موقعة باشدار .. يوم انتهكت الثورة في شعارها المقدس

لا شك ان الكلمة المفتاحية و سر نجاح ثورة ديسمبر المجيدة  التي انطلقت شرارتها  في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2018 والتي استطاعت ان تجمع  كل شرفاء السودان  نحو هدف واحد  هو اختلاع نظام الدكتاتور  , حيث توج ذلك الحراك في الثاني عشر من إبريل/ نيسان 2019 بالإطاحة بنظام عمر البشير وزمرته.

لم تكن للثورة ان تنتصر لولا التزامها بالسلمية والتي كانت  ترياقا ناجعا في هزيمة الة القمع  التي كانت  مستعدة لان  تقتل  ثلث الشعب او نصفه حسب مفتي بلاط الدكتاتور, لولا تلك السلمية المحروسة بالإعلام  والاحترافية في  نقل كل احداثها عبر وسائط التواصل الاجتماعي التي جعلت من الثورة السودانية حدث الساعة في القنوات العالمية , وبالسلمية فقط  استطاعت الثورة ان تتمدد  في كل مدن السودان  وتحت شعار  موحد (حرية – سلامة وعدالة ) وهي ثلاثية تعتبر حاجة  ملحة  للوطن التراب قبل  الشعب ببساطة شديدة ان  الحروب كادت ان  توصل البلد الى كنتونات  جهوية مغلقة  بفعل الظلم والاقصاء والتهميش الذي كان  راس مال كل الدكتاتوريات التي مرت على حكم البلاد وتعمقت في عهد نظام المعزول عمر البشير  المطلوب  للمحكمة الجنائية  بسبب الإبادة الجماعية وجرائم الحرب التي ارتكبت في دارفور.

لا يختلف اثنان ان شعار  السلمية يعتبر مقدس واي مساس به من شأنه ان ينتهك جزءا أساسيا من عماد بناء الثورة التي انتصرت بالسلمية كما اسلفت , غير ان في الآونة الأخيرة وقعت احداث كثيرة  من الضروري ان يقف الحادبين على الثورة  الوقوف عنها  بعيدا ان التخوين والتخوين المضاد  ولعل مقتل   ضابط الشرطة برتبة عميد في أثناء التظاهرات التي حدثت في العاصمة الخرطوم ،في  13 يناير (كانون الثاني)2022، بغض النظر عمن قتل الضابط  على الرغم من  تداول مواقع التواصل الاجتماعي عدد  من الفيديوهات التي تظهر أفراداً من الأجهزة الأمنية مصابين إصابات متفرقة، في إشارة إلى أنهم تعرضوا إلى العنف من قبل المتظاهرين، على الرغم من التشكيك حول من يخف خلف تلك الاحداث الا ان تواتر الاحداث وما حدث يوم الثلاثاء  الماضي  في منطقة الديوم والذي  تحول الموكب الذي سيرته قوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي” من أجل التعايش السلمي إلى مواجهة بين بعض منسوبيها وبين مجموعات مدنية هتفت قبل وأثناء الموكب بهتافات “يا أحزاب كفاية خراب”  ومنع تركيب المنصة الرئيسية في “تقاطع باشدار” بحي الديوم الشرقية جنوبي الخرطوم، مرددين هتافات مناوئة للحرية والتغيير، سرعان ما تحول الموقف إلى مشادات وإطلاق للغاز المسيل للدموع واصابات بأسلحة بيضاء  والحجارة  وسط قادة بارزين من الحرية التغيير المجلس المركزي.

موقعة باشدار اثار نقاط مهمة واطلق إنذارات للقوى السياسية جميعها  بأن هناك فتق وبون شاسع بين تلك القوى سواء كانت لجان المقاومة او  التحالفات الحزبية الأخرى , يستوجب ان  يتحسس الجميع وبموضوعية  اين موقعه من مطالب الشعب وما بين 2019 و2022 مياه كثيرة جرت تحت الجسؤ يتطلب وبلا مكابرة إعادة تقييم للأوضاع.

حسنا فعلت قوى الحرية التغيير او احد فصائلها , وهذا أيضا تداعي اخر في ان التحالف الذي  استطاع مكوناته في ان يجمعوا وفق الحد الأدنى من انجاز الثورة  تقطعت وتفرقت  ايد سبأ كل يغني عل ليلاه ويلعن أختها.

المهم ان احد فصائل تحالف الحرية التغيير ابتدر مبادرة مهمة ان عقدت ورش لتقييم تجربتها رغم القصور الموضوعي والبين في معايير ذلك التقييم والذي بدا كالشخص الذي يحاور ويكلم نفسه الا انه تجربة نامل ان تعاد هي نفسها الورشة لاعادة تقييم بغية عقد ورشة أخرى يلبي معايير التقيين  ليخرج الجميع بتوصيات يعيننا على الحفاظ على تراب هذا الوطن.

 

ان الاحداث التي وقعت خلال الأسبوعين الماضيين سواء كانت خلال التظاهرات او تلك الصدامات القبلية المؤسفة التي وقعت في النيل الأزرق  هي ناقوس خطر وارهاصات لفوضى ستحرق  اللين واليابس لولا تدارك المعنيين وكل المشتغلين بالشأن السياسي في ان  يعمل الجميع لجعل السودان التراب خط احمر يجب الا نجعل ا تصفيات الخلافات الحزبية البينية الوطن ضحية لها.

على كل الأطراف السودانية المعنية بقضية البلد السياسية أمام أعظم فرصة منذ الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 وما قبلها ، وعلى الجميع  الاعتراف بأن البلاد في أزمة حقيقية تتطلب الانخراط في حلول عملية وجدية عبر مناقشات تضع أسس واضحة للانتقال إلى التحول الديمقراطي والدولة المدنية.

وحتى لا نفقد الجمل بما حمل كما يقول المثل السوداني (فراق الطريفي لي جملو) ولعل كل الشعب السوداني يعرف القصة  وبلا شك كل الطريفيون لا يرغبون ان يقعوا فيما وقع فيه الطريفي ولا يريدون فراق ثورتهم والتي بلا شك كانت اهم من نزوات الطريفي ونزغات شيطانه.

 

[email protected]

الحرية تنتزع ولا تمنح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *