كتب :فيصل سعد.
تحت وطأة الحروب القاسية، وعدم الإستقرار بسبب القصف الجوي . الذي ما أنفك يستهدف العُزل من أبناء ولايتي جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق منذ أن أضرم مركز السلطة النيران بلاهوادة على المنطقتين في مدىً زمني بلغ الثلاثة اعوام ونيف.
رغم عن ذلك تجد السكان ممسكين بإرثهم الثقافي الذي يعكس عمق جذورهم وتمكسهم بها. هذا ما التقطته كميرا مواطن مدينة كاودة السودانية (حجوج كوكا) مخرج أول فلم سوداني يعرض في مهرجان تورنتو العالمي للأفلام، وهوالمهرجان الذي يصنف من أفضل ثلاثة مهرجانات في العالم.
إستغرق الفلم عامان من التصوير والمونتاج . فقد امضى مخرج الفلم فترة العامين متجولاً بين منطقتي جنوب كردفان (جبال النوبة) وجنوب النيل الازرق. يلتقط مقاطع تصوريرية، ممزوجة بالحورات المصوره. إلى أن تمكن من وضع اللمسات الأخيرة لإخرج فلمه الذي يبدأ بأزير طائرة الأنتنوف وهي تقصف المواطنيين وقد إختار له اسم (على إيقاع الأنتنوف) كناية عن تعود الناس لصوتها المرعب.
تدور أحداث الفلم مابين هوية سكان المنطقتين والإستهداف المستمر لها من قبل مركز السلطة في الخرطوم.
تشاهد في الفلم كيف يتم الإستهداف بشكل مباشر للحياة بكافة ضروبها إستهداف لمن يمشي على أربع ومن يمشي على رجلين من الارواح فضلاً عن مساكن المواطنين العزل .
وفي مقاطع اخرى يعرض الفلم حوار شيق حول كيفية تأثر بعض الناس بالألة الإعلامية الحاضة على كراهية الإنسان الأسود لنفسه في مشهد لإستخدام (الكريمات) لتغيير لون البشره كعرض اول. وفي العرض الثاني من الحوار كيف يحافظ الناس على هويتهم رافضين الإستهداف على أساس اللون او العرق في كافة بقاع السودان .
يحكي الفلم واقعاً مريراً لأهل الهامش الذين يندبون حظهم العاثر، الذي اوقعهم في وطن لا يعرفون فيه غيرالحروب المتتالية منذ الإستغلال إلي يومنا هذا ،يتجلي ذلك في حديث بعض الناس.
وفي مشاهد اخرى يرسل الفلم رسالة قيمة، وهي أن فترة الحرب هى أخصب الأزمنة لتمسك الإنسان بقيمة الراسخة وإرثة الثقافي الرصين. ولأجل إحقاق ذلك يتكبد أحد الفنانين المشاق لصناعة أدوات الحياة من الأت موسيقية محلية يستطيع من خلالها توريث فنه الأصيل للأجيال القادمة.
ولعل من أهم المشاهد التى يحتوي عليها الفلم . دحض شعارات الإسلام السياسي الذي ما زال يرسل رسائل عديده توحي بأن الحرب التي تدور في الهامش هي مع أعداء الله والوطن.
يتضخ ذلك من خلال مشاهد للتعايش الديني بين كافة الأديان السماوية فتارة تجد (خلوة) لتعليم القران واخري تشاهد مقاطع للصوفية وهم يؤدون طقوسهم في تجلي وخشوع غير أبهين الى شي سوى التقرب الى الله. هذا من جانب الإسلام والمسلمين . اما من جانب المسيحين والأديان الاخرى، فإن الفلم يحتوي على عرض لاداء صلوات داخل الكنائس والمعابد .
رسالة الفلم التى تناقش الهوية والمحافظة عليها بإستتباب الأمن والإستقرار لمعرقة الخصال الحميدة التي يتميز بها الشعب السوداني، وأن ذلك لايتم إلا بإقمة وطن العدالة المساواة والحرية، التي تحترم في المقام الأول المواطنة كأساس للحقوق والواجبات. ويختتم المخرج رسالته، بأن السودان وطن حباه الخالق بتنوع ثفاقي ثر، يجب أن يٌكون المداخل لبناء وطن عظيم يشار إليه بالبنان ،إن إستطعنا إدارته بعقل وطني راسخ دون أطماع . أما إذا أستمر الحال في إدارة البلاد، بالطريقة التي نحن عليها الآن فإن مواسم الحصاد ستكون كالعلقم بحلوقنا . ففي الفلم دعوة الى السلام والمحبة والتعايش والإلفة والتسامح والمصالحة لبناء وطن يسع الجميع .
تستغرق فترة العرض في مهرجان تورنتو عشرة ايام متتالية في الفترة من 4ديسمبر الى 14ديسمبر من العام الجاري سيعرض فلم على إيقاع الأنتنوف يوم الخامس من ديسمبر .وكما سيق القول بأنه أول فلم من إخراج سوداني صرف يقتحم بيوتات السينما العالمية في هذا المهرجان على مر التاريخ.
نبذة تعريفية المخرج.
من مواطني مدينة كاودة بولاية جنوب كردفان وهي من كبرى مناطق سيطرة الحركة الشعبية الشمال التي تدوربينها والحكومة السودانية حرب منذ العام 2011 الى يومنا هذا
سَخرَ حجوج نفسه لتأهيل الكادر ،وتنشيط دورالتصوير والاخراج بالإعتماد على المواهب البارزة في هذا العام .
يعمل الأن على تأهيل عدد من الكوادر السينمائية لإبراز دورهم الريادي في نشر ثقافات الهامش بتسوير العمل الأخراجي .
الفلم الذي سيحظي بالعرض كأول فلم سوداني يخترق البيوتات العالمية يعتبر هو فاتحة طريق لأفلام سودانية تأتي من الهامش ومناطق الحرب لتدحض مفهوم أن المركز وحده قادر على الإنتاج الفني بكافة أشكالة. وانه لمن الفخر للسودان وللهامش ان يقتحم المهرجان العالمية للسينما بفلم يحكي ماساة الهامش السوداني وباخراج سوداني ومجهودات سودانية اصيلة .
شاهد دعاية للفلم على الرابط ادناه.