ممارسات الحجاج الوثنية الجاهلية التي لا تتماشى مع العقل ولا مع العصر ؟

الحلقة الاولى ( 1 – 3 )
ثروت قاسم
[email protected]

1- فريضة الحج ؟

فريضة الحج هي الركن الخامس في الإسلام ، وهي سياحة روحانية في رحاب معاني الوحدة والمساواة والعدالة واستقامة الضمير الإنساني.

ندعو القارئ الكريم ان يتكرم مشكوراً ، وهو يقرأ هذه المقالة ، بإستصحاب فكرة إن الحج مرتبط بالعلاقة الوجدانية بين الحاج ومواقع ومناسك وشعائر الحج الطاهرة . فالبيت جعله الله مثابة للناس وأمنا ، وافئدة الناس تهوي إليه ؛ وتتغلب العواطف الجامحة في حب مواقع ومناسك

الحج على العقل البارد .

من اهم فوائد الحج إنه يحافظ على الوحدة الروحية للمسلمين ، بعد أن انتهى أى معنى لوحدتهم السياسية وكذلك الثقافية!

قال حكيم سوداني :

نعيش في زمان اقل ما يوصف به هو وفرة الاسلام نظرياً ولفظياً ، وندرته سلوكيا وفعلياً ، حتى خشي البعض الدخول في دائرة المقت الأكبر من اوسع ابوابها ( كبر عند الله مقتاً أن تقولوا ما لا تفعلون ) من فرط مجافاة القول للفعل ، الأمر الذي شكل أكبر ثقب في اوزون القيم والضوابط الإجتماعية المُتعارف عليها في الموروث الثقافي السوداني .

وكما هو معروف ، فإن ثقب الاوزون الحقيقي ، سيد الأسم ، هو المجرم الذي ارتكب جرائم الاعاصير والزوابع والفيضانات والتصحر والقحط ، بتسهيله لإرتفاع حرارة الارض .

2- مسرحية الحج الروحانية ؟

يمكن تصوير ركن وفريضة الحج كمسرحية روحانية يؤديها المسلمون كل عام ، في إستنساخ لما فعله قبل حوالي 4 الف سنة ، ابو الانبياء ابراهيم ، الذي يعتبره اليهود وكذلك النصارى جدهم الأكبر .

قبل بداية مشاركته في تمثيل مسرحية الحج ، يجب على الحاج ان يبدل ملابسه ، ويلبس ملابس المسرحية . تتكون ملابس المسرحية من قطعتين قماش ابيض ليس بها جيوب ، يلبسها الحاج فيصير مثله مثل كل الحجاج الباقين ، فيتحول الحاج من مفهوم ( الأنا ) إلى مفهوم ال ( نحن ) .

قبل بداية مشاركتهم في تمثيل مسرحية الحج ، يتحلل الحجاج الممثلون من رياشهم ، ويعتمرون ملابس الاحرام البسيطة التي تحاكي الكفن ، وليس بها جيوب ، فيصيرون كلهم جميعهم كاسنان المشط في مظهرهم ، لا فرق ولا تمايز بينهم .

تتكون مسرحية الحج من ستة فصول كما يلي :

اولاً :

+ يوم عر فة ؟
يمكن إعتبار يوم عرفة الفصل الأول من مسرحية الحج الروحانية .
قال الرسول ( ص ) :
( الحج عرفة ) .
يوم عرفة هو يوم الوقوف على جبل عرفة أو عرفات ( جمع عرفة ) في التاسع من شهر ذي الحجة من كل سنة .
وقالوا في تسمية عرفة بهذا الاسم ، لأن الناس يتعارفون فيه .
الهدف من الوقوف بعرفة التعارف بين المسلمين والتراحم والتعاطف بينهم . فهل هذا ما يحدث فعلاً في هذا المنسك الأهم من مناسك الحج ؟
دعنا ناخذ ، مثالاً وليس حصراً ، بعض البعض مما حدث في وقفة عرفة يوم الخميس 31 اغسطس 2017 ، لنرى كيف يستنسخ الحجاج فصل مسرحية الوقوف بعرفة الروحانية ، وهل يحاكون المعصوم في وقفته بعرفة قبل 1400 ونيف مما تعدون من السنين .
واحد :
بدأ بعض الحجاج يدعون الله عند حجر في أعلى جبل عرفات . حاول بعض رجال الأمن منعهم من الدعاء عند هذا الحجر ، لأنه لا ينفع ولا يضر، وطلبوا منهم المغادرة ، لأن دعاءهم هذا حرام ولا يجوز ، وإن الرسول ( ص ) لم يدع عند هذا الحجر . رفض الحجاج الامتثال لرجال الامن وإشتبكوا معهم . اطلق رجال الامن النار على الحجاج ، فجرحوا منهم العشرات .
أتنين :
اقيمت خطبة يوم عرفة وصلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً في مسجد نمرة ، في يوم الخميس 31 أغسطس 2017 .
ركزت خطبة يوم عرفة على شيطنة قطر والروافض والمجوس ، في تسيس لهذا اليوم العظيم . لم تشر الخطبة لمذبحة تجري فصولها امام أعين المجتمع الدولي ، بحق ثلاثة ملايين شخص من أقلية الروهينغا، هم إخوة ، للواقفين في عرفة ، في الدين وفي الإنسانية ، خصوصاً والهدف الاسمى من وقفة عرفة ومن الحج التوادد والتراحم والتعاطف بين المسلمين . نسي الحجاج وهم يقفون في عرفة الحديث الشريف :

مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى

تلاتة :
في حديث نبوي صحيح ان الله سبحانه وتعالى يباهي بالواقفين على عرفة الملائكة فيقول:

ما أراد هؤلاء؟ اشهدوا ملائكتي … أني قد غفرت لهم.

يتخذ بعض الحجاج هذا الحديث الشريف مرجعية حصرية لهم ، فيفسدون في الارض ويسرقون ويكذبون ويحتالون طيلة السنة على أمل الوقوف بعرفة في يوم التاسع من ذي الحجة ليغفر الله لهم كما جاء في الحديث اعلاه . يعتبر بعض الحجاج الوقوف بعرفة كغسيل سنوي لذنوبهم ، بعد الغسيل الشهري في رمضان ، والغسيل اليومي في الصلاة .
وينتهي هذا الفصل من المسرحية الروحانية ، وقد تحلل الحاج من ذنوبه ، بنص الحديث النبوي اعلاه ، ليبدأ سنة أخرى من الفساد والإفساد .
صارت وقفة عرفة محللاً لهؤلاء وهؤلاء للمعصية وإرتكاب الكبائر اثناء السنة وحتى الوقفة القادمة !
فتأمل .
ثانياً :

+ رمي الجمرات ؟

في الفصل الثاني من المسرحية ، يستنسخ الحاج دور ابي الانبياء ابراهيم في رجم ابليس .

جاء في السيرة ، أن ابي الانبياء إبراهيم عليه السلام جاءه إبليس ليصده عن ذبح ابنه إسماعيل ، كما راى في الحلم . زجر ابراهيم ابليس ، ولعنه ورماه بسبع حصوات ، في نفس المكان الذي يقوم الحجاج فيه حالياً في منى برمي الحصوات او الجمرات. بعدها ، امر سبحانه وتعالى النبي ابراهيم بعدم ذبح ابنه ، فلم يذبحه ، وفداه بخروف العيد الحالي .
شرع الله جل وعلا للمسلمين رمي الجمار في الحج ، تأسياً بنبيهم محمد ، لأنه لما حج حجة الوداع ، رمى الجمار يوم العيد.
دعنا ناخذ ، مثالاً وليس حصراً ، بعض البعض مما حدث في يوم رمي الجمرات يوم الجمعة اول سبتمبر 2017 ، لنرى كيف يستنسخ الحجاج فصل مسرحية رمي الجمرات ، وهل يحاكون ابو الانبياء ابراهيم قبل 4 الف سنة مما تعدون :
واحد :
يرمي الحاج جمراته السبع في وجه الصنم ابليس ، وهو يلعنه كما لعنه ابو الانبياء قبل 4 الف سنة . يعلق الحاج كل جرائمه على صنم ابليس ، وهو يرجمه بجمراته السبع ، فإبليس وليس الحاج السبب في ما اقترفه الحاج من جرائم ، حسب فهم وإيمان الحاج . وبعض الحجاج يزيد من عدد الجمرات ، لكي يقضي على ابليس قضاءً مبرماً ، وكأنه كائن يحس ويتألم من الحصب .

اتنين :
في الجاهلية الاولى ، كانت الاصنام ترمز للالهة ، ويعبدها الناس ، وتأكلها عندما تجوع ، إذا كان من العجوة .
في مكان رمي الجمرات في منى ، يقوم صنم يرمز لإبليس الشيطان ، ويقوم الحجاج بحصبه بالحصي اي الجمرات .
صنم ابليس الذي يقوم الحجاج في القرن الحادي والعشرين ، برميه بالجمرات ، حجر لا يضر ولا ينفع .

نسي الحاج ان ابليس يلبد بداخله في النفس الشريرة التي توسوس له ، فهي الوسواس الخناس التي توسوس في صدور الناس .

نعم … يدعي البعض ان ابليس او الشيطان يرمز للنفس الشريرة داخل كل انسان ، وتلبد خلف النفس المطمئنة ، والنفس اللوامة ، والنفس الخيرة .
عندما يعيش الانسان في بيئة سوية ، ويتربى تربية نظيفة ونقية في البيت ، وفي المدرسة ، وفي المجتمع ، سوف تقوم هذه التربية السوية برمي النفس الشريرة المُسماة ابليس بجمرات معنوية وليست حسية ، تعطل عملها وتدمرها . اما الجمرات التي يحصب بها الحجاج الصنم الحجري فلن تضره لأنه من حجر ، ولو كانت تضره لمات من رمي الجمرات عليه طيلة الاربعة عشر قرناً المنصرمة .
لذلك ، يعتبر البعض رمي الجمرات من الاثار الوثنية ، التي يرفضها العقل ، وتاباها الطبيعة ، ولا تتماشى مع العصر . ولكن الحاج يجد متعة لا تدانيها متعة وهو يرمي الجمرات ، وكأنه ينتقم من أبليس ، المسؤول الحصري عن كل جرائم الحاج .
وكما قال حكيم دار زغاوة : العاطفة ما معاها نقاش ؟
تلاتة :

كاد حاج افريقي ضخم الجثة يسقط من أعلى الجسر، نتيجة للزحام والتدافع عند رمي الجمرات، ولكنه تمسك بالحديد بقوّة، فسقطت ثياب الإحرام عنه . رأي بعض الحجاج الافريقي الاسود العريان فظنوه الشيطان قد خرج، فصاروا يهتفون بكل حماس:

« خرج الشيطان !! ظهر الشيطان!! ».

أخذ الحجاج يرجمون هذا الافريقي المسكين بالحُصِيّ والنّعال، حتى كاد ان يفارق الحياة .

اربعة :

في عام 2015 ، توفى اكثر من 2400 حاج في منى عند رمي الجمرات على صنم إبليس ، بسبب الانانية والتدافع الهمجي غير المنظم .

فتأمل ؟

لا يمكنك إقناع الحاج بغير نظرته العاطفية لرمي الجمرات .

ثالثاً :

السعي بين الصفا والمروة ؟

نواصل في الحلقة الثانية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *