مطاردة زعيم جيش الرب' القس' كوني .. هل هي خديعة دولية للقبض على 'الإمبراطور' السوداني؟

محجوب حسين
2012-04-03
أفادت نشرة إخبارية صادرة عن الإتحاد الأفريقي من العاصمة اليوغندية كمبالا في أن الإتحاد بدأ عمليا وفي الرابع والعشرين من تاذار (مارس) الماضي في نشر قوة عسكرية دولية أفريقية قوامها خمسة آلاف جندي وفي مواقع مختلفة داخل جمهورية جنوب السودان فضلا عن مئة خبير أمني أمريكي مزودين بشبكة تجسس ورصد عالية الدقة، وذلك لإلقاء القبض على زعيم جيش الرب الأوغندي جوزيف كوني، المتهم والمطارد دوليا أمام العدالة الدولية لإرتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وفي الغالب الأعم – وفق النشرة الصحافية – أن تنتشر هذه القوة الدولية وتتوسع إلى كل مواقع إنتشار جيش الرب في السودان الشمالي وعلى الحدود بين السودان وأفريقيا الوسطى.
ويذكر في هذا الإتجاه أن دولا أفريقية عديدة بما فيها دولة جنوب السودان الوليدة ساهمت في تشكيل هذه القوة الخاصة والتي تم إستثناء الخرطوم منها مساهمة أومشاركة


المنظمات الإقليمية وتجاوز النمطي

المؤكد ووفق ما سبقت الإشارة إليه وبالرغم من نسبية الموضوع نجد أن هناك مستجدات جد هامة وجديدة تجاوزت فيها بعض المنظمات الإقليمية مثل الإتحاد الأفريقي والجامعة العربية ما هو نمطي وسائد ومألوف إلى ما هو أعمق وأكثر مواكبة لقضايا شعوبها وأممها الواسعة، تمثل ذلك في التغيير أو حتى بالتشكيك في طبيعة مهامها الكلاسكية الماضية وأسس تفويضها وذلك بالنظر إلى مسيرة هذه المنظمات الإقليمية مقارنة مع نظيرتها الدولية خصوصا في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة أكانت عربية أو أفريقية أو قل عالمثالية وفي قضاياها المزمنة والمتشابهة مثل أفة الدكتاتوريات والفساد وإنعدام الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان والمجاعات والحروب …. إلى أن أرتقت بدورها اليوم في المساعدة حول قضايا تتعلق بالإجرام والتجريم الدولي ومشاركة بعض نخبها السياسية أوالعسكرية أو قياداتها في قضايا محرمة دوليا مثل الحروب ضد الإنسانية وحروب الإبادة.
في هذا الإتجاه يبرز أهمية قرار الإتحاد الأفريقي الأخير وقواته المشتركة في مطاردة زعيم جيش الرب ‘جوزيف كوني’ الفار من وجه العدالة الدولية – ليس وحده طبعا – منذ سنوات مع إستمرأئه مواصلة الإجرام النوعي والكمي، والأدهي كما يتبين من خلال هذه العملية الدولية، أن دولا كبرى إشتركت وهي تلك التي تملك من المقومات أكانت تكنولوجية مخابراتية / تجسسية / رصدية / تصويرية أوإمكانيات مادية أوبشرية مؤهلة ومدربة، كل ذلك لأجل تنفيذ أمر قانوني دولي يتعلق بلزوم مثول مجرم الحرب وجرائم ضد الإنسانية ‘كوني’ أمام محكمة الجنايات الدولية والتي لأجلها وضعت كل وسائل القوة والردع الدوليين تحت أمرتها لتنفيذ أوامر العدالة الدولية، جاءت وسائل الردع ‘المطاردة ‘ هذه في شكل دولي أوإقليمي، وهومعطى نعتقد أنه يحمل بين طياته مراجعة تاريخية جادة لتطبيقات روح القانون الدولي والعلاقات الدولية والعدالة الدولية، لتجعل من سيادة الأخير سلوكا وأخلاقا ومجموعة قيم إنسانية بالضرورة أن ترتقي إليها وتشتغل حولها المؤسسات الدولية بعيدة عن مفهوم المصالح والتي تشكل في قضايا دولية عديدة المكاينزم الأول في إنتاج وتسيير دولاب الفعل الدولي ومؤسساته دون أن تنصص ذلك في دساتير وأدبيات هذه المؤسسات الدولية أوالإقليمية منها


مطاردة ‘القس’ والإمبراطور’
هذه القضية على هذا النحو، أي عملية مطاردة كوني دوليا لأجل القبض عليه، نجدها في شكلها ومحتواها وعبر تكييفها القانوني والجنائي وإمتدادات جغرافيتها المكانية تشبه إلى حد بعيد قضية الرئيس السوداني عمر البشير ومطاردته من طرف المحكمة الدولية منذ أعوام مضت على خلفية جرائم إبادة وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية إرتكبها الرئيس وفريقه الحربي تجاه مدنيين في دارفور أودت بمئات الآلاف وفق تقارير رسمية من الأمم المتحدة، وهوالأمر الذي يجعلنا نتوقف ونقول ما دامت وسائل الردع الدولية ‘المطاردة الدولية’ باتت اليوم جاهزة أكثر من أي وقت مضي لتنفيذ أمر العدالة الدولية في أي بقعة، وبالنظر إلي وحدة جغرافية الجريمة والمكان، ووجود قوات المهمة الدولية ما بين المتهمين سودانيا وأوغنديا، كما تتوسطهما دولة وليدة وهي جمهورية جنوب السودان وهي تعلم بأنها لا يمكن أن تكتب لها شروط البقاء والإستقرار وهي تتموقع وسط مركزين خطرين للإجرام الدولي، شمالا يمثله ‘زعيم’ الحكم الشمالي وجنوبا يمثله ‘زعيم’ جيش الرب، وهوما يجعلنا نطرح سؤالا ممكنا توقعه وحدوثه وهو، هل مهمة هذه القوات والواقعة إنتشارها ما بين الإثنين المشار إليهما، هي لواحد منهما أوللإثنين معا ؟ أم أنها خديعة لملاحقة ومطاردة ‘الإمبراطور’ السوداني خصوصا بعدما توسع الأخير في حروب إباداته في مواقع عديدة بالسودان الشمالي وتحرك اللوبي الدولي الغربي مؤخرا لمحاصرته وكشفه، أم أن الأمر يتعلق فقط بحالة حصرية وهي القبض علي جوزيف
كوني، زعيم جيش الرب؟


صيف العدالة الدولة مع الربيع العربي

مراكز الخبرة الدولية تقول: في مقبل الأيام قد تتكشف فيها أمور كثيرة خافية خصوصا مع بدء سريان عملية المطاردة الدولية، ولكن المؤكد فيها، أن الملاحقة الدولية هذه وبالذات في تلك المنطقة ومع طبيعة العوامل الداخلية والمؤشرات المتوفرة إن كانت في السودان أوجنوب السودان أويوغندا ترجح القول إن المهمة لابد أن تسفر عن إلقاء القبض على واحد من الإثنين أوالإثنان معا كخلاص إنساني، نعني البشير أوكوني أوكلاهما، أوقد تطال بقية اللائحة السودانية مثل والي ولاية جنوب كردفان أحمد هارون أووزير الدفاع السوداني عبدالرحيم أحمد حسين، وثلاثتهم من المطلوبين للعدالة الدولية.
نخلص إلى نتيجة مفادها إن المطاردة الدولية الجارية الأن هي عملية دولية مزدوجة وغير مكشوفة في كل أبعادها رغم وضوح بعض منها كما ستبينها الأيام المقبلة والتي تؤكد القول أنه من الصعوبة بمكان أن يفلت منها الإثنان معا، وبالضرورة أيضا أن يلقي أحدهما طريقه إلي العدالة الدولية قبضا ومحاكمة. لنبدأ صيف العدالة الدولية والذي سوف يشارك الربيع العربي ثورته، وكلاهما جيد ومكمل للآخر، إن تعلق الأمر بإنهاء الإجرام وأدواته أوإنهاء عروش الدكتاتوريات التي أنجبت الإجرام وصادرت حقوق الأخرين في غفلة كانت تاريخية بكل المقاييس.
كاتب سوداني مقيم في لندن
نقلا عن القدس اللندنية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *