مغزي المواجهات العسكرية الاخيرة في دارفور
من المؤكد إن المواجهات العسكرية الجريئة الاخيرة لحركة التحرير(قيادة مناوي) قد لقنت مرتزقة مليشيات ما يسمي” الدعم السريع” درسا قاسيا بليغا في الشجاعة و البسالة!
لكن المغزي الاستراتيجي لهذه المواجهات العسكرية الضارية ليس في “من هزم من” أو “من إنتصر علي من” كما يحاول الناطقين بإسم النظام ” المرتبكين المذعورين ” “إيهامنا” او تضلييلنا ” و في ذلك تتناغم كل إبواق النطام و علي رأسهم وزير الخارجية الذي “أبعدوه” ابعادا ذليلا عن قمة الرياض!
إن المغزي الاستراتيجي العميق لهذه المواجهات الشرسة هو أنها وقعت في قلب دارفور و في معقل ما يسمي “كذبا” بمناطق سيطرة الجنوحوبد في جنوب دارفور! علي مدي أكثر من خمس سنوات ظل رآس النظام و مساعديه ينعقون بكذبة واحدة و هي أن قضية السودان في دارفور قد إنتهت ، و إن التمرد قد كسرت شوكته، و إن دارفور بأسرها قد آلت إلي النظام و حلفاءه!
التوقيت كذلك كان أمرا في غاية الأهمية و الرمزية، لأنه يتزامن مع مراجعة العقوبات الامريكية في يوليو القادم، و هذا ما يفسر الجزع و التحرك السريع لغندور الذي سارع بإستجداء السفراء الغربيين لإدانة الحركة! هذه المواجهات كذلك -في هذا التوقيت تمثل إحراجا مذلا للنظام، لإنها تهزم و تنسف سرديته و روايته الكذوبة و الصورة الدعائية التي قدم بها نفسه للعالم كنظام قوي و مسيطر يمكن أن يقوم بأدوار وظيفية كبيرة لصالح القوي الإقليمية و الدولية في مختلف الملفات!!
إنهم يتفوهون بمثل هذه الاكاذيب و الدعاية الرخيصة ليل نهار لإنهم لا يعرفون تاريخ دارفور الراسخ و المتجذر في التاريخ الحضاري الإنساني، فهي قد سبقت العالمين في تأسيس الممالك و السلطنات العريقة التي تدرس نظمها و تقاليد حكمها في أرقي الجامعات العالمية، إنهم كذلك يتجاهلون و يتناسون تاريخ و مراس الانسان السوداني في دارفور الموغل في الآباء و العزة و الكرامة و الشجاعة و الشمم!
قبل شهور جمعتنا ورشة داخلية حول الاوضاع في دارفور في مكان ما في العالم مع بعض صناع السياسة الدولية و الخبراء، بعضهم كان يقول بأن هنالك حقائق جديدة في دارفور و إن الحكومة قد إنتصرت و أنه لا بد إن يتحرك العالم نحو التنمية، قلنا لهم إننا لسنا ضد التنمية، لكن لا يمكن ان تقوم مشروعات التنمية دون أن يكون لأهل الإقليم اليد العليا و الملكية و المشاركة في تحديد غاياتها و إولوياتها ، لا يمكن أن تقوم مشروعات التنمية الحقيقية في أراض إنتزعت ظلما من أهلها الأصليين ،إنه وفقا لمعايير التنمية العادلة -لا يمكن أن يقودها الذين أرتكبوا الإبادة الجماعية أو الجلادين !!
في الختام نقول: علي الواهمين إن يستفيدوا من عبر و دروس التاريخ: إنه لا يمكن قتل أو إنهاء قضية عادلة بطلقة أو بتوظيف المنهزمين، علمنا التاريخ أن القضايا العادلة ستنتصر ، ستأتي أجيال و أجيال تحمل مشعلها الوهاج النبيل القاصد المنتصر!
قطعا، النظام سيراجع حساباته، العالم سيراجع حساباته .. إختلطت الأوراق من جديد!!
أحمد حسين أدم
لندن
الحادي و العشرين من مايو 2017م.