الحلقة الثانية ( 2 -4 )
ثروت قاسم
[email protected]
1- العدوان الامريكي الاول على كوريا الشمالية ؟
بعد الحرب العالمية الثانية في عام 1945 ، وهزيمة اليابان ، حررت الولايات المتحدة كوريا الشمالية من الاستعمار الياباني .
بعد ثلاث سنوات ، وفي يوم الاحد 15 أغسطس 1948 ، صارت كوريا الشمالية دولة مستقلة يحكمها الرئيس كيم سونق ، جد الرئيس الحالي ، وأطلق عليها دولة
Juche
وكلمة جوش هي الشعار الرسمي والايدولوجية السياسية لكوريا الشمالية وتعني ( الإعتماد على النفس ) . كوريا الش
مالية دولة آلة ، والمصنع والصانع هو الرئيس كيم سونق ؟
نتنمى ان يتعلم قادتنا من تجربة كوريا الشمالية ، وننجح في الاعتماد على انفسنا ، بدلاً من بيع الدم السوداني بالبتروريال ؟
إفترضت الولايات المتحدة ان كوريا الشمالية سوف تكون مُمتنة لها ، وتدخل في فلكها كما كوريا الجنوبية ، فيتم توحيد الكوريتين ، لتكون كوريا المتحدة من توابع وملحقات وبنات الولايات المتحدة المطيعات .
ولكن لم يسمع الرئيس كيم سونق الكلام ، بل قال سمعنا وعصينا ، وانضم للإتحاد السوفيتي ، متحدياً الولايات المتحدة .
في يوم الاحد 25 يونيو 1950 ، شنت الولايات المتحدة حملة تأديبية وإنتقامية ضد الرئيس كيم سونق وكوريا الشمالية . إستمرت الحرب لمدة 3 سنوات حسوماً ، ولم تنته إلا في يوم الأثنين 27 يوليو 1953 .
كانت تلك سنوات بئيسات !
إنتهت الحرب بإتفاقية ( هدنة ) بين الكوريتين ، الشمالية الموالية للاتحاد السوفيتي ، والجنوبية الموالية لأمريكا . لا تزال هذه الاتفاقية سارية حتى اليوم ، بدون الوصول إلى إتفاقية ( سلام ) بين الكوريتين .
دمرت المقاتلات الامريكية معظم مدن كوريا الشمالية بقصف سجادي ، مات خلاله اكثر من 3 مليون كوري شمالي ، وصارت عاصمة كوريا الشمالية أثراً بعد عين ، تنعق فيها البوم ، أسوأ من سوبا السودان ، ودرسدن المانيا ، بل واسوأ من هيروشيما اليابان .
كانت إبادة جماعية بحق وحقيق ارتكبها الجنجويد الامريكان المجارمة الرباطين ضد شعب كوريا الشمالية .
2- الله لي كوريا … يا شباب كوريا ؟
خلال العدوان الامريكي على كوريا الشمالية من يونيو 1950 وحتى يوليو 1953، تفاعل الشعب السوداني بكل مكوناته داعماً لشعب كوريا الشمالية .
جسدت ذلك الدعم عشة الفلاتية وغنت ( الله لي كوريا … يا شباب كوريا ) .
إشتهرت أغنية ( الله لي كوريا … يا شباب كوريا ) ، ودخلت التراث الفني السوداني ، وصارت من أغنيات البنات التي يزفون بها العروس . كما سميت احياء سكنية جديدة في معظم مدن السودان بكوريا … مثالاً وليس حصراً ، ديم كوريا جنوب مقابر فاروق في الخرطوم ، وحي كوريا في بري .
حدث ذلك والثورة المعلوماتية لم تر النور بعد ، ولم يدخل التلفزيون إلى السودان ، ولم يسمع الناس بالواتساب .
في يوم الثلاثاء 19 سبتمبر 2017 ، في أول خطبة له امام الامم المتحدة ، هدد ترامب كوريا الشمالية ( وليس نظام كوريا الشمالية ) بتكرار الدمار والابادة الجماعية الامريكية لشعب كوريا الشمالية التي حدثت في يونيو 1950 ، قبل 67 سنة مما تعدون . ولكنه يتوعد ، لفظياً ، كوريا الشمالية ، ولا يستطيع تفعيل تهديداته ، لان عدوانه على كوريا الشمالية سوف تكون محصلته هلاك اكثر من نصف مليون امريكي في كوريا الجنوبية واليابان وغوام . عدوانه على كوريا الشمالية لا يماثل عدوانه على سوريا او العراق ، ببساطة لان كوريا الشمالية لها اسنان سامة ، وعضتها قاتلة للجنجويد الامريكاني . الأمر الذي قال به مستشاره السابق ستيف بانون .
أزمة ترامب أنه محدود الفهم سياسياً، والقليل الذى يفهمه انطباعى، والانطباعات التى لديه سطحية ، ولا تعرف أصول وأدوات التحليل السياسى ، وإيجاد الحلول الجوهرية للأزمات السياسية.
كما هدد ترامب في خطبته العدوانية ايران ، فقط وحصرياً لانها تهدد أمن وسلامة إسرائيل ، وتدعم حزب الله ، الذي وسمته الجامعة العربية بالارهاب ، لأنه يقاوم اسرائيل . كانت إسرائيل وضمان أمنها وسلامتها ، محور خطبة ترامب العدوانية ، وهو يخطب في معقل الدبلوماسية الدولية ؟
في سياق اسرائيل وتهافت الكل عليها ، تمعن ، يا حبيب ، في ضحكة السيسي من القلب ، وهو يناجي السفاح نتن يا هو في نيويورك يوم الثلاثاء 19 سبتمبر 2017 .
في المقابل ، يمكنك النظر إلى تكشيرة السيسي وهو يلاوي في الرئيس محمود عباس في نيو يورك في نفس يوم الثلاثاء 19 سبتمبر 2017 ؟
Images intégrées 2
في يوم الجمعة 15 سبتمبر 2015 ، تحدت كوريا الشمالية المهرج ترامب ومجلس الامن ، وأطلقت صاروخاً باليستياً ، متوسط المدى ، طار لمسافة 3700 كيلومتر ، وبإرتفاع 800 كيلومتر فوق اليابان ، كما هو موضح ادناه :
مثل إطلاق الصاروخ رد كوريا الشمالية على العقوبات التي فرضها مجلس الامن يوم الثلاثاء 12 سبتمبر 2017 على كوريا الشمالية ، بضغط من إدارة ترامب . وتبجح رئيس كوريا الشمالية بأن الولايات المتحدة صارت رهينة في اياديه .
تتسلط امريكا على الدول العربية وتستفزها ، ولا تقول الدول العربية حتى بغم . بَيْدَ أن كوريا الشمالية تغير قواعد المعادلة الدولية ، وتقلبها رأساً على عقب ؛ الدولة الصغيرة المتمكنة والمعتمدة على نفسها ، تتسلط وتستفز الدولة العظمى؛ أمريكا ، ولا ترد امريكا سوى ببغمات فارغة .
ولكن هل صارت الولايات المتحدة رهينة في ايادي السيد كيم رئيس كوريا الشمالية ، وهي القادرة على مسح كوريا الشمالية من على جغرافية العالم في ساعات معدودة ؟
صارت الولايات المتحدة تحاكي جيلفر في بلاد الاقزام ، ولا تستطيع إستعمال قوتها العملاقة ، لأسباب شتى ، منها كعب اخيلها في كوريا الجنوبية واليابان ، وأكثر من نصف مليون امريكي في هاتين الدولتين ، ممكن لكوريا الشمالية القضاء عليهم في ضربة ثانية ، الأمر الذي خلق توازن رعب بين جلفر الامريكي واقزام كوريا الشمالية .
إدارة ترامب واثقة بأن كيم لن يستخدم قدرته النووية، لأنه يعرف أن ذلك يعني الانتحار.
تراهن ادارة ترامب على أن كوريا الشمالية ستتعرض مستقبلاً إلى التغيير في قمة هرم السلطة ، مثلما حدث في كوبا.
الأمر الغريب ، إنه ومع صيرورة العالم الى قرية الكترونية صغيرة ، لا يتابع الناس في السودان الازمة الكورية ، وربما لم يسمع أغلبهم بها ، دعك من التفاعل معها كما حدث في خمسينيات القرن المنصرم .
هل سمعت ، يا حبيب ، ندى القلعة تغني لشباب كوريا ؟
نجح نظام الانقاذ في شغل الجميع بقفة الملاح ، فصاروا أسرى لقفة الملاح ، كما زرع نظام الانقاذ الخوف في النفوس بإباداته الجماعية ، وجرائمه ضد الانسانية ، وجرائم الحرب التي يرتكبها دون أن ترمش له عين .
بعدها كبلت اللامبالاة خطوات الشعب السوداني ، دون أن يعي إن كل يوم يمر على نظام الأبالسة ( دون مقاومة ) هو مسمار يثبت سطوته ، ويشجعه على مواصلة القمع والظلم والإستبداد .
ولكن سيفهم الصخر إن لم يفهم البشر إن الشعوب إذا هبت ستنتصر . لأن كلمتها لا تموت ، ومتى سُطرت ، لا تُمحى . سوف تنزوي فلول الإنقاذ لأنها تمضي ضد حركة التطور الإنساني الصاعد ؛ فالحياة تتجدد ، والعقول تلتقي ، ولكن لا بد أن تسقط بعض الاوراق الجافة ، مهما طال الإنتظار ، أو إشتد الكرب ، وإنتشر البلاء .
ألم يقل الشابي :
ومن يتهيب صعود الجبال
يعيش أبداً بين الحفر
وكما بشرتنا الآية 15 في سورة ابراهيم :
واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد .