أضعف الإيمان – الترابي يستعد لجولة جديدة
داود الشريان
تبنى حسن الترابي، من خلال حزبه، وجمهوره، خيار إطاحة حكومة الرئيس عمر البشير، عبر انتفاضة شعبية منظمة. وهو قال: «نريدها أن تكون انتفاضة عامة، تعمّ كل البلاد والأطياف والطوائف، وإذا حدثت فوضى في كل أرجاء الوطن نريد ان نحتويها». الترابي قرر دخول المرحلة السودانية عبر انفصال الجنوب وفوضى الشمال، ولكن فاته استخدام الوصف الأميركي للفوضى، رغم انه اعتبرها، ضمناً، فوضى خلاّقة، وهي ستكون خلاّقة على نحو يفوق مثيلتها في العراق.
حسن الترابي يظهر في بداية كل مرحلة سياسية جديدة في السودان الراهن. يصنع أزمتها، ثم يحيد، أو يسجن، أو يتوارى طوعاً او مكرهاً. لكنه يبقى يلوح بانتظار ظرف آخر، يسمح له بانتهاز الفرصة. هذه المرة قرر الترابي دخول الساحة السياسية السودانية عبر التضحية بالوحدة الوطنية، وهو ترك خياراته مفتوحة. أعلن استعداده لتغيير اسم حزبه، وموقعه، وتوجهاته وأهدافه، كاد أن يقول «كل شيء للبيع». المهم أن يبقى السيد حسن على خشبة المسرح، ويشرف على تحريض الحشود الغاضبة، ويتيقن من ان السودان وصل الى المصير الذي يتيح له المناورة والعبث السياسي.
لا شك في أن السودان الملتهب أثار شهية الترابي، وعلى نحو مختلف هذه المرة. ففي الأفق انتفاضات شعبية، دعا الى تنظيمها بحماسة استثنائية، وحرب محتملة بين الشطرين، في حال عدم الاتفاق على ترسيم الحدود، فضلاً عن صراع مرير ومديد على السلطة في الشمال والجنوب.
السيد حسن يتألق في خوض الأزمات وتأجيجها. ظل لسنوات ينتظر ساحة لمعركة تليق بطموحاته العبثية ويجيدها. ها هي الفرصة سنحت. وهو، من خلال بيانه ولغته التحريضية، يريد تقديم أوراقه لزعماء الجنوب. وبحكم الحاجة، وانعدام الرؤية، سيصدقه الجنوبيون ويتحالفون معه، سيستخدمونه، مثل الباقين، لكنهم في نهاية المطاف سيكتشفون أنه يكرر اللعبة القديمة ذاتها، ويدور حول نفسه وطموحاته، وسيعاودون سجنه، أو إكراهه على الغياب.
الأكيد أن الترابي سيكون العقدة الدرامية في الأحداث الدموية التي ينتظرها السودانيون. وحين تتسع ابتسامته، وتزيد حركة يديه، فإن الفصل الذي سيأتي، عبثي مثل خطاب الترابي وتوجهاته.