الحلقة الاولي :- بقلم / ابراهيم محمد اسحق *
يقول البروفيسور الدكتور / علي صالح كرار في مقدمتة لكتاب دارفور وخدمة الحرمين الشريفين
منذ فجر التاريخ وقف ابناء دارفور وهذه البقعة من بقاع السودان يقامون الغزاة ويزودون عن حمي الوطن والعقيدة وفي ذات الوقت ظلت ابواب ديارهم مشرعة امام قوافل التجار ومواكب العلماء ورجال الدين .
من هذه الولاية الولودة المعطاءة جاء الثوار والعلماء والادباء والفنانون في كل فن وميدان ومجال ،هذه هي دارفور صانعة التاريخ ديار السلاطين والاولياء .
حدود دارفور الغربية مع سلطنة وداي :-
خاض سلاطين الفور معارك شهد لها التاريخ من اجل تامين الحدود الغربية ، وقد كانت هذه المنطقة مخباء امنا لمقاومه الفور اثناء فترة المهدية والتي كانت تتحصن بها حتي حدود سلطنة وادي وقد كانت ملجاء وسندا لثوار دارفور الذين كانوا يحظون . بدعم من سلاطين الجبهة الغربيه مملكه وادي وممالك غرب افريقيا حتي تمبكتو ،ففي هذه المنطقة كان يقيم في ذلك الوقت مجموعة من الأمراء احفاد سلاطين دارفور ،
الذين حملوا رايه المقاومه تحت قيادة الثائر ابو جميزا. اشهرهم هو السلطان علي دينار الذي وضع خدعة وخطة تبداء بتسليم نفسه للمهدي هو وابن عمه الأمير نورين محمد الفضل ، والد الميرم مقبوله والده الإمام عبدالرحمن المهدي وكانت خطته هو العمل من داخل المهدية ، وانتظار اللحظه المناسبه
بينما استمر ثوار الفور في المقاومه في الاحراش والجبال استمر قادة ثوار الفور في المقاومة من داخل الاحراش الغربيه حتي تمكنوا من الانتصار واعاده سلطنة الفور الي الوجود مرة اخري .
وعندما دخل الغزو البريطاني دارفور كانت هذه المنطقة اخر قلاع المقاومة ضد المستعمر وقد رافق السلطان علي دينار القادة الشجعان وقد كان من هولاء القادة الأمير شالا والد المهندس عباس شالا وكان في معيتهم جدنا الأمير ابراهيم يوسف وابن عمه العالم محمد (بجا ) وهو اسم لطائر البجعة واطلق عليه هذا الاسم للون بشرته الفاتح .
الامير / ابراهيم يوسف :-
كان الامير ابراهيم يوسف عالما وقائد ا شجاعا في جيش السلطنة اي مقدوما لشمال دارفور في جيش المقاومة وراسا لمقدومية كتم ، وتطلق هذه الرتبة المقدوم علي اعلي الرتب في الجيش حاليا وهي رتبة المقدم كما كانت تطلق في جيش سلطنة الفور علي القائد راس المئة .
توفي جدنا الامير والعالم ابراهيم يوسف بحلة فورو ( قنورنقا فوكا )التى تعني التلال الحمراء
وقيل انه كان قبة وفي عرف الفور الرجل القبة هو الولي الصالح .. بالقرب من حله فورو .
الامير محمد بجا :-
عاش العالم محمد بجا بقية حياته في قرية مارا وتوفي فيها ودفن بالقرب من قريه مارا
وعلي حسب هذة العادة زوج جدنا العالم محمد بجا بناته فزوج ابنته الكبرى لاحد ملوك الزغاوه وهو الملك موسي خميس .
واسمها الميرم خديجة وتلقب بحبوبة (خدوج ) عاشت اواخر ايامها بالحاج يوسف وتوفيت بها كما زوج ابنته الأخرى لاحد اشقاء سلطان دار مساليت السلطان عبدالرحمن ابكر واسمه العمده ادم عبدالمولي شقيق العمدة أحمد عبدالمولي عمدة حي الشاطى بالجنينة .
ومن الاشياء التي تميز بها العالم محمد بجا ، انه كان عالما بتقاليد الفور ومسئولا عن حدود الاراضي وحواكيرالمملكة الشمالية واسرراها بحكم انه من احفاد السلطان شاو دورشيد من فرع ( كيو ) وهم العرافين بلغة الفور وبعد استشهاد السلطان علي دينار استقربه المقام في قرية ( مارا ) بالقرب من قرية مرقبج ، كما استقر ابن عمه المقدوم ابراهيم يوسف في قرية (فورو) بالقرب من قيري . وكانت تسمي في تلك الفترة بحلة (أو دلدي ) .
وتتبع هذه المنطقة لادارة الشرتاي احمد شطة شرتاي وصارت إدارة الديمنقاويه أثناء فتره مقاومه الفورللحكومة الانجليزية ، وقد كان احمد شطة صديقا شخصيا لجدنا المقدوم ابراهيم يوسف .
الامير شالا:- .
ومن المعلوم ان الأمير شالا كان وجيها علي رأس إدارة المنطقه وممثلا ومندوبا للسلطان علي دينار.
وقد جرت عاده سلاطين الفور علي سنة التزواج من الملوك والسلاطين اصحاب الديار وكان وبناء باحد سلاطين الزغاوه السلطان عبدالله محمد برقو عليه الرحمة علي هذءة العادة فقد زوج شالا ابنته
ايضا تزوج شقيقه الشيخ يوسف عبدالله برقو بالميرم خالتنا حواء جفون ، ووالدها عالم تزوج من اسرة كيرا .
الشرتاي احمد شطة :- .
الشرتاي احمد ارباب شطة هو خال الزعيم أحمد ابراهيم دريج ، وكان صديقا للمقدوم ابراهيم يوسف وهو الذي طلب منه البقاء في هذه الادارة الي ان توفي بها ، هكذا كان الفور متحدين
من أقصي الشمال الي اقصي الجنوب ومن الشرق الي أقصي الغرب وكانوا يحتضون القبائل ويعطونها مقامها مما دفع اغلب قبائل دارفور للانتماء لهم بحكم تعاملهم . وقد استهروا
بالعدالة والكرم والتواضع وقبول الآخر مما دفع ذلك لأن تستمر سلطنة الفور ودولتهم لأكثر من سبعه قرون فعلي الجيل الجديد أن يستلهم من تاريخ أجداده وتراثهم الدروس والعبر .
الشاعر – برة
ذكر لي الفنان الراحل عبده كيوكة انه الف اشعارالدلدينقا وقد تاثر عبده كيوكة باشعاره وابدع بصياغتها في اغاني تراثية رائعة سماها ( بالدلدينقا ).
وكان اسمه ( برة ) ولقبه او دلدي وتعني الجد فروة ( جلد) كان حافطا للقرأن و عالما تحول الي شاعر فقام بتاليف قواعد لغة الفور وتراث وحضاره دارفور في اشعار بليغة . بعد إصابته بمرض الجزام وهو مرض انتشر في دارفور في تلك الفترة ويقال ان علماء من البرقو تفرغوا للدعاء من اجل نصرة سلاطين الفور ، قاموا بتلاوة اسرار علي ثور اسود واطلقوه علي جيوش المهدية فقامت مجموعة من الجنود بذبحه والاكل منه فما كانت الا ايام وضرب هذا المرض وقضي علي اغلب جيوش المهدية في دارفور .واشتهرت تسميته بمرض الدم . .
وكما ذكرنا فان اشعار وقصائد ( برة ) قد وثقت لحقبة مهمة من تاريخ دارفور وحوت قصائده بلغة الفور المفردات اللغوية التي تصف جمال الطبيعه وأنواع الطيور واغاني الدلدينقا هي من اجمل الاغاني التراثية وفيها المديح النبوي ، وتسمي ( الليلينقا ) وتبداء مقطع القصائد بديا ليلي ؟ كما انها
توثق لمعارك جيش سلطنة الفور ورحله المحمل الي مكه وفيهاالملاحم وا لغزوات وحروبات الفور الكبري .
( ديا لي نا ليلا حواينق با ساري زبيرتو ولينق جاء كي المكة كني )
ديا لي نا ليلا –ينادي والد حواء ان يوقد المسرجة عن بداية رحلة قافلة المحمل الي مكة
( ديا لي نا ليلا ايسنق كندو ديني نما اخرا ايسانق مولي سامينق فيا )
ديا لي نا ليلا – كيف سنعبر الصراط في الاخرة ونحن محملين بالذنوب في الدنيا فليسامحنا الله
( اونقا ديو سلام عليكم ايسانق دلدينقانق جوابا ادينق أه نا قيرنق با )
السلام عليكم اجدادي الاولياء والصالحين سوف ارسل لكم رسائلي المكتوبة علي الجلود
وهذه القصيدة توثق للفترة التي كان الملوك يخاطبون بعضهم بالرسائل المكتوبة في الجلود
وتتحدث عن أعظم انجازات سلاطين دارفور وتنقل للاجيال تاريخ سلطنة الفور الشفاهي بصورة دقيقة وصادقة بلغة الفور ، تناولت بعض الابيات و صف رحلات تجارة مملكة دارفور مع الهند .
(ديا لي نا ليلا – ديني كولينقي بار مالح كيو نا كينقو لو كلمونق نا رابينقا كي ارا صاندلا كيري )
ديا لي نا ليلا – طفنا بالدنيا وقطعنا البحار ، ذهابا وايابا الي وصلنا الي مكان تصنع الفتيات الرباعيات العصيدة من عيدان الصندل ؟ فاين وصل هولاء القادة المغامرين من سلاطين الفور؟
وقد ترك العالم برة الملقب ( باو دلدي ) ذخيره هائله من التراث الفني الذي يسلط الضوء علي فترة بالغة الاهمية من تاريخ دارفور .وقد تفرد الفنان المبدع الراحل المقيم / عبده كيوكا باعادة انتاج اغاني الدلدينقا بصورة حديثة .
وقد تم بث حلقات منها بالتلفويون القومي في عام 1993 في سهرة دنيا دبنقا لمقدمها الاستاذ محمد سليمان ، وكذلك سهرة تراثيات لمقدمها الاستاذ / جرهام عبدالقادر في العام 2003 وعام 2003 ، وقد شاركت في اعدادها وكضيف وهي من اجمل السهرات لتي تعكس تراث دارفور الشعبي .
لقطة تذكا رية في رئاسة محافظة نيالا عام 1992 تجمعني و الفنان الراحل عبدة كيوكة
صورة تذكارية لاعضاء قافلة الرحمة التي سيرتها جمعية التهضة الثقافية لولاية دارفور عام
1992 ويظهر فيها الفنان الراحل المبدع عبده كيوكية وهو ممسك بلوح لتحفيظ القران الكريم وقد الف اشعاره من اعادة احياء نار القران ، وهذه هي الخلوة التي اسسها السلطان علي دينار في الفاشر
جلسة افطار في رمضان 1992 بمنزل الفنانة ملايم امو بنيالا ويظهر فيها الفنان عبدة كيوكة متكائا علي يده اليسري ومعه مجموعة من العلماء وحفظة القران الكريم / الشيخ يوسف ادريس
* كاتب وصحفي
*مدير مركز دارفور للدراسات والبحوث تحت التاسيس
و رئيس تحالف المجتمع المدني من اجل دارفور– الولايات المتحدة الامريكية