لقد شاهدت فيديو الحديث العنصري المتخلف والموغل في الرجعية الذي أدلى به والي شرق دارفور أنس عمر، في حشد يقدر بالعشرات من أتباعه، كان معتليا ظهر عربته ويلوح بعصاته، وجاء خطابه القمئ على أثر معارك القوات والمليشيات الحكومية مع قوات حركتي تحرير السودان بقيادة الرفيق مني أركو مناوي والمجلس الإنتقالي بقيادة الرفيق (الأسير) نمر محمد عبدالرحمن، وأي كانت نتائج المعارك والخاسر فيها والرابح الا أنها فضحت العقلية التي تتحكم في مصائر الشعوب السودانية وجعلتها عارية تماما ليرى الجميع ويشهد على عدالة القضية التي قاتل ومازال يقاتل من أجلها هؤلاء الشباب في الحركتين اللتين خاضتا المعارك وغيرهم من الحركات الاخرى التي مازالت مستمرة في نضالها ضد
هذه العقلية.
التحية أرسلها الي أرواح شهداء هذه المعركة وكل الشهداء القادمين من المناضلين القابضين على الزناد، وقبل أن أرسل تحاياي أتسال مستغربا في نفسي ومندهشا وأنقل إستغرابي ودهشتي إليكم علكم تجدون معي إجابات أو تغرقون في الدهشة والأستغراب معي، والأسئلة هي:
ما الذي لا يجعلنا نقاتل مثل هؤلاء بما نملك وما نستطيع؟ وما هو المحفز لنا أن نبقى في وطن واحد مع من يحملون هذا الفكر وبل يسيطرون على جهاز الدولة؟ وكيف نكون حريصين على الحفاظ على ذلك الإرث المشين الذي مازال يعبر عنه أمثال هؤلاء؟ هل هذا السلوك العنصري الذي أدلى به هذا (الأنس) معزول أم هي التجليات الخفية التي كشفها عقله الباطني في لحظة نشوة؟ وكان يخفيها مجاملة وتملقا في المواقع الآخرى؟، وحسنا من قال المواقف تظهر المعادن، فهذا هو المعدن الذي يحمله أنس وقاتل ضده الشهيد طرادة والرفاق نمر وجمعة مندي وأدروب من أجل تغييره وإصلاحه وتعديله والعيش معه في وطن حر وعادل وشامخ ومساو لهم جميعا، وليس إبادته ونفيه وتركه للوحوش والطيور لتقضم بنانه ومعاصمه وتنهش جسده (كما يريد) هذا الأنس.
نتسآءل هل المواطن في السودان يقيم بثمن وهل فعلا قيمته أرخص من سبعة جنيه(ثمن الطلقة) في (المانيو) لائحة أسعار تجار النخاسة في سوق الأنقاذ؟ وكم هي قيمة والي شرق دارفور نفسه، هل تكثر قيمته من قيمة ذاك المواطن؟ ولماذا ؟، نتسال ايضا ببراءة عن المواطنة هل هي أصلا متساوية في هذا البلد في ظل حكم هؤلاء الكيزان؟.
وهل هذه التسعيرة التي يقيم بها هذا النخاس المواطنيين المختلفين معه لديها مبررات أثنية أم سياسية؟ حتى نعرف قيمة من كانوا رفقاء للشهيد طرادة وأيضا أهله وأختاروا الوقوف في جانب حكومة أنس هذا؟.
الاسئلة جاتني وأنا اسمع (إفكا) بأن هنالك تغيير جرى على شكل وبنية الحكم في البلاد وكذلك طريقة التفكير بين المواطنيين بعد حواري الوثبة والحوار المجتمعي، وكنت أريد أن أراه في سلوكهم، ولكن العقلية والطريقة ظلت هي هي دون تغيير، وكأنك يا زيد ما غزيت!.
حديثه هذا يرجعني الي الوراء لاتذكر أسعار العبيد والجواري والخليلات والفرخات والخدم في أسواق النخاسة كما أوردها الأستاذ نقد في كتابه علاقات الرق في المجتمع السوداني صفحة 116-117 (نقلا عن د. القدال ص 229 عن سلاطين)، وهي كانت تقيم بالريال المجيدي بالنسبة لاسواق الداخل، واما المصدرة للخارج فكانت بالدولار، وقد أوردها وأنقلها لكم حرفا وكانت كالأتي:
بالنسبة لرقيق العمل كبير السن (50-80) ريال، بينما إمرأة متوسطة السن فكانت قيمتها (80- 120) ريال، أما البنت التي عمرها بين (8-11) عام فكانت قيمتها (100-160) ريال واما الخليلة فكانت الاعلى قيمة وتتراوح بين (180- 700) ريال.
وللتصدير لأسواق القاهرة كانت الجارية الوسيمة قيمتها 120 دولار، والطفل عمر ست سنوات كان سعره 80 دولار، واما الجارية فوق الثلاثين عام فكانت قيمتها 60 دولارا.
واما التصدير لأسواق السعودية فكانت الجارية قيمتها تتراوح ما بين(300-400) دولار، واما الرقيق الشاب فكانت قيمته تتراوح بين (150-250) دولار.
فمن خلال هذه الأسعار لم أجد قيمة تعادل قيمة النخاس أنس هذه، أو لربما هو يقيم بقيمة (القلاجي) تجار المصدر لذلك كانت قيمتنا عنده اقل من سبعة جنيهات اي خمسين سنتا.
ولطالما مازالت هنالك عقلية بنية تفكيرها معتلة كهذه وتقيم المواطنين على أساس أنهم كم يساوون من الجنيهات، إذن فمازال مشوار الثورة طويل، ولن نبكيكم يا شهدائنا فقد أديتم الواجب.