ثروت قاسم:
الامريكي جون سوليفان ؟
في يومي الخميس 16 والجمعة 17 نوفمبر 2017 ،زار السودان جون سوليفان ، نائب وزير الخارجية الامريكي ، وناقش مع المسؤلين السودانيين عدة قضايا عالقة منها :
رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية التي تحتوي على الدول الراعية للإرهاب، وعقوبات قانون سلام دارفور التي اعتمدها الكونغرس الأمريكي ضد السودان ، وانتخابات ابريل 2020 ، ضمن موضوعات اخرى عالقة .
نزعم ، وبعضه حق ، إن هذه الزيارة قد احدثت زعازع ما لها من اوتا
د ، وزلازل تكتونية في بنية نظام البشير ، غيرت من اتجاه بوصلته ، وجعلت الرئيس البشير يتخذ عدة قرارات مصيرية ، اخيرها وليس آخرها ، تكوين الرئيس البشير خمس مجالس سيادية ، يتكون كل مجلس منها من المُعينين ال ( نعم) ات ، الذين لا يعصون للرئيس البشير امراً ، ويقولون له ( سمعنا واطعنا ) .
نختزل خلفيات وتداعيات ومآلات هذه الزعازع والزلازل في النقاط التالية :
اولاً :
في يوم الجمعة 6 اكتوبر 2017 ، رفعت ادارة ترامب ، عقوباتها الاقتصادية والتجارية على نظام البشير ، والمفروضة باستمرار لمدة اكثر من 20 سنة ومنذ العام 1997 . يرجع الفضل لرفع هذه العقوبات لمجهودات البروف ابراهيم غندور ، ب ( لزة ) من السعودية والامارات واسرائيل . بشر البروف غندور رئيسه البشير بان ادارة ترامب بصدد رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية التي تحتوي على الدول الراعية للإرهاب، و رفع عقوبات قانون سلام دارفور التي اعتمدها الكونغرس الأمريكي ضد السودان .
والاهم وبيت القصيد اكد البروف غندور لرئيسه البشير بان ادارة اوباما سوف تعمل على ان يسحب مجلس الأمن ملف دارفور من محكمة الجنايات الدولية لتتم مناقشته كقضية سياسية امام المجلس بدلاً من قضية جنائية امام محكمة لاهاي . وبالتالي سوف تموص محكمة لاهاي امر قبض الرئيس البشير وتشرب مويته ، ويصير في خبر كان وخبر إن كذلك . وبعدها يصير الرئيس البشير كطائر الكناري ، يطير من فنن لندن الى فنن واشنطون مروراً بفنن باريس .
يالها من احلام وردية ؟
نور البروف غندور رئيسه البشير بان ترامب غير معني بالسودان ، بل ربما لا يعرف موضعه في الخارطة الجغرافية ، وان ترامب قد فوض مساعديه باتخاذ ما يرونه مناسباً في كل القضايا الهامشية ، خصوصاً ما يخص ال
Shithole countries
اي دول حفرة البراز في افريقيا ، ومن بينها السودان .
اكد البروف غندور لرئيسه البشير بانه قد ( تكتك ) المسالة مع جون سوليفان ، نائب وزير الخارجية الامريكي واحد مساعدي ترامب المخلصين ، والذي سوف يزور الخرطوم ويلتقي الرئيس البشير في يوم الخميس 16 نوفمبر 2017 .
وفنجط حمار الرئيس البشير ، وصار يحاكي 9 الانشقاق :
( وينقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا )
صار الرئيس البشير يعد الثواني لوصول الحبيب جون سوليفان ، الذي سوف يبعده من بروش لاهاي وصقيعها .
كان العشم في الملاك جون سوليفان كبيراً . وبكبر العشم ، صارت الخيبة اكبر كما سوف نرى ادناه .
ثانياً :
في يوم الخميس 16 نوفمبر 2017 ، وصل جون سوليفان الى السودان .
وكم كانت خيبة الرئيس البشير فاجعة لان الملاك جون سوليفان انقلب الى شيطان رجيم .
رفض جون سوليفان توسلات البروف غندور بمقابلة الرئيس البشير ، وبرر رفضه بان الرئيس البشير مطلوب للعدالة الدولية في جرائم ابادات جماعية وجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب ، وبالتالي مُحرم على كل مسؤول امريكي مقابلته . بل طالب جون سوليفان الرئيس البشير ببسط الحريات الدينية ، لان نظامه في قاع قائمة الدول التي لا تحترم الحريات الدينية ، بل تقمع الاقليات الدينية .
زاد جون سوليفان الضغث على الابالة بان دعا الرئيس البشير لعدم الترشح في جولة ( ثامنة ) في انتخابات 2020 ، وتكفي 31 سنة من القمع والاستبداد لبلاد السودان واهل بلاد السودان .
جولة ثامنة ؟ صرخ الرئيس البشير مستهجناً ومستنكراً إدعاءات جون سيلفان التي تحاكي ادعاءات رئيسه ترامب في الكذب والافك والتدليس حسب متلازمة الحقائق البديلة ، التي ابتدعها ترامب .
ثالثاً :
رد لسان حال جون سولفان على استنكار الرئيس للجولة الثامنة ، وتساؤله ( حسبتها كيف يا ابو ضيف ؟ ) ، بان ذكر الرئيس البشير بالحقائق الدامغة الآتية :
استمر الرئيس البشير رئيساً للسودان منذ يوم الجمعة 30 يونيو 1989 وحتى يوم الدين هذا … لمدة 29 سنة متواصلة .
صار الرئيس البشير خامس اقدم رئيس في افريقيا بعد :
+ ثيودور اوبيانغ ، رئيس غينيا منذ عام 1979 … 39 سنة .
+ دينس نغيسو ، رئيس الكونغو منذ عام 1979 … 39 سنة .
+ بول بيا ، رئيس الكميرون منذ عام 1980 … 38 سنة .
+ يوري موسفيني ، رئيس يوغندة منذ عام 1986 … 32 سنة .
+ عمر البشير ، رئيس السودان منذ عام 1989 … 29 سنة .
يمكن تفصيل رئاسات الرئيس البشير السبعة السابقة للسودان كما يلي :
الفترة الاولى :
+ من 1989 الى 1992 … 3 سنوات ، رئيس المجلس العسكري لانقلاب الانقاذ . تم حل المجلس العسكري في 1993 ليستفرد الدكتور الترابي بالسلطة من وراء جدر ، مع استمرار الرئيس البشير رئيساً للجمهورية بدون انتخابات .
الفترة الثانية :
+ من 1992 الى 1996 … 4 سنوات ، رئيس الجمهورية بدون انتخابات ، بل نصبه المجلس التشريعي المعين رئيساً للجمهورية بدون انتخابات برئاسة عضو مجلس الثورة والاخونجي محمد الامين خليفة .
الفترة الثالثة :
+ من 1996 الى 2000 … 4 سنوات ، فاز الرئيس البشير في انتخابات كيجاب المخجوجة ، والمقاطعة من الاحزاب السياسية .
الفترة الرابعة :
+ من 2000 الى 2005 … 5 سنوات ، فاز الرئيس البشير في انتخابات مخجوجة ومقاطعة من الاحزاب السياسية .
الفترة الخامسة :
+ من 2005 الى 2010 … 5 سنوات ، استمر الرئيس البشير رئيساً ، بدون انتخابات ، في الفترة الانتقالية حسب اتفاقية السلام الشامل مع الحركة الشعبية .
الفترة السادسة :
+ من 2010 الى 2015 … 5 سنوات ، فاز الرئيس البشير في انتخابات مخجوجة ومقاطعة من الاحزاب السياسية .
الفترة السابعة :
+ من 2015 الى 2020 … 5 سنوات ، فاز الرئيس البشير في انتخابات مخجوجة ومقاطعة من الاحزاب السياسية .
الفترة الثامنة :
+ سوف تبدأ الفترة الثامنة في عام 2020 وتستمر حتى عام 2025 ، بعد انتخابات مخجوجة في عام 2020 .
قال قائل من المناضلين الاحرار الشرفاء :
علمتنا كتب التاريخ ان نظام البشير سوف يستمر طالما لم ندفع التكاليف . لا توجد في التاريخ، ولن توجد في المستقبل، قوة مقاومة وطنية تنافس قوة احتلال داخلي في موازين السلاح . لكن الاحتلال الداخلي ينتهي وتزول دولته، حين تتضاعف تكاليف بقائه دما ومالا، وحين لا تصبح التكاليف محتملة. وهذه خبرة الشعوب والأمم كلها ، ولنا عظة وعبرة في ثورة اكتوبر 1964 وانتفاضة ابريل 1985 .
علمتنا كتب التاريخ ان لا احتلال داخلي يجلو بخارطة طريق مبيكي ، ولا بالمناشدات والبيانات والحوارات العبثية ، ولا بقرارات الاتحاد الافريقي والايقاد والترويكا وحتى الأمم المتحدة ، ومجلس امنها .
ولا بالاستظهار اللفظي لقواعد الحق والعدل.
بل يتم زوال النظم القمعية الاستبدادية الفاسدة دائما بالدماء ، وبالإصرار الباسل المستدام على التحرير، وبكافة السبل ناعمها وخشنها ، بما فيها التظاهر السلمي المتصل المُستدام المنهك المكلف لقوات الاحتلال الداخلي ومليشياته الذئبية ، على طريقة ما فعلنا في اكتوبر 1964 وابريل 1985 .
رابعاً :
غضب الرئيس البشير غضبة مضرية من جون سوليفان ومن رئيسه ترامب ، واتخذ عدة اجراءات بدأها من جليطة سوتشي بطلب الحماية من الجبت بوتين ليحميه من العدوان الامريكي باقامة قاعدة عسكرية في بورتسودان ، انتهاء بالمجالس السيادية الخمسة كآلية لتوكيد تمكينه واعادة انتخابه في عام 2020 ، ومروراً بتصدقه بجزيرة سواكن على الرئيس اردوغان ، حسب ما سوف نوضح قي الحلقة التالية من المقالة باذنه تعالى .
Tharwat [email protected]