تسبب ادعاء المعارضة في السودان بعدم شرعية الحكومة بعد التاسع من يوليو/ تموز الحالي ورفض الأخيرة لذلك، إلى ما يعتقد أنه بداية لمواجهة سياسية لم تشهدها البلاد منذ سنوات.
فبينما وجهت الحكومة انتقادات حادة للمعارضة على مطالبها بقيام حكومة انتقالية تدير شؤون البلاد معتمدة في طلبها على ما تقول إنها نصوص دستورية، تمسكت المعارضة بموقفها بل رفضت أي تنازل عنه كما يقول قادتها.
لكن تصريحات منسوبة لمصادر في جهاز الأمن والتي هدد فيها بالتعامل مع من يشككون في صلاحية الحكومة، دفعت قوى المعارضة إلى الإعلان عن تضامنها بشدة لوقف ما سمته التهديدات غير المبررة.
وكان قد نسب إلى مصدر أمني رفيع تحذيرات شديدة اللهجة لمن ينادون بعدم شرعية الحكومة، وقال المصدر إن التحذيرات موجهة “لكل من تسول له نفسه المساس بأمن المواطن بإثارة الشغب تحت دعاوى انتهاء شرعية ودستورية حكومة الوحدة الوطنية”. ووجه المصدر تحذيرات مباشرة وشخصية لرئيس الهيئة التنفيذية للتجمع الوطني المعارض، وعضو البرلمان فاروق أبو عيسى.
وقال إن الحديث عن عدم شرعية حكومة الوحدة الوطنية وانتهاء أجلها “لعب بالنار” وإن الحكومة ليست في حاجة لشهادة صلاحية أو شرعية عبر هذه الأحاديث، التي تنطوي على نوايا وأجندة لا تخدم القضايا الوطنية.
“معارضة فنادق”
واتهم المصدر أبو عيسى “بالعمالة” وقال إن الحكومة “تغاضت كثيرا عن ما أسماه بعمالة فاروق أبو عيسى المستمرة ومعارضته بالفنادق من الخارج، مهددا المصدر أبو عيسى بالقول “مثلما وجدت الحكومة مقعدا للرجل فهي أيضا قادرة على التعامل معه بما يناسبه”.
واعتبرت المعارضة هذا خطوة تصعيدية لابد من مواجهتها حيث اعتبر حزب الأمة القومي أن الجميع أصحاب مصلحة في السودان “ولا يحق لأحد أن يتهم الآخر بالعمالة والارتزاق، معتبرا أن ما سماه تهديدات الحكومة “هي توجه خطير وترد كبير في مجال الحريات العامة بالبلاد”.
وقالت مساعد الأمين العام للحزب مريم الصادق في مؤتمر صحفي إن الجميع مصرون على قيام حكومة قومية بعد التاسع من يوليو/ تموز الجاري، مشيرة إلى أن اتهامات الحكومة ودخول مؤسسة من المؤسسات الرسمية في الصراع قد يقود إلى ما لا يحمد عقباه.
من جانبه جدد الحزب الاتحادي الديمقراطي طلبه بضرورة إلغاء قانون الأمن الوطني الذي اعتبره مقيدا للحريات في البلاد، مشيرا إلى أن الحكومة الحالية “هي حكومة بالوكالة بحسب الدستور الانتقالي بالبلاد”.
تهديد للمعارضة
واعتبر ممثل الحزب في ذات المؤتمر الصحفي علي السيد أن المقصود من التهديد الحكومي ليس حزبا أو فردا بعينه، وإنما كافة القوى السياسية التي تنادي بعدم شرعية الحكومة وضرورة قيام حكومة بديلة تدير شؤون البلاد إلى حين قيام الانتخابات المقبلة.
أما حزب المؤتمر الشعبي فقد اتهم القانونيين في الحكومة بخداعها. وقال إن الشعب السوداني كان يتوقع أن تكون فترة حكم الشريكين والتي امتدت لأربع سنوات لمعالجة أخطاء الماضي وتطبيق الدستور وصيانته “لكن ثبت عكس ذلك”.
وقال أمين الدائرة السياسية بالمؤتمر الشعبي كمال عمر إن حزبه يرى أن المساس بأي فرد من أفراد المعارضة هو المساس بالنار وليس العكس.
وأعلن استعداد حزبه لدفع استحقاقات المعارضة، مشيرا إلى أن تهديد الحكومة للمعارضين يعبر عن فشل النظام في إقناع الآخرين بأحقيته وجدارته بالبقاء.
ومن جهته قال المتحدث باسم كتلة نواب الحركة الشعبية بالبرلمان السوداني دينق كوج إن لغة مخاطبة أجهزة الحكومة للمعارضة غير محترمة وليست مقبولة، مشيرا إلى أن ما أثارته المعارضة لا يخرج من القانون والدستور
“وبالتالي ليس من حق أي جهة محاولة انتهاك حقوق الآخرين ومنعهم من التعبير عن آرائهم”.
ودعا إلي إجراء حوار بين الحكومة والمعارضة للخروج من الأزمة الحالية والوصول إلى توافق حقيقي “لإخراج البلاد من المأزق الذي تعيشه الآن”.