وقفة واجبة ما بين خطاب الرئيس فى القضارف … و أثار فيديو فتاة الكباجاب
موسى عثمان عمر على (بابو)—أستراليا (1)
لم أفاجأ عندما سمعت السيد رئيس الجمهورية وأمام المسلمين وهو يخاطب جماهير القضارف أحتفالا بأعياد الحصاد و هو يخوض فى أمر فيديو الفتاة التى ضربت ضرب غرائب الأبل , و لعل النقطة الفارقة فى خطابه هى محاولته المزايدة علينا فى أيماننا و أسلامنا و دعوته لنا بوجب الوضوء و ضرورة صلاة ركعتين حتى يحسن أيماننا الذى أصابه الدخن بفعل أدانتنا للكيفية التى تم بها تنفيذ العقوبة على الفتاة المغلوبة,,, وهى محاولة عاثرة للألتفاف و الأدانة , و جهد صريح لأجل تثبيت الأدانة فى الوعى العام السودانى , وأقناع جموع الشعب السودانى بأنهم هم الوحيدون المعنيون بحماية الأسلام و الشريعة , بينما أمام المسلمين و زمرته قد أدمنوا قتل و أبادة شعبهم دون وازع من دين او ضمير أنسانى فمن هو أوجب بالمزايدة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الى السيد رئيس الجمهورية :-
ما ندركه أن قيادة أى حزب هى مستودع الحكمة فيه و ميزان توازنه ,, و لكن دائما ما تبرهن لنا الأحداث ان القيادة فى حزب المؤتمر الوطنى هى كالثور فى مخزن الخزف ,,, أن تتركه يكسر و يدمر , و أن تحاول أخراجه .. أيضا يكسر و يدمر………….
فالقائد المؤمن العاقل لا يبرئ نفسه و يمنيها و يزكيها بكمال الصلاح و الفلاح , بل يلومها و يتهمها بالتقصير , طالما هنالك مظلومين و مستضعفين ينتظرون نصرة , و أناس لم تلبى حاجاتهم الأساسية من الغذاء و الكساء و الدواء و الحرية ..
لقد برهنت لنا حادثة فيديو( فتاة الكباجاب) أن الحكومة أرادت أن نقف مكتوفى الأيدى عن أخماد نيرانها و محاولة المشاركة فى أدانة الخطأ فى تنفيذ العقوبة ,, و لقد كشفت لنا الحادثة أن نيف و عشرون عاما من القهر و التسلط قد أكسبت الواقع السودانى ضعفا فى المناعة الذاتية أو افتقادها فى أغلب الأحيان , بحيث لم يعد محصنا ضد ممارسات الحكومة الشائنة و ان تسربلت بالدين … كان حريا بكم أن تتحروا معرفة الأسباب الحقيقية التى دفعت بحرائر بلادى و شبابها الى ممارسة كل أنواع الفسوق و الفجور و أستحلال انواع الزيجات التى تحوم حولها الكراهة و التحريم (المسيار , و جه النهار , السيار , المسفار,, العرفى …و هلم جرا ), و ايجاد الحلول الناجعة لتلك الممارسات المقيتة,, فالعقوبات اى كانت تظل جزء من الحل و ليست كل الحل ,
بل هى أسهل الحلول…
لم ننكر الشريعة الأسلامية و أحكامها , و لكن أستنكرنا كيفية تنفيذ العقوبة و ضرورة مراجعة قانون النظام العام خاصة المواد الأجتهادية التى لا تتوافق مع مقاصد و مبادئ الشريعة …فلقد قطع( بدرالدين قدوقدو) و فى مرأى من قاضى العدالة لحم (الفتاة المجلودة) و شوه جسدها , و فرق العقوبة على كل جسدها , و رفع الجلاد سوطه حتى ظهر أبطيه , و هو ما يتنافى مع أصل العقوبة فى الأسلام ……….
نعلم أن الأسلام منوط به أمر الشريعة السمحاء فليس فى ذلك مغالطة ,, وهى ملزمة نحتج بها كمسلمين اذا ما توفرت البئية الأسلامية السوية, العدالة و التقوى فى القائمين على أمرها و كانوا مؤهلين للتعامل بحق الله فيها و لا يسئون اليها, فيهينون الأسلام و يهينون جموع الشعب السودانى و يهينون أنفسهم …. و لعل درا الحدود بالشبهات يجنبنا كثيرا من الشرور و الأخطاء الناتجه عن أجتهادات علماءالسلطان و ماسحى الجوخ ,,, فاجتهادات بعض الفقهاء غير حجية , كونها قرنت بأوقات و أزمنة و مواقف ظرفية استوجبت بروزها , و فى كل الأحوال يجب أن تحاكم هذه الفتاوى الظرفية بمبادئ الشريعة و مقاصدها , تقبل اذا اتفقت مع تلك المبادئ و المقاصد , و ترفض أذا أختلفت مع أى منها..
لقد تمددت مساحات فى الحدث مشوبه بالغموض و الألتباس فى أذهان الناس , و تراكمت أسئلة كثيرة تبحث عن أجابات شافية , و هى كالأتى :-
1—ما نصيب الفراغ السياسى و الأزمة الأقتصادية الطاحنة فى أشاعة الرزيلة و الظواهر الأجتماعية السالبة؟؟؟؟؟
2— أين دور الأسرة فى تقويم السلوك المنحرف لأبنائها ؟؟؟؟
3—لماذا اختفى الضبط الأجتماعى و الأشرافى فى دور و داخليات الطالبات و دورهم فى حدوث التفسخ الأخلاقى ؟؟؟ و أين صناديق الدعوم الأنقاذية ( الطلاب , تطبيق الشريعة ,…..الخ) فى أقالة عثرة أصحاب الحاجة؟؟؟
4—ماهو دور العلماء فى مخاطبة السلطان للقيام بمسئولياته تجاه رعيته ؟؟؟
5—هل تتطابق مواد قانون النظام العام مع مقاصد الشريعة و مبادئها؟؟؟
لقد تعمدت الحكومة على حجب المعلومات و تبسيط الحدث و هو ما يعنى أسقاط ضمنى لأمكانية المشاركة العامة فى تسليط الضوء على نواقص قانون النظام العام السئ الصيت ,, و بالتالى أصرار الحكومة على أهدار كرامة الأنسان السودانى ,, و حكومة الأنقاذ تدرك أن معانى التكليف و الأستخلاف و الزام الجميع بالأمر بالمعروف و النهى عن المنكر تستوجب علاقة صحيحة بين الراعى و الرعية أساسها العدل و المعاملة ذات اللين , مع عزم أكيد دون أستشراء السلطة و أختزالها فى الوطن وفق معايير القبيلة و العشيرة و العنصرية المؤسسية …
أيها .. العمر :–
لقد عصفت النوائب بالناس و ضاقت بهم سبل المعيشة , بل أمتدت الأيادى الى أموال غيرهم و متاعهم , و دفعت الحاجة و الفاقة ببعضهن الى أن يأكلن من أثداءهن ,,, ما نقوله ليس تبريرا لتلك الأفعال المشينة , لكن لنعقد مقارنة فى جهد الرجال لدرأ البلاء و الأبتلاء…
ففعهد الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه و فى عام الرمادة درأ الحد عن السارق , لأن السرقة حصلت لرفع الهلكة عن النفس .. و لسنا فى سياق عقد مقارنة بين سلف الأمة و خلف الأمة , فهى مقارنة لن تورثنا سواء الهم و الغم …
نقول ذلك و ندرى أن حكامنا قد شبعوا و أدمنوا الشبع بأنواعه فى حين جاع الشعب و قلة مناعته و أصابته كل الآفات … كيف لا و شعبنا يعيش أحدى و عشرون عاما من الرمادة , حيث أصاب الناس قحط الجيوب ومحل الأخلاق و جدب السلوك…..
السؤال الدائم : أين أنتم من كل الذى يحدث ؟؟؟؟
نبتهل لله عز وجل أن يهون على شعبنا مصابهم فى حكامهم .. و يستبدلهم بمن هم خيرا منهم فى أعجل ما تيسر ….. آمين يا رب العالمين ..
و لنا عودة
موسى عثمان عمر على —أستراليا
e.mail :[email protected]