موسى هلال يحتل الفاشر سلمياً

وليـــد تقـــل
والرجل يكاد لا يصدق نفسه وهو يعتلي العتبات واحدة تلو الأٌخرى؛ حتى خُيِّل له أنه إرتقى مراقي الزعماء ، الذين يحكمون الجمهوريات العظيمة ذات المساحات الشاسعة. وهو في زهوه هذا يكاد ينسى تماماً رحلة الصعود واللمعان الأُولى ؛ تلك التي أوصلته الى ماهو عليه الآن. فهي رحلة إنطلقت من (أوم) الى (مستريحة) التى كانت بالنسبة له حلماً أن يستقر بها ويصبح الزعيم القبلي الأول.
لكن في مثل هذه الأجواء من الصعب عليه طمس حقلئق التأريخ والجغرافيا ؛ لمجرد إعتلائه سدة الزعامة السياسية ، لا القبلية في أراضي كأراضي شمال دارفور قلعة الصمود والتحدي ضد الإستعمار القديم وربائبه؛ والإستعمار الحديث والخانعين له.وإن لم يجف مداد التوثيق لهذا الإقليم المنكوب ؛ إلا أن واقع الحال يقول أن ظاهرة هؤلاء الخانعين المقهورين بسبب شهوانيتهم باتت عصية على الرصد، بل أنهم أبلوا بلاءً حسناً في عمليات التطهير والإحلال الديمغرافي، إختصاراً للوقت الفاصل للتكسب السريع وبناءاً لذوات ذات مكانة من العدم ،وتلميع لنكرات منكورة أصلاً.
هلال ، ذاك الشخصية الأسطورية يخطو خطوات نحو التمكين ، بخطوته التي خطاه بالمشاركة التناصفية مع الخانع المسمى ((كبر)) ؛ ذلك بإستيلائه سلمياً على مواقع حساسة بحكومة شمال دارفور من لدن نائب الحاكم والى ما ادناه من مواقع، فضلاً عن ضيعته التي إقتطعها وسورها بجيش قبلي ، رافعاً راية التحدي لمن يقترب منها.وهي ثلاثة محليات أعاد ترسيمها وتشكيلها من جديد، بذلك هو يحكم نصف الولاية إنفراداً ويحكم نصفها الآخر مشاركة تقترب للأيلولة الكاملة، ولو بعد حين!!. ومن عجب أن (هلال) هذا بات يمتلك حساً سياسياً ، وأدوات لعب منجزة لما يريد لحظة يريد؛ فأعتمد المناورة وبرع فيها؛ورفع كرت التخويف في وجه أُولي نعمته فنجح، لا لقدراته التي وفرها له النظام ، بذاته في أول قدوم له للخرطوم، ولا كسبه من خلال التجربة العملية ؛ إنما هذا هو تخطيط مستشاريه الذين أوحوا له بأن يطالب بوزارة الشؤون الهندسية بشمال درفور ؛ كجزء من خطة الإستيلاء الكامل ، بعدها سيلأتي سيادته بمن هم في أصقاع المعمورة ليصيروا مواطنون بأملاك خاصة ، وليس ببعيد أن يأتي بجلابة المركز ذات نفسهم ويعتبرهم ضمن مملكته العشائرية المصنوعة.
وحريٌ بالقول هنا أن من يقدمون لهلال الإستشارة كانوا ولا يزالون يخادعون بأنهم ضد مؤسسة الجلابة وأنهم ثواراً أصلاء ؛ بل أنهم تسنموا بثوريتهم المُدعاة تلك ، مواقع دستورية ولائية ((إتفاقية سلام دارفور 2005م))، خصماً على الثوار الحقيقيين ، لكنها هي الموازنات!!… يجدر بالذكر أن ماتم توثيقه يفضح هلال ورهطه من المخادين ، وليس ببعيد آخر توثيق صوتي لإجتماع هؤلاء المستشارين بزعيمهم الذي يرونه كصنم العجوة ــ وهو لا يدري أنهم يمكن ؟أن ينقضوا عليه ويلتهمونه في الحظة المناسبة ــ يقول فيه مستهزئاً بحركات المقاومة :(( كلهم جوني ورسلوا مناديبهم وقعدوا في البكان ده …..الخ )) ؟؟؟؟ هذا الإستهزاء الذي قاده للزهو مرة أخرى وخطى خطوة شابحة نحو الحركة الشعبية لينجز ما أراده من مناورته هذه.
والعجب والدهشة مرة أخرى تتملك المستقرئ حين ينظر في أمر أحد المستشارين المذكورين في عالي هذا المقال ، والذي كان وزيراً ولائياً بأمر إتفاق 2005م تركز مجهوده وقتذاك في الإتجار بالسلاح غير مهتماً بالوزارة من الأساس ؛ وهذا شبيه بالأمر الذي وقعه زعيمه هلال عام2000م بمدينة الجنينة وسمح بموجبه لمجموعة واسعة من مليشياه بحمله علناً ودون رقيب ؛ كوضع شاذ بمدينة الجنينة آنذاك؛ إذ يربط بين هذين التصرفين التخطيط لإشاعة الحرب والإستيطان ثم السيطرة وإمتداد الأطماع التوسعية.
كان ذلك في 2000م و2006م ، أما الآن فالأمر مختلف ، إذ تجاوزت المساحة مستريحة الى فاشر السلطان نفسها التي سيحكمها الجنجويد وليصعد من يصعد الجبل أو أن يهلك وهو الأرجح ؛ كون موسى هلال يعرف شيئاً واحداً هو الإبادة والتصفية الكاملة.لا بل هو سيقف على شرعية مركوزة على ثقل جماهيري سيتضخم شيئاً فشيئاً ولو بالإستيراد من الأصقاع المجاورة . بذلك يكون قد نجح ديمقراطياً أيضاً ويا للعجب!!!.
غريمه (الخانع) كبر هو الآخر يقوم بذات السيناريو الا أنه ما استطاع تحقيق ما يريد كاملاً ؛ لكن ليس ببعيد أن يتحالف تحالفاً من الباطن مع هلال لتكوين إمبراطورية بين عشيرتين ، توجه قواها وقوى المركزية للعنصرية لسحق الآخرين. وها قد بدأت أولى الخطوات بتفصيل عباءات دستورية فضفاضة للآخرين والإحتفاظ بالمواقع الفاعلة بيد كبر وحليفه الجديد هلال .
وكبر كذلك يستوعب جيداً أن المركز وفي إطار حربه التي لا سقوف أخلاقية لها بالطبع؛ لا يمكن أن يفرط فيه ليأتي آخر ربما كان داعماً لحركات المقاومة، أو لربما إنقلب متمرداً على المركز في اللحظة الحاسمة. والا لماذا قُسِّمت ولايات دارفور بمحاصصات قبلية بإستثناء (شمال دارفور؟؟))؛ عطفاً على أن موقع نائب الحاكم ومن وقت باكر حتى أنه بات عرفاً ؛ كان من نصيب من، لا لشئ الا كأجراء تناسبي مع عدد السكان الأصليين. لكن الآن كبر وحليفه يريدون طمس الحقائق تماماً والمناورة بإمكانية الإستيلاء الكامل بخططهم الناعمة ، أو قُل البخشنة المكشوفة .
وفقاً لما سبق من معطيات ، بات الأمر الى صيرورة أن تتم مجابهته والتصدي له ، أو أن تصبح النخبة ثورية في مهب الرياح ،ذلك بفقدان أرضيات الإنطلاق وفقدان شرعية الدفاع عن النفس ، بالتالي نتحول الى لاجئين داخل وطن لا يسع الجميع ؛ حينها لا التأريخ يرحمنا ولا سنرحم أنفسنا على التفريط والتهاون.
دعونا نستوعب الدرس ونمضي الى ما نريد عملياً ذلك ببلورة رؤية مشتركة تبطل هكذا بعد إستراتيجي ، فأن كانت حركات المقاومة تحارب من أجل صد هجمات الجنجويد الإبادية ، هاهم الجنجويد الآن داخل المدن ويستخدمون إستراتيجية إبادة مستقبلية بسلاح السياسة والحكم هذه المرة … ترى ماذا انتم فاعلون يا مقاومة؟؟؟؟
أخيراً يصعب على المرء تمييز المصلحة من الإنتظار ؛ بالتناغنم مع حالة الفوضى والمعاناة التي يتمس شعبنا الصامد؛ تمييز هذا الإنتظار من التواطؤ الذي يقوم به أمثال الخانع كبر؛ إن لم نهُب هِّبة رجل واحد وننغذ شعبنا الذي يصطرخ داخل المعسكرات وشبابنا الذين يقتلوا وليس آخراً بأهلنا سكان المدن … حقيقي الثورة في مأزق وإختبار حقيقي يؤشر الى أين تتجه سفينة نوح المنغذة.
16/أغسطس2014م
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *