يا لها من مبادلة غير متكافئة ………….ابرياء ابناء الزغاوة مقابل اسرى الجنجويد !

موسى يعقوب جارالنبى 
[email protected]
عندما تسجل قوات الجنجويد اى انتصار لها مع الحركات المسلحة (رغم قلتها ) تسارع الحكومة على اعلى المستويات العسكرية للاحتفاء بذلك وعرض ما يدعون انها غنائم تم  استيلائها من  الحركات المسلحة فى التلفزيون الحكومى والقنوات الفضائية ، سواء كانت بعض العربات الهالكة او القليل من الاسرى من الثوار . ولكن نفس هذه الحكومة تتبرأ او تتجاهل اى عمل او فظائع تقوم بها هذه القوات (الدعم السريع /الجنجويد) تجاه المواطنين الابرياء والذين يفترض حمايتهم من قبل الحكومة من اى عدوان  وليس العكس ، والا تكون الحكومة و كأنها فى حرب مفتوحة  ليس مع الحركات المسلحة فقط  ولكن مع عموم اهل دار فور ، وتكون هذه الفرضية اوضح  اذا كانت ضحايا الجنجويد من عرقية الزغاوة فى دار فور ، فافراد هذه القبيلة متمردون بدون تصنيف ولا فرق فى ذلك ان وُجدوا مع المتمردين المقاتلين  او فى فيافى دار زغاوة بمواشيهم او فى الفاشر او حتى فى الخرطوم ، واصدق من عبر عن هذه الفرضية هو سيئ الذكر الدكتور نافع على نافع ، عندما قال ان افراد الزغاوة هم كلهم متمردون والفرق بينهم كفرق مستويات مرضى السكرى بدرجاته المتفاوتة ، تجد من له صليب واحد ، اثنان ، او ثلاث صلائب ، اى فى النهاية كلهم مرضى بالسكرى ، وينطبق ذلك على الزغاوى ابتداء من يحمل السلاح ضد حكومة الانقاذ كالدكتور جبريل ابراهيم او منى مناوى وانتهاءً بعضو مجلس قيادة الثورة السابق وعضو المؤتمر الوطنى الحالى اللواء التجانى آدم الطاهر ، فهم فى النهاية زغاوة وبالتالى متمردون حسب عُرف الانقاذ  ! 
احدث المفارقات التى حصلت بشمال دار فور منذ فترة ، هى هذه القصة التى تتوالى فصولها حتى الان دون ظهور اى بارقة امل للحل . والقصة بدأت عند اعلان الحكومة قبل اكثر من شهر ، بما سُمى بحسم وهزيمة التمرد فى اعقاب الكمين الذى تعرضت له قوة من فصائل الثوار والذى كان  ضمن ضحاياه القائد الشهيد / على كاربينو . ولان المعركة ليست بالشكل الذى صورتها واعلنتها الحكومة على اعتبار انها انتصار باهر على التمرد ، ولكن الحقيقة التى لا يعلمها الكثيرين هى ان تلك القوة من فصائل الثوار كانت عائدة بعد توجيه ضربة قاضية لقوة الجنجويد المتمركزة فى منطقة “القبة” بشرقى مدينة كتم ، تلك المليشيا التى تسببت فى قطع كل الطرق المؤدية من الفاشر والى كل مناطق شمال ولاية شمال دار فور ، حيث تقوم هذه المليشيا بايقاف اللوارى التجارية ونهب حمولتها مما ادى الى وقف حركة التجارة فى تلك المناطق  ، ونتيجة لشكاوى المواطنين قامت قوة مشتركة من الحركات الثورية بتنفيذ تلك الضربة القاضية وفى طريق عودتها تعرضت القوة الثورية  للكمين الذى راح فيه الشهيد على كاربينو وآخرين بالاضافة الى اسر بعض الثوار .
فى تلك المعركة ، اى ضربة “القبة”  تم اسر اثنين من افراد الجنجويد من قبل الثوار ،ووضح لاحقا انهما ابناء لشيخ قبيلة اولاد راشد العربية ،  الشيخ / موسى جالى ، وتلك كانت حالة عادية ، معارك بين الحكومة ومليشياتها ضد الحركات المسلحة ، وكما قتلت الحكومة والجنجويد القائد على كاربينو واسرت مجموعة اخرى ، فكانت نتيجة هجوم الحركات الثورية لمعقل الجنجويد فى “القبة ” هى قتل من قُتل واسر من اُسر بصرف النظر عن شخصيات الاسرى . والحال كذلك ،  فكان من الاجدى والاصوب ان تتفاوض (ولو سرا) الحكومة / الجنجويد مع الحركات المسلحة لاطلاق سراح اسرى الطرفين سواء كان بالتبادل او بتوسيط الصليب الاحمر الدولى كما الحال فى مرات عدة حصلت من طرف الحركات المسلحة باطلاق سراح اسرى لقوات الحكومة .
ولكن ما حصل كان تصرف صادم من طرف الجنجويد ، وللاسف تم ذلك  بمباركة الحكومة وسوف نذكر لاحقا دور الحكومة ومباركتها . بعد اسر افراد الجنجويد (الاثنين) ، قامت قوات الجنجويد وعلى مدار عدة ايام بايقاف اللوارى التجارية المتجهة الى مناطق شمال دار فور وفرز الركاب حسب قبائلهم ، مع اعتقال واخذ كل الافراد المنتمين لقبيلة الزغاوة ، وقد تم اعتقال العشرات من ابناء القبيلة واخذهم الى مناطق غير معروفة ضمن هذه الحملة الموجهة  ، وعند سؤال ذوى المقبوضين افادت مجموعات الجنجويد ان كل الموقوفين تم اخذهم واحتجازهم لغرض مبادلتهم باسرى الجنجويد طرف الحركات المسلحة (شخصين) ، والذين ثبت لاحقا  انهما ابناء الشيخ / موسى جالى ، مما اعاد الى الاذهان قصة مبادلة الجندى الاسرائيلى الاسير بالف من السجناء الفلسطينيين لدى اسرائيل !
خلط غريب للامور بالتأكيد ، ان يسمح الشخص بتجنيد نفسه فى مليشيا مهمتها قتال الحركات الثورية بجانب القوات الحكومية وعندما يتم اسر افرادها تلجأ هذه المليشيا بمنتهى الجبن واللؤم الى اعتقال الابرياء من افراد قبيلة الزغاوة حتى يتم مبادلتهم بالقتلة والماجورين من افرادها  الذين وقعوا فى اسر الحركات المسلحة . الم يكن من الانسب والاوفق طلب المليشيا مبادلة اسراها باسرى الحركات المسلحة والذين اظهرهم النظام فى مختلف وسائل الاعلام  كأسرى ،  بعد معركة “القبة” ؟ المؤسف ان الحكومة الولائية  وكعادتها مباركة لهذا الامر وذلك بسكوتها عن اختطاف مواطنيها الابرياء من قبل المليشيات ،  هذا من جانب ، ومن الجانب الاخر بادعاء ان الامر ليس بيدها وانما بيد قوات الجنجويد والذين لا يأتمرون بامرها ؟!
 كيف يستقيم ذلك والحكومة الولاية بواليها والاتحادية بوزير دفاعها يرقصون ويبتهجون ب “انتصارات ” قوات الدعم السريع (الجنجويد) على الحركات المسلحة حسب قولها ، والجميع قد شاهد هذه الصور الاحتفالية ، وعندما تقوم هذه المليشيا باعتقال الابرياء تقول الحكومة ان الامر كله بيد المليشيا ، هذه فوضى وعدم  مسئولية من الحكومة ، هل تتحمل قبيلة الزغاوة اوزار حركات التحرر فى دار فور لان قائدا مثل منى  مناوى او الدكتور جبريل ينتمى  الى هذه القبيلة ؟ المرادف لمثل هذا التصرف الاهوج ان يلجأ الحركات المسلحة الى ايقاف وسائل السفر المختلفة فى اى جزء من السودان وانزال الركاب وفرزهم حسب القبائل واعتقال كل من يثبت انه جعلى او محسى والمطالبة بمبادلتهم باسرى الحركات الثورية ، بحجة ان رئيس البلاد عمر البشير جعلى ولان وزير الدفاع عبدالرحيم  محمد حسين ينتمى الى قبيلة المحس ! هل يستقيم مثل هذا الامر ؟ ومع ذلك نحن لا نستغرب مثل هذا التصرف من حكومة المؤتمر الوطنى والتى اطلق العنان لهذه المليشيات المجرمة والتى اصبحت الان قوة موازية للجيش القومى واوكلت اليها حتى حماية العاصمة ، حماية العاصمة ليس من عدو خارجى غازى ولكن حماية النظام  فى العاصمة من غضبة الجيش الوطنى والتى اصبحت مؤسستها تغلى الان كالمرجل . تمكن كاتب هذا المقال من الحصول على بعض اسماء  من تم اختطافهم من ابناء قبيلة الزغاوة من قبل مليشيا الجنجويد وتم اخذهم الى منطقة “القبة” بكتم ، حيث يطالب السجانون بمبادلتهم باسرى الجنجويد طرف الحركات المسلحة ، وهم :
1-    علي بقاري حسن
2-   عبدالله ابكر ابراهيم
3-   طاهر عبدالله علي
4-   محمدين بشير
5-   أسحق اسماعيل مرسال خاطر
6-   صلاح اسحق ابراهيم
7-   : عبدالعال زكريا طاهر
8-   إسماعيل يوسف ادم
9-   عمر هارون داود
10-   إدريس خريف عمر
11-  عثمان قردي
12-  عثمان عيسي التوم
ومن المفارقات المخزية ان ضمن من تم اختطافهم بواسطة هذه المليشيا كان احد الافراد التشاديين ، وقد تدخلت السلطات التشادية وخاطبت الحكومة السودانية لاخلاء سبيل مواطنها وقد تم لها ذلك وتم اقلاع المواطن التشادى بطائرة عمودية من مدينة كتم الى تشاد  ، ومع ذلك يقبع هذا العدد من المواطنين السودانيين الابرياء تحت سمع وبصر (حكومتهم) فى ايدى عصابة مجرمة ، لا ذنب جنوه ، فقط لانهم ينتمون الى قبيلة يُصنف كل افرادها من قبل حكومة المؤتمر الوطنى بانهم متمردون ليس بحمل السلاح ولكن فقط بالانتماء القبلى 
 
موسى يعقوب جارالنبى 
ام درمان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *