قرية فى دارفور اسمها رام الله !!!

قرية فى دارفور اسمها رام الله !!!

ذكرتُ فى مقالى السابق دور الرئيس الهارب من العدالة الدولية فى ابادة الحفظة و الحافظات لكتاب الله فى دارفور و اختلاسه لمليارات الدولارات من قوت الشعب السودانى بالاضافة الى محاولة راس النظام تغطية اخفاقاته و جرائمه ظناً منه تغيير الحقائق و سرقة الاضواء و تطلعات الراى العام باعلانه لتطبيق الشريعة الاسلامية و عدم اعتراف بحقوق الاقليات و اعتماد اللغة االعربية كلغة وحيدة و مفروضة على كل السودانين  .

مواصلة لذات المنوال ناخذ جزئية او مشهد كمثال حى فيما يتعلق باستخدام اللغة و استجلاب المستوطنين الجدد الذين يخدعونهم ( المستعربون ) بانهم عرب فمن اجل ازالة العناصر الافريقية الاصيلة و استبدالها و استحلالها باخرى مستعربة و  هو مخطط النظام الانقاذى العنصرى النازى المتخصص فى خلق الفتن و التمييز بين مكونات الشعب السودانى الفريد فى عادته و تقاليده و معتقداته المتجانس المتنوع و المتماسك و المتسامح بطبعه  قبل قدوم هؤلاء المستعمرين الجدد!! لم تاتى كلام رئيسهم المطارد دولياً فى قضارف من فراغ انما اعتراف ضمنى و صريح بطريقته الغبية لسياساتهم و مخططاتهم لابادة شعب الهامش عامة و عنصر الافريقي بصفة خاصة لتضاف الى تلك الاعترافات المعلنة عبر وسائل الاعلام كما قاله بمدينة الفاشر (( لا اريد اسيراً و لا جريحاً )) و قال فى مكاناً اخر انه (( قتل 9 الف دارفورى فقط )) !! و اليوم اضاف : فرض اللغة العربية  – عدم اعتراف بالتعدد الاثنى – وعدم اهتمام بحقوق الاقليات .. طالما بقى قابضاً على زمام الامور ان رضت الاغلبية ام ابت !! و هو يقول هذا الكلام الخطير و يعتقد انه يحكم السودان الى ما لا نهاية !! .

هذا الحديث الذى ذكره رئيس نظام الابادة الجماعية (البشير) بحماقته المعهودة كما هو معروف لدى الجميع كلما يتعرض لضغوطات ياتى و يصرخ على الملأ بمزيد من كشف الكلام المدسوس تحت الترابيز و هم يدبرون مكايدهم ضد الشعب السودانى الاعزل من اجل الحفاظ على السلطة باى وسيلة كانت  فى هذة الدنيا الفانئة , من ضمن مخططاتهم العنصرية البغيضة التى اعلنه رئيسهم ( فرض اللغة العربية دستورياً ) و لسان حاله يقول كل من يعترض ذلك يُقتل و يُباد و يُصلب !! كيف لا ؟ اذا كان معترضاً على الدستور!! او عليك مغادرة ديارك الاصلية و ان تبحث لك بلداً اخر و فى كلتا الحالتين ( الابادة او اللجؤ الى الخارج ) لم يكن مكانك شاغراً بل تاتى الحكومة بمستوطنين جدد على شرط ان يكونوا عرباً او مستعربين و ليست بضرورة ان يكونوا سودانيين ليحل مكانك و ليخفى اثار جرائمهم ظناً منهم و لكن هيهات … هيهات !! ؟؟ من عصر الوكيلكس .. و قبل ذلك اين هم من علام الغيوب ؟؟

و الدليل على ذلك اعطيك مثالاً واحداً ذو معانى متعددة القريبة منها و البعيدة :- قمت قبل فترة بزبارة الى دارفور و فى طريقى بين نيالا و الفاشر استوقفتنى لافتة غريبة مكتوبة  عليها عبارة ( قرية رام الله ترحب بكم ) التفت يمنة و يسري و كنت مندهشاً جداً ليس لغرابة الاسم لان نظام الابادة الجماعية كعادتها غيرت اسماء مناطق كثيرة فى دارفور مثل:- عد الغنم الى عد الفرسان من اجل خداع و تشجيع من تعتقدهم نظام الابادة  فرساناً – , من قرية خسر مريسة الى قرية زمزم لعدم ملاءمة الاسم مع مشروعهم الحضارى الاسلامى علماً بانها كانت قرية آمنة تاتيها سكان مدينة الفاشر لقضاء رحلاتهم فى ايام العطلات قبل ان تحولها النظام الى جحيم لتصبح معسكر زمزم (اكبر معسكر لنازحيين فى دارفور) – و من مدينة الكتال الى دار السلام  ظناً منهم بتغيير الاسم يمكن ان تكون هذه المنطقة آمنة و لكن تغيير الاسم فى حد ذاتها كانت بمثابة تغطية لجرائمهم و خداع لجعل الناس يقصدونها من ثم يتم القضاء عليهم بضربة واحدة اى بتجميعهم حتى  يسهل و يقصر الوقت للابادتهم كما جاء فى المخطط المعلوم ( بتجمع القري ) و هذه المنطقة تعتبر من ضمن النماذج و ما اكثرها , النتيجة اصبحت المنطقة ( دار السلام )  غير آمنة منذ تسميها حتى كتابة هذا المقال حيث تضرب الحكومة بطائراتها المواطنين العزل هذه الايام  بعد ما انهزمت من قبل اشاويس قوى تحالف المقاومة الدارفورية و اصبحت الحكومة تجرجر اذيال الهزيمة  و تسحب بقية قواتها من المدن حول فاشر ( مثلما حصل فى طويلة ) خوفاً من القضاء عليهم بل لتحمى بها ابواب المدن الكبيرة .

و لكن دهشتى لتسمية (رام الله ) جاءت من حيث المدلول وكنت مصاباً بالحيرة و اصبح تراودنى اسئلة كثيرة  : لماذا اقدمت نظام الابادة على تسميتها بهذا الاسم ؟؟  هل اراد  استجلاب فلسطنيين العالقين بمعبر رفح لتسكنهم هنا ؟؟ ام انها خداع المستعربين بانهم عرباً مثل الفلسطنيين ؟؟ ام انها تعاطف مع القضية الفلسطينية ؟؟ …..

اولاً : كنت على علم بالمنطقة و سافرت فى الماضى عدة مرات بهذا الطريق و على حسب يقينى ان اسمها لم تكن رام الله و سكانها لم يكونوا  الذين شاهدتهم اليوم  بالتاكيد ان سكانها الاصليين حصلت لها احدى الحالتين المذكورتين آنفاً ( الابادة او اللجؤ الى الخارج ) و الذين على بوابة القرية لاستلام رسوم العبور ليسوا هم ذات السكان الذين عرفتهم !! فهؤلاء يتحدثون لغة واحدة فقط و هى ذاتها التى تريدها راس النظام ان تجعلها وحيدة فى السودان بالدستور .

ثانياً: و اعتقد ان التسمية فى حد ذاتها تعتبر اهانة و استفزاز لمشاعر السكان الاصليين الذين هاجروها عنوة من ويلات نظام العصابة و اشارة الى ان لا مكان لكم ان عدتم فى يوم من الايام .

و كلمة ( رام الله ) معناها القريب المعروف للجميع هى مدينة فلسطينية و لا اريد الخوض فى هذا الاطار فاخبارها منتشرة فى كل القنوات على مدار الساعة .

الفرضية الاولى : المعنى البعيد و المقصود هنا بالتحديد انها خداع المخدعون و طمأنة  الغير مطمئنين الذين يدعون بانهم عرباً و يحكمون السودان باسم العروبة و الاسلام ( الاسلام بريئاً منهم  ) لجعل هؤلاء المستوطنين المستعربين الجدد عرباً لاثبات ثقتهم المهزوزة فى اصلهم و نسلهم كأنما يقولون ( انتم عرباً فلا تخجلوا برغم سواد سحنتكم ) اى  انتم عرباً لا فرق بينكم و فلسطيني رام الله … امر غريب !! .

الفرضية الثانية: كنت افكر جلياً هل اراد حكومة الشرزمة بهذه التسمية استجلاب الفلسطينين المنتشرين فى جميع انحاء العالم لتسكنهم هنا !!؟ لذا سميت القرية تيمناً باسم مدينتهم رام الله مثلاً !!؟؟ و لكن الشئ الذى اعرفه و الكل يعلم ذلك ان الفلسطنيين فى السودان يسكنون فى شقق مفرووشة فى احياء درجة اولى بالعاصمة المثلثة و يصرفون مرتباتهم و يمارسون تجارتهم بكل حرية و يدرسون فى ارقى المدارس و الجامعات السودانية مجاناً على حساب دافعى الضرائب !! بينما تفرض الحكومة القيود على بعض  السودانيين فى كافة المجالات !! فلذلك ابعد فرضية ان يسكن فلسطينى فى مثل هذه المنطقة النائية العديمة الخدمات الاساسية فى دارفور .

فبالتالى اذا لم تصح الفرضية الثانية من الارجح و المؤكد ان المخطط الاول يكون صحيحاً و هذا يقودنا الى سياسة نظام المؤتمر اللاوطنى فى ابادة الشعب الدارفورى و تهجير و تغيير الديمغرافى لسكان الاصليين من اجل طمس الهوية الدارفورية و مسح اثار جرائمهم الشنيعة على الشعب السودانى و لكن قرية رام الله  هذه تعتبر واحدة  من الادلة القوية ( وما اكثرها ) لارتكاب جرائم الابادة فى دارفور لتضاف الى تلك الاعترافات المعلنة من قبل بشيرهم الرقاص اى كما يقول القانون الاعتراف سيد الادلة  .

بقلم / حسين بقيره – المملكة المتحدة

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *