مخرجو الصراعات القبلية

ادمنوا سفك الدماء
حسن اسحق
هناك مثل سوداني بسيط ،يردده البسطاء الفقراء(الشهر الذي ليس لديك فيه نفقة،لاتحسبه) ،المواطن المسكين عندما يعاني من مرارة الحياة ، بامكانه التعبير بسهولة ،تأخد الواقع كعقبة من الصعب الافلات منها بسهولة ،وهذا هو الواقع القاسي المكبل للغالبية دون احداث تحول يحطم سياج المعاناة التي تطوق العنف الباكي داخليا والنازف نفسيا وكذلل المحطم وجدانيا. منظر رؤية الدماء في اركان السودان المتعددة،صارت مشهدا مألوفا ،من قتل وجروح ونزوح وتشرد،هذا المناظر الحزينة ،تشد اهتمام الخارج اكثر من الداخل ،السبب قد لا يدركه الكثيرين،بسبب عدم الاهتمام لهذه الكوارث او لظروف الحياة الضاغطة ،جعلتهم يتوهون في مسارب البحث عن لقمة العيش الطاحنة. وفي هذه الايام ،بالاخص في الشهر الجديد من العام الجديد،ضجت ابواق الحكومة في كل وسائلها الاعلامية ان هذه السنة ستكون عام تنمية واستقرار والسودان مقبل علي نجاح اقتصادي يحسده عليه الاعداء،هذا ما تعودنا سماعه دائما في خطب الجمعة الموجهة امنيا،والمسيرات المزيفة واقعيا، كلها خلط للحقائق،وتمليكنا ،ما لا نريد ان نعرفه . ان الدماء سالت في الاسبوع من الاول من يناير الحالي في مدينة الفولة بين المسيرية انفسهم ،وفتنة اخري في ولاية شمال دارفور في منطقة جبل عامر بين قبيلة المحاميد وبني حسين. ان هنالك من يخطط في السر والعلن لتحدث هذه الكوارث في مناطق هي احوج الي المدارس والمستشفيات ودور لتأهيل شبابها ،ليعملوا حاضرا ومستقبلا لتنمية مناطقهم،بعيدا عن صوت السلاح والنهب والقتل بين ابناء المنطقة انفسهم ،اضافة الي التكتيك الا ثني ،وهذه سياسة صرف وابعاد سكانها الذي يشكل معظمها الشباب في الوقت الراهن ،وهم وقود التنمية ،في الخفاء من رافض لها ومعلنا لها جهرا، وهي لغة المنافق الشرير،يضمر في القلب ويجهر بشئ اخر. ان معارك مدينة الفولة بين المسيرية انفسهم ،اولاد هيبان واولاد سرور ،يشير بكل تأكيد ان الحكومة يكون بالها مرتاح عندما تري منظر الاشلاء البشرية والدماء المسكينة تتناثر وتطاير في كل مكان ، وهي تستغل جزءا من ابناء المنطقة والزج بهم في انهار ومحيطات الهلاك التدميري المجتمعي ،ادرك جيدا ان مجموعة من المنطقة التي خبرت طعم الحرب وفقدان العزيز والحبيب ،ان هذه السياسة مخطط لها ان تبعد كل من له فكرة وخطط لاختراق شباك الازمة المعقدة والخروج علي الاقل الي عتبة الاستقرار النسبي الذي من خلاله
يصبح حقا طبيعيا. ان الدماء التي تدفقت جراء تجرع سم الفتنة ،المخططون لها في السر،لا يحصون،والمستنكرون لها من افئدة الكذب والنفاق ايضا كذلك،لا يهمهم كم اسرة تفقد ابناءها او كم طفل يتشرد بسبب تجرع هذا السم القبلي الفتال،واصبحت هذه الفتن كاسلحة الدمار الشامل،لا تترك شيئا خلفها طبيعيا .وحقا نتساءك ،هل جاء هؤلاء من انقاذ البلاد؟واي مساعدة هذه التي كانوا يقصدونها؟ اعتقد انها مساعدة الاخ ضد اخيه ،والاخت ضد اختها ،كي يخلوا لهم الاجواء وحيدين ،آملين سرا علي زوال كل السودانيين، ويدرك شباب مناطق الفتنة ان التغيير الجذري مهم والكثيرون يعملون من اجل هذا،ويجب عليهم ان يدركوا ،ان سياسة في عهد الا نقاذ ،تستخدم شباب هذه المناطق المهمشة مثل كلاب الصيد،يجلبوا الفريسة ،بعدها يمدحونهم بكلمات تافهة ،ويتركوا علي حالهم بعدها،وان هذا الاساليب المفرقة والمشتتة لجهود الاستقرار الدائم ينبغي ان تحارب بكل الطرق والوسائل،باعتبار ان المستفيدين قلائل ،والمتضررين السواد الاعظم،وحتي فكرة التجزئة الخبيثة،هذا ينتمي الي اثنية احسن والاخر اقل،حان وقت ادراك معناها السري المدمر،هي في خدمة قلة كارهة للخير ومدمنة علي رؤية حقول الموتي ومجاري الدماء تنساب كل يوم،هذه الفئة ،اطلق عليها الضالة،ليس لديها شخص من العائلة والبيت الكبير،تذوق طعم سماع خبر موت اقرب الاقربين في هجوم ليلي وصدام بين طرفين نتج عنه حرق القري وتشريد الاهالي، لذا يدمنون تصريحات الحرب وهم بعيدين من ميادين،ويجيشون القبائل،ليس لديهم فرد يقاتل فيها،والنظرة الحقيقية والموضوعية ،ان الموت في هذه الاماكن ،لايؤثر فيهم ،والبحث عن الحلول الدائمة مستحيل في ظل وجودهم علي كرسي السلطة . نكرر السؤال هل هذا العام عام استقرار؟الواقع عكس ذلك ،في منطقة جبل عامر بولاية شمال دارفور قتل وجرح العشرات وتشرد الالاف بين قبيلتي بني حسين والمحاميد حول ملكية حقل الذهب ،محال ان تكون سلطة الولاية لا تتوقع ان يجر النزاع ،حول احقية من يملك الحقل الي هذه الكارثة، لكن من يرسم سياسة الخبث ينتظر هذه اللحظات ليزيد النار حطبا علي اشتعالها. ويجد منفذا لالقاء كبريت الصراع علي براميل الوقود ،ليجني ثمار الموت شباب منطقة جبل عامر واهلها وحدهم . ان المنطقتين التي دارت فيهما ،هذه المآسي مخطط ان تدور حلقة النار علي العشب ،وحرق ما تبقي من استقرار وقتل كل امل في التنمية والتطوير ،والمستفيدين حفنة من الضالين وشياطين الموت وذارعي الفتن .
حسن اسحق
صحفي
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *