الخرطوم تطرد 26 منظمة أجنبية في دارفور.. وتمهل 13 أخرى شهرا لتوفيق أوضاعها
قررت الحكومة السودانية إلغاء تسجيل 26 منظمة أجنبية بإقليم دارفور، وبررت القرار بأن المنظمات المعنية «عجزت» عن القيام بأنشطة تذكر في الإقليم المضطرب منذ عام 2003، وأمهل قرار الخرطوم 13 منظمة أخرى شهرا واحدا لتوفيق أوضاعها وفقا للقوانين السائدة في البلاد.
وكانت الخرطوم قد طردت نحو 10 منظمات أجنبية من البلاد، في رد فعل منها لقرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس عمر البشير، وقال مسجل المنظمات، أحمد محمد آدم، إن قرار إنذار المنظمات صدر عملا بأحكام قانون تنظيم العمل الطوعي بالسودان لائحة تسجيل العمل الطوعي، إضافة للاتفاقات القطرية بين حكومة السودان والمنظمات الأجنبية، وأوضح أن القرار صدر بناء على تقارير فرق التقييم للإدارات الفنية المختصة بالمفوضية.
وذكر أن القرار جاء بعد أن أثبتت تقارير فرق التقييم والإدارات الفنية بمفوضية العون الإنساني، أن المنظمات التي تم إلغاء تسجيلها عجزت عن القيام بأي أنشطة تذكر بدارفور، إضافة إلى عدم تجديد تراخيص تلك المنظمات السنوية، وفقا لما هو معمول به وفشلها في إرسال التقارير المطلوبة.
إلى ذلك ظل مناخ التشاؤم في نجاح جولة جديدة لمفاوضات السلام في دارفور، المقرر لها الأحد، يسود العاصمة القطرية الدوحة، وقال مسؤول في حركة العدل والمساواة المسلحة في إقليم دارفور لـ«الشرق الأوسط»، إن الأوضاع يكتنفها «الضباب»، وإن العاصمة القطرية تحولت إلى «سوق» للتفاوض حول الأزمة، وشدد على أن حركته «لن تدخل في فوضى تفاوضية»، في تطابق مع تصريحات لمسؤول ملف دارفور في الحكومة السودانية بأن «الغموض» يلف الجولة.
وتأتي هذه الجولة بعد توقف دام لأشهر، بسبب خلافات بين طرفي التفاوض «الحكومة والعدل والمساواة» حول قضايا تتعلق بـ«حسن النوايا» التي تسبق جولات التفاوض الخاص بمناقشة قضية دارفور، ومن بين القضايا الخلافية ملف الأسرى لدى الطرفين.
وقال أحمد تقد، رئيس وفد حركة العدل والمساواة المسلحة في دارفور للمفاوضات لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من الدوحة، إنه لا يستطيع التكهن بمصير الجولة المقرر لها غد، وأضاف أن الضباب يكتنف الأوضاع في العاصمة الدوحة، ومضى، أن الوساطة القطرية وجهت الدعوة لكل الأطراف، منها مجموعات طرابلس، وأديس أبابا، واللجنة الفنية من تشاد، وتابع، وبذلك ستتحول الدوحة إلى سوق للمفاوضات حول الأزمة في الإقليم.. ولا ندري في ظل هذا الوضع «الغامض» إمكانية التوصل إلى نتائج تذكر بشأن ملفات قضية دارفور.
وحدد، تقد، موقف حركته من الجولة، وقال: «نحن موقفنا واضح.. وهو عدم الدخول في فوضى تفاوضية»، وكشف أن حركته سلمت الوساطة في مفاوضات الدوحة بضرورة تحديد أطراف التفاوض من الحركات والحكومة بصورة واضحة قبل الدخول في الجولة، وقال في هذا الخصوص، إن حركته طالبت الوساطة بذلك، وأبدت استعدادها لوحدة اندماجية بين حركته والحركات الأخرى ما أمكن توحد الرؤى التفاوضية، وشدد على أن حركته لن تدخل في المفاوضات قبل حدوث ذلك، وقال «إذا تعذر حدوث الوحدة الاندماجية فإن حركة العدل والمساواة لا تستطيع أن تغامر وتدخل معركة لا تحقق الانتصار والنجاح، وأضاف أن قضية دارفور كبيرة سفكت من أجلها الدماء وحدث الدمار.. الآن آن الأوان أن تحل المشكلة بصورة واضحة وجادة»، وقال: «ولكن في ظل الوضع القائم الآن في الدوحة لا يمكن أن نتصور حدوث نتائج إيجابية للجولة في حال الدخول فيها هكذا». ووجه انتقادات للوسطاء في ملف دارفور للسلام، وقال إن الوساطة لم تستطع أن تحدد أطراف التفاوض حتى الآن، ولا استراتيجية المفاوضات، وأضاف أن الوساطة تتعرض إلى ضغوط من أطراف إقليمية ومصالح إقليمية، بصورة أخذت تؤثر على عملية السلام في الإقليم، وردا على سؤال آخر، حذر تقد من أن الأمور الآن في «مفترق الطرق»، وقال: «إما أن تعيد الوساطة الأمور إلى الاتجاه الصحيح بتحديد أطراف التفاوض واستراتيجية التفاوض، وإما أن يغرق المنبر في أمور تنزل به إلى فوضى تفاوضية».
وحول إمكانية قيام الجولة غدا، قال تقد «يصعب القول إن الجولة قائمة غدا، مبكر أن نقول إن الجولة فاشلة.. والأمور كلها معلقة على ما بقي من زمن ومجريات الأمور»، وأضاف «إذا حدث اتفاق بين العدل والمساواة والمجموعات المسلحة الأخرى على رؤية موحدة للتفاوض يمكن عندها الحديث بشكل واضح عن الجولة، ولكن نرى أن هناك مجموعات لها ارتباطات مع جهات خارجية تؤثر على قراراتها، ما يجعل التكهن بأن تتم الجولة أمرا صعبا»، ورفض الإفصاح عن تصور حركته حيال «الرؤية الاندماجية بينها وبين فصائل دارفور الأخرى»، وقال «لن نفصح عنها إلا بعد الجلوس معها على الطاولة وبدء الحوار معها».
وحمل تقد على الحكومة السودانية، وقال: «نحن نحس بأن الحكومة غير متحمسة للسلام في دارفور، وأن القضية ليست من أولياتها»، وأضاف أن «الحكومة نراها تبحث عن معالجة أمنية لقضية دارفور لتتفرغ من خلالها للدخول في الانتخابات في الإقليم، من دون التوصل إلى اتفاق سلام».
ونفى تقد وجود اتفاق بين رئيس حركته الدكتور خليل إبراهيم، ومستشار الرئيس عمر البشير ومسؤول السلام في دارفور الدكتور غازي صلاح الدين لوقف القتال بينهما في دارفور، في أثناء اللقاء النادر الذي جرى بينهما مؤخرا في تشاد المجاورة، وقال تقد، إن الرجلين لم يتطرقا إلى مسألة وقف إطلاق النار والعمل العسكري، وأضاف «ليس بيننا وقف إطلاق نار ولا وقف عدائيات ما لم يتمّ التوصل إلى اتفاق سلام بين الطرفين حول قضية دارفور».
وفي الخرطوم، قال الدكتور غازي صلاح الدين مستشار رئيس السوداني ومسؤول ملف دارفور، إن وفد حكومته لمفاوضات الدوحة سيتوجه إلى العاصمة القطرية اليوم، «لأنه من غير الواضح متى ستبدأ المفاوضات»، وكشف أن وفد الحكومة شكل بتمثيل واسع، وقال في تصريحات صحافية، إن وفد الحكومة جاهز ويضم فنيين وسياسيين، وفق المواضيع المطروحة سواء كانت أمنية وعسكرية أو اقتصادية وقانونية، يمثلون أحزاب حكومة الوحدة الوطنية والمجموعات الموقعة على اتفاق أبوجا.
وأكد أن الوفد كون بمعايير تضمن تمثيلا واسعا، على أن تكون مرجعيته الوثيقة النهائية لمبادرة أهل السودان، وقال إن البداية ستكون بجزء من الوفد؛ لأنه حتى الآن ليس واضحا متى ستبدأ المباحثات فنيا، لكنه أكد أن الجلسة الافتتاحية ستكون بعد يوم الأحد، وقال إنه سيكون ضمن المشاركين.
وفي السياق ذاته، استنكر صلاح الدين مطالبة حركة تحرير السودان المسلحة في دارفور برئاسة عبد الواحد محمد نور، تضمين حق تقرير المصير في أجندة المفاوضات كشرط لمشاركتها، وقال هذا طلب غير مبرر وغير مؤسس ولم تتقدم به أي حركة، وأضاف أن عبد الواحد نفسه موقع على إعلان المبادئ في اتفاقية أبوجا ولم يتضمن هذا الأمر، وتابع، هذا مجرد تعجيز وتصعيد، وقال، متى ما بدأنا في فتح باب الشروط، استحال أن نتوصل إلى اتفاق.
وفي اتجاه آخر، قال صلاح الدين إن «اتفاقية أنجمينا» لتطبيع العلاقات مع تشاد تركت أثرا إيجابيا على قضية دارفور، وأضاف أنها «أسست لعلاقة جيدة وأحدثت دينامية سلام جديد بدأنا نستشعر أثره الآن»، ومضى، «كل المؤشرات تدل على أننا نقترب من الحل النهائي لمشكلة دارفور».
الشرق الاوسط