لبنى حسين : الحكومات عليها إدخال الأطفال المدارس والمرضى المستشفيات..و لا علاقة لها بإدخال النساء الجنة. أتحدى كل الإسلاميين.. من الصادق المهدي المعتدل وحتى أسامة بن لادن إثبات أن جلد النساء من الإسلام

بدو حكاية الصحافية السودانية لبنى الحسين، ابنة الـ36 عاما، عبثية. ففي الرابع من يوليو الماضي، حضرت لبنى حفلا في مطعم بقلب العاصمة السودانية الخرطوم، مرتدية بنطلونا وقميصا فضفاضا يصل إلى ما فوق ركبتيها ووشاحا طويلا. كانت صالة المطعم تضم أكثر من 300 شخص، رجالا ونساء، من مختلف الأعمار. فجأة هجمت مجموعة من أفراد الشرطة السودانية على المطعم، وقبضوا على الفتيات اللائي كن يرتدين البنطلونات، وقادوهن إلى قسم الشرطة، ووجهت لهن تهمة ارتداء زي فاضح، وفقا للمادة 152 من القانون الجنائي السوداني التي تحكم بالجلد والغرامة على من يرتدي مثل هذه الأزياء, ونفذ الحكم الفوري بجلد 10 فتيات.
لبنى التي تعمل مسؤولة صحافية في بعثة الأمم المتحدة بالسودان، رفضت الجلد، وتحدت المحكمة، وقدمت استقالتها من عملها الذي يعطيها حصانة ضد المحاكمة، وأعلنت أنها ماضية في مسعاها لإسقاط مواد القانون التي تظلم المرأة وتحط من كرامتها، على الرغم من التهديدات بالقتل التي وصلت إليها. حسن عبدالله من نيوزويك تحدث إلى لبنى عبر الهاتف حول المعركة التي تقودها وأمور أخرى. وهذه مقتطفات:

لماذا تحكم المادة 152 من القانون الجنائي بالجلد على من يلبس البنطلون؟
هذه المادة اسمها الأفعال الفاضحة. الزي لا يخضع لأي معيار في القانون السوداني، وإنما الأمر متروك لسلطة النيابة والشرطي الذي يقبض عليك. 12 فتاة كن معي حوكمن وجلد10منهن فوريا ودون محام، المرأة التي تجلد يظل ذلك وصمة عار على جبينها، لأن المجتمع لا يتصور أنه تم جلدها لمجرد ارتدائها بنطلونا. حسن الترابي (زعيم التيار الإسلامي المعارض) وجماعته هم الذين وضعوا هذه القوانين الظالمة، قبل أن ينقلبوا على الانقلاب الذي دبروه، وزعموا أنها قوانين إسلامية. أنا أتحداهم، بداية من المفكر السوداني المعتدل الصادق المهدي وحتى أسامة بن لادن، أن يثبتوا وجود أي علاقة بين هذه القوانين المجحفة والإسلام.

هل تتوقعين حكماً قضائيا قاسياً في حقك؟
كل الاحتمالات واردة بالنسبة إلي. أنا مستعدة لمواجهة كل إجراءاتهم، وعندي الرد المناسب لكل قرار يتخذونه. إذا اغتالوني أيضا هناك شخص جاهز للتصرف. لقد أجلوا الحكم في القضية مرتين بزعم التأكد من عدم عملي في الأمم المتحدة، على الرغم من تأكيدي لهم أنني استقلت، وبلا حصانة أممية، وقابلة للمحاكمة والجلد، إن شاؤوا.

هل هناك قوانين مماثلة لمثل هذه المادة؟
هناك الكثير من القوانين التي لم تواكب الدستور السوداني لعام 2005، فبعد توقيع اتفاقية السلام بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان، كان ينبغي أن تعدل كل القوانين لتتواءم مع الدستور الانتقالي، لكن هذا لم يحدث، على الرغم من أننا على مشارف انتهاء الفترة الانتقالية، التي حددتها الاتفاقية.
هناك عدد لا يحصى من القوانين التي تخالف الدستور، وكلها تمس حياة السودانيين بشكل مباشر، وهناك مواد تحط من كرامة المرأة السودانية، وتنتهك حرمتها.

كم سودانية تم جلدها منذ 20 سنة وحتى الآن؟
حسب بيان صدر الأسبوع قبل الماضي من قبل مجموعة نسائية حقوقية، فإنه تم رفع 43 ألف بلاغ عام 2008 ضد نساء، اتهمن بارتداء ملابس فاضحة وضد الشعور العام، علما بأن كل بلاغ قد يضم امرأة أو خمسا أو 10، ومعظمها تم تنفيذ الجلد فيه.

كيف تتم عملية جلد المرأة؟
قبل تداول الهواتف الخليوية ذات الكاميرات في السودان، كان الجلد يتم في ساحة المنطقة، أو فناء الحاكم. لكن بعد انتشار هذه الهواتف، أصبح الجلد يتم داخل قاعة مغلقة. يقوم عدد من الشرطيين الرجال بالإمساك بالمرأة وتوثيقها، حتى لا تحاول الفرار، ثم يتم الجلد بسوط من الجلد يهوي على ظهر المرأة بقوة وبقسوة.

ألم يكن من الأفضل أن تتمسكي بحصانة الأمم المتحدة كي لا تجلدي؟
لولا هذا الطريق الذي سلكته لما اهتم أحد بهذه القضية. أنا أضعهم على المحك كي يغيروا هذه القوانين المهينة، السودانيات خرجن إلى الشارع، وهتفن ضد هذا الظلم. المسألة تخص كرامة المرأة، وحقوق المجتمع كله بما في ذلك المرأة، فليجلدوني لكنني لن أسكت حتى تعود للمرأة السودانية كرامتها. لا أتحدى النظام أو الأشخاص وإنما أرفض مواد قانونية ظالمة.

لماذا رفضت العفو الرئاسي عنك؟
كما قلت، هناك عشرات الآلاف من السودانيات تم جلدهن، ومثلهن سيتم جلدهن بموجب هذا القانون الظالم، وكل هؤلاء لم يعف عنهن الرئيس (عمر البشير) ولم يسمع بهن، فهل من الأخلاق أن أقبل العفو الرئاسي، فقط، لأنني استطعت كصحافية توصيل صوتي إلى العالم! سأستمر في المعركة حتى النهاية.

هل ستســتمرين في ارتداء البنطلون تحديا للشرطة؟
أحدثك الآن وأنا مرتدية البنطلون، الذي اعتقلوني بسببه، أغسله ثم أرتديه. هم يقولون إن البنطلون دخيل على ثقافة السودان، فلماذا إذن يحللونه للرجال، ويحرمونه على النساء، زي المرأة أمر يخص العلاقة بينها وبين ربها، وليس للأنظمة حق التدخل، الحكومات يجب عليها إدخال الأطفال المدارس، والمرضى المستشفيات، لكن لا علاقة لها بإدخال النساء الجنة.
وأنا أسأل هؤلاء الحريصين على الإسلام: هل تقديم رشوة لتفادي عقوبة الجلد بعد أن يصدرها القاضي، حلال أم حرام؟.

ماذا طبعت بطاقات دعوة للصحافيين والمنتديات لحضور محاكمتك وجلدك؟
بداية أنا أوجه إليكم الدعوة لحضور المحاكمة، والاستماع إلى المناقشات. فعلت ذلك في البداية تجاوزا للرقابة التي منعت الصحف من نشر ما يخص قضيتي، لكن الإنترنت والزملاء الصحافيين والإعلاميين تفاعلوا إيجابيا مع القضية، وحولوها بالفعل إلى قضية رأي عام.
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *