احمد قارديا خميس
سوف تنتهي المأساة الدارفورية ذات يوم, لا نعرف كيف, وعلي أي عدد من القتلي والمعوقين والمغتصبين واللاجئين والنازحين والمفقودين, وأي كمية من الخسائر واية أمراض دائمة في النفوس. وسوف يجلس المؤرخون فوق الأنقاض, ويتربع المحللون فوق الهياكل العظمية, ليضعوا رواية مختصرة تليق برفوف المكتبات وسوف يضيع بين الأسطر والفواصل عويل الأمهات وبكاء الأطفال. ولن نعثر علي مسؤول شارك في الجريمة, وسوف توزع المسؤوليات, اذا كان تحديد المسئوليات عبثيا وطفوليا, ولا معني له بين الركام والدموع, في هذه الملحمة المحزنة – التصرف الوحشي الشرير – والتعري الفاضح في ساحات الموت من قبل نظام الابادة الجماعية.
وصل يوم أمس الي منطقة بهاي الحدودية بين السودان وتشاد, أكثر من 250 أسرة, هاربين من مناطق بعاشيم وأم سدر وأمراي وانكا شمال شرق كتم في ولاية شمال دارفور, بعد دخول مليشيا (الجنجويد) ما يسمي بقوات الدعم السريع بقيادة مجرم الحرب محمد حمدان”حميدتي” علي القري والفرقان, فيما استمر الطيران الحربي السوداني من استهداف القري ، وشن بالأمس غارات جوية علي مصادر المياه في هذه المناطق.
وفي حين وصل عدد اللاجئين في بهاي الي أكثر من ألف شخص,مخلفين وراءهم القتلي والجرحي, ومن بقي ونجا من الجنجويد تسلق الي الجبال والخيران في حين لم يجد أبسط مقومات الحياة من الماء والغذاء, وهذا هو سياسة النظام علي المواطنين الابرياء بدارفور. في حين هنالك نحو أكثر من مليون لاجئ دارفوري, موزعين بشكل أساسي في شرق تشاد علي ثلاثة عشرة مخيما, بات مخيم كرياري للاجئين القريبة من منطقة بهاي التي يزيد عدد لاجئيها عن خمسين الف لاجئ, غير قادر علي استقبال المزيد منهم, في ظل شبه الغياب التام من دولة تشاد التي لم تضع أي خطة لاحتواء وتنظيم اللاجئين الجدد,وفق ما يشير الأهالي أن المساجد لم تعد تتسع, والأسر التي وصلت أمس, لجأت في معظمها الي أقارب لها في منازل, حتي أن المنزل الواحدة باتت تأوي أسرتين أو ثلاث, متمنيا علي دولة تشاد أن تتخذ بأسرع وقت ممكن اجراءات من شأنها أن تريح الأهالي الهاربين من الموت, علما أن الحكومة التشادية كانت قد اقامت ملتقي ام جرس للسلام والتنمية والتعايش السلمي في دارفور, في حين لم تناقش مشكلة اللاجئين, ولا عن الابادة الجماعية الجديدة التي تحدث حاليا في دارفور في حين اصوات القذف الجوي السوداني قد يسمعه المؤتمرين في ام جرس التشادية !!
احمد قارديا خميس
[email protected]