مصادر ليبية تنفي لـ«الشرق الأوسط» وعد القذافي بتأييد انفصال جنوب السودان

قالت إن تصريحات الزعيم الليبي اقتطعت من سياقها وموقف طرابلس الرسمي مع الوحدة
القاهرة: خالد محمود
التزمت ليبيا أمس الصمت حيال إعلان سلفا كير رئيس جنوب السودان إنه حصل على وعد من الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي بتأييد إقليمه إذا صوت من أجل الاستقلال في استفتاء، وهو تصريح من المرجح أن يثير غضب شمال السودان.

ورفض مسؤولون في وزارة الخارجية الليبية التعقيب على ما قاله سلفا كير، لكن مصادر ليبية قالت في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إن تصريحات العقيد القذافي على الغالب تعرضت لما وصفته بسوء الفهم. وقالت المصادر في اتصال هاتفي من مدينة سرت الليبية حيث سيفتتح العقيد القذافي بوصفه رئيس الاتحاد الأفريقي قمة دوله الأعضاء اليوم، إن الموقف الرسمي الليبي هو مع وحدة السودان جنوبا وشمالا، وتعزيز سيادة السودان على أراضيه. وأكدت المصادر التي طلبت عدم تعريفها، أنه «لم يعرف عن العقيد القذافي في السابق تأييده لانفصال جنوب السودان، أو تقسيم البلاد بين الشماليين والجنوبيين، بالعكس هو من دعاة الوحدة ونبذ التشرذم». وكان كير قد أبلغ المصلين في إحدى الكنائس يوم الأحد الماضي أن القذافي اتصل به ليجتمع معه في الثالثة صباحا خلال زيارته لطرابلس في الأسبوع الماضي وأكد له مساندة ليبيا إذا قرر الجنوب أن ينفصل عن الشمال. وقال كير في تسجيل لخطابه استمعت إليه وكالة رويترز أمس «قال (القذافي) انه إذا أراد الجنوبيون أن يقترعوا على الاستقلال فينبغي ألا يخشوا أحدا.. وسأقف إلى جانبهم».

وخلال خطابه في كاتدرائية سانت تريزا الكاثوليكية في جوبا عاصمة الجنوب قال كير إن القذافي أبلغه أنه كان من الخطأ الإبقاء على شعب جنوب السودان موحدا مع الشمال بعد انتهاء حكم الاستعمار البريطاني في عام 1956. وقال كير في التسجيل «(قال القذافي) كان ينبغي أن ينفصل إما ليصبح دولة مستقلة أو ينضم إلى أي دولة أخرى في شرق أفريقيا». وقال كير إن القذافي وعد بإرسال خبراء ليبيين إلى جنوب السودان للمساعدة في إعادة إعمار البنية التحتية وفي الزراعة.

لكن مسؤولا ليبيا رفيع المستوى قال في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إنه يعتقد أن تصريحات العقيد القذافي قد اقتطعت من سياقها الأساسي، لافتا إلى أن وجهة نظر العقيد القذافي تتلخص في أنه يجب احترام إرادة الجنوب لو أراد الانفصال، لكن هذا لا يعني تأييد الانفصال.

وأضاف: «ليبيا من أوائل الدول التي تدعو باستمرار إلى توفير عوامل جذب للجنوبيين للاستمرار في إطار الدولة السودانية الموحدة».

وكان العقيد القذافي قد التقى الأسبوع الماضي سلفا كير ميارديت النائب الأول للرئيس السوداني الذي قام بزيارة إلى ليبيا دامت يومين، وذكرت وكالة الأنباء الليبية اليوم (الثلاثاء) أن الاجتماع الذي تم بعد منتصف الليل في مدينة سرت الليبية، تخللته مناشدة كير للزعيم الليبي مواصلة جهوده من أجل إيجاد حل نهائي لمشكلة إقليم دارفور المضطرب في غرب السودان، واعتباره أولوية الأولويات. وقالت إن العقيد القذافي شدد في المقابل على ضرورة العمل بكل ما من شأنه أن يرغب الشعب السوداني في التمسك بوحدته، كما جدد دعوته إلى مختلف الأطراف وخاصة في دارفور إلى تغليب لغة العقل للجوء إلى الحوار ونبذ العنف والقبول بالمقترحات الإفريقية للسلام.

وكانت حكومات سودانية متتالية تواجه المتاعب في علاقاتها مع ليبيا وزاد من تعقيدها خطط القذافي لتوسيع نفوذه في العالم العربي وأفريقيا.

ومن المقرر أن يقترع جنوب السودان المنتج للنفط في يناير (كانون الثاني) عام 2011 على الانفصال في استفتاء تحدد موعده في اتفاق السلام الذي أنهى الحرب الأهلية التي استمرت أكثر من 20 عاما مع الشمال.

ويعتبر هذا الاقتراع قضية شديدة الحساسية في السودان ومن المرجح أن تتشكك الخرطوم في أي دلائل على وجود نفوذ خارجي خاصة من القذافي الذي كان له علاقات مضطربة مع الحكومات السودانية المتتالية.

ويأتي التقرير بشأن تصريحات القذافي قبل يوم من استضافة الزعيم الليبي لقمة الاتحاد الإفريقي الذي يترأسه والذي سيحضره الرئيس السوداني عمر حسن البشير.

واتهمت ليبيا في السابق بتسليح الجيش الشعبي لتحرير السودان في الجنوب في أوائل الثمانينات لمحاولة تقويض حكم الرئيس السوداني جعفر النميري وقتها، وبحشد الأسلحة والنفوذ في إقليم دارفور السوداني في إطار مشروعه لتعزيز التضامن العربي عبر الصحراء الأفريقية.

وكان القذافي الذي رفض الصراع في دارفور في عام 2007 بوصفه قتالا على جمل، أول زعيم يعلن تأييده للبشير بعد أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمرا بالقبض عليه في العام الحالي ليواجه اتهامات بتنسيق ارتكاب فظائع في دارفور.

وأقام اتفاق السلام الشامل لعام 2005 الذي أنهى الحرب بين الشمال والجنوب حكومة ائتلافية في الخرطوم وحكومة متمتعة بحكم ذاتي محدود في الجنوب. وإلى جانب الاستفتاء وعد أيضا بإجراء انتخابات وطنية مقررة في فبراير (شباط) عام 2010 وتقسيم عائدات النفط بين الجانبين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *