لندن: مصطفى سري الخرطوم: إسماعيل آدم
شن وزير الخارجية السوداني عضو المكتب السياسي في الحركة الشعبية المشاركة في الحكم، هجوما شديدا على المؤتمر الوطني الذي يتزعمه الرئيس عمر البشير، معتبرا، أن محاولة حزب البشير تقليص نسبة مشاركة الجنوبيين في السلطة، مخالف للدستور. وكان مسؤول في حزب المؤتمر دعا إلى تقليص نسبة مشاركة الجنوبيين في الحكم، بعد أن أظهرت نتائج التعداد السكاني، أن عدد الجنوبيين يقل عن 8 مليون نسمة، وهو ما نسبته 21% من جملة سكان السودان. وحسب اتفاقية السلام التي وقعت بين الطرفين عام 2005، والتي أنهت الحرب الأهلية، فقد منح الجنوبيون 28% من السلطة، تقديرا لعددهم من جملة سكان السودان. وقال دينق ألو وزير الخارجية لـ«الشرق الأوسط» إن حركته أصبحت تمثل تحديا حقيقيا للمؤتمر الوطني، وأضاف: «هذا ليس تقليلا من القوى السياسية الأخرى، لكن الحقيقة أن الحركة باتت تمثل التحدي الأكبر للمؤتمر الوطني». وقال إن «حزب البشير يسعى إلى تقليل نسبة الـ28% التي منحتها اتفاقية السلام للحركة الشعبية، وهذا يخالف الدستور»، معتبرا أن نتائج التعداد السكاني الأخير الذي أظهر نسبة الجنوبيين بـ21% تم رفضها من قبل النائب الأول للرئيس رئيس حكومة الجنوب سلفا كير»، وتابع: «إذا رفض كير تلك النتائج ولم يتحقق إجماع حولها في مؤسسة الرئاسة.. لا يمكن أن يتم تمريرها».
وفي مؤتمر آخر عقده الوزير السوداني بمقر الحركة في الخرطوم، قال ألور إن «نتائج التعداد السكاني ما زالت تثير جدلا بين شريكي الحكم في السودان (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية)، ومن الصعب قبول نتائج التعداد السكاني التي تم إعدادها داخل الغرف المغلقة للمؤتمر الوطني»، وأضاف: «تم تزوير عدد سكان العرب الرحل في جنوب دارفور، بإضافة مجموعات جاءت من تشاد وأفريقيا الوسطى في معسكرات خارج الإقليم وبأعداد كبيرة»، وتابع: «لا يحق لهؤلاء التصويت في الانتخابات القادمة باعتبار أنهم أجانب ووجودهم بهذه الكثافة يثير علامات استفهام كبيرة».
وقال ألور إن الدولة السودانية تمر بظروف سياسية صعبة «وليس هناك داع لخلق مشكلات جديدة»، وقال إن حركته خاطبت المؤتمر الوطني بوجود تلاعب في التعداد السكاني بغرض الكسب السياسي، مشيرا إلى ضرورة جلوس المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لحل الأزمة سياسيا، وقال إن «موقف الحركة موحد داخل مؤسسة الرئاسة وفي الحكومة والبرلمان.. ونحن نرفض إجراء الانتخابات في ظل عدم رضاء حكومة الجنوب والقوى السياسية عن نتائج الإحصاء السكاني»، كاشفا عن أنه تقدم بمبادرة في وقت سابق قبل التعداد السكاني بترحيل الجنوبيين الموجودين في الشمال إلى الجنوب، وعن لجنة شكلها البشير برئاسة نائبه علي عثمان محمد طه للتحري في الأمر، وقال إن «تعداد الجنوب كان عند بدء المبادرة أكثر من 3 ملايين نسمة، والآن عددهم حسب الإحصاء السكاني نحو 300 ألف، وهذا تلاعب واضح».
من جهته، أكد كوستي مانيبي وزير رئاسة شؤون مجلس الوزراء القيادي في الحركة الشعبية، أن اتخاذ قرار الإحصاء هو ما تضطلع به الرئاسة وليس مجلس الوزراء، ونفى اتخاذ مجلس الوزراء أي قرار فيما يختص بالتعداد. وقال مانيبي إن «رئاسة الجمهورية لم تقل القول النهائي في نتائج الإحصاء»، وقال إن «الحركة الشعبية لها موقف واضح من نتائج الإحصاء، وهو أن نتيجة الأرقام ليست منطقية»، وقال: «نحن قلنا رأينا بوضوح بأن الإحصاء فيه أخطاء كثيرة من الصعب تفسيرها»، وذكر أن الحركة أوضحت لهم الزيادة غير المنطقية التي ظهرت في عدد الرحل في جنوب دارفور، «كما لاحظنا قلة عدد الجنوبيين في الشمال في النتائج»، وقال: «لا يقبل إطلاقا أن يكون عدد الجنوبيين في العاصمة 500 ألف». وكشف أن «الحركة الشعبية خاطبت حزب المؤتمر الوطني بأن هناك تلاعبا حدث في أرقام الإحصاء السكاني، وقلنا لهم إن هذا يؤثر على قسمة الثروة والسلطة، وغيرها من الأمور التي تتعلق بالجنوب». وأضاف: «قلنا لهم إن ما حدث جرى عن قصد ورفضنا النتائج». وقال إن «الدولة تمر بظروف صعبة، وعليه نأمل أن تحل هذه المشكلة، وإننا لا نريد مشكلات أخرى، ولا بد من الجلوس المشترك للوصول إلى حل سياسي للمشكلة».
وقبيل المؤتمر الصحافي للحركة الشعبية، نفى الناطق باسم مجلس الوزراء أن يكون المجلس قد تعرض في جلسته الأخيرة برئاسة عمر البشير إلى تحفظات الحركة الشعبية بشأن التعداد السكاني. وقال عمر محمد صالح إن المجلس أحيط علما بنتائج التعداد من خلال تقرير قدمه وزير شؤون الرئاسة رئيس المجلس الأعلى للإحصاء، وقال عمر للصحافيين، إن مسألة التعداد فنية وليست سياسية. وأضاف أن «نتائج التعداد لا يمكن أن تكون قابلة للتفاوض بالزيادة والنقصان»، وزاد أن «المجلس غير معني بإجازة نتائج التعداد»، مضيفا أن هنالك مجلسا مخصصا بموجب الدستور للتعداد، وقال إن «التقرير تعرض لخطوات التعداد والجوانب الفنية»، مشيرا إلى أن هنالك لجنة دولية للرقابة شاركت فيها العديد من الدول، وأن التعداد تم بواسطة جهاز الإحصاء في الشمال والجنوب ونتائجه متاحة وليست سرية.
الشرق الاوسط