على ابوزيد على
تأزمت الانسانية عبر التاريخ بماسى الحروب والنزاعات المسلحة التى بدأت بسبب الاطماع والاستحواذ والاستغلال منذ ان قتل قابيل هابيل واتسمت مسيرة الحضارة على كوكب الارض بالاقتتال ومن بين تلك كانت الحرب العالمية الاولى والحرب الكونية الثانية التى جلبت للانسانية ماسى تفوق حد الوصف كما عبرت وثيقة ميثاق الامم المتحدة فى صدر الاعلان عن قيام الامم المتحدة فى العام 1945 بديلا لعصبة الامم التى تأسست عقب الحرب العالمية الاولى لمنع الحروب التى هددت الحضارة البشرية والكرة الارضية بالزوال
تواثقت دول العالم بان تعمل لتجنيب البشرية ويلات الحروب التى نشبت مرتين فى ظرف عقد واحد من الزمان وخلفت دمارا يفوق حد الوصف ومن ثم اكملت هذه الدول منظومة الامم المتحدة لتحقيق السلام والامن الدولين والذى لايتحقق الا بصون كرامة الانسان وامنه وتطلعاته الفردية والجماعية ومن ثم تمت المصادقة من دول العالم على اول وثيقة بعد اعلان الامم المتحدة وهو الاعلان العالمى لحقوق الانسان الذى اشتمل على الحقوق الاساسية للانسان التى تصون كرامته وحريته وتحقق رفاهيته دون تمييز على اساس العرق او الدين او النوع
ان البحث عن استباب السلام والامن فى المجتمعات البشرية دفعت شعوب العالم الى التعاون والتوافق على المبادئ الاساسية لمنع النزاعات واحتواء اثارها المدمرة والى جانب منظومة الحقوق تمت صياغة ومصادقة القانون الانسانى الدولى التى تضبط سلوك الدول اثناء الحروب ومجمل اهداف القانون الانسانى الدولى هو جعل الحرب انسانية بتحريم استخدام الاسلحة المدمرة المحرمة دوليا مثل الاسلحة الكيميائية والبيولجية والذرية والفتاكة وتلك التى تؤدى لتدمير الموارد الطبيعية وحماية المدنين اثناء النزاع
ان الانتهاكات موضوع هذا المقال نعنى بها الخروج على القيم والمعانى التى تواثقت عليها شعوب العالم فى مجموعة مواثيق حقوق الانسان والقانون الانسانى الدولى وملاحق الاتفاقيات والبرتوكولات والعهود الدولية والاقليمية التى تم تثبيتها فى دساتير وقوانين الاسرة الدولية
الحروب او النزاعات المسلحة تنشب عادة ما بين دولة واخرى او بين دولة فى مواجهة دولة اخرى او بين عدد من الدول متحالفة ضد دول اخرى متحالفة كما فى الحربين العالميتين وفى القرن الماضى ظهر نوع جديد وهى الحرب بغطاء اممى ضد دولة كما حدث فى افغانستان والعراق والنوع الاخير من الحروب والاكثر انتشارا فى عالمنا اليوم هى الحروب الاهلية والتى تنشب بين مكونات الدولة الواحدة لعدة اسباب من اهمها اختلاف المكون الثقافى والتاريخى لشعوب الدولة وايضا النزاع على السلطة لقيام فئة فكرية او عرقية بالاستيلاء على السلطة بانقلاب عسكرى واقصاء القوى السياسية او العرقية الاخرى او الحرب بقصد الانفصال بين دولتين تم توحيدهما فى الماضى
عانت دول العالم الثالث وخاصة دول افريقيا من الحروب الاهلية بسبب هشاشة تكوينها وضعف انتمائها للتمدين وسطوة العرقية والقبلية فى مجتمعاتها والسودان واحدة من تلك الدول التى تاخت مع النزاعات الداخلية منذ الاستقلال وهى الدولة التى تميزت باطول حرب اهلية استمرت لاكثر من اربعين عاما افضت الى انفصال جزء منها ولم تتوقف حرب الجنوب المتوترة الا وخلفت حربا اخرى فى جنوب كردفان والنيل الازرق وحرب ثالثة استمرت حتى الان لاحدى عشر عاما
الحروب الاهلية من اكثر انواع الحروب انتاجا للانتهاكات الجسيمة فى حقوق الانسان اذ انها تبدأ خارج القوات النظامية للدولة وتقترب من العسكرة المدنية للثوار فى مواجهة النظام القائم مما يجعل المدنين هم الاكثر عرضة للانتهاكات واهداف عسكرية محتملة وتنج النزوح الداخلى الجماعى واللجؤ الى خارج الحدود وحرمان الضحايا المدنين من الحقوق الاجتماعية والاقتصاادية التنموية ومن بين اكثر الانتهاكات عنفا تلك التى تاتى من انقسام المجتمع المدنى فى تـأييد احدى الاطراف فى مجتمع قبلى كما تتسم به حرب دارفور وما يجرى الان فى دولة جنوب السودان ففى هذه الحالات تتسم الحرب بعدم الانضباط ومنظومة الثقافة العسكرية المحترفة من شرف الجندية ومراعاة القوانين العسكرية المستمدة من القانون الانسانى الدولى فتقوم القوات المتحاربة بارتكاب افظع الانتهاكات والجرائم ضد الانسانية من اغتصابات للنساء والقاصرات وقتل المرضى والاطفال ومهاجمة دور العبادة وغيرها من الجرائم المخذية التى يندى لها جبين الانسانية
ختاما ليس البحث عن الحقيقة عما تناقلته وسائل الاعلام عن مدينة تابت بشمال دار فور فقط هو المطلوب ولكن مجرد الاقرار بان اغتصاب النساء والقاصرات احدى اسلحة الاطراف فى الحرب هو امر مجاف لكل القوانين والاخلاق والقيم والانسانية
ولله الحمد
[email protected]