الحلقة السادسة ( 6 – 12 )
1- الاستاذ علي عثمان محمد طه ؟
ذكرنا في مقالة سابقة ان الاستاذ علي عثمان محمد طه مسؤول مسؤولية مباشرة عن معظم الكوارث والماسي التي حلت بالسودان من فجر الجمعة 30 يونيو 1989 وحتى تنحيته في يوم الأحد ٨ ديسمبر 2013 ، وظهوره المغتغت خلف كواليس المسرح السياسي في يوم الاحد 28 يناير 2018 عندما ابتكر المجالس السيادية الخمسة لضمان احتكار الرئيس البشير لكل وجميع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وظهوره الملتبس في يوم الثلاثاء اول مايو 2018 ، عندما اجتمع لمدة 5 ساعات متواصلة بالدكتور نافع علي نافع ، وضحكا معاً على دعوة الفريق مالك عقار لمكونات المعارضة لاجتماع عاجل لوضع التحوطات اللازمة لـتغيير آمن ، والاتفاق على ترتيبات الفترة الانتقالية. وكأن قادة المعارضة يتشاجرون حول اقتسام جلد النمر قبل صيده .
نجح الاستاذ علي عثمان في تحييد الدكتور نافع بإقناعه بدعم تعديل الدستور لضمان ترشيح الرئيس البشير لولاية ثامنة في انتخابات 2020 .
استعرضنا في الحلقات الخمسة السابقة من هذه المقالة بعض البعض من جرائم الاستاذ علي عثمان ، ونركز في هذه الحلقة السادسة من المقالة على استعراض سياسة التمكين ، التي ابتدعها الاستاذ علي عثمان ، وقادت من بين عوامل اخر ، لتدمير بلاد السودان .
2- سياسة التمكين في كلمة ؟
انتجت سياسة التمكين السياسي والإقتصادي الفساد والمفسدين والفشل والفاشلين ، والحروب الاهلية في المناطق الطرفية التي شعر اهلها بالظلم نتيجة سياسات التمكين فاضطروا لحمل السلاح لرد الظلم عنهم . كما عززت سياسة التمكين نظام الحكم الاوتوقراطي الذي يتحكم في السلطة والثروة فيه شخص واحد هو الرئيس البشير ، الذي صار يتحكم في بل يجسد السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية .
بفضل سياسة التمكين ضاعت قواعد الشفافية والرقابة والمحاسبة والمساءلة ، وغابت سيادة حكم القانون ، فصار السودان الى غابة ، الامر الذي اهله ليكون سابع افشل دولة في العالم ، وخامس افسد دولة في العالم .
قلتم أنى هذا ؟
قل هو من سياسة التمكين .
3- كتاب الدكتور عبد الرحيم عمر محي الدين ؟
الدكتور عبد الرحيم عمر محي الدين، من شباب الحركة الإسلامية النافذين والعارفين ببواطن الامور ، تقلب في عدة مناصب تنفيذية قيادية ، وكان مساعدا لأمين العلاقات الخارجية بحزب المؤتمر الوطني الحاكم، وعمل مستشارا بسفارة السودان في بيروت. في مايو 2006 ، نشر الدكتور عبدالرحيم كتابه ( الترابي والإنقاذ … صراع الهوية والهوى) ، الذي احتوى على عدة اسرار لم يتم الكشف عنها قبل عام 2006 ، اهمها ما يتعلق بسياسة التمكين .
في النقاط ادناه ، نشير الى بعض البعض من هذه الاسرار الخاصة بسياسة التمكين ، والتي صارت معروفة للجميع ، وثبتت صحتها بمرور الايام وتوارد التوكيدات ، كما نستعرض في ذات الوقت بعض تداعيات سياسة التمكين :
اولاً :
ثبت ان الاستاذ علي عثمان هو منتج ومخرج وكاتب سيناريو انقلاب الانقاذ فجر الجمعة 30 يونيو 1989 . فهو كما قال شيخه الترابي قد تربى على لحم الثعالب والضباع والذئاب في جنينة الحيوانات في الخرطوم ، فصارت مرجعياته الاخلاقية ذئبية بإمتياز ، تعتمد على الغدر والتدليس والافك . ولذلك فقد عمل على الغدر بالنظام الديمقراطي الذي كان جزءاً اصيلاً فيه ، ليمكن لشخصه اولاً ، ولتنظيمه الاخواني ثانياً ، حسب سياسة التمكين التي صارت بوصلته الحصرية .
ثانياً :
إبتدع الاستاذ علي عثمان كذبة وخدعة ( الى السجن حبيساً ، وإلى القصر رئيساً ) ، والتي استعارها منه شيخه الترابي ، لتضمن لانقلاب الغدر التمكين والثبات خصوصا في ايامه الحرجات الاول ، في وجه اي ثورة مضادة يدعمها المجتمع الدولي ضد الاخونجية الانقلابيين . وقد انطلت خدعة الاستاذ علي عثمان التمكينية حتى على ملوك التدليس والافك والثلاثة ورقات ملوص ، فصار الرئيس المصري مبارك يتلفن في رياح الدنيا الاربعة ، مؤكداً :
دول بتوعنا ؟
وبذلك ضمن الاستاذ علي عثمان لانقلابه الغادر التمكين في ايامه الاول الحرجات .
وبعد ان تمكن الاستاذ علي عثمان ، انقلب على الرئيس مبارك الذي دعم انقلابه وأمنه ، فدبر مؤامرة لإغتياله في عام 1995 في اديس ابابا ، لا يزال السودان يعاني من تداعياتها في مثلث حلايب المنهوب ومنطقة الفشقة المسلوبة .
نعم … هذه هي اخلاقيات الذئاب والضباع والثعالب التي تربى الاستاذ علي عثمان في حضنها .
ثالثاً :
حسب كتاب الدكتور عبدالرحيم ، في بداية انقلاب الغدر وفي يوليو 1989 ، سأل العميد وقتها عمر حسن أحمد البشير مهندس الانقلاب الاستاذ علي عثمان :
متى تظهر علاقة الحركة الإسلامية بالانقلاب؟
رد الاستاذ علي عثمان :
نحن لمدة 30 سنة ما دايرين زول يعرف علاقتنا بالنظام. وحتى نتمكن تماماً من كل مفاصل السلطة وننضف كل جيوب المعارضة .
استمرت عملية التمكين لمدة 30 سنة عجاف كما قال الاستاذ علي عثمان في يوليو 1989 ، ولا تزال عملية التمكين مستمرة حتى في غياب الاستاذ علي عثمان ، خلف جدر ، منذ الأحد ٨ ديسمبر 2013 .
وانقلب الحال بعد تمكين عملية التمكين للرئيس البشير الذي صار لا يُري القوم الا ما يرى ، فصار الاستاذ علي عثمان يأخذ الاوامر من الرئيس البشير ، بعدما كان العميد عمر حسن احمد البشير يسال الاستاذ علي عثمان النصح والتوجيه في بداية انقلاب الغدر .
رابعاً :
باوامر من الاستاذ علي عثمان ، تم اعتقال الشيخ الترابي وعدد من قيادات الحركة الاسلامية ، في يوليو 1989 ، للتمويه والخداع ، خصوصا خداع الادارة الامريكية ليتقي شرها . ابعد الاستاذ علي عثمان نفسه من شرزمة المعتقلين ، ليضمن حرية الحركة ، وحتى يبداً في سياسة التمكين لشخصه ، مع غياب شيخه الترابي وعدد من قيادات الحركة الاسلامية من المشهد السياسي .
وقد كان له ما اراد ، إذ خلا له الجو تماما ، وصار جو فول ، فصار يصدر الاوامر لاعضاء مجلس قيادة الثورة ، كما حكى واسهب في الحكي عضو مجلس قيادة الثورة وقتها فيصل مدني مختار .
نجح الاستاذ علي عثمان في التمكين لشخصه ، فصار عراب النظام ، ولكن من وراء جدر .
خامسأً :
كان من المقرر ان يتم حبس الشيخ الترابي وزمرته في سجن كوبر مع قادة المعارضة الاخرين لمدة لا تتجاوز الشهر ، يعود بعدها الشيخ الترابي لقيادة سفينة الانقاذ ، بعد ان يتم التمكين للنظام الجديد في ايامه واسابيعه الاول الحرجات . ولكن قرر الاستاذ علي عثمان استمرار حبس شيخه الترابي لثمانية شهور ، ولم يتم اطلاق سراحه وسراح بقية قادة الحركة الاسلامية ، بامر الاستاذ علي عثمان ، الا في فبراير 1990 .
اراد الاستاذ علي عثمان ان يضمن التمكين لشخصه من كل وجميع مفاصل السلطة ، وهو الوحيد من قادة الصف الاول خارج سجن كوبر ، وشيخه الترابي ومعه بقية القادة الاسلاميين في الحبس الخداعي .
عندما طال حبس الشيخ الترابي الخداعي في كوبر حتى بعد استتباب الامر للانقلاب الغادر ، داعب الاستاذ محمد ابراهيم نقد ، زميله في الحبس الشيخ الترابي ، قائلاً :
يا حسن كتر خيرك ، جاملتنا كفاية ، أمرق بعد دا حصل حكايتك دي .
رد الشيخ مداعباً الاستاذ محمد ابراهيم نقد :
يا محمد ، نعمل شنو مع ولد جنينة الحيوانات العلمناه الرماية كل يوم ؟
نعم … لم يسمح الاستاذ علي عثمان بمروق شيخه الترابي من سجن كوبر ، الا بعد ان تمكن تماماً من جميع مفاصل السلطة .
ونعم ثانية ، ان الاستاذ علي عثمان بدأ سياسة التمكين بالتمكين لشخصه اولاً .
سادساً :
لإنفاذ سياسة التمكين ، ابتدع وتولى الاستاذ علي عثمان وزارة التخطيط الاجتماعي في بدايات الانقاذ ، لتطبيق شعار الانقاذ ( إعادة صياغة الإنسان السوداني ) ، ليضمن انضمام السودانيين للمشروع الايديلوجي للانقاذيين الاخونجية . سمى الاستاذ علي عثمان الانتماء لهذا المشروع الاخونجي ب ( الانتماء للوطن ) ، وكأن الآخرون من غير الموالين للانقاذ لا ينتمون للوطن . هدف الاستاذ علي عثمان ان يوسع دائرة المواليين للانقاذ والمتوريكن ، بحندكتهم بحلويات سياسة التمكين ، ليصير اغلب الناس من منسوبي الانقاذ فيستفيدون من موارد الدولة ، التي سوف يتم احتكارها وحصرياً للموالين للانقاذ والمتوريكين ، ويتم حرمان باقي المواطنين منها .
كان من نتائج سياسة التمكين ، والياتها المشروع الحضاري ووزارة التخطيط الاجتماعي ، اضعاف الشعور الوطني لدى المواطن السوداني ، وظهور الفساد بكل الوانه حتي صار السودان خامس افسد دولة في العام ، والفشل العام في كل مرافق الدولة حتى صار السودان سابع افشل دولة في العالم .
بسياسة التمكين بدل الاستاذ علي عثمان السودانيين جنتيهم بجنتين ذواتي اكل خمط واثل وشئ من سدر قليل .
نواصل مع الافعى …