مستشار الرئيس السوداني مصطفى إسماعيل في حوار مع (الوسط) البحرينية

مستشار الرئيس السوداني مصطفى إسماعيل في حوار مع (الوسط) البحرينية
انفصال الجنوب ليس حلا… ولا شرط أن يكون الرئيس المقبل مسلما
عاهل البحرين أكد أهمية مساندة السودان ووحدته في قمة طرابلس

البحرين – إبراهيم خالد
قال مستشار الرئيس السوداني للشئون السياسية مصطفى عثمان إسماعيل في حوار أجرته معه «الوسط» أمس (السبت) إن عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة أكد خلال تسلمه رسالة خطية من الرئيس السوداني عمر البشير أهمية أن تساند القمة العربية المقبلة في ليبيا وحدة واستقرار السودان المقبل على عملية تحول ديمقراطي مهمة.
كما أوضح إسماعيل أن الانتخابات التعددية المقبلة في السودان ستمثل نقلة في بناء النسيج الاجتماعي وستساهم في بناء وتقوية الهوية السودانية. وقال إن زيارة الرئيس التشادي إدريس دبي للخرطوم اليوم (الاثنين) ستشكل دفعا لإنجاح مفاوضات السلام الجارية في الدوحة مع حركات التمرد في دارفور.
وقال المستشار إنه تشرف خلال زيارته للمملكة بلقاء الملك حمد ونقل له رسالة خطية من الرئيس البشير وقدم له شرحا تفصيليا عن تطورات الأوضاع في السودان، مركزا على ثلاثة محاور مهمة تتعلق بتطورات دارفور والجهود المبذولة الآن في الدوحة للوصول إلى السلام في الإقليم وكذلك الأوضاع الأمنية والإنسانية في دارفور، ثم تطرقت لمسيرة الديمقراطية والانتخابات التي بدأت قبل فترة وقطعت شوطا في السودان، إذ انتهت عملية تسجيل الناخبين والترشيح للرئاسة والبرلمان وتكتمل في أبريل/ نيسان المقبل بالتصويت في مراكز الاقتراع وإعلان النتيجة الشاملة.
وأوضح إسماعيل أنه تحدث مع عاهل البحرين، الذي التقى به عصر (السبت)، عن اتفاقية السلام الشامل التي قطعت شوطا في التنفيذ وما هو متبق من الاتفاقية، وخصوصا خطوة الاستفتاء على تقرير المصير بالوحدة أو الانفصال في جنوب السودان.
وأضاف المستشار أن الحديث خلال المقابلة تطرق أيضا إلى القمة العربية التي ستعقد الشهر المقبل في ليبيا وماذا يريد منها السودان في هذا الوقت وفي مثل هذه الظروف التي يمر بها. وقال إنه وجد اهتماما وتفهما كاملا من قبل الملك حمد لتطورات أوضاع السودان، إذ أكد جلالته على أهمية أن يكون هناك جهد عربي موحد يساند ويدعم الجهد الحكومي لمعالجة قضية السودان، وخصوصا دارفور والحفاظ على أمن واستقرار ووحدة السودان.
كما حملني الملك رسالة شفهية للبشير عبر فيها عن مدى حبه وتقديره للسودان وللجالية السودانية، إذ أشاد بدورها المتميز في مجالات العمل المختلفة في المملكة، وقلت لجلالته معقبا إن الجالية السودانية أصبحت متميزة في البحرين لأنها وجدت من يوفر لها الرعاية ويخلق لها المناخ الموات لتقوم بهذا الدور وإثراء الساحة البحرينية بتخصصاتها المختلفة, وأكدت للملك أن حكومة السودان ترحب وتقدر هذه الرعاية التي تجدها الجالية السودانية في البحرين.
وقال إنه شرح للملك مشاركته في ملتقى الأديب الراحل الطيب صالح الذي نظمه النادي السوداني ومركز عبدالرحمن كانو الثقافي والذي أنهى أعماله مساء أمس الأول، بالإعلان عن قيام مركز الطيب صالح في الخرطوم، وأن أدباء ومفكري البحرين يكنون للطيب صالح ودا وحبا خالصا وأنهم يجمعون على أنه كان الأفضل ونجح في نقل الرواية العربية من المحلية إلى العالمية.
وعما إذا تم بحث تسمية سفير بحريني في السودان، أوضح أنه تناول ذلك مع نائب رئيس الوزراء البحريني الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة الذي أكد أن المملكة ستعمل في المرحلة المقبلة على فتح سفارة في الخرطوم، كما أكد لي ذلك أيضا وكيل وزارة الخارجية البحرينية الذي التقيت به أيضا.
وعن أبعاد زيارة الرئيس التشادي إدريس دبي للخرطوم باعتبارها مقدمة لنجاح مفاوضات الدوحة مع حركات التمرد في دارفور، أشار المستشار إلى أن تلك الزيارة تأتي متوجة لجهود بذلت من قبل الطرفين في الآونة الأخيرة كان آخرها زيارة الوفد الأمني التشادي للخرطوم والتي تم خلالها توقيع اتفاقية تأسيس قوة مشتركة لحماية الحدود بين البلدين.
وأبان أن تلك الزيارة ستضع النقاط على الحروف وأن الرئيس البشير والرئيس التشادي سيخاطبان الشعبين السوداني والتشادي من الخرطوم مؤكدين التزامها على حسن الجوار والعمل المشترك لمعالجة الإشكالات الراهنة في دارفور أو تشاد، وأكد أن القيادتين تعتبران تشاد والسودان بلدين جارين، تتداخل القبائل بينهما ولهما جذور تاريخية مشتركة تربط بين البلدين، وبالتالي نحن نسعى لجوار نتبادل فيه المنافع ويسهل فيه تبادل البضائع والسلع بحرية تامة ونضع فيه حدا لكل من يريد أن يعكر صفو هذا الجو، على أمل تحقيق أسلوب جوار نريده مع تشاد وغير تشاد.
ومن هنا نستطيع أن نقول إن هذه الزيارة ستضع العلاقات السودانية التشادية في الطريق الصحيح وستنعكس إيجابا على مشكلة دارفور بحكم العلاقة التي تربط بين الشعب التشادي وقبائل دارفور.
وعن الانتخابات الرئاسية والعامة في أبريل المقبل التي ستشهد أول عملية انتقال سلمي للسلطة في تاريخ السودان الحديث وما يتوقع أن تفرزه من نتائج؟ قال إسماعيل إن حكومة الإنقاذ على رغم كونها أتت عن طريق انقلاب عسكري واستمرت في السلطة وعن حكم شمولي لفترة طويلة من الوقت، إلا أنها تفردت عن غيرها من الحكومات السابقة لأنها قرأت مزاجية الشعب السوداني قراءة صحيحة، وأدركت أن هذا الشعب بتاريخه العريق لا يمكن أن يحكم بنظام عسكري أو شمولي، وأنه إذا أرادت أن تستمر فهذا يعني مواجهة عسكرية تزهق الأرواح وتدمر إمكانات وقدرات البلد.
ولذلك اختارت حكومة الإنقاذ بطوعها واختيارها انتهاج أسلوب التحول الديمقراطي وارتأت أن تقوده بنفسها، وبالتالي تصب الانتخابات في الاتجاه لأن هذه الحكومة هي التي وضعت دستور1998 الذي قنن التعددية السياسية وأتت اتفاقية السلام الشامل في العام 2005 وأحدثت نقلة كاملة في تحديد كيفية حكم السودان وتوزيع الثروة والسلطة ووضعت المعالجات المطلوبة لرؤية متكاملة لكيف يحكم السودان وتبقت فقط الإجابة على السؤال الآخر وهو من يحكم السودان؟
وهنا نقول إن اتفاقية السلام حددت ذلك بطريقة واضحة وهي الديمقراطية التعددية وحددت إطارا زمنيا بدأت فيه الآن العملية الانتخابية. ولذلك يمكن أن نقول إن هذه الحكومة وضعت حدا نأمل أن يكون فاصلا ما بين التغييرات المستمرة في تاريخ الحكم في السودان، أعني بذلك توالي الانقلابات العسكرية والثورات الشعبية والديمقراطية الهشة، ونقلت البلاد إلى نظام يلبي طموحات الشعب في الانتقال السلمي للسلطة بطريقة مستدامة. وأجابت بكل ثقة على السؤال الذي يقول: من يحكم السودان؟ وعلى الشعب السوداني أن يرد في أبريل المقبل بكل حرية وبكل شفافية على هذا السؤال.
وأضاف إسماعيل أن الذي ينظر إلى هذه الانتخابات التي تشارك فيها كل القوى السياسية بمختلف مشاربها من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب وهي مفتوحة للمراقبة الخارجية والداخلية ومن الأحزاب والقوى المدنية المختلفة، وعلينا أن نلاحظ أن في بعض دول مجاورة تدار الانتخابات وتشرف عليها وزارة الداخلية.
وقال إن الحكومة اختارت تكوين مفوضية انتخابات ذات طابع قومي وبإجماع القوى السياسية وتم اختيار مواطن جنوبي مسيحي معروف بنزاهته وبسيرته وقدرته وحنكته في القانون الدولي وهو، إبيل الير، ليدير هذه العملية بكل اقتدار وبموافقة كل القوى المشاركة في الحكم والمعارضة.
وأشار مستشار الرئيس السوداني إلى أن قانون هذه المفوضية وضع وطرح عقب نقاش مطول مع كل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني ولم نتبع الأسلوب القديم وهو الصوت الواحد للشخص الواحد، إذ الذي يأتي بصوت واحد يسيطر على مقاليد الأمور، وحرصنا أن يحدث هذا القانون نقلة وأن ننقل الحوار من البندقية إلى داخل السودان ثم إلى قبة البرلمان من خلال إدخال آلية التمثيل النسبي في الانتخابات.
وأوضح إسماعيل أن القانون الجديد منح المرأة مساحة واسعة من المشاركة وخصص لها 25 في المئة من عضوية البرلمان إضافة لحقها كي تنافس في الانتخاب والترشح في المقاعد الأخرى.
لذلك نحن نستشرف عهدا جديدا يقوم على التعددية والانتقال السلمي للسلطة ومشاركة فاعلة للمرأة وكل القوى السياسية، و خصوصا تلك التي ظلت على الهامش، وعليه نعتقد أن هذه الانتخابات ستحدث نقلة في بناء النسيج الاجتماعي السوداني وستساهم أيضا في بناء وتقوية الهوية السودانية التي ستكون مسئولية الجيل القادم من النواب والتنفيذيين، وهي كيف يمكن أن طرح بناء الهوية السودانية كأقوى ما يكون وأن نعمل على أن يكون السودان متماسكا ونشكل أمة يعتز من ينتمي إليها.
وبشأن أن الانتخابات فاجأت بعض القوي السياسية التي كانت بين مصدق ومكذب بقيام الانتخابات، وما إذا كانت توجد ضمانات تمنع حدوث تشوهات في المرحلة المقبلة؟ نفى المستشار أن هذه الانتخابات جاءت مفاجئة للأحزاب قائلا إنها كانت معلنة منذ أربعة أعوام ومنشورة منذ توقيع اتفاق نيفاشا العام 2005، ومنذ عامين بدأ النقاش بشأن تكوين المفوضية وقيام الانتخابات، لكن هذه الأحزاب إما انقطعت عن قواعدها لفترة طويلة وأصبحت عاجزة الآن عن إعادة الالتصاق بهذه القواعد، أو أنها لم تكن تتوقع أن الحكومة ستصدق وعدها في تنظيم الانتخابات المقبلة وعليه لم تنظم نفسها بالصورة المطلوبة.
الحكومة تعمل الآن وقطعت شوطا في التسجيل ومن يأتي الآن لمراقبة الانتخابات ودفع وتمويل جزء كبير من كلفتها لم يكن ليأتي لولا تأكده من نزاهة العملية ووجود مفوضية مستقلة تتكون من كوادر مستقلة تلبي تطلعات الشعب.

مصطفى عثمان يؤكد في مؤتمر صحافي:
انفصال الجنوب ليس حلا… ولا شرط أن يكون الرئيس المقبل مسلما
العدلية- ريم خليفة
قال مستشار الرئيس السوداني للشئون السياسية مصطفى عثمان إسماعيل في مؤتمر صحافي عقده في مقر السفارة السودانية أمس (الأحد) إنه قام خلال زيارته إلى مملكة البحرين بدعوة رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة إلى الخرطوم والعمل على عقد اللجنة العليا المشتركة بين البلدين إلى جانب شرح آخر التطورات في الساحة السودانية.
وعن الدور العربي في الشأن السوداني، قال مصطفى عثمان، إن حكومته تنوى عرض رؤى سودانية في القمة العربية المقبلة في ليبيا لأن الخرطوم تعتقد بأن العرب بإمكانهم أن يقدموا أكثر، كما أن هناك زيارة قريبة لأمين جامعة الدول العربية عمرو موسى لتفقد أحوال السودان إضافة إلى مناقشة موضوع إعادة إعمار دارفور المقرر في شرم الشيخ.
إلى ذلك، قال مستشار الرئيس السوداني إن بلاده حرصت على التوافق بين كل ألوان الطيف السياسي في موضوع الانتخابات المرتقبة التي ستتم عبر مفوضية مستقلة تدير الانتخابات لا عبر وزارة داخلية كما يحدث في بعض الدول.
وأضاف المستشار، الذي يزور المنامة قادما من الدوحة التي تستضيف مفاوضات بشأن سلام دارفور، أن موعد الانتخابات المقبلة في أبريل/ نيسان المقبل جاء ذكره في اتفاقية السلام الشامل التي وقعت العام 2005 والتي بدورها أوقفت الحرب وفتحت المجال للجنوبيين أن يشاركوا في الحكومة المركزية، وأيضا يحكمون الجنوب، ويشاركون أيضا في مكونات الشمال.
وأوضح عثمان أن من يعارض موعد الانتخابات يخل بما جاء ذكره في هذه الاتفاقية التي حددت موعد الانتخابات، كما حددت موعد الاستفتاء العام بشأن الجنوب المقرر في العام 2011. وأكد أن الاستفتاء هو من سيقرر مصير الجنوب، مضيفا «أن الانفصال لن يعالج مشكلة السودان ولكن سيحدث هزة في القارة الإفريقية ووحدتها».
وتوقع مستشار الرئيس السوداني أن الانتخابات قد تمكن من وصول رئيس من الجنوب، معلقا «هذه هي الديمقراطية» لكون السودان بلد متعدد الثقافات والأديان ولأن الدستور السوداني يقر حرية الاختيار من مختلف المناطق، وهو قرار الشعب في النهاية.
وأضاف ردا على سؤال لـ «الوسط» إنه «ليس صحيحا أن يكون الرئيس بالضرورة مسلما ومن الشمال، ولكن هو من يختاره الشعب السوداني(…) الشرط الوحيد أن يكون عمره أربعين عاما».
وعن المخاوف بشأن هيمنة الجنوبيين على البرلمان، أوضح مصطفى عثمان أن ذلك الأمر مرتبط بنتيجة الإحصاء السكاني والموازنة في البرلمان، ولكن ليس من خلال نص اتفاقية السلام لأنه يعد مخالفة.
وبشأن الاستهداف الإسرائيلي تجاه السودان، أكد أن زعزعة أمن واستقرار السودان واحد من أهم أهداف «إسرائيل» لكونها الدولة الوحيدة القائمة على العرقية الدينية ومن مصلحتها أن توجد دويلات مبنية على التوجه ذاته، لذلك فوحدة السودان ليست من صالح «إسرائيل» في حين أن الترويج بنظرية إبادة العرب للأفارقة في القارة وتقسيمها هي من المصلحة الإسرائيلية.
وعن طبيعة العلاقة بين السودان وتشاد، أشار إلى أنها تعتمد على تطورات قضية دارفور، وأبان أن الرئيس التشادي إدريس دبي سيزور السودان اليوم (الاثنين) للتوصل إلى رؤى مشتركة تحسن علاقات حسن الجوار وتحقيق المنافع المتبادلة.

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *