كشفت الحركة الشعبية عن تعديلات وزراية ستجريها على حصتها في الحكومة الاتحادية تشمل وزارة الخارجية التي يتولاها دينق ألور بسبب اختلاف وجهة نظره مع المؤتمر الوطني حول إدارة العلاقات الخارجية للسودان، في إطار التعديلات الشاملة التي يجريها شريكا الحكم في السودان على الحكومة اعتبارا من يوليو (تموز) المقبل. وعلمت «الشرق الأوسط» أن الحركة لم تحدد بديلا لدينق ألور حتى الآن، في وقت بعث فيه زعيمها سلفا كير رسالة إلى الرئيس عمر البشير، حول التصريحات الهجومية التي أطلقها ضد الحركة واتهامها بالدكتاتورية في الجنوب. قال كير في رسالته إن الحركة تنظر إلى البشير باعتباره رئيسا وأبا للجميع.. وليس للمؤتمر الوطني وحده.
وقال نائب رئيس المجلس الوطني عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية اتيم قرنق لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن الحركة الشعبية ستجري تعديلات في حصتها الوزارية بالحكومة الاتحادية بعدد من المواقع وفي مقدمتها وزارة الخارجية التي يتولاها حاليا دينق ألور، وتابع أن «التوقيت المحدد لذلك في شهر يوليو (تموز) القادم، إلا إذا حدثت تطورات استوجبت الاستعجال في إجراء تلك التعديلات»، نافيا أن تكون للوزير ألور مشكلة مع قيادة الحركة، لكنه قال إن «المشكلة مع شريكنا المؤتمر الوطني الذي يعمل على التقليل من دينق ألور ومحاولة اغتيال شخصيته الاعتبارية»، وأضاف أن «المؤتمر الوطني يمجد من دور لام أكول وفترة عمله في الوزارة (استبدلته الحركة باعتبار أنه لا يعبر عن رؤيتها في السياسة الخارجية ويعبر فقط عن رؤية المؤتمر الوطني). وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن ألور تبرم من عمله في وزارة الخارجية باعتبار أن المؤتمر الوطني يحاول تمرير أجندته الخاصة ولا يعبأ بوجوده. وقالت إنه اشتكى من أن قرارات كبيرة تصدر من وزارته لم يكن له بها علم ومنها طرد المنظمات الإنسانية من السودان. وأشارت إلى أن ألور لا يذهب كثيرا إلى عمله في الوزارة وأنه اشتكى للبشير من التدخلات التي تحدث، لكن لم يتم اتخاذ قرار فيها. وقالت المصادر إن أقوى الترشيحات لخلافة ألور تشير إلى الدكتور برنانبا بنجامين الذي كان يشغل منصب وزير التعاون الإقليمي في حكومة الجنوب لكن تم تعيينه وزيرا للصناعة أخيرا في جوبا. إلى ذلك، قال عضو المكتب السياسي للحركة اتيم قرنق إن الحكومة الحالية ينتظر أن يجري فيها الشريكان مشاورات حول استمرارها من عدمه وفقا لنصوص الدستور الانتقالي. وأضاف أن الدستور نص على إجراء الانتخابات وتشكيل حكومة منتخبة في يوليو (تموز) المقبل، وأن التأخير يستوجب جلوس شريكي الحكم للاتفاق فيما بينهما حول حكومة جديدة تقوم بتجهيزات للانتخابات التي تم تحديدها في فبراير (شباط) القادم. وقال: «ما يردده قادة المؤتمر الوطني برفض تشكيل حكومة قومية انتقالية تقوم بالإعداد للانتخابات يعد من باب الاستهلاك السياسي»، وتابع أن «الحركة الشعبية شريك مع المؤتمر الوطني ولم تدل برأيها حتى الآن، وكان على الشريك أن يتفق معنا قبل أن يدلى برأيه»، وقال إن المكتب السياسي لحركته سيجتمع في الفترة القليلة القادمة للخروج برأي موحد والاتفاق مع المؤتمر الوطني قبل حلول الشهر المقبل.
وكشف قرنق عن مضمون الرسالة التي يحملها نائب رئيس الحركة الشعبية نائب رئيس حكومة الجنوب دكتور رياك مشار لمؤسسة الرئاسة، والتي أوضحت فيها أن الحركة الشعبية تنظر إلى البشير باعتباره رئيسا لكل السودان والسودانيين وليس لحزب المؤتمر الوطني، ردا على الانتقادات التي وجهها البشير إلى الحركة وحكومة الجنوب في ختام اجتماعات مجلس شورى المؤتمر الوطني الأسبوع الماضي، وأضاف أن الحركة تأمل أن يتعامل الرئيس مع شريكي الحكم وجميع الأحزاب السياسية داخلها وخارجها باعتبارهم «جميعهم أبناء السودان وأنه أب للجميع».
من جهة أخرى، أصدر رئيس حكومة الجنوب والقائد العام للجيش الشعبي الفريق أول سلفا كير ميارديت قرارات أجرى بموجبها تعديلات واسعة في هيكلة الجيش الشعبي هي الأولى منذ أربعة أعوام من توقيع اتفاقية السلام الشامل، وشملت القرارات ترقية نائب رئيس هيئة أركان «الجيش الشعبي»، جيمس هوث إلى رتبة الفريق، وتعيينه رئيسا لهيئة الأركان في الجيش، كما شملت تعيين (5) مستشارين له من بينهم نائب والي جنوب كردفان السابق دانيال كودي. وقال وزير رئاسة حكومة الجنوب، لوكا بيونق لـ«الشرق الأوسط» إن كير قرر تنحية نائبي رئيس هيئة الأركان للعمليات والإدارة، بيور اجانق وسلفا ماطوك، من منصبيهما بعد أن تمت ترقيتهما لرتبة الفريق، وعين الأخير مستشارا له في شؤون الجيش الشعبي، وقال إن الترقيات شملت فاولينو ماتيب الذي تمت ترقيته إلى رتبة الفريق أول وكان قد انضم إلى الجيش الشعبي في يناير (كانون الثاني) من عام 2006، وتوقع أن يعلن لاحقا عن المنصب الجديد الذي سيتقلده بيور اجانق، كما شملت القرارات تعيين كل من وزير التعليم السابق مايكل بيلي، لمنصب مستشار شؤون الأمن الغذائي واندرو ماليك، لشؤون اللامركزية والبينو اكول، للشؤون الإنسانية.
وأوضح بيونق أن سلفا كير اجتمع بقيادة الجيش الشعبي وأبلغها أن التعديلات عادية، وجاءت لتطوير الأداء لمواجهة التحديات، وأشار إلى أنه أشاد بمساهمة القادة في تأسيس الجيش الشعبي وتحملهم للمسؤولية، مشيرا إلى أن قادة الجيش أشادوا بقرارات سلفا وتجديد الثقة فيهم وأبدوا التزاما بقيادته وتلبيتهم لأي استدعاء يطلب منهم، وقال إن رئيس هيئة الأركان جيمس هوث أكد أمام سلفا سعيه لتطوير الجيش الشعبي وتمكينه وتدريبه كجيش نظامي.
ونفت مصادر في قيادة الجيش الشعبي فضلت حجب هويتها لـ«الشرق الأوسط» أن تكون هناك خلافات بين قادة الجيش الشعبي وسلفا كير أو ارتباط الذين تم تغيير مواقعهم بقضايا الفساد والصراع القبلي الذي تشهده ولايات عديدة في الجنوب، وقالت إن التعديلات روتينية لتجديد الدماء، وإن الصراعات القبلية تخص الولايات وليس الجيش، معتبرة أن القرارات كان يفترض أن تصدر منذ فترة مبكرة، لكن تم إرجاؤها لأسباب تتعلق بترتيبات الجيش، وأضافت المصادر: «الحركة الشعبية منذ توقيع اتفاقية السلام الشامل في يناير 2005 لا علاقة لها بالجيش الشعبي، وأي حديث عن صراع سياسي بين قادته أو محاولة رسم مثل هذه السيناريوهات تصبح محض خيال».