دعت صحيفة واشنطن بوست الأميركية الولايات المتحدة والمجتمع الدولي إلى ضرورة اتخاذ موقف داعم للمحتجين السودانيين الساعيين إلى التغيير والتحول الديمقراطي الحقيقي في بلادهم، وذلك من خلال إسقاط نظام الرئيس السوداني عمر البشير.
وقالت إن “البشير المطلوب من جانب المحكمة الجنائية الدولية بتهمة الإبادة الجماعية بات يمارس نقاط الضعف التي ميزت الفصول النهائية لفترتي حكم كل من الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك والعقيد الليبي الراحل معمر القذافي”.
وأوضحت الصحيفة -في التعليق الذي كتبه جون بريندرغاست بالاشتراك مع ديف إيغرز- أن البشير بات يضاعف من إستراتيجية تجويع وقصف واعتقال خصومه بدلا من الانخراط في عملية إصلاح ذات معنى، داعية إلى إنقاذ السودان وإلى عدم تركه يمر بما تشهده سوريا.
وأشارت واشنطن بوست إلى زيارة مرتقبة اليوم لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى جنوب السودان، وذلك بعد مرور فترة وجيزة فوق العام على انفصاله عن السودان، مضيفة أنه بالرغم من كل التوقعات لجنوب السودان بأنه يصبح دولة فاشلة، فإن المشكلة الشائكة بشكل أكبر تكمن عند حدود جنوب السودان مع السودان وليس في الدولة الوليدة ذاتها.
موت ودمار
وتساءلت الصحيفة بشأن ما يمكن عمله حيال السودان الذي باتت حكومته مسؤولة عن الموت والدمار بشكل أكبر من كل الحكومات الدكتاتورية المجاورة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مجتمعة، وقالت إنه بمجرد أن انفصل جنوب السودان، سرعان ما جدد نظام البشير الحرب في ولاية دارفور، بل وواصل إسقاط القنابل على رؤوس الناس في المناطق المضطربة في ولاية النيل الأزرق وجبال النوبة.
وأضافت أن نظام البشير يقوم بتأجيج الحرب المحتملة مع جنوب السودان، وأنه يستخدم القوة المفرطة ضد الناس المحتجين في البلاد، وأنه اعتقل أكثر من ألفي شخص من بين الناشطين السودانيين حتى الآن.
كما قالت الصحيفة إن اللاجئين السودانيين بدؤوا يتدفقون إلى الدول المجاورة، وإن تقارير أشارت إلى أن الآلاف من القُصَّر من البنين والبنات باتوا مشردين وهائمين على وجوههم دون أن يجدوا من يرعاهم أو يعيلهم أو يهتم بأمنهم وحمايتهم، مضيفة أنه حان وقت السؤال بشأن ما يجب عمله حيال حكومة البشير.
كما أشارت إلى أهمية الخطوة التي قد تتخذها كلينتون أو قادة دوليون آخرون بشأن البشير، وتساءلت فيما إذا كان القادة سيتركون البشير يفعل ما يفعله نظيره في سوريا، أم يتركونه يلقى المصير الذي لقيه الطغاة بفعل رياح التغيير في شمالي وشرقي أفريقيا؟
وقالت إنه منذ أن وصل حزب المؤتمر الوطني إلى السلطة في السودان في انقلاب 1989 العسكري، فقد راهنت الولايات المتحدة والمجتمع الدولي على سلسلة لا تعد ولا تحصى من المفاوضات بين الخرطوم ومعارضيها، لكن النظام السوداني لم يستجب سوى مرة واحدة فقط لحكم من أحكام الاتفاقيات العديدة على مدار أكثر من 23 عاما، ألا وهي قبوله بالاستفتاء على وضع جنوب السودان في عام 2011.
وأوضحت أن السودان قبل بالاستفتاء في ظل الجهود الدبلوماسية الهائلة من جانب الولايات المتحدة والدول الرئيسة الآخرى، لا بل وحتى إثر تشجيع الصين للبشير لأن يقبل بالاستفتاء وبنتائجه على حد سواء.
وقالت إن الحزب الحاكم في السودان لا يحظى سوى بقاعدة شعبية صغيرة، وإنه في حال سمح لمعارضيه للمشاركة في الانتخابات والحكم بحرية، فسرعان ما تتشكل تحالفات تؤدي لإخراجه من معادلة الحكم.
وأضافت أنه حان الوقت لأن تتخذ الولايات المتحدة ودول أخرى موقفا إزاء ضرورة تقديم دعم كبير ومستعجل وبأشكال مختلفة إلى المعارضة السودانية والمجتمع المدني السوداني الذي يحتج ويناضل ويموت من أجل التحول الديمقراطي الحقيقي في البلاد، وذلك كي لا تنزلق البلاد إلى الحال التي عليها سوريا أو ليبيا، وأضافت أنه في حال تحقيق التغيير في السودان، فإن السلام سرعان ما يحل بالبلاد والمنطقة بدلا من أن تبقى محركا للحرب والإرهاب منذ قرابة ربع قرن من الزمان.
المصدر: واشنطن بوست