نحو دولة سودانية تحترم حقوق الإنسان ؛ وتعترف بالمكون الزنوجي الاصيل للبلاد
هذه ليست دعوة للانكفاء نحو الذات؛ او الغوغاء والنظرة الضيقة؛ ولكن في ظل السياسات العنصرية لدولة الاقلية الجلابية التي تتاجر باسم الاسلام والعروبة وتسعى بشق الأنفس لاقامة دولة عربية اسلامية خالصة في عقر دار الزنوجة ومنبع حضاراتهم ارض السودان التي احتضنت دول مروي و علوة قبل سقوطها على ايدي جماعة الغلو والتطرف عام 1505ف في معركة جبل موية ؛ إننا كسودانيين /أفارقة / زنج لابد من العمل لدرء هذا الخطر الماحق الذي يهدد بقاءنا ككيان اصيل في هذا التراب الذي يحمل اسم يدل على انتماءلنا الابدي لها والعكس صحيح.
ان وحدة الشعوب الزنجية بات امر لابد منه اكثر من اي وقت مضى في ظل حملات الابادة المنظمة والممنهجة التي تشنها دولة الجلابي العنصرية . وذلك بضرورة نبذ القبيلة كإطار ضيق ؛ وضرورة تبني الافريكانية كهوية ومنهج ثقافي وفكري ؛ والالتفاف حول كيان سياسي يعبر عن ذلك ؛ كيان يجمع الفسيفساء القبلي في بوتقتها لتتضافر الجهود لمواجهة المد الاسلاموعروبي العنصري في بلادنا.
وقد اتضح لنا من خلال التجربة ان العصبة الحاكمة في الخرطوم؛ تستخدم الدين مطية وخميرة عكننة لتحقيق ماربها في الثروة والسلطة ؛ وهي تسعى في جهد لتغيير التركيبة الديموغرافية السودانية بحيث تكون اغلبية السكان ممن يدعون انهم ينحدرون من عرق عربي (نقي؛ اصيل) رغم زنوجتهم التي تفرض نفسها بكل وضوح على ملامحهم وسحناتهم وثقافاهم .
وتسعى الاقلية لتحقيق اهدافها بقوة باسوأ الفروض التضحية بثلاثة ارباع الوطن والاكتفاء بمحور دنقلا؛ سنار + كردفان او كمااوصى بها أحد دهاقنة النظام (حمدي في ورقته الشهيرة.
ان اللغة لا تحدد الهوية ولا حتى الدين؛ ذلك ان يمكن اكتسابهما عبر التدافع والتفاعل الطبيعي بين البشر ولاسيما في عصر التكنلوجيا الحديثة التي قربت المسافات وبفضلها اصبح العالم قرية صغيرة؛ ولا يمكن للدولة ان تتبنى عقيدة او دين بعينه وتفرضه على سائر مواطنيها بالقوة؛ لان حرية العقيدة مكفولة في كافة الاديان والقوانين والاعراف الدولية؛ وحق طبيعي كالحق في الحياة؛ كما وان العقيدة مقرها العقل والضمير والوجدان؛ وما يهمنا هو العمل على تاسيس دولة مدنية تحترم حقوق الانسان لا اعتبار فيها للعرق او الدين.
ان إسقاط هذا النظام الذي يتخذ من العنصرية منهجا لادارة شئون الدولة اصبح واجب اخلاقي ووطنيوإنساني محتوم ؛ حتى يتسنى قيام دولة ديموقراطية تحترم حقوق الانسان ؛ ولا سيما الانسان الزنجي الذي يتعرض اليوم لحملة سافرة لانقراضه .
ان الدولة التي تحترم حقوق الانسان التي ننشدها تاتي بتطبيق اخلاق الاعتراف بحقوق الشعوب الزنجية في السودان واعتبره مكون اساسي لهذا المشهد السوداني ؛ ويمكن ذلك من تطبيق القانون وترسيخ العدالة مع ضرورة ان تقف جهاز الدولة على مسافة متساوية من كل الاديان والاعراق وان تساوى بين رعاياها في الحقوق والواجبات .
ان انهيار جدران الثقة بين الشعوب السودانية تتحمل مسؤليته نخب اقلية الجلابة بشقيها اليمين واليسار لكونها كانت ولا تزال تمارس سياسة التميز العنصري وتطبق مبادئ التفرقة والاستغفال في منهج “فرق تسد” عبر اذكاء الفتن القبلية والعرقية التي ضربت استقرار البلاد في مقتل واستمراءت ابادة السكان الاصليين . وان كانت المعارضة الجلابية تدعى الحياد والديموقراطية كتكتيك لضمان ان تبقى السلطة حكرا لها؛ في مسلسل درامي تتبادل ادواره رموز احزاب الكيان العنصري ؛ يبقى لدينا أن نفهم أنه في الحالتين الجلابة هم المستفيدون والشعوب الزنجية يرزحون تحت وطأة الجهل والفقر والاستعباد والاستغلال .
ان تحرير الشعوب الزنجية لن يكتمل دون وضع حد لحكم اقلية الجلابي التي تعيد انتاج الازمة بصياغة الزنوج عبر سياسات ممنهجة ومؤسساتها التعليمية؛ لتعود الكرة من جديد في شكل ماساة يكون الضحايا كالعادة هم الزنوج السكان الاصليين في مسرحية عبثية الفت فصولها بدقة ليؤدوا فيها دور الكمبارس ويبقوا العدو مستمسك ومستاثر بمقاليد السلطة ونعيمها دون غيرهم في البلاد .
ان الاسلام في مفهوم الاقلية الجلابية وتجلياتها الحالية لا يعدو ان يكون مجرد ايدلوجيا عربية ؛ وفزلكة لغوية اكثر من كونه دين سماوي مقدس؛ يستخدمه المستعربون في السودان مادة للتضليل بغرض مريض لتكريس الجهل والوهم المركب بالهوس الديني في اوساط شعوب الزنجية في ؛ دارفور ” اهل التكابة وكساة الكعبة”؛ من اجل الاستعباد وتاصيل التفرقة العنصرية . واليوم الجلابة الجبهجيون يطرحون انفسهم كوكلاء حصريين لتنفيذ شرع (الله) بالانالة عنه لفرض اسلاممهم بالقوة عبر “الجهاد كفريضة وركن اساسي من اركان الاسلام مسلم به”وبذلك يمنحون لانفسهم حق “شرعي” بتفويض سماوي لاستباحة اعراض البشر مسلمهم وغير مسلمهم في النهاية من اجل تحقيق مكاسب السلطة والثروة الاقتصادية .
بقي ان نذكر؛ لتاسيس دولة الرفاه والاستقرار في السودان ولضمان الاعتراف بالزنوجة كمكون اساسي للدولة ؛ وضمان عدم تكرار هذه الفوضى والمتاجرة بالدين من اجل اهداف دينوية بطرق دنيئة ورخيصة كما تمارسها شركات الجلابة بتمكينهم على البقاء السرمدي في سدة الحكم؛ لابد من ازالة هذا النظام العنصري نهائيا والى الابد؛ ووضع دستور دائم للبلاد يضمن فيه فصل الدين عن المؤسسات الحكومية وجهاز الدولة واي ممارسة في الشأن العام ؛ لتكون المرجعية هي الاخلاق والانسانية الموجودة في وجدان شعوبنا والمضمنة في المواثيق والعهود الدولية وليس الدين أو أي مكون أولي أخر .
ابراهيم ابوندولوك
مركز السودان المعاصر
افريل 26/2012 ف
[email protected]