف تنظرون له ؟
– هذا المرسوم غير موفق لأنه أتى في وقت بالغ التعقيد، وأن الوضعية الإدارية لإقليم دارفور موضع نقاش وحوار في الدوحة، وكان يتوجب على الحكومة أن تلتزم بالحوار حول كافة الموضوعات في المنبر وليس عبر المراسيم الجمهورية، ولأننا اتفقنا مع الحكومة في الاتفاق الإطاري على مناقشة الوضعية الإدارية لإقليم دارفور في منبر الدوحة، ولذلك هذا المرسوم يعد خرقاً واضحاً للاتفاق الإطاري ويعد تعطيلاً لعملية التفاوض، بل هو مؤشر لسحب كل ما هو موضع خلاف تفاوضي بين الحركة والحكومة ومعالجته عبر هذا المرسوم، وهذا الأمر غير مقبول للحركة، ولذلك تم رفضه رسمياً وأخطرنا الوساطة بأن هذا الموضوع يجب أن يحسم في الدوحة وسوف نتمسك بحوار حسم هذا الموضوع في الدوحة.
{ حسناً: هل الظروف الحالية في الواقع مهيأة لإجراء الاستفتاء؟
– بالطبع لا، لأنه على الصعيد الأمني هناك تدهور مريع في الميدان، وهذا التدهور أكدته العديد من المنظمات الدولية والإقليمية بما في ذلك الأمم المتحدة، وأشار إليه نائب الرئيس الأمريكي (جون بايدن) وهذا ناتج عن التحركات العسكرية للحكومة في دارفور وكردفان، وهذا الوضع الأمني لا يساعد في إجراء الاستفتاء، وكذلك الوضع الإنساني المرير الذي يعيشه النازحون واللاجئون لا يمكنهم من المشاركة في الاستفتاء وهم رقم لا يمكن تغييبهم، والإحصاء السكاني نفسه مشكوك فيه، والاستفتاء يحتاج إحصاء سكانياً دقيقاً يبنى عليه، إضافة إلى أن اتفاق السلام الشامل المتفاوض فيه يجب أن يتوفر، وبموجب هذا الاتفاق إذا اتفقت الأطراف على إجراء الاستفتاء يمكن أن يتم بعد تحسن كل الظروف التي من شأنها أن تهيئ الجو المناسب لإجراء الاستفتاء.
{ إذا أصرت وعزمت الحكومة على إجراء الاستفتاء ما الموقف الذي ستتخذه حركتكم؟
– موقفنا رافض لهذا الإجراء وسوف لن نقبل بأن يتم في هذه الظروف بالغة التعقيد، كما ذكرت، ولا بد من الاتفاق حوله في الدوحة، أما إذا أصرت الحكومة على إجراء الاستفتاء فإن موقف الحركة سوف يكون التمسك بالرفض وحينها نعتقد أن غياب عدد كبير من المشاركة ممثلين في النازحين واللاجئين والأوضاع الإنسانية والأمنية سوف تفرض نفسها على الواقع.
{ كيف تنظر إلى رفض (واشنطون) لإجراء الاستفتاء في دارفور؟
– هذا هو الموقف الصائب لأن (واشنطون) تعلم ببواطن الأمور وهناك استحالة لقيام الاستفتاء في مثل هذه الظروف، وتعرف أن الإصرار على هذا الإجراء سوف يعقد الأمور.
{ كيف تنظر حركة العدل والمساواة إلى الاتجاه الذي اتجهت له الحكومة والذي يهدف إلى زيادة عدد ولايات دارفور؟
– هذا الطرح موجود في هياكل حركة العدل والمساواة السودانية في أمانة إقليم دارفور، بل حتى في أمانة إقليم كردفان هناك ولاية غرب كردفان، نحن مع زيادة عدد الولايات ولكن ليس على أساس قبلي، ويجب أن لا يكون زيادة الولايات موضعاً للخلاف بين مكونات الولايات التي تنشأ، بل يجب أن يكون هذا البرنامج وفقاً لمنهج يضمن المزيد من الاندماج الاجتماعي والعمل المشترك بين المجموعات المكونة للولاية، وهذا يعني أن الخلاف في هذه الفكرة مبني على دواعي الإنشاء والغرض من ذلك، ونحن نعتقد أن الحكومة تتخذ بعض القرارات بغرض زرع الفتنة بين المجموعات الاجتماعية، ولا تضع أسساً واضحة المعالم لهذه القرارات التي تتخذها.
{ حسنا: لكن هذه الولايات تمت تسميتها وهي ولايتا(جبل مرة وبحر العرب) واقترب موعد اعلانها؟
نحن نعتمد في الاساس على ضرورة عودة نظام الاقاليم، ومن ثم حكومة الإقليم هي التي تقدر كيف ومتى تنشئ ولايات جديدة وعلى أي أساس، وعملية إنشاء هذه الولايات دون رؤية واضحة المعالم ربما لا تكون مفيدةً وربما تشكل تحدياً عند التنفيذ، وقبل كل شيئ هذه الفكرة يجب أن تبنى على أساس التحديات الاقتصادية التي سوف تواجه هذه الولايات، وهل حكومة المركز هي من تتحمل نفقات هذه المسألة؟ أم الشعب المغلوب على أمره هو الذي يدفع الفاتورة، وهل السودان الان مقبل على المزيد من الانفاق أم تقليل النفقات؟ ولهذا كله نرى أن المواطن الان في أمس الحاجة إلى الخدمات الصحية والتعليمية ومياه الشرب والطرق والتنمية البشرية وغيرها من الاحتياجات أكثر من الحاجة لإنشاء ولايات جديدة.
{ من وجهة نظرك هل دارفور بحوجة إلى زيادة عدد الولايات ؟
في الوقت الحالي يجب أن نركز في العملية السلمية أولاً، ومن ثم نساهم جميعاً في إعادة إعمار ما دمرته الحرب، وإعادة الحياة إلى طبيعتها ونزع فتيل الأزمة وإزالة كافة أشكال المشاحنات في الإقليم، وإعادة دارفور إلى وضعية الإقليم، وإعادة النازحين واللاجئين، وإعمال التنمية المناسبة على أرض الواقع، وبعدها يمكن أن تنظر حكومة الإقليم والسلطات ذات الصلة في هذا الامر، إذاً على أقل تقدير يجب أن لا يكون موضوع زيادة الولايات هو الاولوية، ولا أعتقد ان هذا هو التوقيت المناسب لذلك.
{ هنالك جانب مهم وهو كيف تنظر حركة العدل والمساواة إلى دور الوساطة المشتركة وهل هو دور ايجابي في اطار حل قضية دارفور؟
في العادة الوسيط إذا تحول إلى محكم يواجه صعوبات جمة، ونرى أن الوسطاء في بعض الاحيان يتحولون إلى محكمين، وهذه فكرة غير محببة لأنها تحجر على الاطراف المزيد من النقاش والحوار، والشيئ الاخر والمهم في كثير من الاحيان تعمل الوساطة تحت ضغوطات الاطراف وهذا جو لا يمكن الوساطة من القيام بالدور المناسب، وتحديداً الضغوطات التي تشكلها الحكومة على الوساطة والاشارات السالبة التي ترسلها من حين لأخر أحيانا بالانسحاب وأحيانا بمحاولة الالتفاف على المنبر عن طريق بعض العناصر الإقليمية المعروفة، وأحيانا بفرض قيود زمنية تصعب مهمة الوساطة، ولذلك نحن نعتقد ان الوساطة في هذا الظرف الدقيق والمعقد جداً تحتاج لمنهج واضح يحدد مسار العملية التفاوضية، وللأسف هذه واحدة من الاشكاليات الصعبة التي نواجهها، لأننا في حركة العدل والمساواة سبق وأن تقدمنا بجملة من المقترحات كان يمكن أن تعتمد كأساس للمنهج الذي يساعد في إحراز التقدم على الرغم من أن الوساطة وعدتنا بذلك ولكنها رمته أدراج الرياح.