الجبهة الثورية السودانية تطرح رؤيتها للحل السلمي الشامل ولا تشير لمصير البشير
احمد قارديا
أكد القسم الأكبر من المعارضة السودانية مباركته علي الجبهة الثورية السودانية علي الذهاب الي العاصمة الاثيوبية أديس ابابا لاجتماع مع الوسطاء الاقليميين والدوليين في مقر الاتحاد الافريقي في مناقشات طويلة ومتعبة, استمرت طويلا مع أطراف سياسية وعسكرية في الجبهة, وجاءت تلك الموافقة مضافة الي موافقات سابقة أبدتها قوي المعارضة السودانية.
وتمثل موافقة الجبهة الثورية السودانية علي الذهاب الي أديس ابابا نقطة تحول سياسي في مواقف وسلوك المعارضة المسلحة, التي اتسمت مواقفها بالتشدد في المفاوضات مع نظام البشير بعد طول تجربة مرة معه في محاولات معالجة الأزمة في السودان, التي اقترنت بإصرار النظام علي المضي قدما في خياره العسكري- الأمني, مما عزز قناعة الجبهة الثورية وعموم السودانيين بأن النظام غير جاد مع المساعي السياسية التي بذلت في المستويات الداخلية والخارجية ، الإقليمية والدولية لحل الأزمة السودانية.
الأساس في تحول موقف الجبهة الثورية السودانية يرجع الي معطيات داخلية وخارجية. الأهم في المعطيات الداخلية وصول الأزمة السودانية الي نقطة اللاحسم عسكريا وسياسيا, مما يؤكد أن تطورات الأزمة في السودان مفتوحة فقط علي بوابة المزيد من القتل والتهجير للسودانيين والدمار للسودان, فيما الأهم في المعطيات الخارجية تزايد التدخلات الخارجية مقرونة مع العجز الدولي عن حل عاجل للقضية السودانية سواء عبر المساعي السياسية أو من خلال حل عسكري.
وبفعل تقاطع المعطيات الداخلية- الخارجية, فقط أصبح الخيار الممكن والوحيد أمام المجتمع الإقليمي والدولي هو الذهاب الي حل سياسي, يلقي فيه العبء علي القوي المحلية بمشاركة القوي الخارجية وبمساعدة الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي عبر دور مباشر يقوم به رئيس آلية الوساطة الافريقية رفيعة المستوي ثابو أمبيكي وفريقه.
والأساس في فكرة الحل السياسي عبر “أديس”, استناده الي مرجعية القرار الأممي 2046 الذي حدد التفاوض حول الوضع الإنساني والسياسي والأمني بالمنطقتين “ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق”, وتتشكل بمفاوضات بين النظام والحركة الشعبية قطاع الشمال. ولكن لاول مرة تلتقى الجبهة الثورية ، وككيان واحد ، وسطاء المجتمع الاقليمي والدولي, وتقدم خارطة الطريق للحل السلمي الشامل في الأزمة السودانية, ولكن لا تشير لمصير البشير أو حزب المؤتمر الوطني الحاكم.
ورغم أن محتوي اجتماع أديس ابابا يفتح الباب نحو التغيير الشامل في السودان, فإن من الصعب تصور أن الجبهة سوف تحقق تقدما سريعا علي هذا الطريق عبر مشاركتها في الاجتماع, والسبب في ذلك جملة من الوقائع الداخلية والخارجية, منها توازنات القوة الميدانية بين النظام والجبهة, ودخول الجماعات الأجنبية المتطرفة علي خريطة الصراعات الداخلية والاقليمية ” مليشيات مرتزقة ما يسمي ب(قوات الدعم السريع)”, كما أن بين الوقائع حجم التدخلات الاقليمية والدولية في الأزمة السودانية, خاصة تدخلات حلفاء النظام وبينها الصين وأيران وقطر وتشاد..
واذا كان الامر علي هذا النحو, فإن ما يمكن أن تحققها الجبهة الثورية علي نحو عاجل في التقاءها وسطاء المجتمع الاقليمي والدولي في أديس, سيكون جملة من الإنجازات البسيطة, في مقدمتها تأكيد وجودها باعتبارها قوة في مواجهة النظام في الأزمة السودانية, وليس كما يقول النظام إنها مجرد عصابات مسلحة وعملاء, وتأكيد أنها قوة سياسية وعسكرية ذات قدرة علي خوض صراع سياسي تستخدم فيها كل إمكانياتها وتحالفاتها في مواجهة النظام وإمكانياته وتحالفاته, وسوف تستفيد الجبهة من فرصة اجتماع اديس للقيام بحملة إعلامية, تكشف فيها سياسات النظام وجرائمه المرتكبة ضد السودانيين, وأيضا طرح رؤيتها لحل الأزمة السودانية.
وبخلاف الإنجازات البسيطة, فإن ذهاب الجبهة الي اديس يمكن أن يؤدي الي نتائج أكثر تعقيدا وأثرا في القضية السودانية ومستقبل السودان لكن الأمر في هذا سوف يكون بحاجة الي جهد دؤوب والى وقت كافى . هذه بعض من الاحتياجات اللازمة لإنجاز مهمات بمستوى التحدى الذى تطرحه الأزمة الراهنة في السودان.
[email protected]