ياسر عرمان لـ «الشرق الأوسط»: لست أوباما السودان.. لأني أشبه شعب بلادي

ياسر عرمان
ياسر عرمان

ياسر عرمان لـ «الشرق الأوسط»: لست أوباما السودان.. لأني أشبه شعب بلادي

مرشح الحركة الشعبية للانتخابات الرئاسية: تأجيل الاستفتاء خط أحمر.. ولن نكرر أخطاء البوليساريو


سوسن أبو حسين
حمل ياسر عرمان، مرشح الحركة الشعبية الحاكمة في الجنوب لانتخابات الرئاسة السودانية، سياسات المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، المسؤولية تجاه كل ما يحدث للسودانيين، مؤكدا أن حركته لم نضع في أجندتها حق تقرير المصير إلا بعد أن أعلن المؤتمر الوطني «الجهاد»، في الجنوب، وتهميش حقوق الجنوبيين. وقال في حوار صريح مع «الشرق الأوسط» إن برنامجه الانتخابي يركز على ثلاثية مهمة يتطلبها الواقع، وهى بناء الوحدة الجديدة، وترسيخ الديمقراطية واستيعاب كل أهل السودان، وتحقيق الرفاهية للشعب السوداني.

واستبعد عرمان تأثير التدخلات الخارجية على وحدة السودان بما في ذلك المجلس الكنسي، وألقى اللوم على ضيق السياسات التي أوصلت السودان إلى ما هو عليه الآن، وطالب بتغيير مركز الحكم في الخرطوم، ونفى وجود أي توجه لتأجيل الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب، المقرر في يناير (كانون الثاني) المقبل، مشيرا إلى أن تأجيله «خط أحمر.. ولن نكرر أخطاء البوليساريو». كما تحدث عن تفاصيل المشكلات التي تعترض تطبيق اتفاق نيفاشا، وقدم حلولا عملية لتحقيق السلام والاستقرار في كل أنحاء السودان. وقال إنه يحظى بوضع متميز في الشمال والجنوب، معتبرا أن أي تزوير في الانتخابات أمر غير مقبول وسيؤدي إلى تعقيد الموقف بين شريكي الحكم في السودان. كما رفض تشبيه نفسه بالرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي رفع شعار التغيير في حملته الانتخابية، قائلا «أنا أشبه شعبي».

* ما هي أجواء حملتك الانتخابية ومدى القبول الشعبي لبرنامجك الانتخابي؟

– حملتي شعارها يدلل عليها وهو «الأمل والتغيير»، والشعب السوداني يحتاج إلى أمل وتغيير بعد عشرين عاما من الصراعات والحروب، واليوم نحن نعطى أملا جديدا في ظرف بالغ الدقة لأربع قضايا مهمة في عام واحد. والمعضلة الأولى والكبيرة هي الوحدة الطوعية والاستفتاء على حق تقرير المصير، ولا يملك أي مرشح ما لدي من قدرة على معالجة هذه القضية، فأنا جزء من قيادة الحركة الشعبية، وأمضيت 24 عاما داخل الحركة وأحظى بثقتها، وقد رشحني رئيس الحركة والمكتب السياسي بالإجماع للانتخابات الرئاسية، وتقف معي الحركة الشعبية وكل أهل الجنوب الذي يصوت على حق تقرير المصير، لذلك سأكون الشخص المتميز في هذه القضية.

وبوصولي إلى الرئاسة سوف تتغير الكثير من التوجهات والسياسات، وهذا سيولد وضعا جديدا، وحتى إذا اختار الجنوب الانفصال سأكون القادر على الربط بين الشمال والجنوب، لذلك يمكن وضع ترتيبات قوية بين الشمال والجنوب تبدأ من الكونفدرالية إلى آخر المستويات، والأمر الآخر أنا مؤهل لتشخيص قضية دارفور وحلها لأنها قضية عادلة وحلها سيكون بنفس الطريقة والمعادلات التي أتينا بها في نيفاشا، وهذا ينطبق على جميع أقاليم السودان من أجل خلق مركز جديد ووحدة على أسس قوية.. والقضية الثالثة تتعلق بعلاقة السودان بالعالم الخارجي بدءا من الإقليم وجوار السودان مثل مصر وإثيوبيا وكينيا وإريتريا وليبيا وتشاد، وتربطنا صلات بكل هذه البلاد، والمجتمع الدولي، ويمكن توظيف هذه العلاقات بما يخدم السودان ويعمل على الاستقرار.. والقضية الرابعة رفاهية الشعب السوداني وتحسين مستوى المعيشة، لأن موارد السودان كثيرة في الزراعة والصناعة والبترول وإعادة بناء الريف السوداني ونقل المدينة إلى الريف وتقديم الخدمات في مجال الصحة والتعليم والمياه، وأن نوجه الموارد إلى الإنتاج، لذلك سوف آتي بآمال جديدة للشعب السوداني بتحويل الدولة السودانية من دولة جباية إلى دولة رعاية، وسنبني دولة على أسس جديدة يرضى عنها كل الشعب.

وتكفي الإشارة إلى أن المؤتمر الوطني بعد عشرين عاما أدخل السودان في حروب وصدام مع دول الإقليم، وفي صدام مع المجتمع الدولي وحروب في كل إقليمه، ولذلك على المؤتمر الوطني أن يكتفي بهذا القدر من الخسائر، والرئيس البشير لا يستطيع أن يقدم شيئا، والمؤتمر الوطني لا يستطيع أن يوحد الجنوب بل هو ضد وحدة السودان.

* بعد ترشيحك للرئاسة، هل تتعرض لضغوط، وهل تحصل على حقك في الدعاية الانتخابية؟

– لا تهمني الضغوط، وأهم أدوات الدعاية الانتخابية، وهي الإذاعة والتلفزيون، يمتلكها المؤتمر الوطني، وقد أعطاني عشرين دقيقة ورفضتها، وتبرعت بها لهم لأنه (المؤتمر الوطني) يأخذ 23 ساعة و40 دقيقة للدعاية اليومية. والحقيقة أن المؤتمر الوطني اختطف السودان وبنى دولة من قدامى الإسلاميين في كل السودان، واليوم نريد الانتقال من دولة الحزب إلى دولة الوطن.

* هل ستستمر في الانتخابات أم أنك قد تنسحب إذا شعرت بأن النتيجة ليست لصالحكم؟

– إذا اتضح أن الانتخابات لن تكون حرة ونزيهة سوف تجتمع قيادة الحركة لبحث الوضع.

* هل تتوقع مشكلات بعد الانتخابات؟

– الانتخابات الرئاسية وضعت شريكي الحكم بالسودان (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) في مفترق الطرق، وكان هناك رأي للحركة وهو حل المشكلات الكبرى أولا ثم إجراء الانتخابات، لكن المؤتمر الوطني وجد أنه سيحصل على شرعية إذا أجرى الانتخابات بسرعة، والقضية ليست أفرادا وإنما مستقبل كل السودان.

* هل تضمن الحصول على أصوات تمكنك من الفوز في الانتخابات؟

– لدي أصوات كل الجنوب وتقدر بأكثر من أربعة ملايين ناخب، ولا يسيطر على هذه الأصوات المؤتمر الوطني، ولذلك أنا قطعت مسافة طويلة، وسبق أن تمت تزكيتي من أكثر 65 ألف ناخب من 25 ولاية ومنطقة النيل، بينما حصل الرئيس البشير على تزكية من 31 ألفا، ولذلك لدي حظ كبير في الشمال والجنوب، وإذا حدث تزوير لن نرضى بنتيجة الانتخابات، وسيتعقد الوضع، وأي تزوير لن يكون مقبولا، لأنني أحظى بوضع متميز في الشمال والجنوب.. مع العلم بأنني أهتم بالوحدة الطوعية للسودان أكثر من وصولي إلى مقعد الرئاسة.

* الرئيس البشير أبرم اتفاق نيفاشا وكذلك دارفور، وما حدث للسودان كان ميراثا قديما لسنوات سابقة على حكم الإنقاذ، فلماذا تحمل المؤتمر الوطني تداعيات أخطاء الماضي؟

– يكفي الرئيس البشير أنه حكم السودان عشرين عاما، وعصره كله حروب وتعقيدات في الوضع السوداني داخليا وخارجيا، والقضية ليست في شخص الرئيس البشير، وإنما في تطبيق برنامج المؤتمر الوطني والذي لا يصلح في هذه المرحلة، لأن السودان بلد متعدد ومتنوع، والمؤتمر الوطني لا يعترف بهذا ويريد أن يقيم جمهورية طالبانية.. وإذا تحدثنا عن اتفاقيات السلام التي أبرمها البشير، فنحن نقول إن العبرة بالنتائج، والآن فإن اتفاقية السلام يمكن أن تؤدي إلى فصل جنوب السودان نتيجة لإصرار المؤتمر الوطني على عدم تغيير سياساته القديمة، والاتفاقية الغرض الأساسي منها تحقيق الوحدة الطوعية، لكنها نتيجة لسلوك المؤتمر الوطني ستؤدي إلى فصل الجنوب إذا لم تتغير السياسات.

* يتردد أن هناك تفاهمات بينك وبين المؤتمر الوطني وكذلك مع حزب الأمة، وهو ما يشكل اتجاها لفوز الرئيس البشير في الانتخابات؟

– لو كانت هناك تفاهمات لما قمنا بترشيح أي شخص في مواجهة المؤتمر الوطني، وأؤكد عدم وجود تفاهمات مع المؤتمر الوطني لأنه لم يعمل على تغيير مركز السلطة والتحول الديمقراطي، وكذلك تنفيذ الاتفاقية، وكل ما حصلنا عليه جاء بعد صعوبات كبيرة وشد وجذب متواصل، ولم يأت أي شيء نتيجة رغبة وإرادة بينة للمؤتمر الوطني.

* بعض التقارير الصحافية وصفتك بأنك «أوباما السودان»، لكن صحح البعض المعلومة وأكد أنك من قبيلة الرئيس البشير نفسها.. فمن أنت؟

– لا أريد أن يصفني أحد بأنني أشبه أي شخص في العالم، لأنني أشبه نفسي وشعبي، والرئيس الأميركي يشبه شعبه. أنا أمثل جيلا جديدا من السودانيين، والمسألة ليست باللون أو القبيلة وإنما بالسياسات والأفكار، وأنا أمتلك سياسات لبناء السودان الجديد، كذلك الرئيس باراك أوباما يعتبر حدثا جديدا في أميركا، وكان حدثا إنسانيا أن يقوم مواطنون بيض هم الأغلبية بانتخاب رئيس أسود من الأقلية، وبالنسبة لي كمرشح جنوبي وبكل المآسي التي حدثت بين الشمال والجنوب، أن يقوم الجنوبيون بترشيح شخص من الشمال للرئاسة ويضعوا ثقتهم فيه، هذا هو الحدث الجديد.

* ألا ترى أن اتفاق الدوحة إضافة جديدة للرئيس البشير وللسلام في السودان؟

– نحن نرحب باتفاق الدوحة، لكننا لا نريد أن يكون الاتفاق «أبوجا ثانية»، ويجب أن يكون الحل شاملا ونهائيا، وما تم أعطي حجما أكبر منه، وفق ما سمعناه من حركة العدل والمساواة. إنه اتفاق إطاري، وهذا الاتفاق بخبرتنا يحتاج إلى وقت وزمن طويل لتفصيله، ومع ذلك نحن نرحب بكل ما يقرب السودانيين من السلام، وفى الوقت نفسه نريد سلاما ترضى عنه كل الحركات والمجتمع المدني والسياسي في دارفور، ويحظى بمباركة القوى السياسية السودانية وليس مجرد علاقات عامة، ونرحب أيضا بتحسين العلاقات بين السودان وتشاد، ولكن لا نعتبرها حلا لقضية دارفور لأنها قضية عادلة، وتحتاج لحل بعيد عن التهميش السياسي والاقتصادي والثقافي.

* هل ترى أن انفصال الجنوب كما وصفه البعض «قفزة نحو الظلام»؟

– المضطر يركب الصعب لأن الجنوبيين ليس من بين خياراتهم الانفصال، ولم تطرح الحركة الشعبية في أجندتها حق تقرير المصير، ولكن حين أٌعلن الجهاد والأسلمة طرح الجنوب على مدار العشرين عاما الوحدة على أسس جديدة، والمؤتمر الوطني كان عقبة في اتجاه الوحدة على أسس جديدة، وطرحه للإسلام كان منفرا حتى بالنسبة للمسلمين أنفسهم، وبالتالي فالقضية ليست في قفز الجنوب نحو الظلام، وإنما في دفع المؤتمر الوطني الجنوب نحو الظلام، لذلك فالانفصال يأتي نتيجة لعدم فتح منافذ وأبواب لوحدة عادلة وطوعية، ونحن نعتقد أن الإسلام والعروبة يجب أن يسهما في وحدة كل السودان.

* الجنوب يحكم نفسه حاليا، ماذا سيضيف الانفصال إلى الجنوب.. ألا ترى أن وضعه مع الوحدة أفضل لأنه يحكم جزءا من الشمال أيضا من خلال الشراكة في الحكم؟

– الجنوبيون لا يحصلون على حقوقهم، ويشعرون بالغربة، وهناك قوانين لغير المسلمين ومفوضية لغير المسلمين وطرق في الحكم تجعل المواطن الجنوبي يشعر بالفواصل بين الجنوب والشمال.

* النائب الأول للرئيس البشير جنوبي، ووزير الخارجية من الجنوب، وكذلك بعض الولاة، وأقصد أن الجنوبيين لديهم امتيازات في الحكم أكثر من الشماليين.. كيف ترى كل هذا؟

– هذه المناصب شكلية، والسلطة الحقيقية في يد المؤتمر الوطني، ولم يتم تغيير المركز، وكان المقصود أن يمارس سلفا كير كنائب أول صلاحيات تجعل منه حاكما فعليا للسودان، وأن يكون وزير الخارجية هو المسؤول عن سياسة السودان الخارجية. والآن تجد الدكتور مصطفى عثمان هو المسؤول عن ملف مصر والسودان أكثر من دينق ألور وزير الخارجية.

* وما الذي منع دينق ألور من ملف مصر والسودان؟

– الذي منعه هو أن السياسات تدار بواسطة المؤتمر الوطني، وهو الذي يحرك العلاقات بين كل الدول، ووزير الخارجية لا تعطى له الصلاحيات إلا إذا كان وزير خارجية من المؤتمر الوطني.

* يتردد أن واشنطن تدفع سنويا للجنوب مليار دولار لدعم الانفصال.. ما مدى صحة ذلك؟

– الإدارة الأميركية مع وحدة السودان، وهذا أمر معلوم وأنا أعلمه، وقد ذهبت إلى أميركا مرارا وتكرارا، وسبق وأن حضرت اجتماعات مع الرئيس السابق جورج بوش ومع مسؤولين في الخارجية، وبالتالي أعلم أن واشنطن مع وحدة السودان، وربما توجد مجموعات خارج الإدارة الأميركية يكون لديها موقف أو رأي آخر، ومع ذلك من اتفق على حق تقرير المصير لجنوب السودان ليس أميركا، وإنما الأطراف السودانية، وبالتالي مسؤولية الوحدة ليست مسؤولية أميركا أو أي بلد آخر، وما لم يصلح السودانيون أحوالهم لن تصلحه لهم أي دولة في العالم.

* ماذا عن علاقة الجنوب بالمجلس الكنسي العالمي الذي يغذى فكرة الانفصال؟

– من الطبيعي أن تكون للجنوب علاقة بالكنائس خاصة أن به مسيحيين، وكذلك في حالة وجود مسلمين في الجنوب ستكون لهم علاقة بالأزهر الشريف، وأرى أنه من الظلم تصوير الجنوبيين على أنهم ليسوا وطنيين وليس لديهم شعور بالقضايا الوطنية، والحقيقة أن لهم قضايا عادلة ولا علاقة بالمجلس الكنسي بتحديد سياسات الجنوب وانفصاله.

* تردد أن الحركة الشعبية رشحتك للانتخابات الرئاسية للتخلص منك، كيف ترى ذلك؟

– لو كل شخص يضحى به يرشح بالرئاسة لوجدنا ضحايا جيدين في هذا العالم، وإذا كان الجنوب يريد أن يضحي بي لما رشحني للرئاسة، ولما كنت ناطقا رسميا للحركة الشعبية لسنوات طويلة، ولما كنت نائبا للأمين العام، وبالتالي كل الذي يتردد في هذا الشأن بحقي غير صحيح، ثم ما هي هذه التضحية وكباش الفداء في مسيرة العملية الديمقراطية؟ فمن حق أي شخص أن يترشح وأن يفوز في الانتخابات، كما أن الحركة الشعبية قدمتني لكل دول العالم بعد ترشيحي للانتخابات الرئاسية.

* كيف ترى الحوار الذي بدأ في القاهرة مؤخرا بين قيادات الجنوب والشمال؟

– يعجبني أن مصر تدخل على الخط لأول مرة، لكن لم يكن هناك منظور شامل، ولن يعود بإنشاء جديد، لأن العقبات معلومة، والتغيير المطلوب معروف، والوحدة الطوعية لن تأتي إلا بتغيير سياسات المؤتمر الوطني، ولذلك مصر أمامها فرصة لأن تقدم آراء مدروسة بعناية تساعد الأطراف على المضي إلى الأمام، وهذا يحتاج للتعامل مع كل جوانب الأزمة الحالية في السودان.

* إذا تحدثنا عن تنفيذ اتفاق نيفاشا، ما الذي تم تنفيذه منه حتى الآن؟

– ما تم هو قيام سلطة فعلا في جنوب السودان بمصاعب، ولكن لم يتم تغيير في مركز السلطة في السودان، وهو مركز قديم ومعاد للأقاليم، وقام بحروب كبيرة جدا ضد وحدة السودان، وبالتالي نحن في حاجة لمركز متصالح مع كل أقاليم السودان، والخرطوم توقع على الاتفاقيات كهدنة، وما تم تنفيذه كان سطحيا، في حين أن اتفاقية السلام مطلوب منها أن تغوص في جذور الأزمة وإلا ستقوم حرب أخرى، وأن تكون حرب الجنوب هي آخر الحروب، ومن هنا أقول إن طريقة تطبيق اتفاق نيفاشا لا تتعامل مع جذور الأزمة التي أدت إلى الحرب.

* إذا كان اتفاق نيفاشا حدد كل شيء، على ماذا تتفاوضون إذن؟ وهل التفاوض على مرحلة ما بعد الاستفتاء ونتائجه، أي شكل العلاقة في حال الوحدة أو الانفصال؟

– الاستفتاء نفسه على كف عفريت، ولم يتم الاتفاق على تفاصيله، والزمن المتبقي قصير جدا، والحدود لم يتم الاتفاق عليها بعد، وآليات الاستفتاء وحتى المفوضية جرى حولها الاتفاق الأسبوع الحالي ولم يتم تشكيلها بعد، ولذلك الاستفتاء نفسه لا يسير بالطريقة السهلة فما بالنا بقضايا ما بعد الاستفتاء.

* ما هي التفاصيل المطلوبة للاستفتاء من وجهة نظرك؟

– أن يكون هناك تسجيل للاستفتاء وتحديد من سيحق له الاستفتاء، وأن يتم ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، إضافة لعمل فني كبير للتمهيد للوصول إلى يوم الاستفتاء.

* هل سيتم تأجيل الاستفتاء وكذلك الانتخابات حتى تتمكن فصائل دارفور من تسجيل نفسها في قوائم الانتخابات؟

– سمعنا هذا من حركة العدل والمساواة، وأنها طرحت هذه القضية، ومعلوم أن موضوع دارفور يتقاطع مع الانتخابات، أما نحن كحركة فإن موضوع تأجيل الاستفتاء خط أحمر لا يجوز التلاعب في زمانه أو مكانه، ولن نكرر تجربة البوليساريو أو تجربة الصحراء، مع تقديرنا لكل الأطراف. وجنوب السودان وضعه معقد، والجنوبيون صبروا كثيرا، ونحن لدينا فرصتان، الأولى أن نعزز كل الطاقات والجهود من أجل كسب معركة الوحدة الطوعية، ونحن مع الوحدة الجديدة، لأن القديمة شبعت موتا، ولن تأتي بجديد، وستدخل السودانيين في الحروب، والوحدة الجديدة تحتاج لتغيير السياسات في مركز السلطة في الخرطوم، لأنه في الوقت الراهن يعد مركزا متجبرا ومستكبرا، ولا ينظر إلى التنوع التاريخي والمعاصر في السودان والذي يستحق الوضع في الاعتبار.

* ألا ترى أن ما تتهمون به المؤتمر الوطني هو نفسه الذي تتهمون أنتم به في الجنوب؟.. وكيف تتوقع ما توقع به البعض من وقوع اشتباكات وحروب داخل الجنوب ذاته إذا لم تغير الحركة الشعبية سياساتها لاحتواء كل الفصائل المسلحة الأخرى خاصة القبائل الأساسية؟

– أتفق معك أنه يجب أن يعطى كل ذي حق حقه، لأنه لن تستقر أي منطقة في العالم على الظلم، بل إن العدل هو أساس الحكم، ولكن مركز السلطة في الخرطوم هو المحرك الأساسي للمشكلات بين القبائل في الجنوب، بل ويستثمر في هذه المشكلات باستمرار، وحكومة الجنوب وليدة، والجنوب لأول مرة يمارس الحكم بدرجة من الاستقلالية، ولديه مهمة كبيرة في تكوين مشروع وطني يقوم على العدالة مع القبائل، كما أن مشروع السودان الجديد ليس جغرافيا أو إثنيا، وإنما يقوم على مشاركة الجميع في البناء والقضاء على كل مسببات الصراع التي كانت في السابق، أو التي ستحدث في المستقبل، والمخيف هو تصدير أسلحة للجنوب من مركز السلطة في الخرطوم. أما القضايا التقليدية فالتعامل معها ليس بمعضلة، ولن يحترق الجنوب ولن يقفز نحو الظلام كما يقال، وستكون له السلطة التي تشبهه، والجنوبيون لديهم تاريخ وإمكانيات لا تقل عن الدول الأخرى، وأهل الجنوب يريدون الحرية وأن تُحترم ذواتهم.

* ألا تبالغ عندما تلقي كل المشكلات على عاتق المؤتمر الوطني دون تحميل أي مسؤولية للحركة الشعبية؟

– السياسات الخاطئة للحركة الشعبية، يمكن معالجتها والتحديات موجودة في كل الحياة البشرية، ولا أتمنى تقسيم السودان، ولآخر لحظة في حياتي سأظل أسعى وأعمل لوحدة السودان، على أسس جديدة، ولكن إذا لم يتم ذلك الجنوب مثله مثل الشمال، وتحدياته أيضا ستكون أكبر، أي أن التحديات موجودة لدى الجميع في الشمال والجنوب، من هنا أقول أيضا إن الذي سيقفز إلى المجهول هو كل السودان وليس الجنوب في حال فشل مشروع الوحدة.

* لماذا لم تستوعب الحركة الشعبية لام أكول؟

– لأن لديه جناحا مسلحا وميليشيا.

* هل انقلبت الحركة على أكول لأن لديه ولاء للشمال؟

– تاريخه يؤكد أنه ليس لديه أي ولاء لأي جهة، وهو خلال 20 عاما تنقل بين مواقع كثيرة كلها مختلفة في توجهاتها.

* كيف ستحل قضايا البترول التي تقع بين الحدود من الجانبين؟

– أنا أنتمي إلى قبيلتي المسيرية والدنكا معا، ويهمني مصيرهما معا أيضا. والحقيقة أن الأرض التي تمتلكها القبيلتان أكثر من حاجتهما، والسودان يعيش به أكثر من 40 مليون نسمة ويتقاتل من لا شيء، في الوقت الذي يمكن أن يستوعب فيه 400 مليون نسمة، لكن ضيق السياسات هو الذي يؤدى إلى ضيق بعض القبائل ببعض، وأبيي لا تشكل نهاية المطاف، ويجب ألا تكون المعضلة لأن مصالح المسيرية تمتد إلى ما هو أبعد من أبيي، والمسيرية هم رعاة وليسوا دعاة، ولكن الدعاة موجودون في الخرطوم، وهم الذين يحرضون الرعاة، ولذلك أنا اعتبر مصالح المسيرية والدنكا واحدة ويجب أن يتعايشوا. وعلى كل حال إذا انفصل جنوب السودان لن يكون جنوب موزمبيق أو البرازيل وسيكون هو جنوب السودان، وليس بينه وبين الشمال محيط، بل هو منطقة تداخل وقبائل ومصالح ويجب النظر إليها من هذا المنطلق، والدكتور جون قرنق سئل مرة هل حلايب مصرية؟ فكان رده أن حدود مصر تقع في نمولي وحدود السودان في الإسكندرية، ونحن نحتاج إلى مثل هذه النظرة.

* هل اقترحت الحركة أن تكون منطقة أبيي منطقة تكامل إذا ما حدث انفصال؟

– اقترحت أن يكون السودان كله منطقة تكامل عن طريق مشروع السودان الجديد، والذي رفض عن طريق انحياز ديني وعرقي، والسودان لا يمكن أن يخرج من هذا الوضع، إلا برؤية جديدة، وهذه الرؤية سبق أن قدمها الدكتور جون قرنق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *