مساعد الرئيس السوداني: نريد «سودنة» الدولة بتحريرها من قبضة «المؤتمر الوطني»
ميني أركو مناوي لـ «الشرق الأوسط»: البشير سيفوز.. بالتصويت أو من دونه.. والانتخابات غير ممكنة في أجزاء من دارفور
عيدروس عبد العزيز
* وجود البشير في السلطة في المرحلة المقبلة ضروري لنا ولغيرنا.. والتغيير يجب أن يتم بالتدريج
* نشاطر الأحزاب في قضية تأجيل الانتخابات
* لم نخض الانتخابات لأن المؤتمر الوطني حرض مفوضية الانتخابات بعدم تسجيل حزبنا
* حزب البشير يريدني «مساعد حلة» في القصر الجمهوري وليس مساعدا للرئيس
* نصحت زعيم حركة العدل والمساواة بإطلاق تصريحات متوازنة.. وأن يقبل الآخرين
* الدور الأميركي كان إيجابيا في دارفور.. وواشنطن لم تسع لاتفاقات ثنائية
* لم يدخل ميني أركو مناوي، كبير مساعدي الرئيس السوداني عمر البشير، رئيس حركة تحرير السودان الموقعة على اتفاق السلام مع الحكومة في أبوجا بنيجيريا عام 2006، معترك الانتخابات السودانية، بسبب رفض تسجيل حركته العائدة من التمرد كحزب سياسي، إلى حين اكتمال ترتيبات السلام، لكنه ظل قريبا من السجالات السياسية متفاعلا معها. وقال مناوي في حوار صريح مع «الشرق الأوسط»، بمكتبه بالقصر الجمهوري في الخرطوم، إن الرئيس عمر البشير سيفوز في هذه الانتخابات سواء صوت الناس له أم لم يصوتوا، وأشار في الوقت نفسه إلى أن فوز البشير مهم لحزبه وللآخرين، لإكمال مشوار الاتفاقات التي بدأها. كما أن أي بديل له سيصطدم بعقبات جسيمة، نسبة إلى سيطرة المؤتمر الوطني الحاكم على زمام الأمور، وعلى الأمن، والاقتصاد، ومؤسسات الدولة، مفضلا أن يتم التغيير بالتدرج، لأن التغيير الفجائي كما يقول «لن يكون في مصلحة البلد».
وقال إنه يشاطر الأحزاب والقوى السياسية في مسعاها لتأجيل الانتخابات.. كضرورة لمعالجة الأخطاء، وأكد وجود ممارسات خاطئة في دارفور في تسجيل الناخبين وفي الدوائر الانتخابية، مطالبا برفع القيود عن مرشحي الأحزاب السياسية. وأوضح مناوي الذي يرأس أيضا السلطة الانتقالية في دارفور، أن الانتخابات في دارفور غير ممكنة في أجزاء كثيرة لوجود توترات، مشيرا إلى أن الحل في دارفور يحتاج إلى إرادة حكومية، ومن الفصائل، وأن الحوار الدائر في الدوحة من أجل وقف الحرب فقط. وأشاد مناوي في حديثه مع «الشرق الأوسط»، بالدور الأميركي في دارفور، وقال إنه كان إيجابيا دائما.. مشيرا إلى أن واشنطن لم تسع لاتفاقات ثنائية في أبوجا أو الدوحة.
* نبدأ من الاتفاقات التي وقعت في الدوحة بشأن دارفور خلال الشهر الماضي، هل تعتبرها تكملة لاتفاق «أبوجا» الذي وقعته قبل 4 سنوات.. أم تحصيل حاصل؟
– البنود الواردة في الاتفاقين الإطاريين، سواء كان بالنسبة لاتفاق حركة العدل والمساواة أو حركة التحرير والعدالة، لم تتجاوز أبوجا، في شيء.. وتكاد تكون هي نفس البنود. وما داموا هم رضوا بذلك، فنحن أيضا راضون لنا ولغيرنا. وأي اتفاقية حالية أو مقبلة ستشكل أرضية صالحة وصلبة لتعزيز الموقف الإنساني والأمني في دارفور.
* إذن أنت راض عنها.. ولا تتخوف منها كما يشاع.
ـ نحن حتى في لحظة توقيع اتفاقية أبوجا، كنا نتحدث عن أن الاتفاقية ناقصة وتحتاج إلى تكملة، لأن أطراف كثيرة غير موجودة، وسعينا إلى تكملتها.. وكنا نقول وما زلنا نقول: إذا بقي شخص واحد يحمل بندقية في دارفور، فهذا يعني أن الاتفاقية لم تكتمل.
* أنتم شاركتم في حفل التوقيع.. ولكن هل شاركتم في المفاوضات؟
ـ لدينا دور كبير في توحيد الفصائل المنضوية الآن في حركة التحرير والعدالة التي وقعت الاتفاق الإطاري مع الحكومة. أما المفاوضات فلم تكن تجري بالشكل المعروف، بل كانت عبارة عن تبادل أوراق ما بين الخصوم، من خلال وسيط. ودورنا توقف عند توحيد الحركات وصيانة البيئة التفاوضية.
* هل تعتقد أن مثل هذه الاتفاقات في وقت تجري فيه انتخابات مصيرية.. يمكن أن تصمد إذا تغيرت الحكومة؟
ـ أعتقد أن توقيع أي اتفاق سلام مهم في أي وقت وظرف.. إنه شيء جيد لدارفور والسودان. وقد كنا نعمل من أجل إكمال هذه الاتفاقات قبل الانتخابات بوقت طويل.. ولكن شاءت الظروف ألا تتم في الوقت المناسب. الانتخابات لن تحل المشكلة في حد ذاتها ولكن ستغير شكل الحكومة.. وبالتالي فإن أي حكومة مقبلة، عليها واجب المحافظة على المكاسب وإيجاد حلول دائمة للقضايا جميعها.
* هل هذه الاتفاقات تسليم بواقع أن المؤتمر الوطني سيكسب الانتخابات وسيشكل الحكومة مقبلة؟
ـ نرجو أن تتم الانتخابات في جو من النزاهة وتأتي بالذي يختاره الشعب السوداني.. ويقوم بترجمة واقع الاتفاقات والمفاوضات على الأرض، هذا هو المهم. وعملية الانتخابات هي سلسلة بدأت منذ مفاوضات نيفاشا بكينيا، وانتهت بتشكيل مفوضيتها، وإلى ما نحن عليه الآن. كما أن الإجراءات حول مفاوضات دارفور مستمرة، ومتزامنة، وليس شرطا ارتباطهما ببعض.
* التقيت زعيم العدل والمساواة الدكتور إبراهيم خليل مؤخرا في الدوحة.. هل يعني نهاية الخلافات بينكما؟
ـ اللقاء كان وديا واجتماعيا.. ولم يكن سياسيا، ونصحناه بعدم الانفراد بأي طاولة مفاوضات، أو تجاهل الحركات الأخرى، لأن أي انفراد بالمفاوضات لن يكون في مصلحة قضية دارفور. ونصحناه أيضا بأن يكون متوازنا في إطلاق تصريحاته بأن تكون تصريحاته مقبولة للشعب السوداني، وخاصة أهل دارفور، وبعدم الهجوم والاعتداء على الحركات الأخرى، أو الاعتداء عليها. وخلصنا إلى ضرورة عدم الاعتداء على بعضنا والمضي قدما للمفاوضات، بالاعتراف بالجميع ومشاركة الجميع.
* هل يمكن أن يتم تنسيق بين الطرفين.. في المراحل الأخرى؟
ـ التنسيق لديه أبعاد.. فالتنسيق على مستوى تنفيذ الاتفاقية مطلوب وضروري وواجب، أما التنسيق السياسي فهذا يخضع للظروف السياسية للطرفين ومواقفهما، ورؤاهما المختلفة للقضايا، وإذا كان هناك نقاط تلاق فما المانع من التنسيق.
* تم التوقيع على الكثير من الاتفاقات، بشأن دارفور.. ولا يزال هناك من يرفع السلاح.. وما زالت هناك اتفاقات في الأفق.. هل يتحمل السودان ودارفور كل هذا الترهل، ويتحمل المزيد من نواب الرئيس ومساعديه؟
ـ هذا ما كنا نقوله دائما.. ولذلك فإن دورنا كان ولا يزال هو توحيد الفصائل في مجال المفاوضات وتوحيد الاتفاقات في إطار التنفيذ. والترهل الهيكلي هو أحد المشكلات التي قد تواجه الناس في مستقبل الأيام. وكنت أقول إن هيكل الدولة مثل القطية (منزل ريفي في شكل هرمي مبني من الأعشاب) كلما ارتفعت إلى أعلى قلت نسبة «القش» المستخدم فيها. نأمل أن تتوحد الفصائل ويأتوا إلى الخرطوم باتفاقية واحدة، حتى يمكن أن تحل هذه المشكلة.
* باعتبارك كنت قائدا ميدانيا والآن أنت في القصر الجمهوري.. كيف ترى الحل في دارفور؟
ـ الحل ليس صعبا، ولكن يحتاج إلى إرادة فعلية من الأطراف للوصول إليه.. ولا بد أن تكون هناك إرادة حكومية في المقام الأول حتى قبل الحركات. والحل النهائي لا بد أن يصطحب معه التنمية وإعادة النازحين واللاجئين، وتوزيع فرص العمل، وإقامة مشروعات تنموية كبرى، ودمج المتضررين من الحرب في المجتمع، واستيعاب ظروفهم النفسية والإنسانية. أما الحوار فهو فقط لإيقاف الحرب.
* هناك من يشير إلى أن الفصائل لا تسعى للحل بقدر الحصول على المناصب.
ـ لا أريد أن أفتح النار الآن في هذا الوقت الحرج بالذات.. ولكن طلب الوظائف شيء طبيعي، وتوزيع السلطة مهم جدا في أي اتفاقات دولية أو محلية، وشيء طبيعي باعتباره آلية لإنفاذ الاتفاقات وتطبيق المشروع المطلوب.
* ما العقبات التي تواجه السلام في دارفور الآن؟
ـ العقبة الأساسية كما قلت كانت غياب الإرادة الحكومية ولدى الأطراف الأخرى للوصول إلى حلول.. الحركات كانت تريد إسقاط الحكومة والحكومة كانت تريد أن تنهي الحركات عسكريا. ولم تكن هناك إرادة للحل.. لكن الآن الأمور تبدلت كثيرا، الأطراف جميعها مقتنعة بالحوار، وجلست له، ونأمل أن يأتي السلام بعدها.
* البعض يعتقد أن تعدد الوساطات كان أحد العقبات.
ـ نعم هذه معضلة، كما أن وجود الحركات في أراضي بلدان كثيرة يشكل عقبة أخرى، نتج عن ذلك صراع أجندة خفي، وكان سببا أساسيا لتشرذم الحركات.
* كيف تنظر إلى الدور الأميركي؟
ـ كان متميزا طوال الوقت. ولم أرصد أي مظاهر سلبية منذ اللحظات الأولى للمفاوضات، فهم دائما كانوا يسعون لحل جذور الأزمة، وقد كان لهم دور مهم في توقيع اتفاق أبوجا عام 2006.
* هناك من يرى أن الدور الأميركي في الدوحة يسعى لتكرار نفس الدور الذي قاموا به في أبوجا، الذي نتج عنه اتفاق ثنائي وليس شاملا.
ـ أبوجا لم تكن ثنائية.. شاركت فيه فصائل عدة، من بداية المفاوضات عام 2004، وحتى آخر دقيقة قبل توقيع الوثيقة النهائية، التي وقعها مع الحكومة. كما أنني لا أرى أن الدور الأميركي الحالي يدفع في اتجاه اتفاق ثنائي آخر في الدوحة.
* بصفتك قائدا ميدانيا.. هل يمكن أن تخبرنا عن الأوزان العسكرية للحركات المسلحة التي باتت بالعشرات؟
ـ ما دامت المفاوضات جارية.. أرجو أن نترك مثل هذه التقييمات حاليا.. «خلوها مستورة».
* البشير قال إن الحرب انتهت في دارفور.. ماذا تقول أنت؟
ـ هناك فرق بين نهاية الحرب، وبداية الحل.. نحن الآن في مرحلة بداية الحل. إعلان نهاية الحرب لا يعني أن الحل اكتمل. هناك وجهات نظر مختلفة في هذا الأمر.. هناك من يعتبر أن وقف النار وعدم سماع صوت الرصاص يعني أن الحرب انتهت. لكني أعتبر أن نهاية الحرب هي بداية الخيط الذي يوصل إلى حلول شاملة، تنتهي باستيعاب قضية النازحين واللاجئين، وإعادة توطينهم وتعويضهم، وبدء العملية السياسية الشاملة التي تستوعب كل أهل دارفور.
* ماذا عن الاشتباكات التي تحدث في مناطق جبل مرة في أقصى غرب دارفور؟
ـ هناك أنباء غير مبشرة باستمرار المعارك هناك.. تتشابك مع قضايا قبلية في منطقة جبل مرة، ستنتهي عندما تتدخل الحكومة بقوة لحلها وحسمها.
* هل يمكن أن نقول إننا طوينا مرحلة الحروب في دارفور؟
ـ نرجو ذلك.
* هل الأجواء تسمح بقيام انتخابات في دارفور؟
ـ بالتأكيد ليست كل المناطق، هناك مناطق يمكن إجراء الانتخابات فيها.. وهناك مناطق ما زالت متوترة.
* ما تقييمك لأجواء سير الانتخابات؟
ـ المثل السوداني يقول «الشهر الماعندك فيه نفقة لا تعد أيامه»، أنا لم أدخل هذه الانتخابات، لأني ليس لدي حزب سياسي مسجل لدى مسجل الأحزاب.. لذا لم نخض الانتخابات.. ولكني متابع عن كثب لمواقف جميع الأطراف.. وقد وصلت المنافسة ذروتها وبدأت تظهر الأغراض الخفية للقوى السياسية وللمؤتمر الوطني نفسه.
* لماذا لم تشارك في الانتخابات؟
ـ بعد توقيع اتفاقية أبوجا كان غرضنا أن نتحول إلى حزب سياسي، وأردنا تسجيل حزبنا لدى مسجل الأحزاب.. لكن حزب المؤتمر الوطني قام بتحريض مفوضية الأحزاب بعدم تسجيلنا كحزب سياسي.
* ألا تخشى أن يعيقكم هذا الاستبعاد من أي معادلة سياسية بشأن دارفور بعد الانتخابات؟
ـ الانتخابات ليست الحل في حد ذاتها لقضايا الوطن.. ولكن بغض النظر عن حركتنا فإن استبعاد أي طرف لن يكون في صالح الاستقرار الكامل بعد الانتخابات.
* لماذا لم تخض الانتخابات كمستقل؟
ـ نحن حركة كبيرة.. ولا يعقل أن نخوض جميعنا الانتخابات كمستقلين.
* هناك من يقول إن ميني أركو مناوي يخاف من تقديم نفسه للجماهير.
ـ هذا غير صحيح.. نحن قدمنا أنفسنا مرارا وأقمنا الندوات واللقاءات الجماهيرية. لكن مثل هذه الفرص ليست متوافرة في كل الأوقات لأن المؤتمر الوطني يقوم بمضايقات. نأمل أن تتوسع مثل هذه الفرص بعد تسجيل حزبنا.
* أنت موجود في القصر لأكثر من 4 سنوات.. ماذا قدمت للسودانيين ولأهل دارفور من خلال منصبك الرفيع؟
ـ أي إنجاز يتحدث عنه المؤتمر الوطني كان لنا دور ومساهمة فيه.. باعتبارنا شركاء في الحكم وقوة فاعلة على الأرض.
* وصفت دورك في القصر يوما بأنك مثل «مساعد حلة» (الذي يعد الطعام لسائق الحافلات السفرية الضخمة).. هل ما زلت ترى نفسك كذلك؟
ـ هذا في نظر المؤتمر الوطني.
* هل لديك مساحة واسعة لتقديم خدمات كبيرة للسودانيين والدارفوريين؟
ـ لدينا برامج وخطط كثيرة ولكن للسودانيين.. وليس للإخوة في المؤتمر الوطني ودعم برامجهم.
* القوى السياسية ترى ضرورة تأجيل الانتخابات الحالية.. ما رؤيتك أنت؟
ـ هناك ضرورة لحل كثير من الخلافات على الساحة الآن.. والتأجيل ضروري لحل تلك القضايا.. خاصة في حالة دارفور، هناك كثير من المخالفات، في عملية التسجيل، وتوزيع الدوائر الجغرافية، ورفع القيود المفروضة على المرشحين من القوى السياسية الأخرى.
* هل من مصلحتكم كحركة أن يتم انتخاب الرئيس البشير إلى السلطة.. حتى يتم إكمال اتفاق أبوجا باعتباره غير ملزم للآخرين حتى الآن؟
ـ أي شخص يأتي بالانتخاب الحر من قبل الشعب السوداني فهو الشخص المفضل لنا.. بغض النظر من هو هذا الشخص. أما عن عدم التزام هذا الشخص باتفاق أبوجا أو أي اتفاق آخر، فهذا قد يدخله ويدخل حكومته في مأزق جديد، فهناك قوات على الأرض، وأي تجاوز قد لا يكون مفيدا له. ونحن نقول إن وجود البشير في الفترة المقبلة قد يكون مفيدا ليس لأني ميني أركو مناوي، ولكن لاستدراج الاستقرار للسودان، وحل كثير من المشكلات العالقة الآن.. وجود البشير في السلطة في المرحلة المقبلة قد يكون مفيدا كثيرا.
* إذن أنت تفضل فوز البشير.
ـ دعنا نكون واقعيين.. حزب المؤتمر الآن يسيطر على كل شيء.. الأمن والاقتصاد ومؤسسات الدولة.. وإزالته بطريقة فجائية سوف تسبب مشكلات لأي رئيس أو أي حكومة قادمة.. من غير المؤتمر الوطني؟!
* كأنك تقول إنك مع أنصار التفكيك المرحلي.
ـ ليس التفكيك المرحلي ولكن مع «سودنة» المؤسسات خطوة خطوة. وأقصد بالسودنة هنا، أي تحويل المؤسسات تلك «من القبضة الحزبية إلى القبضة الوطنية».
* المهدي قال مرة إن أبوجا ولت ميتة.
ـ أبوجا الآن أصبحت مطلبا لكل الحركات ومجتمع دارفور.. ومن دون ذكر أسماء أو أحزاب، فإن هناك مواقف حزبية كانت تراهن في وقت من الأوقات على إسقاط الحكومة، وكان توقيع اتفاق مثل أبوجا، يخرب عليها خططتها، فسارت لإطلاق مثل تلك التصريحات. ونحن نقدر مواقفهم.. كانوا يريدون في وقت من الأوقات أن تستمر أزمة دارفور والسودان، لأن ذلك يخلق أجواء تساهم في إسقاط النظام. وكانوا يراهنون على ذلك.
* ميني في القصر وعينه على تحالف جوبا المعارض.
ـ أنا مع قضايا السودان حيثما طرحت في أي موقع أو طاولة.. وإذا كان ما تقوله اتهاما.. فإن الأولى أن يوجه للنائب الأول للرئيس السوداني سلفا كير.. فهو في القصر، ويرأس تحالف جوبا المعارض. ليس هذا فحسب بل إنه يملك 50 في المائة من السلطة و28 في المائة من الحكم في الشمال، وعلى الرغم من ذلك يقود تحالفا من المعارضين.. فالأولى توجيه السؤال له.
* ما دمنا في سيرة الجنوب.. هل تؤيد انفصاله؟
ـ من الصعوبة لسوداني غيور أن يؤيد فصل جزء من البلاد.. ولكن ما يقرره الجنوبيون هو حق يجب أن يكفله الدستور ويجب أن يحترمه الجميع. نرجو أن تنتج عملية الاستفتاء المقبل عن وحدة، لأن السودان عاش ولمئات السنين متحدا في صورته الحالية، لذا لا بد من العمل من أجل الوحدة.
* ماذا عن دارفور والتوقعات بعد انفصال الجنوب؟
ـ الانفصال في الجنوب بداية لمرحلة جديدة في تاريخ السودان.. ولا ندري كيف سيكون الحال، هي مرحلة جديدة من الصعب التكهن بتفاصيلها. لكن الخوف من تفجر الشمال. إذا كان الناس شركاء الآن ولديهم خلافات واختلافات، فما الذي يمكن أن يحدث إذا كنا دولتين؟! هذا اختلاف قد يؤدي إلى تعبئة وتعبئة مضادة، واستقطاب واستقطاب مضاد، وسباق تسلح.. وهذا ما يخيفنا، وندعو ألا يحدث، وأن يتحكم العقل فينا.
* هل تتخوف من احتجاجات ورفض لنتائج الانتخابات؟
ـ هناك بوادر قد بدأت تظهر مثل تقديم طلبات التأجيل لوجود انتهاكات ومخالفات، ورفضها من الطرف الآخر، واعتراضات على الإصلاحات.. كل ذلك قد يكون البداية. لكن نأمل أن تأتي العواقب سليمة لأننا سودانيون ومتسامحون ونرفض العنف بطبيعتنا.
* هل تتوقع فوز البشير؟
ـ البشير يستطيع الفوز.. حتى من دون أصوات.. ومن خلال متابعاتي، فإن الجمهور يرى أن القوى السياسية والأحزاب التقليدية قد جربت، ولم تقدم شيئا يذكر، ويتوقعون ألا يأتوا بجديد، وياسر عرمان كان أقوى المنافسين قبل أن ينسحب، لذلك فإن الرئيس البشير هو الفائز.
* هناك مظالم ومحاكم في دارفور.. كيف يمكن أن نعالج هذا الأمر؟
ـ أنا مع رؤية مرشح الرئاسة كامل إدريس، الذي يقول بضرورة تقديم اعتذارات متبادلة عن الجرائم التي ارتكبت، ومن ثم مصالحات ومكاشفات على طريقة ما حدث في جنوب أفريقيا.
* ولكن هناك قضايا وملاحقات دولية.
ـ إذا تمت المصالحات.. وعفا المظلوم عن الظالم.. فإن القضايا المرفوعة ستسقط.
* كيف ترى المستقبل؟
ـ سنتحول إلى حزب سياسي كبير ونحن لدينا قاعدة جماهيرية عريضة وسنكتسح الانتخابات التالية.
* ميني مناوي: محارب من داخل القصر
* اسمه سليمان أركو مناوي الشهير بـ«ميني».
* من مواليد بلدة «فوراوية» شمال غرب مدينة كتم بولاية شمال دارفور عام 1968. ينتمي إلى قبيلة الزغاوة من بطن «زغاوة دقي»، التي تستوطن الجزء الشمالي الغربي من السودان، منذ أكثر من 500 عام، حسب المؤرخين. تطلق قبيلة الزغاوة اسم ميني أو مني (بكسر الميم) على كل من يُسمى سليمان، مثلما يقولون لعبد الله «دلي». يوصف وسط أنصاره بأنه عسكري شجاع.. وسياسي يتميز بالذكاء.
* كان والده الذي ينتمي سياسيا إلى حزب الأمة، الذي يقوده الصادق المهدي حاليا. درس مناوي المراحل التعليمية في مدرسة فوراوية الابتدائية، ثم مدرسة كرنوي المتوسطة، ثم التحق بمدرسة الفاشر الثانوية بدارفور، وبعدها عمل مدرسا بمرحلة الأساس بين عامي 94 – 1995 في منطقة «بويا». غادر إلى دولة تشاد، فدرس اللغة الفرنسية لمدة عام 1995 – 1996، ثم التحق بجامعة لاغوس ودرس اللغة الإنجليزية، وبعد تخرجه عمل في مجال الأعمال التجارية الحدودية، متنقلا بين الكاميرون ونيجيريا وليبيا.
* ظلت تسيطر عليه فكرة الدراسة في هولندا قبل أن يلتحق بالعمل العسكري الميداني في عام 2001 متمردا على الخرطوم تحت راية حركة تحرير السودان بزعامة عبد الواحد محمد نور. وشغل منصب القائد الميداني ثم الأمين العام للحركة التي اتفقت مع مجموعة من أبناء دارفور على تكوين حركة مسلحة ضد الحكومة، شارك هو في تأسيسها مع مجموعة أخرى من بينهم عبد الواحد محمد نور (مقيم بباريس) وعبد الله أبكر. وتقول رواية أخرى إن نور وهو في الأصل محامٍ في مدينة زالنجي بجبل مرّة، وعندما بلغه وصول مجموعة متمردة إلى جبل مرة التقاهم، وطلب منهم تقديم يد العون وتدريب أفراد من الفور. وفي ذلك اللقاء، تم الاتفاق على تكوين حركة تحرير دارفور، التي تحول اسمها في مرحلة لاحقة إلى حركة تحرير السودان.