يا بروف.. أسأل إدارة الإعلام..!

يوم الخميس الماضي التقينا بالبروفيسور إبراهيم أحمد عمر رئيس المجلس الوطني (البرلمان) بمكتبه.. وجّه رسالة عتاب للصحافة السودانية ووصفها بأنّها تهون من البرلمان.. وتستخدم مُفردات خادشة للوقار السِّياسي في وصف البرلمان، من مثل أنه (برلمان صفقة) وكان البروف يُكرِّر كَثيراً وبمُنتهى الانفعال والغضب، لماذا لا تُساعدوننا على أداء مُهمّتنا بدلاً من (تكسير المجاديف)..

أعلم جيِّداً أنّ ما قاله البروف هو لسان حال غالبية المُؤسّسات الحكومية خاصّةً السِّياسيّة.. فهل صحيح أن الصحافة تتعمّد تبني رسالة إعلامية سالبة مع سبق الإصرار والترصد..؟

الإجابة بكل يقين، لا، وألف لا..

الخطأ الفادح الذي تقع فيه الحكومة وتصر عليه، أنها تظن أنّ (وسائط الإعلام) هي الإعلام.. حالة خلط سافر هي التي تتسبّب في إمعان الحكومة عَض أصابع الصحف.. الحكومة لا تعرف كيف تصنع الرسالة الإعلامية وتبكي كلما رأت صورتها في مرآة الإعلام وتصر أن الصورة غير حقيقية..

سآخذ البرلمان مثالاً.. ما هي الرسالة الإعلامية التي تُخطِّط إدارة إعلام البرلمان في بثها في الأثير العام.. بالطبع السؤال غير مطروح على أيِّ مُستوى في البرلمان لأنه ينتظر على قارعة الطريق أن تتولى نيابةً عنه الصحف صنع الرسالة الإعلامية.. وهنا بالضبط علة المعلول..

هل نقل وقائع نشاطات البرلمان يصنع (الرسالة الإعلامية) المطلوبة؟ الإجابة طبعاً لا..

ما هي (الرسالة الإعلامية) التي يُريدها البرلمان؟ أكاد أجزم أنّ إدارة إعلام البرلمان لم تُفكِّر في مثل هذا السُّؤال، فَضْلاً عن البحث عن إجابة..

في علوم الاتصال المُؤسّسي نستخدم تعبير (الصورة الذهنية المؤسسية) Corporate Image ويقصد بها الانطباع الجماهيري العام عن المُؤسّسة.. وهو تراكمٌ طبيعيٌّ للمسلك العام للمُؤسّسة.. ويكون دائماً دور إدارة الإعلام (صناعة!!) هذه الصورة الذهنية بأفضل ما تريده المُؤسّسة.. عندما أقول (صناعة) لا أقصد أن تسمح إدارة البرلمان للصحفيين بدخوله والجلوس في الشرفات ثم تسأل بكل براءة لماذا صورتنا الإعلامية مُشوّهة؟ فليس من مهام الصحفيين الذين يغطون نشاط البرلمان (صنع)!! الصورة الذهنية عن البرلمان.. تلك مُهمّة إعلام البرلمان..

في الدول الرشيدة تتدخّل إدارة الإعلام حتى في لبس المسؤول الأول.. إعلام البيت الأبيض هو الذي يُحدِّد للرئيس الأمريكي كيف يلبس وماذا يقول ومتى يضحك أو يعبس والنكتة المُناسبة في المكان المُناسب لأنّ كل ذلك من صميم (صناعة) الصورة الذهنية..

هل تذكرون الصورة الشهيرة للرئيس أوباما مع رصيفه الروسي في مطعم (كنتاكي) يأكلان الطعام مع العامة، بل ويدفعان الفاتورة.. أغلب الظن في ذلك اليوم استبعدت المخابرات كل طاقم المطعم وحتى الزبائن هم عُملاء المُخابرات.. وكل هذا لـ (صناعة) الصورة الذهنية عن مُستوى العلاقات الثنائية..

اقترح على البروف أن يستدعي إدارة الإعلام ويسألهم.. ما هي الرسالة الإعلامية للبرلمان؟ سيدهش من علامة الاستفهام التي تقفز من أعينهم.. فغالباً أنهم يظنون أنّ أقصى ما هو مطلوب منهم منع أو السماح لمندوبي الصحف الدخول للبرلمان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *