قطر نجحت في خلق بيئة جيدة للتفاوض

قطر نجحت في خلق بيئة جيدة للتفاوض
مدير مكتب حزب المؤتمر السوداني بالقاهرة لـ «الراية»:
*      نسعى للوحدة حرصاً على مستقبل الجنوب وليس طمعاً في ثرواته
*      التهديد بالانفصال لم يعد «فزّاعة» للشماليين
*      الحكومة تعرضت للابتزاز السياسي ولن نسمح بذلك مستقبلاً
*      المعارضة تخشى معركة «الديمقراطية».. والبشير الرئيس القادم للسودان

القاهرة – الراية – عمر عطية: أكد الدكتور كمال الدين علي حسن مدير مكتب حزب المؤتمر الوطني السوداني بالقاهرة ان الانتخابات الرئاسية ستجرى في موعدها المعلن وأشار إلى أن التحرك العربي الجاد في الأزمة السودانية جاء متأخراً.

وأشاد بالدور القطري بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى، الذي نجح في خلق بيئة جيدة للتفاوض بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة فيما يتعلق بأزمة دارفور وموضحاً ان استبعاد مصر وليبيا من اتفاقية السلام في جنوب السودان، كانت مؤامرة غربية الهدف منها “أفرقة” القضية السودانية، وأكد ان الحكومة السودانية تعرضت للابتزاز السياسي من قبل حركات التمرد نافياً إمكانية حدوث ذلك مستقبلاً  وتناول في حوار مع «الراية» آخر تطورات الوضع في السودان:

* ما بين تأكيد الرئيس السوداني الاسبق عبد الرحمن سوار الذهب حول فوز الرئيس المشير بالانتخابات من الجولة الاولى وتشكيك الرئيس الامريكي الاسبق جيمي كارتر في ذلك كيف ترى المشهد الانتخابي في السودان؟

– أولاً نحن نحترم كل وجهات النظر ولكن من خلال متابعتي لرد فعل الشارع السوداني ازاء مرشحي الرئاسة في الانتخابات المقبلة استطيع ان أؤكد ان الرئيس عمر البشير هو رئيس السودان القادم وانه سيحسم نتيجة الانتخابات من الجولة الاولى كما أشار المشير سوار الذهب وهذا كلام واقعي جداً لا يختلف عليه المحللون السياسيون الذين تابعوا حجم التأييد الشعبي والحزبي للرئيس البشير أثناء زياراته لمختلف الولايات السودانية , فهناك 37 حزباً سياسياً تؤيد البشير، بالإضافة إلى أحزاب سياسية تنتمي للجنوب لها ثقلها وتأثيرها في الرأي العام، فضلاً عن هيئات تحظى باحترام الجميع مثل انصار السنة والاخوان المسلمين.

وأعتقد ان خير شهادة على كفاءة البشير وقدرته على قيادة السودان والخروج به من مأزق الصراعات والمؤامرات الخارجية، هي تأييد شخصية تحظى باحترام وثقة جميع الشعب السوداني شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً مثل الرئيس الاسبق المشير عبد الرحمن سوار الذهب، يجب ان تعلم ان مطالبات أحزاب المعارضة بتأجيل الانتخابات نتيجة خوفهم او بالأحرى لديهم يقين بأن الشعب السوداني لن يقبل بغير عمر البشير رئيساً وقائداً في الانتخابات المقبلة.

* لكن هناك عدد كبير من الهيئات والشخصيات المنوط بها مراقبة الانتخابات السودانية المقبلة يشككون في نزاهة الانتخابات ويتوقعون تزويرها لصالح الحزب الحاكم؟

– دائماً الدول الغربية والولايات المتحدة الامريكية لا تلتزم الحياد فيما يتعلق بالقضايا العربية وخاصة الازمة السودانية، والحقيقة التي لا يستطيع أحد تجاهلها هي ان الانتخابات ستكون في غير صالح هذه الدول والاطراف الخارجية بعد المؤامرة والحملة المنظمة التي قاموا بها خلال السنوات الماضية – ومازالت – من اجل تزييف الواقع وتشويه صورة الحزب الحاكم والرئيس البشير وتضخيم المشكلات والازمات السودانية ومن ثم فإن إجراء الانتخابات في ظل تأييد الشعب للبشير سوف يكشف هذه الاطراف والهيئات التابعة لها أمام الرأي العام العالمي.

خلاصة القول نحن نخشى الا تقبل الدول الاوروبية والولايات المتحدة الامريكية نتيجة الانتخابات المقبلة حتى وان جاءت “مبرأة من كل عيب” أو كذلك الحكومة السودانية عقدت العزم على إدارة هذه الانتخابات بكل نزاهة وشفافية لأننا نحترم إرادة الناخب السوداني ولا نخشى شرقاً أو غرباً.

* وهل ترى ان الناخب السوداني الذي غابت عنه ذاكرة “التصويت” يستطيع التعامل مع هذه الانتخابات بصورتها المعقدة والتي تتمثل في اختيار رئيس للبلاد وممثلين عنه للمجلس الوطني؟!

– نعترف بأن الانتخابات السودانية معقدة جداً ولكن المفوضية القومية للانتخابات وهي مفوضية مستقلة تقوم بجهد كبير جداً من أجل الفترة الماضية، وسوف يقدم السودان للعالم الغربي نموذجاً جيداً عن الديمقراطية والنزاهة والمشاركة السياسية وتغيير الصورة التي رسمها الاعلام الغربي عن السودان حكومة وشعباً فالسودان بطبيعته بلد ديمقراطي والمواطن السوداني “سياسي” ويتفاعل مع الاحداث بإيجابية. ونحن نعول ونراهن على المواطن السوداني في انجاح العملية الانتخابية وإخراجها في احسن صورة.

* لكن ما يحدث في السودان الآن يقول عكس ذلك من حيث شكوى بعض الاحزاب المتنافسة في الانتخابات مثل الصادق المهدي مرشح حزب الامة وحاتم سر الختم مرشح الحزب الاتحادي من تضييق الحزب الحاكم عليهم والتدخل في المساحة الاعلامية المخصصة لهم للدعاية الانتخابية خاصة في الاذاعة والتلفزيون السوداني التابع للحكومة.

* الحكومة لم تعد مسؤولة عن الاذاعات والتلفزيون التابع لها منذ بدء العملية الانتخابية والدعاية الخاصة بالانتخابات لأن الحكومة السودانية قامت بتسليم هذه المنابر الاعلامية للمفوضية القومية للانتخابات وهي هيئة مستقلة كما أشرت سابقاً وانه تم تشكيل لجنة من كل الاحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات تقوم بتحديد الحصص أو المساحات الاعلامية للمرشحين بالتساوي ولا يوجد أي تدخلات من قبل الحزب الحاكم وهذه الانتقادات والشكاوى التي تطلقها أحزاب المعارضة غير حقيقية وتم تكذيبها من قبل المفوضية القومية، الحقيقة ان أحزاب المعارضة تريد اختلاق ذرائع وأزمات بعدما تأكد لهم ان موقفهم ضعيف مقارنة بحجم التأييد الشعبي للبشير والحزب الحاكم نتوقع ان تزيد شكاوى وانتقادات المعارضة كلما اقتربت المعركة الانتخابية التي ستوضح للجميع مدى ضعف وهشاشة هذه الاحزاب التي تسعى للهروب من هذا الاختبار الحقيقي.

* هناك تصريح صادر عن مندوب السودان الدائم لدى الامم المتحدة حول تقييمه للدورين العربي والافريقي في الازمة السودانية ينحاز فيه للدور الافريقي، ما مدى صحة ذلك وما هو تقييمكم لدور جامعة الدول العربية مقارنة بالاتحاد الافريقي في الازمة السودانية؟

– لابد ان نعترف بأن التحرك العربي الداعم للسودان وجد كثيرا من الاعتراضات من قبل أطراف خارجية، فكل مشاكل السودان كان المطلوب لها في فترة من الفترات ان تتجه جنوباً نحو افريقيا وليس شمالاً باتجاه الدول العربية بدليل ان منبر “الايجاد” الذي ساهم في حل مشكلة الجنوب كان مقدرا ان تكون المبادرة المصرية الليبية هي البديل له ولكن الحركة الشعبية لتحرير السودان في تلك الفترة لم تكن تريد حلاً عربياً سعياً الى “أفرقة” القضية السودانية وهذا وضح جلياً في مفاوضات أبوجا وانجامينا واروشا، لكن حالياً الوضع تغير كثيراً وبدأت جامعة الدول العربية تلعب دوراً كبيراً بدليل ان منبر الدوحة هو منبر عربي أصبح هو المعنى بحل قضية دارفور، فضلاً عن أوجه الدعم السياسي والتضامني الفعلي الذي تقوم به ” الجامعة العربية ” ازاء قضايا السودان، ولا نغفل أهمية المشاركة العربية في أعمال التنمية الاقتصادية سواء من خلال إقامة مشروعات عربية كبرى على المستوى الثنائي أو على المستوى العربي القومي وأهم الخطوات التي قطعتها الدول العربية في هذا الطريق هي إقامة مؤتمر للاستثمار العربي في جنوب السودان كما ان الجامعة العربية موجودة بقوة من خلال العمل الانساني وقدمت نماذج طيبة مثل انشاء قرى نموذجية لأهلنا في السودان.

وإذا انتقلنا الى مستوى التعاون الثنائي نجد ان هناك دوراً حيوياً تقوم به مصر يتمثل في المشاركة في القوات الاممية والافريقية المتواجدة في دارفور، بالإضافة الى مساهمتها في تطوير العملية التعليمية من خلال ارسال خبراء الى السودان او استقبال بعثات سودانية في مصر فضلاً عن الخدمات الصحية وحفر آبار المياه وإنشاء محطات الكهرباء، ثم الدور الكبير الذي تقوم به دول عربية أخرى مثل قطر وليبيا والسعودية والامارات وغيرها من الدول العربية.

* رغم التواجد العربي الذي أشرت إليه، إلا أن رسم ملامح مستقبل السودان كانت بأصابع إفريقية وغربية كما حدث في اتفاقية 2005 بما تمثله من حجر زاوية في علاقة الشمال والجنوب؟
– اتفق معك تماماً في هذه النقطة ولكن هذا لا يتعلق بتقصير الدول العربية بقدر ما يتعلق برغبة وإدارة الشركاء والوسطاء الذين تبنوا اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب ونعترف بأن الوسطاء نجحوا في ابعاد شمال السودان عن الدول العربية في تلك الفترة المهمة في تاريخ السودان وبالتالي ذهبت القضية في طريق الايجاد ولكن هذا لا يعني ان العرب كانوا بعيدين تماما عن مجريات الامور.. صحيح لم يكن هناك تواجد بنفس الفاعلية والتأثير الذي أظهرته الدول الافريقية بسبب التعمد المشار إليه سابقاً.. ولكن أعود وأؤكد ان الامور اختلفت الآن وأصبح الميزان متكافئاً.
ڈ هذا يأخذنا الى الحديث حول الدور القطري في أزمة دارفور وما الذي يميز المبادرة القطرية عن غيرها من المبادرات العربية السابقة وما هو مستقبل المفاوضات بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة؟

ـ هناك تثمين كبير جدا للدور القطري في قضية دارفور لأن قطر استطاعت توفير بيئة سليمة وجيدة للتفاوض بين الطرفين واستطاعت أيضاً ان تحظى بغطاء عربي يتمثل في دعم جامعة الدول العربية باعتبار ان منبر قطر هو منبر عربي بالإضافة الى ان المبادرة القطرية حازت تأييد الامم المتحدة والولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الافريقي ومنظمة المؤتمر الاسلامي.. كل هذه الامور أكسبت الدور القطري ثقلا وتأثيراً انعكس على ثقة جميع الاطراف السودانية في إمكانية نجاح منبر قطر في وضع حد لأزمة دارفور.

والسبب الثاني الذي تميزت به المبادرة القطرية هو تواجد قطر بقيادتها العليا في ملف دارفور ممثلة في حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى كذلك رئيس الوزراء وزير الخارجية، وأيضاً وزير الدولة للشؤون الخارجية ولم تأل القيادة القطرية جهداً في سبيل انجاح المفاوضات وتحركت في كل الاتجاهات وقامت بزيارات مكوكية الى السودان وتشاد وليبيا وغيرها من الدول.

والسودان لديه ثقة كبيرة في ان تنتهي المفاوضات الدائرة بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة الى التوقيع على الصيغة النهائية وإقرار السلام في دارفور… ولكن تبقى مشكلة الحسابات الشخصية وحجم المكاسب هي الابرز في مفاوضات دارفور وهذا أمر أعلنته حركة العدل والمساواة من خلال رفضها لوجود حركات أخرى على مائدة الحوار والمفاوضات، لكن الحكومة السودانية لا تريد أن تترك أحد الفصائل دون الاستماع إليه والتفاوض معه حتى لا يتم استقطابه مستقبلا من قبل “أعداء السودان” وتضخيمه واللعب به كورقة ضغط جديدة على السوان كما حدث في الماضي.

ومعظم هذه الحركات وليس كلها تم استخدامها من الخارج من أجل تحقيق مصالح ليس لها علاقة بالشعب السوداني سواء في دارفور أو الجنوب ونحن نعلم ذلك جيداً وكنا مضطرين من أجل إخراج ابناء السودان من الانزلاق في هذا الطريق وإبعاد التدخلات والاجندات الخارجية لذلك حرصت الحكومة السودانية على التحلي بالصبر ومد “حبل الود” للجميع وقطع الطريق على الاطراف التي تستهدف السودان.

* هناك توقعات بأن الجنوب سيحاول ابتزاز البشير سياسياً بشكل أكبر في حالة فوزه في الانتخابات المقبلة خاصة ونحن نقترب من موعد استفتاء حق تقرير المصير للجنوب في يناير 2011 ؟

ـ المعادلة الخاصة بالاستفتاء وتقرير المصير جاءت في إطار معاهدة انهاء الحرب التي كلفت السودان حكومة وشعباً الكثير وعرقلت كل خطوات التنمية الاقتصادية ومن ثم ارتضت الحكومة ورضخت لمطالب الجنوب في حق تقرير مصيرهم وهذا لم يكن رأي أو موقف الحزب الحاكم وحده بل رأي عدد كبير من الاحزاب الموجودة في الشمال والجنوب أملا في انهاء حالة الحرب في المقام الاول.. نحن نسعى ونعمل من اجل الوحدة بكل الامكانات… صحيح هناك محاولات للابتزاز نحن نتوقعها من قبل الحركة الشعبية في الفترة المقبلة، لكن أؤكد أننا سوف نلتزم الموضوعية في التفاعل مع الحركة الشعبية بما يحقق مصالح الشعب السوداني شمالاً وجنوباً.
ويجب ان يعلم الجميع ان الانفصال ما عاد “يخوف” الشمال وأعتقد ان الشعور والرغبة في الانفصال من قبل الشماليين قد يكون متساويا مع رغبة الجنوبيين.. وبالتالي نحن نقول ان ورقة الانفصال لم تعد “فزاعة” للشماليين وسعي الحكومة والرئيس البشير الى الوحدة يأتي من إيمانه الكامل بأن الوحدة أفضل للجميع وليس كما يتصور البعض ان الشمال يطمع في ثروات الجنوب لأن ثروات الشمال أكبر بكثير من الجنوب وموضوع بترول الجنوب أخذ أكبر من حجمه فبترول الجنوب عبارة عن ثروة ناضبة ولن يصمد حتى عام 2017، عكس السودان الذي تم اكتشاف البترول فيه في الشمال والوسط والنهر الاحمر.. وإذا اخذنا في الاعتبار ان هناك ثروات أخرى في الشمال لم يتم الاستفادة منها بسبب عدم الاستقرار فهذا يؤكد صدق كلامي على ان الشمال يتمنى الوحدة لمصلحة الشعب كله والجنوبيين بصفة خاصة.

* هل هذا يعني ان هناك سيناريو أو استعدادا خاصا تقدم به السودان حالياً لمواجهة خيار الانفصال في الاستفتاء المقبل؟

ـ نحن لا نتعامل مع الانفصال باعتباره حقيقة واقعة وانه قادم لا محالة، بالعكس نحن نأمل في الوحدة ونسعى إليها بكل الامكانات لأن معطيات وأسباب ودوافع الوحدة مازالت هي الأكبر مقارنة بمعطيات الانفصال وهذا واضح من التأييد الشعبي الذي أعرب عنه الجنوبيون للرئيس البشير في الانتخابات المقبلة كما ان الاحزاب السياسية والقيادات والجنوبيين انفسهم مدركون ان مصلحتهم في الوحدة لأن الانفصال سيدخل الجنوب في سلسلة من الازمات والصراعات والحروب القبلية الموجودة والدائرة حالياً في الجنوب والتي تعتبر عدد القتلي هناك أكبر بكثير من عدد القتلي في دارفور رغم ان هناك حربا معلنة في الغرب.. إذن الجنوبيون يؤمنون بالوحدة بنسبة كبيرة ولكن إذا أرادوا الانفصال فهذا حقهم الذي نصت عليه اتفاقية 2005 .

ورغم كل ذلك فإن هذا لا ينفي ان من الحكمة ان تكون هناك دوائر خاصة في الحكومة تعد العدة لسيناريو سودان ما بعد الانفصال، لكن على المستوى السياسي والحزبي نحن نعمل من أجل الوحدة وندعمها ونلقى تأييداً دولياً وإقليمياً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *