متى يتوج المحمدان حميتي ملكاً بدون تاج على بلاد السودان ؟
ثروت قاسم
[email protected]
https://www.facebook.com
1- ميزانية بغير ميزان ؟
في يوم الاحد 29 ديسمبر 2019 ، اعلن وزير المالية الدكتور إبراهيم البدوي إن ( التقديرات ) المفترضة لإيرادات ميزانية عام 2020 ، اول ميزانية لحكومة حمدوك الانتقالية ، حوالي 568 مليار جنيه ، والمصروفات ( الجارية ) اي الحقيقية حوالي 584 مليار جنيه، ليكون العجز الجاري ، الايرادات ناقصا المصروفات ، حوالي 16 مليار جنيه ، بينما يصل العجز الكلي للموازنة الى 73 مليار جنيه ، حسب تصريح دكتور البدوي .
لاحظ الحسبة التقديرية التفاؤلية للداخل اي الايرادات . وهي حسبة تفاؤلية ، لا تسندها معطيات الواقع المُعاش ، حسب ما سوف نحاول إستبيانه في النقاط التالية :
اولاً :
ربما لا تكون قد سمعت يا حبيب، بأنه في يونيو 2019 :
+ وضعت ادارة ترامب حكومة حمدوك في قائمة الدول التي تجند الاطفال ، في اشارة لتجنيد الاطفال في قوات الدعم السريع المقاتلة في اليمن .
+ وضعت ادارة ترامب حكومة حمدوك في قائمة الدول التي تساعد في الاتجار بالبشر ، في إشارة لقوات الدعم السريع المشاركة في محرقة ليبيا .
لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع ، يمكنك يا حبيب ، التكرم بمراجعة تقرير صحيفة القارديان البريطانية حول مشاركة السودان في محرقة ليبيا على الرابط ادناه :
https://www.theguardian.com/world/2019/dec/24/mercenaries-flock-to-libya-raising-fears-of-prolonged-war
من تداعيات وضع حكومة حمدوك في تينك القائمتين ، إن ادارة ترامب قد طلبت ( أمرت ؟ ) صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنوك الاستثمار الاخرى الاقليمية والدولية بوقف اي تعاملات مالية مع حكومة حمدوك حتى خروجها من تينك القائمتين .
لمزيد من التفاصيل ، تفضل يا حبيب ، بمراجعة مقالة السفير والي على الرابط ادناه :
https://sudaneseonline.com/board/7/msg/1570662565.html
اول الاثافي ان اصدقاء السودان في اجتماعهم في ابريل 2020 ، لن يقدموا اي دعم لداخل الميزانية اي الايرادات ، بسبب وضع السودان في القائمتين اعلاه ، بالاضافة لإستمرار وضع السودان في القائمة الملعونة كالشجرة الملعونة التي تحتوي على الدول التي ترعى الارهاب ؟
ثانياً :
تعرف يا حبيب غلوطية استمرار وضع السودان على القائمة الارهابية الامريكية والذي سوف يستمر عليها الا ان يطمئن الكونغرس ، من خلال السفير الامريكي الجديد في الخرطوم ، ان حميتي قد لزم ثكناته ، وان السلطة التنفيذية صارت في ايادي الرئيس حمدوك ، وان المجلس السيادي الانتقالي بمثابة ملكة بريطانيا وبس .
سوف تشكل هذه القائمة الملعونة اكبر معوق لميزانية 2020 ، بل للاقتصاد السوداني كله جميعه ، كما اكد الرئيس حمدوك لكل من القى السمع وهو شهيد في نيويورك وباريس وبروكسل ومؤخراً في واشنطون ؟
ثالثاً :
اوقف الاتحاد الاوروبي التعامل مع السودان في اطار اتفاقية كوتونو التي تقدم هبات للدول الافريقية والكاريبية والباسفيكية باكثر من 420 مليون ايرو كل سنة ، لان السودان لم يصادق على نظام روما ، كما اشترطت اتفاقية كوتونو في بندها الحادي عشر .
كانت سوف تصب هذه الملايين في داخل ميزانية 2020 اي في الايرادات .
ولكن الصيف ضيعنا اللبن .
رابعاً :
كما جمد الاتحاد الاوروبي عملية الخرطوم
Khartoum Process
لوقف الهجرة الافريقية الى اروبا عبر السودان ، التي كانت تدر على السودان ( حميتي ) ، أو كما كانت سوف تدر لداخل ميزانية 2020 ، مئات الملايين من الدولارات . جمد الاتحاد عملية الخرطوم بعد ان وضعت ادارة ترامب حكومة حمدوك في قائمة الدول التي ترعى الاتجار بالبشر ، في اشارة لمشاركة ميليشيات حميتي للدعم السريع في محرقة ليبيا وجوارها .
وكانت الضحية داخل ميزانية 2020 اي الايرادات .
خامساً :
خرج السودان من مجموعة دول الهايبك التي تم شطب ديونها ، لانه لم يصادق على نظام روما
Highly Indebted Poor Countries HIPC
عدم شطب ديون السودان ، كما حدث لمجموعة الهايبك ، يخصم من داخل ميزانية 2020 ، اي الايرادات ، ويزيد في بند المصروفات ، على الاقل فوائد هذه الديون التي تهرول نحو حاجز الستين مليار دولار ؟
سادساً ً :
تعرف يا حبيب ، ان حميتي الذي دعم بنك السودان بمليار و200 مليون دولارقد توقف عن تقديم اي دعم لحكومة حمدوك ، بل كال لها اللوم والتبخيس والتقريع يوم الجمعة 27 ديسمبر 2019 ، وبالغ حين قال انهم في المجلس السيادي الانتقالي مجرد رموز تشريفاتية بدون اي سلطات تنفيذية .
وبالتالي لن يفكر حميتي في تقديم اي دعم لداخل الميزانية ، اي الايرادات ، ليساعد في سخط الشارع على حكومة حمدوك ، ويطلب من المخلص اليسوعي حميتي الخلاص .
كما تعرف يا حبيب ان المحور السعودي الاماراتي … الوحيد الذي يدعم السودان ماليا حاليا … هو مع المخلص اليسوعي حميتي وليس مع حمدوك .
سابعاً :
في سياق توكيد حميتي انه وصحبه العسكر الكرام في المجلس السيادي الانتقالي مجرد رموز تشريفاتية للسلطة ، وإن السلطة الحقيقية التنفيذية في ايادي الرئيس حمدوك وحكومته ، نشير الى بعض الوقائع ، مثالاً وليس حصراً ، التي تؤكد ان حميتي صار ترامب السودان وليس ملكة بريطانيا السودان .
عد يا حبيب ان كنت من العادين :
واحد :
+ ترؤس حميتي لاجتماع تنفيذي وليس تشريفاتي يوم الاثنين 30 ديسمبر 2019 ( ضم الرئيس حمدوك ) لمناقشة احداث الجنينة ،
+ ترؤس حميتي لمفاوضات جوبا التنفيذية وليست التشريفاتية ،
+ استدعاء حميتي ، بقرار تنفيذي ، لعشر الف من قواته للدعم السريع من اليمن ، في استراحة محارب ، دون مشاورة حكومة حمدوك ،او حتى رئيسه المُفترض البرهان ؟
+ إرجاع حميتي للخدمة ، بمكالمة تلفونية لوزيرة الخارجية ، سفير السودان في دولة النيجر جعفر محمد آدم ( مونرو ) ، بعد ان اعفاه الرئيس البرهان بطلب من الرئيس حمدوك ووزيرة الخارجية .
وتترى المُثلات التي تؤكد ان حميتي صار ترامب السودان وقطعا ليس ملكة بريطانيا التي كانت عظمى في سالف وغابر الزمان .
ثامناً :
قال قائل منهم ان حميتي يقنطر الكور للاطاحة بحكومة حمدوك ، وتنصيب نفسه سيسياً على بلاد السودان في تفعيل لمتلازمة ( سحح ) ، وترجمتها بعربي الدروشاب :
سيسي – حفتر – حميتي ؟
يدعم المحمدان هذا التوجه ، بعد ان نصبا السيسي وحفترملوكا بدون تيجان على مصر وليبيا ، ولم يبق الا الملك حميتي ملكاً غير متوج على السودان ؟
المحمدان ، كما تعرف يا حبيب ، هما الداعمان حالياً لإقتصاد وميزانية السودان … مراعاة لعيون حميتي العسلية ، وليس لاي مبرر آخر ؟
انتظروا تنصيب الملك حميتي ملكاً بدون تاج على بلاد السودان واهل بلاد السودان … إنا معكم منتظرون .
نعود لاستعراض مصادر تمويل داخل ميزانية 2020 اي الايرادات ، فالعود أحمد ؟
تاسعاً :
الركود التضخمي
Stagflation
الذي يعاني منه السودان حالياً ، مرشح للإنتفاخ البالوني بسبب استمرارالعقوبات الامريكية وغيرها من اسباب . هذه الركود التضخمي سوف يقلل من القيمة ( الحقيقية ) لداخل ميزانية 2020 ، ويزيد من حجم كتلة المصروفات التي سوف تتضاعف فلكياً بسبب الركود التضخمي .
عاشراً :
اعلنت حكومة حمدوك استمرار الدعم للوقود والقمح والغاز والكهرباء ، واكدت مجانيات التعليم والعلاج والتامين الصحي ضمن مجانيات اخرى، في اطار ميزانية 2020 .
هذا الدعم ، وتلك المجانيات سوف تكون خصماً مباشراً على داخل الميزانية اي الايرادات ، وإضافة لخارجها اي المصروفات ، الامر الذي يعمق الفجوة بين داخل الميزانية وخارجها .
يبقى سؤال المليون دولار :
هل سوف تمطر السماء ذهباً لتغذية داخل الميزانية اي الايرادات ؟
احد عشر :
هناك إنتفاخ بالوني في الفجوة بين الايرادات المقدرة والمنفوخة بمنفاخ البدوي من جانب ، حسب ملاحظاتنا اعلاه . ومن الجانب المقابل المصروفات المرشحة للانتفاخ بسبب الركود التضخمي ، ودعم الوقود والقمح والغاز والكهرباء ، ومجانيات التعليم ، والصحة ، والضمان الاجتماعي ، والتامين الصحي ، وزيادة الصرف ، بل مضاعفة الصرف ، على الجيش من حوالي 33 مليار جنيه في عام 2019 الى حوالي 50 مليار جنيه في عام 2020 ، وقطعا اكثر من ذلك بكثير وكثير جداً بعد إعتماد قوات الخدمة الوطنية ، وإعتماد ميليشيات الدفاع الشعبي المؤدلجة اخونجياً كقوات نظامية ( تساعد ) الجيش السوداني ، كما اكد بذلك صراحة الرئيس البرهان في يوم الاحد 29ديسمبر 2019 .
اثنا عشر ً :
كما تلاحظ يا حبيب ، هي ميزانية من غير ميزان ، بها مصروفات معروفة ، بل مُقزمة واقل بكثير من الواقع … وايرادات في عالم الغيب ، فالرئيس حمدوك ووزيره البدوي من المتقين الذين يؤمنون بالغيب وبرزق السماء .
ثلاثة عشر ً :
ولكن ربما راهن الرئيس حمدوك ووزيره البدوي على المؤتمر الاقتصادي في مارس 2020 ، الذي سوف يكون بمثابة عصا موسى ويده البيضاء لميزانية 2020؟
هل سوف يخلق المؤتمر الاقتصادي من فسيخ الواقع المُعاش شربات ؟
ثم ما الحكمة ، إن كان ثمة حكمة ، في عقد مؤتمر اقتصادي جامع في مارس 2020 لمناقشة ميزانية عام 2020 ( بعد ) 90 يوماً من بدء العمل بها ، وليس في اكتوبر 2019 ، ( قبل ) 90 يوماً من بدء العمل بها ، في إستنساخ لمتلازمة الحصان والعربة … هذا بالرغم من تكرار السيد الامام لعقد هكذا مؤتمر منذ سبتمبر 2019؟
ولكن وللاسف لا يملك المؤتمر الاقتصادي على عصا موسى ؟
اربعة عشر :
في هذا السياق ، هل يحاكي رئيسنا المحبوب حمدوك خلال عام 2020 القيصر نيرون الذي كان يعزف على ربابته وروما تحترق وهو يصيح في شوارع روما المحترقة :
امبراطورية للبيع ؟
ام سوف يهب حميتي لزحلقة رئيسنا حمدوك وحكومته المدنية من السلطة التنفيذية ، وينصب نفسه ملكاً تنفيذيا غير متوج على بلاد السودان ، وينقذ ميزانية 2020 من الغرق ، وهو الذي انقذ بنك السودان برمي مليار و200 مليون دولار في خزائنه … لتصير دولة السودان دولة داخل دولة حميتي العظيم ؟
خاتمة :
في يوم الجمعة 27 ديسمبر 2019 ، هدد حميتي بان اللبن بدا يفور ؟ فهل يا ترى سمع حمدوك الكلام ، خصوصا وحميتي اوقع عليه اللوم لتردي الاوضاع الاقتصادية والمعيشية ، وبالتالي لابد من تدخل لاصلاح الحال ، كما في غلوطية سيسي مصر، وكما في متلازمة عبود ونميري والبشير ، الذين تدخلوا في زمن غابر لإصلاح الحال ، فجعلوه ( عوجاً ) ؟
اربطوا الاحزمة … إنا رابطونها ؟