ما يحدث فى السودان هل هو انهيار اقتصاد أم انهيار دولة

    السودان البلد الغنى الفقير، الغنى بثرواته البشرية والمادية، فتجد التنوع فى كل شىء  فمن حيث السكان قل ما نجد مثيل له ، هذا قبل انشطاره الى شمال وجنوب، وحتى بعد الانفصال ظل هناك تنوع فى السودان والذى اذا استغل بصوره جيدة سيحقق المعجزات ، أما من ناحية الموارد الاقتصادية فالسودان يعد من اغنى دول القارة اذا لم يكن على مستوى العالم، فمقارنة ثروات السودان بحجم سكانه يؤهله لأن يعيش حالة رفاه،لأنه لايوجد بلد افريقى يتمتع بمساحة200  مليون فدان من الاراضى الخصبه الصالحه للزراعة غير السودان بالأضافه الى الثروه الغابية والمعدنية وكذلك الثروة الحيوانية الى جانب موقعه  الاستراتيجى ، ولكن بعد كل هذه المميزات والتى قل ما نجدها مجتمعه فى بلد غير السودان أن السودان يصنف من افقر الدول فى الكره الارضية وفقا لمعايير محدده ، قد يظن البعض أن فى الأمر  تناقض ولكنها الحقيقة المره ، فكل شىء فى السودان وا رد أن ينقلب على ضده فالغنى انقلب الى الفقر،والتنوع الاثنى انقلب الى تنافر ، والموارد الاقتصادية  انقلبت على الشعب فبدلامن أن تكون مصدر سعادته اصبحت مصدر شقاءه ، ولكن كل تلك الاضاد لم تكن تلقائية أو بقانون الطبيعة ،و لكنها بفعل الانسان فالمظاهرات التى شهدها السودان مؤخرا بسبب زيادة اسعار المحروقات والتى تعنى زيادة اسعار السلع والخدمات ، لم تكن الا مظهر من مظاهر الانهيار الاقتصادى، ففى الاصل السلع لم تكن مدعومة كما ادعى نظام الخرطوم أنه رفع الدعم عنها ولكن التحايل لخداع الشعب هو وراء كل ذلك.
  قد لا يعلم غالبية السودانيين حجم الازمة، فهم يعلمون فقط ماظهر لهم فى العيان ولكن ما خفى اعظم ، فالموضوع ابعد وأخطر من زيادة الاسعار، لأن زيادة الاسعار سببها مشكلات كبيرة متراكمه ، فالدوله السودانية التى اجازت موازنة العام 2013 بالعجز هى نفس الدوله المثقلة بالديون الخارجية والداخلية ، فانا متأكد من أن 95% من السودانيين لايعلمون أن أى مولود سودانى ولد هذا العام يولد وهو مطالب بدين قدره 1394 دولار هذا الرقم هو ناتج قسمة جملة ديون السودان  على عدد سكانه حيث بلغت الديون على السودان حتى الأن 46 بليون دولار وهى تساوى ضعف ميزانية السودان لعام 2013 ، أما اذا اردت أن تحول هذا الرقم الى الجنيه السودانى الذى كاد أن يصبح كورقة فلسكاب التى لاتتمتع بقوة قانونية لتبرئة الذمة فعليك ان تضرب 1394 دولار فى سعر صرف الدولار مقابل الجنيه وهو 1 : 5.20 فالناتج بالجنيه يعادل 7248.8 أى سبعة ألف ومئتان وثمانيه واربعون جنيها وثمان قرشا هى نصيب كل سودانى من الديون التى يجب أن يدفعها ، فتخيل أى جهد يجب أن يبذله الشعب السودانى لسداد تلك الديون، وليت الأمر وقف عند ذلك الحد فأى يوم يستمر فيه نظام المؤتمر الوطنى فى الحكم يعنى زيادة نصيب الفرد من الديون ، فأذا لم ينفصل الجنوب لكان ألامر أهون لأن الشعب السودانى قد يتقاسم سداد الديون ولكن الأن تبدل الوضع لأن أى محاوله لمطالبة دولة جنوب السودان لتحمل بعض الديون أو تقاسمها فسوف ينفتح باب كبير يخرج منه اسئله لايستطيع أحد اجابتها ومن الاسئله المتوقعة السؤال البديهى وهو ماذا استفاد شعب جنوب السودان من ديون السودان غير امطاره  بسلاح الجو السودانى ومدفعيته التى وجهت على صدور الجنوبيين لمدة خمسه عقود، وعقدين منها مسؤلة عنها نظام الخرطوم الحالى. فاذا قبل الجنوب النقاش عن تقاسم الديون لا اظن انه سيقبل بأقل من تقاسم الأصول وفى هذا تدخل حتى الأصول العسكرية وهذا ما لايقبله نظام الخرطوم ، ولكن ألاخطر من ذلك هو حتى بعد زوال نظام المؤتمر الوطنى تظل هذه الديون معلقه على عنق الشعب السودانى لأنها أى الديون أخذت بأسم جمهورية السودان ، ولكن الكارثة فى ذلك اذا طال امد النظام وهو مباشرة يعنى زيادة الديون بصوره كبيرة لأنه بعدم سداد الديون تزداد الفائدة على الديون بالأضافه الى قروض جديدة من الجهات التى لا يهمها مصلحة الشعب السودانى والتى تستمرفى بيع اليات تدمير الشعب السودانى للنظام ، يعلم السودانيين أم لايعلمون أن هذه الزياده هى لمقابلة احتياجات النظام لدعم اجهزته القمعية وليست للاصلاح الاقتصادى كما ادعى النظام ، فى ألاصل لايصلح الاقتصاد الا لفائدة الشعب فكيف نتخيل أن يصلح النظام اقتصاد بلد يبيد شعبه مستخدما موارده وأحطياطى الاجيال القادمة.
  لكل مشكلة علاج فطالما هو كذلك فالا زمات الاقتصادية ايضا لها علاج، ولكن لا يتأتى حل أى مشكلة الا بمخاطبة جزور تلك المشكلة والتى تسهل من عملية الحل فيها،فالمشكلات كالامراض ففى علاج المرض كما هو معروف للكل يقوم الطبيب بأجراء فحوصات للمريض ليحدد مرضه ليسهل له الوصفه العلاجية المناسبة، ففى السودان تم حتى استخدام البتر، معروف أن السودان ظل سقيما على مدى 57 عاما ولم يتعافى وذلك لعدم الالتزام بالوصفه الطبية المناسبه على الرغم من فعاليتها لشفاء الجسم السودانى ولكن رفض استخدام ذلك الدواء اطال امد المرض الذى انتشر فى كل اعضاء الجسم،بعض العنصريين من ابناء الشمال وصف الجنوب بأنه سرطان يسرى فى جسم السودان فيجب بتره فلذا بتر الجنوب من الجسم السودانى ولكن السرطان لم يكن الجنوب كما قال الطيب مصطفى بل هى انظمة الحكم فى السودان لأن السرطان يصيب اعضاء الجسد وليس العضو هو السرطان، فالجنوب هو كان احد اعضاء الجسم السودانى كما بقية الاقاليم التى اعياها الالم السرطانى، ولكن الجنوبيون استطاعوا أن يتقبلوا الوصفه الطبية لذا استخدموها لأنهم تيقنوا أن ذلك السرطان اذا استمر هكذا فسوف يؤدى الى موته، فتعافى من ذلك المرض منذ التاسع من يوليو 2011 ، ولكن ثبت بمالايدعوا مجالا للشك الكذبه الكبرى التى اطلقها الطيب مصطفى وانصاره وذلك لأن السرطان مازال يأكل الجسم السودانى الباقى والذى يدعى أنه جسم واحد ، الامر الذى يدعوا للاستغراب أن أى جسم حى يتألم كله فى حالة اصابة جزء منه بمكروه ، فكيف لاناس يدعوا أنهم شعب واحد ولا يتألم بعضهم من آلام البعض الاخر، فهذا ظهر فى الاحتجاجات الاخيرة بسبب ألاوضاع الاقتصادية فى البلاد ،لأن الشعب السودانى خرج للشارع بسبب رفع الاسعار فى الوقت الذى لاذ بالصمت عندما حصدت ومازالت تحصد مدفعية وسلاح الجو السودانى ارواح آلاف من السودانيين فى اقاليم بعينها وتلك الاقاليم هى جزء من اعضاء السودان هذا ليس له غير احتمالين ، الاحتمال الأول هو اما أن هذا الجسم السودانى اعياه المرض بحيث لايقوى حتى على الاحساس بالالم الذى يعترى بعض اعضاءه وهذا مؤشر خطير يوحى بقرب موت هذا الجسم، أما الاحتمال الاخر هو أن ما يدعى أن السودان هو جسم واحد يعتبر خدعه فيوحى أن اعضاء الجسم السودانى غير متصله وبذهاب الجنوب يرجح الاحتمال الاخير وان كان للاحتمال الاول ايضا اثر فى ذلك.
 نعود الى اقتصادنا الذى يتخبط الناس فى وصفه فالبعض يصفه بالانهيار والبعض الاخر بأزمه وآخرون يصفونه بالصدمه بسبب انفصال الجنوب، كل هذه النعوت للاقتصاد السودانى لا تتعدى الوصف للحاله الاقتصادية دون النظر للمسبب الحقيقى للمشكلة ، فنجد البعض يرى أن النظام الحالى قد يستطيع علاج الاقتصاد السودانى والبعض الاخر يرى فى النظام الازمه الاقتصادية
  لكن الاصح أن نبحث فى اسباب المشكلة الاقتصادية لتحديد نوع الاسباب ، فالاجتهاد فى البحث عن الاسباب الاقتصادية البحتة لا تأتى بنتيجه حقيقية ، لأن المشكلة الاقتصادية لا تنشأ الا بأسباب سياسية آنية أو تراكمية ، ففى تاريخ المشكلات الاقتصادية فى العالم نجد أن الازمات الاقتصادية كلها نتاج لعوامل أو اسباب سياسية ابتدءا من الكساد العالمى العظيم فى عشرينيات القرن الماضى والذى كان سببه الحرب العالمية والتى تعد من الاسباب السياسية الصرفه ، فالسلطة هى التى تدير الاقتصاد وهى التى تؤثر عليه ايجابا أو سلبا.فالسودان لا يشذ من تلك القاعدة فهو الاخر  تأثر اقتصاده بالعوامل السياسية ، فنظام المؤتمر الوطنى لايستطيع ولايرغب فى معالجة الحاله التى وصل اليها الاقتصاد السودانى.فأى استمرار له قد يؤدى الى انهيار الدوله، لأن المؤشرات الاقتصادية تدل على ذلك ، وحاله الاحباط لدى السودانيين فى ازدياد ، فالوضع الاقتصادى له تأثير سالب على نفوس السودانيين الذى يصل بهم الى حد اليأس من الانتماء للسودان وهذا هو الخطر القادم فما يحدث ليس بالبساطه التى يراها البعض أنها ازمة اقتصادية عابره ولكنها بداية لانهيار الدولة .فأسقاط النظام وأنتماء السودانيين الى شعب واحد هما الوحيدان لعلاج مشكلات السودان.
عبدالعزيز دانفورث
[email protected]
4/10/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *