أيُّهَا الوطن الجَمِيلُ فينا
كَمْ كُنْتَ جميلاً فينا !
لكنك الآن أصبحتَ شريداً فينا
نازحاً فينا .. ومقتولاً فينا ..!
نحن اليوم هنا .. إننا اليوم ههنا ..
جئنا كي نندم على ما فعلوه ضدك
جئنا كي نكفر في محرابك عن ذنوباً اقترفوها ضدك
نحن جئنا كي نلملم شملك المبعثر
نحن هنا لندفن طاعون قبليتهم كي تغور
وتبق أنت القبيلة فينا..
وطني صلبوك مثل المسيح ولكن ليس للفداء
ذبحوك قرباناً لإله القبلية، وحين بكيت
أداروا لك ظهورهم وآذانهم الصماء
نحروك بخنجرٍ مسموم
فكان موتك في تاريخنا يومٌ مشوؤم
وحين رَقَدْتَ على الأرضِ مقتولاً؛
أصبحنا بلا وطنٍ، وبلا ظلٍ يأوينا،
ولم نجد مَنْ نُلْقِي عليه اللوم
رغم وجوده معنا ملء أبصارنا واستحقاقه اللوم ..
آهٍ .. يا وطني العزيز،
حين تعصبوا وقتلوك وصرت مفلساً
وفقيراً ومتعباً وهزيلاً وشقياً ومنهاراً
وزال عنك مجدك؛
أصبحنا بلا كرامة في أعين العالمين ..!
أشفق البعض علينا
وضحك البعض علينا وسخر آخرون بنا ..
لِمَ الاقتتال؟ لِمَ العراك في غير معترك؟
إني هنا أسمع شيئاً يُقال
إني ههنا أنصت إلى أقوالٍ تُقال ..
قال قومٌ: أنظروا إلى هؤلاء الثوار،
لقد أشعلوا النار في منزلهم الجميل؛
بعد قصة كفاح مريرة وطويلة سمع عنها البشر
في كل أقاضي الأرض..
وأضاف القوم أنفسهم:
تركوا بيتهم خلفهم مشتعل
ولاذوا بالفرار إلى دول الجوار
وحين توسطت دول الجوار
لنزع فتيل الفتنة، تعنتوا في المواقفِ
وامتنعوا عن الحوار
يا لهم مِنْ قومٍ أغبياء!
يا لهم مِنْ رجالٍ بلهاء!
عرضوا منزلهم للبيع في سوق الامبرياليين
فتحمس الأمم للشرائه وإزداد أطماع الرأسماليين
يا لهم من قومٍ أغبياء!
يا لهم من رجالٍ بلهاء!
أيُّهَا الوطن الجَمِيلُ فينا
كَمْ كُنْتَ جَمِيلاً فينا !
لكنك الآن أصبحتَ شريداً فينا
نازحاً فينا .. ومقتولاً فينا..
آهٍ يا أخي ..
أُختي .. أمي وأبي ..
يا سامعي .. يا وطني، سنودع هذا الظلام ..
ستنهض مجدداً يا وطني المعطاء
ستشرق الشمس يوماً ويمشي رَّجُلاً يحملُ معاول البناء
ستتطهر أوراق أشجار من لطخة الدماء
وسيفارق أطفالك دموع الحزن والبكاء
ستهطل الأمطار وستتحول أراضيك الجدباء
بفعل لعنة الحرب إلى أراضٍ خضراء عذراء ..
* دينقديت أيوك صحفي وكاتب وشاعر من السودان الجنوبي. صدر له ديوان (الحب والوطن) مطلع هذا العام عن دار رفيقي للطباعة والنشر في جوبا.
[email protected]