ساهم الإعلان العالمي لحُقوق الإنسان (10 ديسمبر 1948) مثل غيره من العوامل الأخرى، وبدرجات متفاوته، في الدفع بعجلة تطور المجتمعات الإنسانية، وتبايَن مقدار حُصول شعوب العالم على الحقوق المُتّفق، والمُتعارف، والمُوقَّع عليها في ذلك الميثاق، بإعتبار أنه، لم، ولن تكن حركة الحصول على الحقوق بمِعزل عن الأوضاع الإقتصاديَّة والإجتماعيَّة، والسياسية لتك الشعوب ودولها، وتأثرها بالشروط والأوضاع المحليَّة، وإلإقليميَّة، والعالميَّة لها.
وعلى ضوء الإحتفاء بالذكرى (65) للإعلان العالمي لحُقوق الإنسان في (10 ديسمبر 1948)، يمكن إجمال حالتنا السودانية عن أوضاع حريَّة الصحافة والتعبير في الآتي :
– دستور منتهي الصلاحيّة ما زالت تُحكم به البلاد، وحُكومة حزب واحد، شُموليَّة، وعسكريَّة الطابع، وأمنيَّة التوجه، تتحكَّم في مقاليد الحُكم والبلاد دون مشاركة غيرها بصورة فعلية، ويوماً بعد يوم، تُوقِع البلاد في أسوأ المراتب من حيث عدم الشفافيَّة، الفسَاد، الفشل، وإنتهاكات حُقوق الإنسان، بما فى ذلك الحق فى التعبير والتنظيم وحُريَّة الصحافة والنشر، مُضافاً إلى غيرها من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانيّة..،إلخ، تلك الجرائم التى جعلت من رئيس الدولة مطلوب دولي للتحاكم الجنائي مع مجموعة أخرى من الحاكمين والمُتنفِّذين.
– قانون للصحافة والمطبوعات والنشر، يتنافى مع وثيقة الحقوق الواردة في الدستور الإنتقالي، ويتعارض مع الحقوق العالميَّة والإقليميَّة ذات الصلة.
– مجلس للصَّحافة والمطبُوعات عُني أساساً بـ (رعاية، تنظيم، تطوير،…الخ) بيئة الصحافة، فأسقط عن ذاته المهام الموكله له، وبات مثله ومؤسسات الدولة الأخرى، لا يخرج عن إطار البيروقراطية السالبة، المحسوبية، التحصيل والجباية، الفساد،…الخ.
– الجسم المناط به تمثيل الصحفيين (إتحاد الصحفيين السودانيين)هو فى الواقع صنيعة حُكوميَّة جاء بالغش، والتزوير الإنتخابي فى كُل دوراته، وهو بالتالي لا يُعبِّر عن إرادة الصحفيين الحُرّة، ولا يُدافع عن قضاياهم، بل يُعبِّر عن السُلطة الأمنية الحاكمة في البلاد، ويُدافع عن الإنتهاكات الفظيعة من رقابة أمنيّة وإعتقال للصحفيين، وإغلاق ومصادرة للصحف، وغيرها، وحينما يضطّر مُرغماً لا راغباً، ونادراً للإعتراض على بعض الإنتهاكات، يطرح موقفه بصورة متأخره، وخجولة، وبطريقة لا تتناسب وحجم الإنتهاك الأمني، ليجد الأعذار والمُبرِّرات للإنتهاكات وإستمرارها، وهي الحالة التي يراها البعض أن في غيابه، وصمته أثر إيجابي دون سواه.
– إستمرار كافة أنواع الرقابة القبليَّة والبعديَّة على الصحف، ومصادرة أعداد متفرقة لغالبيتها، في ظل إستمرار قرار إغلاق، ومنع بعضها من الطباعة والصدور مثل (الميدان، رأي الشعب، التيار، أجراس الحرية، الخرطوم مونيتر، جوبا بوست، سودان تريبيون، أدفوكيت وذا ديمقراط)
– تنامي ظاهرة الإيقاف الأمني عن الكتابة طال مجموعة من الصحفيين والكُتّاب، من بينهم، وليس كُلّهم: (خالد فضل، أمل هبّانى، زهير السرّاج، عصام جعفر، رشا عوض، أبوذر على الأمين، الطاهر أبوجوهرة، فائز السليك، أشرف عبد العزيز، صلاح عووضة، الطيب زين العابدين، محمد زين العابدين، صديق الأنصاري، محمد عثمان ابراهيم، النور أحمد النور، محمد عبد الماجد، عثمان شبونة، شمائل النور، حيدر المكاشفي،…إلخ)، وغيرهم ممّن تمّ إيقافهم، ولم ترد أسمائهم.
– مواصلة السلطات الأمنية في نهجها بـ (إعتقال، إستدعاء، توقيف، إهانة، المنع من أداء المهام الإعلامية)، بل وتعذيب الصحفيين وذوي الصلة بالإعلام.
– إستخدام المحاكمة القانونية كسلاح في مواجة الصحفيين، حيث جرت، وتجري في الفترة الأخيرة محاكمة عدد كبير من الـ (صحفيين، كتاب، مصورين، ناشرين..إلخ).
أمام هذا الواقع المعادى لحريَّة الصحافة والتعبير، ليس أمام المُجتمع الصحفي، ونشطاء الميديا الجديدة والبديلة، وصحافة المواطن غير توحيد الجهود وتكثيف النضال، وتوسيع التشبيك لمواجهة التحدِّيات، ومُواصلة العمل المُشترك فى المُقاومة، لإنتزاع الحقوق، نحو التوحُّد فى أكبر جبهة للدفاع عن حريَّة الصحافة والتعبير، حتّى تحقيق النصر لصحافتنا، ولشعبنا.
إنّنا فى (جهر) إذ ندعو للمزيد من العمل المُشترك بين كافّة الشُركاء المحليين فى السودان، لا نملك إلَّا أن نُحيّى شركاء الهم والمصير المُشترك فى الجوار، والمنطقة بأسرها، والعالم أجمع، مؤكّدين أنّ النضال المُشترك هو السبيل الوحيد لإنتزاع الحقوق، فى سبيل حترام وتعزيز حقوق الإنسان، وحريّة الصحافة والتعبير فى العالم.
صحفيون لحقوق الإنسان (جهر)
في اليوم العالمي لحقوق الإنسان 10 ديسمبر 2013