حكومة الجنوب تتهم الخرطوم وزعيما جنوبيا بالوقوف وراء مذبحة في قرية جنوبية

حكومة الجنوب تتهم الخرطوم وزعيما جنوبيا بالوقوف وراء مذبحة في قرية جنوبية

المتحدث باسم جيش الجنوب لـ «الشرق الأوسط»: سندافع عن مواطنينا بكل الأسلحة
لندن: مصطفى سري
اتهم الناطق باسم الجيش الشعبي لتحرير السودان التابع لحكومة الجنوب كوال ديم كوال، الخرطوم، وزعيم حزب سياسي منشق عن الحركة الشعبية، بالوقوف وراء المعارك التي جرت بين عناصر مسلحة من قبيلتين كبريين في جنوب السودان، وأوقعت 20 قتيلا وعددا من الجرحى أمس، وتسببت في حرق قرية بأكملها.

وقال كوال لـ«الشرق الأوسط» إن المؤتمر الوطني (الحاكم) بزعامة الرئيس السوداني عمر البشير يدعم ميليشيات رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان (التغيير الديمقراطي) الدكتور لام أكول، التي قامت بتسليح المهاجمين لزعزعة الاستقرار في الجنوب، والتنصل عن حق تقرير المصير للجنوبيين في يناير (كانون الثاني) من عام 2011. لكن أكول نفى الاتهام. وأكد كوال أن الجيش الشعبي سيدافع عن حقوق الجنوبيين بكل الوسائل «حتى وإن كان بالسلاح الأبيض والأيدي والأسنان»، مشددا على وجود اختراقات كثيرة لاتفاق الترتيبات الأمنية بين الحركة والحكومة السودانية الموقع ضمن اتفاقية السلام الشامل بين الشمال والجنوب.

وقال كوال لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من جوبا إن مسلحين من قبيلة الشلك التي ينتمي إليها وزير الخارجية السابق والمنشق عن الحركة الشعبية الدكتور لام أكول، هاجموا صباح أول من أمس قرية «بوشانق» التي تسكنها قبيلة دينكا «دنجول» على بعد 30 كلم إلى شمال ملكال عاصمة ولاية أعالي النيل النفطية، وإن قائد الميليشيا اسمه استيفن قوانق، وإنه هارب من قوات حرس الحيوانات البرية التابعة لحكومة الجنوب.

وقال «إنهم قتلوا 20 شخصا بينهم أحد زعماء الدينكا وهو تونق لوللي مع زوجتيه، وأطفاله الثلاثة، وتم حرق القرية بالكامل»، موضحا أن 9 أشخاص آخرين أصيبوا بجروح في هذا الهجوم. وأضاف أن عناصر من قبيلة الدينكا انتقموا بعد ذلك في هجوم على قرية «قوال» التابعة لقبيلة «الشلك» على مقربة من وحدة تابعة للقوات المشتركة بين جيشي الجنوب والشمال، وقتلوا خمسة أشخاص، مشيرا إلى أن «المعارك انتهت، وبات القطاع الآن تحت سيطرة قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان التي وصلت من منطقة درويت صباح أمس، وتم إرسال قوة إضافية».

وقال كوال إن الميليشيا التي نفذت هجوم أول من أمس مدعومة من الحركة الشعبية لتحرير السودان (التغيير الديمقراطي) بزعامة لام أكول، ومن المؤتمر الوطني. وأضاف أن الهدف من وراء تكرار الهجمات على المدنيين وتصوير الأمر على أنه نزاع قبلي هو زعزعة الاستقرار في الجنوب، والتنصل من الاستفتاء على حق تقرير المصير للجنوبيين. وقال إن لدى استخبارات الجيش الشعبي معلومات خطيرة للغاية تقول إن المؤتمر الوطني ولام أكول يقومان حاليا بتدريب ميليشيات قوامها 3500 جندي في منطقة النيل الأبيض (وسط السودان)، وأضاف أن هذه الميليشيات ومسؤولين من المؤتمر الوطني يقومون بتوزيع السلاح في مناطق «الشلك» بأعالي النيل، وأن الأسلحة من مصنع «جياد» التابع لحكومة الخرطوم، وتابع: «المؤتمر الوطني ما زال يقوم بتدريب الميليشيات في محاولة لزعزعة الاستقرار في الجنوب، ولكي يقول للعالم إن الجنوبيين لا يستطيعون حكم أنفسهم»، مشددا على أن الجيش الشعبي سيدافع عن مواطني جنوب السودان بكل الأسلحة حتى البيضاء منها، وقال «نحن ننتظر التعليمات من القيادات السياسية في حكومة الجنوب لحسم ميليشيات لام أكول أو غيره نهارا».

وتشتبك قبائل متناحرة من جنوب السودان منذ سنوات بسبب نزاعات تتعلق عادة بسرقة ماشية وخصومات قديمة، لكن العنف تصاعد بشدة العام الحالي. وقالت الأمم المتحدة إن الهجمات قد تضر بالاستعدادات لأول انتخابات متعددة الأحزاب في السودان منذ عشرين عاما، والمقرر أن تجرى في أبريل (نيسان) 2010، وقد تؤثر أيضا على أمن المنشآت النفطية في المنطقة. واتهم سياسيون من الجنوب حزب المؤتمر الوطني الذي يحكم شمال السودان بمحاولة زعزعة استقرار الجنوب بإثارة التناحر القبلي وتسليح القبائل المتناحرة. وينفي حزب المؤتمر الوطني هذا الاتهام.

وشكل أكول حزبا جديدا يدعى الحركة الشعبية لتحرير السودان (التغيير الديمقراطي) في يونيو (حزيران)، وانشق بذلك عن الحزب الأساسي في الجنوب والمتمرد السابق وهو الحركة الشعبية لتحرير السودان.

وقال أكول لـ«رويترز» إنه أصيب بخيبة أمل من قيادة حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان، والوتيرة البطيئة للتطورات منذ اتفاقية عام 2005.

وقال كوال «ظل لام أكول كل هذا الوقت يسلح أفراد قبيلة الشلك للسماح لهم بالانتقام من الدينكا. وهذا أسلوب يشتهر به حزب المؤتمر الوطني.. وهو تسليح السكان المدنيين». وأضاف أن المهاجمين أحرقوا قرية بوني تيانج حتى تمت تسويتها بالأرض، وقتلوا «تون واي» أحد زعماء قبيلة الدينكا وزوجتيه وأطفاله الثلاثة. ونفى أكول الاتهامات بتورطه في الأمر، وقال لـ«رويترز»: «هذا محض هراء. يريدون تشويه سمعتي والسمعة الطيبة للحركة الشعبية لتحرير السودان (التغيير الديمقراطي)».

وكان منسق مهمة الأمم المتحدة في جنوب السودان ديفيد جريسلي قد قال في الأسبوع الماضي إن العنف القبلي في الجنوب أسفر عن مقتل 1200 شخص على الأقل هذا العام. وتقول الأمم المتحدة إن اشتباكات القبائل في ولايات جونقلي وأعالي النيل والبحيرات في جنوب السودان أسفرت أيضا عن تشريد 250 ألف شخص من بداية هذا العام، غير أن الحركة الشعبية وحكومة الجنوب ظلتا تلقيان الاتهامات على المؤتمر الوطني بأنه ما زال يقوم بتسليح بعض العناصر في الجنوب. ويقول المسؤولون في حكومة الجنوب والحركة الشعبية الحاكمة هناك إن الخرطوم تمد المدنيين في الجنوب بالسلاح لتصعيد التوتر بين الشمال والجنوب قبل الانتخابات.

الشرق الأوسط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *