مرحب بطلائع قوات السلام ..محمد ضياء الدين

أثار تواتر وصول طلائع من قوات قوي الكفاح المسلح للخرطوم، منذ الأسبوع الماضي، ردود أفعال واسعة في الأوساط السياسية وغير السياسية، عكست نفسها، في مواقع التواصل الإجتماعي بصورة خاصة، البعض من ردود الأفعال المشار إليها، إتسمت بالتوجس من إعادة إنتشار هذه القوات داخل العاصمة، لأسباب مختلفة، بعضها موضوعي، وبعضها غير ذلك. ما يلفت الإنتباه وسط الإتجاهات السلبية لردود الأفعال المشار إليها، هو علو نبرة العنصرية والعنصرية المضادة المرافقة، وهو أمر لن نجد له تبريرا، وإن تقبلنا مبررات إستضافة العاصمة لقوات الحركات المسلحة الدارفورية وغير الدارفورية.
إن ترك هذه الحركات لميدان القتال، والعودة لحضن الوطن، هو مؤشر إيجابي لنهاية الحرب، ينبغي أن نحتفي به، لا أن نرفضه أو نتطير منه. فعودة هذه القوات ومجيئها للعاصمة تم ويتم وفق إتفاق جوبا، للسلام وبالتالي، فإن هذه القوات، والتي تتشكل من مواطنين سودانيين، لا تجيء غازية، وإنما تجيء في مهمة سلام، وهي خطوة أولى، ضمن خطوات متفق عليها، فيما يعرف بالترتيبات الأمنية، التي تستهدف في نهاية المطاف إعادة دمج كل الفصائل المسلحة في جيش وطني واحد.
وقد عبر أكثر من قائد لهذه القوات عن قناعتهم بنهاية الحرب، وتوجههم لبناء السلام ودعم المسيرة السلمية، التي بدأت بالتوقيع على إتفاق جوبا. فقد أعلنوا صراحة، وهم يولون وجوههم ناحية الوطن، بأنهم لن يعودوا إلى ميدان الحرب والإقتتال، وهو حديث مطمئن ومسؤول، جدير بأن يزيل الكثير من المخاوف التي ربما لها مايبررها. ومن المتوقع أن يتفهم قادة الحركات هذه المخاوف، وأن يعملوا على إزالتها دون إنفعال، لتعم الطمأنينة، وتبادل الجميع مشاعر الأخوة الصادقة والسلام، بدلا من البغضاء والكراهية التي عمل النظام المباد على إشاعتها أعمالا لمبدأ “فرق تسد” .
إن الترحيب بعودة قوي الكفاح المسلح من ميدان الإقتتال لميدان بناء السلام هو أمر بديهي، لا يقلل من أهميته أى مخاوف أو محاذير من هنا ومن هناك، وهي محاذير ومخاوف أيا كانت موضوعيتها، فإنه مقدور عليها، وعلى إحتوائها، بمشاركة الجميع بروح السلام، والإلتزام به كمبدء من قبل الجميع.
من الواضح جدا أن هناك إرادة للسلام تتبلور، في الواقع، علينا أن نعمل على تعزيزها، وأن لا ندع الظواهر العارضة، تحجب عنا ماهو جوهري.
إن عودة قوي الكفاح المسلح، من ساحات الحرب ، هو مكسب كبير للسلام، علينا أن نعض عليه بالنواجز، وعلينا أن لا ندع المخاوف والتوجس، تحول بيننا والإمساك بفرصة تاريخية لإحلال السلام المستدام.

الجمعة 26 فبراير 2021م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *