عمل عظيم قام به الدكتور محمد عبد الله شريف حوًل ما كان حلماً بعيداً لواقع يمشي بيننا ، دون من أو أذى أو مصلحة أنانيًة عندما باع منزله و أسس لنا فضائيًة المقرن .. ، كل شيء تمً في صمت تام دون ضجيج أو ضوضاء… ثمً بشًرنا بأنً ” الفضائية و ملحقاتها من إذاعة و مركز دراسات جميعها ملكنا، و تحت تصرفنا كيفما شئنا و كما نريد لها دون قيد أو شرط…طالما أنًنا ننشد الحقيقة ، نعشق الحريًة و نطمح للديمقراطيًة و يدفعنا صون حقوق الانسان..” لم يترك الحبل على الغارب ، أتبع قوله بالعمل … سلًم كل شئ لمجلسي أمناء و استشاريين من أفضل العناصر..مهنيتهم و تضحياتهم و أفعالهم خير دليل على نبلهم و تفانيهم و صدق مقاصدهم، و لست هنا بصدد سرد مآثرهم ، لهم جميعاً و لكل من كان همه الانسانيًة و الوطن كل التقدير و الاحترام ..
الحقيقة ..الديمقراطيًة ..و حقوق الانسان ، بكلمة واحدة ” الفضيلة” ..تمثل قيم و غايات القناة …، و هنا تتجلًى العبقريًة المصقولة ..المبنيًة على التجربة و الدراسة و المعرفة لأنًها تعني الدمار الشًامل للمشروع الحضاري.. العلاج الناجع في مواجهة كل مشكلاتنا التي ننشد من أجلها التغيير، الكذب و النفاق…الديكتاتوريًة و البغي ..الفجور و الاستبداد…، بكلمة واحدة “الرذيلة”.. سلًة قمامة
(قيم ) المشروع الحضاري ، حتًى إن تجاوزنا اعتراف عرًابه و كبار من شاركوه بناء المنظومة (على أساس أنًهم غير موثوقين حتًى و إن صدقوا..) ، كيف يكون مآل الرذيلة و مصيرها الحتمي عندما تتربًصها و تهاجمها و تبطش بها الفضيلة المزوًدة بالقوًة الكاسحة من كل الاتجاهات…، في الوقت الذي يعاني مشروعها ما يعانيه و يتآكل بفعل هروب عبيده المطيعين و انفضاضهم حتًى عندما كانت الفضيلة في أضعف حالاتها و لا توجد قوًة تحميها…، أليس هذا بخازوق يدق في مؤخرة المشروع الحضاري حتًى يخرج من عنقه ؟
الحقيقة .. و ما أدراك ما هى..هل من عاقل أو مجنون، أصم أو أبكم أو مشوًش أو ….هل من أحد لا يسمع لصوتها في زمن أصبح فيه الكذب بالميلاد و بالتجنس و( الكذب المرضي) ( Pseudologia Fantasica) الإطار الأساسي و الثابت في كل ما يحيط بحياتنا و غصباً عنًا بفعل المشروع الحضاري ….،-حسناً – سأنعش الذاكرة قليلاً حتًى نتذكًر و لا ننسى- هل تذكرون كيف بدؤوا و لا يزالوا يحدثوننا عن امتلاكهم الحقيقة المطلقة (كذباً) و يتبجحون دون خجل بقدراتهم الخارقة في الشعوذة و الدجل الكجور بدءاً من تسخير الجن لخدمة الاقتصاد السوداني (لا زالت عبارة أحدهم اسمه عمر أحمد دفع الله في بدايات عهدهم يتحدث في التلفزيون عن هذا الأمر في مؤتمر أسموه الاستراتيجيًة القوميًة الشًاملة، و
على الرغم من سنٍي ذلك الوقت إلاً أنً فداحة الأمر عبرت كل شئ ليبقى الأمر محفوراً بذاكرتي ما حييت..) ، هل تتذكرون حديث كبرائهم عن استخدام علاقتهم بالسماء في حروبات الابادة لقتل الكفار و المارقين و الخونة من سكًان الأرض، هل ننسى قسمهم بالله جهد إيمانهم أنًهم اشتموا رائحة مسكهم المنبعثة من شهدائهم بدءاً من عبيد و أبو دجانة و حتًى حاج نور…و زفاتهم للحور العين في الجنان، ثم علاقاتهم بالخالق -جل و علا- التي جعلتهم عنده في مراتب أرفع مما بلغه الصحابة..، هل ننسى مقدراتهم الكذوبة على تدمير قوى البغي … ثمً معجزتهم الكبرى مع مرور الأيًام لينقضوا جميع ما غزلوه دون أن يرمش لهم جفن أو يشعرون بأدنى حرج أو خجل حتًى أصبحوا بنفس القدر يحدثوننا عن علاقتهم بـ”معبودهم الجديد” الذي كان بالأمس شيطاناً ليحكوا لنا عن مدى رضاه عنهم حتًى صاروا يتفاخرون بأنًهم نالوا رضا أمريكا التي سبق و أن تسلحوا لها.. فصاروا أقرب النًاس إليها و إسرائيل راضيةً عنهم و هم راضون عنها… ؟ لا تندهشوا .. إنًها الأكاذيب و النفاق و الفجور و الفسوق و الزيف..الى أخر القائمة…نعم هى نفسها التي كانت الشيطان الأكبر أصبحت معبودهم الباطل الذي يرونه حقاً و يتسابقون للسجود تحت أقدامه حفاةً من الكبرياء عراةً من الحشمة..، أوليس بيع الوهم و الابتذال و الدناءة و الخسًة سمتهم الغالبة و غاية مشروعهم التي نالوها؟…كيف لا و الخداع في مشروعهم شطارة ودين يتعبًد به يتقرًبون به و سنة فعليًة و قوليًة و تقريرية ، هل سننسى إدعاء مسيلمة زمانه أن مشروعهم الحضاري بنى على الحقيقة المطلقة و هو في الواقع بدأ كذباً بمقولة اذهب رئيساً و سأذهب حبيساً….ثم تحري الكذب منذ وقتها حتًى أتى عليه يوم اعترف فيه بكذبه ليس من أجل الحقيقة إنًما الاستمرار في طمس الحقيقة و الامعان في الخداع لدرجة أنً سدنة المشروع أتى عليهم حين من الدهر و هم يكذبون على أنفسهم ثم يصدقون كذبهم و كثيرة هى الأمثلة الموثًقة مما تعرفونه جميعاً و لا يحتاج عناء الحديث عنه..
الركن الثاني من المشروع الحضاري “الغش و النفاق تجارة رائجة”.. ماذا سيكون المصير عندما تأتي الحقيقة وحدها مدعًمة بقوًة الحق و المنطق و المادًة مجتمعة لتبني جداراً ً بين مشروعهم و الشعب.. ، هل سيصمد؟
الركنين الثالث و الرابع للمشروع الحضاري “الثابت متغيراً و اليقين شكاً و الكاذبون هم الصادقون…و الصادقون هم الكاذبون ببساطة تحويل كل ما هو حقيقي لكذبه و أن يمسخ الواقعي حتًي يكون وهماً، و تسود الأفكار المريضة و عدم السماح لأي فكر بأن يكون متطابقاً مع ذاته و متصالحاً مع نفسه و الآخرين حتًى يفسر كل شئ كما يشاؤون فاستبدلوا الأفكار بالخواء و الارهاب و التطرف .. أمعنوا في طمس الحقيقة و فعلوا المستحيل حتًى تتلاشى المروءة و الشهامة و القيم النبيلة .. فأحالوا المعرفة تجهيلاً لخلق جيل كامل من أنصاف المتعلمين الذين هم خير معين لخدمة المشروع..، استبدلوا القيم انحطاطاً و استعاضوا المعارف و العلوم بالخزعبلات و الأخلاق رذائل و نشروا الخرافات و السفليًات و المخازي مستهدفين عقول البشر ممًن لم تفلح معهم المخدرات و مغيبات العقل التي استجلبوها كيفما شاؤوا و فتحوا لها الأبواب مشرعةً.. ، نشروا الظلمات بمختلف توناتها اللونية من سوداء و حالكة السواد و ما أحلك..، عمًت الظلمات مكان النور
و سادت، تناسلت ظواهرها و أوجدوا حواضنها لاستيعاب المزيد منها.. ، فتحققت أحلامهم بأن سادت الرذيلة محل الفضيلة و استبدلوا سعادتنا بؤساً وشقاءاً و أحالوا أفراحنا أتراحاً و تعاسة..، أوهمونا بأن صلاح آخرتنا لا مجال له إلاً بالصبر عليهم و عدم مقاطعتهم حتًى يكملوا بناء مشروعهم لأنًهم لا لدنيا يعملون..فكل شئ عندهم مرده لله وحده لذلك علينا أن نحتسب..، فأفسدوا ديننا و دنيانا و عصمة أمرنا، و كسروا جبارتنا و نشروا فينا الخوف و الهلع و عدم الايمان.. ، حتًى نما إلى علمنا ما يتداولونه فيما بينهم سراً و علانيًة بأنً كل شئ عندهم مردًه للخدعة فهى أساس الدين و لا بعث بعد الموت أو قيامة جمعيًة…”ألم ينكر مؤسس مشروعهم حقيقة البعث و القيامة؟” و حتًى إن لم يفعل و هو ليس كذلك..ما الذي يمنعنا اساءة الظنون و الجزم يقيناً إنًهم الأضل سبيلاً بين خلق الله ..أوليس تصرفاتهم ، مناهجهم و سلوكياتهم اليوميًة تدل على أنًهم ينكرون حقيقة البعث؟ ألم يعملوا بكل ما اوتوا من قوًة لإلغاء الدين و التسامح من حياتنا ، ألم ينشروا العنصريًة و يسفكوا الدماء و ينكلوا بنا و يمعنوا في التربص بنا و آلاف المخازي التي أحالوا بها نهارنا إلى ليل حتًى نتحول لمجرًد دمى يحركونها كيفما شاؤوا لخدمة مشروعهم….؟
الركن الأهم عندهم أن تتحول الحقيقة إلى كذبة في كل وقت و مقام….،
أمًا الحقيقة التي نعلمها فتقول : مهما طال الزمان، واختلف المكان، وتغير الإنسان، ، يظل المشروع الحضاري هو نفسه لم يتغير شيئاً فقط يختفي الأشخاص بأن يأخذهم الموت الذي يفرون منه و لا محالة أنًه ملاقيهم و لو كانوا في بروجهم المشيًدة التي أقاموها من دمنا.. ، حتًى و إن حرصوا على تشويشها و طمس معالمها و استهداف حملتها و محاربة مظاهرها وأعراضها وأشكالها.
عندما تسود الحقيقة رغم أنفهم و غصباً عنهم يحال كل ما زرعوه إلى هباء ..أليس هذا خازوق آخر؟
حتًى الحقيقة المطلقة و إيمان الغيب و الحقائق الدينيًة و الدنيويًة التي أتى بها القرآن الكريم..حتًى حقيقة أنً الله واحد لا شريك له و لا معبود بحق في الوجود سواه..، وأن المخلوقات الدنيوية إلى فناء وزوال وموت محتوم ثمً بعث يوم القيامة و الحساب و العقاب و القصاص..كل هذا لم يسلم من فجور مشروعهم الحضاري …، ماذا سيكون حالهم عندما تسود قيم الحقيقة..أليس هذا خازوق أكبر؟
يبدو أنً المساحة لا تسمح لي بالتطرق للقيم الأخرى للقناة ( الديمقراطيًة و حقوق الانسان) ربما يعفيني أنًني تطرقت لها كثيراً في مواضع سابقة، و فعل غيري..
لم يسعني إلاً التذكير بواجبنا في نشر قيم الفضيلة و أن نتحرًى الأمانة عندما نتعامل مع قضيتنا، المنبر ملكنا علينا الاهتمام بما هو لنا حتًى نؤدي واجبنا تجاهه ليكون لدى قناتنا القوًة و الدعم الكافيين.. و لا نبخل بدعمها بالمال حتًى تقف على
رجليها و تكون فعلاً كما أردنا لها لتغير مفاهيم كل من خضعوا لإعادة الصياغة أو أصابتهم فيروسات المشروع الحضاري… كذلك واجبنا تجاه أنفسنا أن نلتزم بالنقد البنًاء حتًى نفوت الفرصة على أصحاب الغرض غير النبيل و بغاث العجاف من كتائب الجداد و من لا قضيًة لهم.. ، في هذه المرحلة يجب علينا أن نتذكًر جيداً أنًنا لم نتجاوز الخيط الرفيع الذي يضع حداً فاصلاً بين النقد و الهدم لأنًنا إن فعلنا سنكون قدمنا للمشروع الحضاري خدمة هو في أمسً الحاجة لها و بذلك نكون قد غرسنا خازوقاً في أنفسنا.
مصطفى عمر .
[email protected]