منظمة التعاون الاسلامي : الكيل بمكيالين بخصوص قتل المسلمين في سوريا والسودان

تاج الدين عبدالله  
قناعاتي الدائمة هي ان منظمة التعاون الاسلامي كغيرها من المنظمات التي تعج بها الساحة الاقليمية، عبارة عن نادي رؤساء وملوك، ومحض  اداة سياسية تستخدمها وتوظفها حصريا -عند الحاجة والضرورة- بعض البلدان الاسلامية المؤثرة مثل السعودية وتركيا ومصر في تحقيق اهداف سياسية دنيوية  صرفة لا علاقة لها بيافطة الاسلام التي تزين اسمها. وغني عن القول ان بعض الدول الهامشية في هذه المنظمة مثل السنغال والنيجر وجيوبوتي والصومال وتشاد وبنغلادش ..الخ ربما لا يتجاوز حقها اكثر من حضور او استضافة قمة في احسن الاحوال ناهيك عن المساهمة في وضع سياساتها او توجيهها لخدمة هذا الغرض او ذاك.
وكما يقول المثل الشائع، ان من يدفع اتعاب الزمار هو من يحدد النغمة.  فالسعودية ومعها دول الخليج بالاضافة  لتركيا ومصر بشكل ما، هي المستفيدة  بالدرجة الاولي من المواقف السياسية التي تتبناها هذه المنظمة وذلك  مقابل حفنة من المشاريع الصغيرة التي تنشئها في بعض البلدان الفقيرة كالمستوصفات والمدارس الدينية، حيث لا يختلف دورها في هذا الاطار من دور الجمعيات التبشيرية الغربية التي تنشط في تلكم البلدان بهدف تحقيق مكاسب سياسية. بقي ان نذكر كذلك  ان هذه الكتلة المذكورة من الدول توظف هذه  المنظمة ايضا في صراعها ضد ايران لتقييد نفوذها  وتأثيرها في المنطقة، وهو ايضا امر سياسي دنيوي بحت لا علاقة له البته “بالتعاون الاسلامي” وهو كذلك ما يفسر سكوتها المطبق عن الانتهاكات التي ارتكبتها السلطات البحرينية ضد الشيعة بدعم سعودي مباشر..
 المهم في الامر هنا ان منظمة التعاون الاسلامي التي ختمت مؤتمرها الاخير  بالسعودية امس،  خرجت للناس  بقرار مفاده تعليق عضوية سوريا في هذا النادي مع ادانة استخدامها  العنف ضد مواطنيها. وقال البيان الختامي بان تعاليم الدين الاسلامي وقيمه ترفض قتل المسلمين. هكذا جملة واحدة، تم اقحام تعاليم الدين الاسلامي لدعم وتبرير موقف سياسي تتبناه السعودية وتركيا وقطر ضد سوريا وحليفتها ايران..بالطبع تعاليم الدين هذه كانت غائبة تماما عن المشهد –ويا للاسي- عندما كان صدام حسين يقتل اطفال الاكراد بالاسلحة الكيماوية وفي البحرين ودارفور. فهذه الدول ورؤساءها هم الذين  تبنوا موقف سياسي آخر مغاير من قتل مسلمين آخرين، هذه المرة بدارفور في السودان وهم يستقبلون المتهم الاول بقتلهم -البشير- بالاحضان والضحكات في ارض الحرمين الشريفين. تذكروا جيدا بان هذه المنظمة وقفت وقفة شرسة ضد كل المحاولات التي قام بها مجلس الامن للتعامل مع العنف الذي استخدمه البشير لابادة من يفترض انهم مواطنييه بدارفور بحجة ان ما كان يجري بدارفور هو تآمر غربي ضد السودان. هذا النادي يغض طرفه عمدا و يصواصل صمته المخزي حتي اليوم وهو يري رئيس السودان يواصل عنفه الوحشي  ضد شعبه المسلم كذلك في جبال النوبة والنيل الازرق ويمنع عنه الاغاثة، ولا يقل شيئا عن حرمة قتل المسلمين  ورصاص البشير يحصد ارواح  متظاهرين يفع بنيالا في نهار رمضان لمطالبتهم بتوفير الخبز والكرامة. ما تقولون في هذا يا ايها الناس؟  هذه المنظمة الاسلامية تعاونت مع الغرب “الكافر”، الذي اتهمه  بالتآمر ضد السودان بدارفور، لاسقاط حكم القذافي في ليبيا و يضع يده في يده اليوم من اجل التنسيق معه للاطاحة بابن حافظ الاسد بشار في سوريا. هل رايتم بربكم نفاق وتدليس اكبر من هذا علي امتداد اعماركم؟  بل ان “الاخو المسلم الجديد” التركي اوردغان، قال في  دافع  مستميت عن البشير  “بان المسلم لا يمكن ان يرتكب ابادة جماعية” وذلك عندما طالبته منظمات حقوق انسان غربية “كافرة” بعدم السماح للديكتاتور السوداني بزيارة انقرة في العام 2010. بنفس هذا المنطق الاوردوغاني، هل يحق لنا ان نسأل: كيف تسني للمسلم بشار ان  يرتكب جرائم قتل بحق شعبه مما اقتضي طرده من نادي التعاون الاسلامي؟ اليس مجرد استقبال البشير المطلوب للمحاكمة الدولية بهذه التهم الخطيرة ينسف اي مصداقة لنادي الطغاة المسمي زورا وبطلانا بتعاون اسلامي. اليس هذا مثال صارخ بان المسلمين يعيشون حالة افلاس اخلاقي وانحاط قيمي لا مثيل له في عالم اليوم ؟ المضحك حد البكاء ان اعضاء هذا الكيان مع هذا التناقض الفاحش في مواقفهم تراهم  يتهمون الغرب بازدواجية المعايير في التعامل معهم ويمدون السنتهم بالحديث عن نفاق امريكا واروربا  السياسي تجاههم. الم يدري جهلاء هذا النادي بان الدول الغربية علي الاقل لا تظلم بعضها البعض ولا تنافق شعوبها وتجرم ممارسة كافة اشكال التمييز ضدهم، وفوق كل هذا هي تقف علي ارضية خرصانية صلبة من القيم والاخلاق والقوانيين التي كفلت  المساواة والعدالة لاعضائها وحققت لها التفوق المطلق علي غيرهم  من البؤساء كبؤساء هذا النادي الذي لا ياتي منه خير؟ انه اشبه  بنادي قوم لوط المذكور في القرءان الذي لا ياتي منه الا المنكر.
               

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *