في ذكراها الأول.. متفائلون بتحقيق أهداف الثورة رغم الصعوبات

كان خروج المظاهرات في سبتمبر 2013 مفاجئا ومفرحا في آن, فبعد نحو ربع القرن من القمع والتسلط وكم الأفواه من قبل نظام دموي, وجه السودانيون رسالة للعالم بأنه “آن للنظام أن ينجلي”.. وبأنهم يريدون حريتهم من نظام البشير الذي عانوا منه الأمرين اعتقالا وترهيبا وقتلا وتشريدا.. بدأت المظاهرات كحراك سلمي اتخذ من الشعارات واللافتات المبتكرة وسيلة للتعبير عن تطلعات شعب تواق الي الحرية والكرامة والعدالة, وما لبث أن عم الحراك معظم المدن السودانية ابتداء من نيالا الي مدني والعاصمة وغيرها, لاسقاط نظام المؤتمر الوطني.
لكن قمع النظام لثورة الشعب بكافة الوسائل, بدءا بالاعتقالات ورمي المتظاهرين بالرصاص وانتهاء بما سماه النظام “الحسم العسكري” ضد شعب أعزل استخدمت معه مليشيات مرتزقة, في قصفها علي المدنيين, جميع أنواع الأسلحة الثقيلة.
وهكذا أصبح الثوار يقارعون أشد الأنظمة ديكتاتورية في العصر الحديث, نظام ادعي وروج طويلا لكذبة أنه “نظام انقاذ وطني” و “نظام مقاوم لاسرائيل” و” نظام اسلامي يسعي لتطبيق الشريعة الاسلامية”, لكن الثورة أسقطت ورقة التوت هذه عنه ليظهر علي حقيقته التي أخفاها طويلا عن السودانيين.
فقد حارب نظام البشير الشعب السوداني حربا شعواء, في حين أنه لم يطلق رصاصة واحدة, برغم اجزاء من الدولة محتلة.. واستخدم النظام من دون توان جميع الأسلحة التي دفع الشعب ثمنها باهظا وكأنه يقاتل “عدوا خارجيا غاشما” لا شبانا طالبوا بحقهم في الحرية والعدالة والكرامة.
ولا يخفي علي أحد, أن نظام البشير في حربه علي الشعب, خدم أجندة خارجية للدول, الي دعم نظام الملالي الإيراني الذي قدم دعما لا حدود له لحليفه البشير تمثل بالأسلحة وبالمساعدة التقنية, كما كان واضحا أشد الوضوح دعم قطر لنظام البشير, فقد أمدته بالمال والدعم الدبلوماسي أيضا, للحفاظ علي توازنات إقليمية وحسابات دولية لتنظيم العالمي للاخوان المسلمين ولابقاء حليفها موجودا في المنطقة, بعد فشل جهودهما في مصر وليبيا.. وتدخلت ايضا مليشيات قبلية(الجنجويد) من تشاد والنيجر ومالي وافريقيا الوسطي التي أجرمت بحق المدنيين العزل, وارتكبت مجازر مروعة كان بعضها بالأسلحة البيضاء.
وفي خضم الصمت الدولي المستمر, وتقاعسه عن دعمه الحقيقي لثورة الشعب السوداني, والإشاحة بوجهه عن مأساة الشعب الذي أكثر من 250 شخصا في العاصمة وحدها, وأكثر من 580 شهيدا في حربها علي المدنيين في دارفور, وغادر بلاده هربا من قصف النظام, يصل عدد السودانيين في بلاد اللجوء الي أكثر من مليون. مع كل هذا, أصبح جليا سقوط الأقنعة التي كانت ترتديها دول العالم, والتي كانت تتجمل بشعارات حماية حقوق الانسان, وحماية المدنيين, وغيرها من شعارات كانت تعبر فيها عن تحضرها.. فقد كان وقوفها عاجزة- أو متغاضية- أمام انتهاكات نظام البشير, وارتكابه بشكل مستمر للمجازر, والتي امتدت حتي استخدامه للسلاح الفتاكة علي المدنيين في دارفور وكردفان والنيل الازرق والمدن التي ثارت ضد الطاغية, دليلا علي أن هذه الشعارات مجرد أقوال لا ترقي لمستوي الأفعال والنتائج, وهي مجرد كلمات مبدئية لا تصل لمستوي المصالح السياسية والاقتصادية لهذه البلدان التي تعتبرها خطا أحمر لا يجوز المساس به مهما كانت الوسيلة. في حين استمر النظام يقصف المدنيين وبشكل مستمر بالصواريخ والبراميل المتفجرة التي يلقيها من طيرانه الحربي فتدمر وتقتل وتشوه علي مرأي أعين العالم.
وعلي الرغم من إجرام هذا النظام, فقد وافقت الجبهة الثورية السودانية علي الحل السياسي الشامل وعلي التفاوض حقنا لدماء السودانيين, وكطريق لتشكيل هيئة حكم انتقالي تملك كافة الصلاحيات. لكن هذا الأمر لم يعجب نظاما ما زال يتلقي دعما من حلفائه, نظاما أطلق كذبة ” محاربة العملاء” وصدقها وأصر عليها وحاول الإقناع بها, في حين أن جيش الثورة هو من يحارب ” مليشيات مرتزة وارهابية” التي خلقه وجلبه النظام نفسه ليفسد ويحارب ثورة الشعب السوداني وينهي آماله في الحرية, وليقدم نفسه علي أنه محارب شرس لعملاه هو ممثله ومبدعه.. لكن هيهات أن يخدع العالم..
وفي الذكري الاولي ل(هبة سبتمبر), ثورة شعب تاق طويلا الي الحرية, ودفع ثمنا باهظا في طريقها, وبالتزامن مع كل الصعوبات والمستجدات, وعلي الرغم من تقاعس المجتمع الدولي عن تقديم الدعم بشكل جدي للثورة والثوار, نحن متفائلون جدا بأنه مهما طال المطاف بثورتنا الجليلة, ومهما قدمنا من تضحيات جسام, فإن الثورة سوف تنتصر حتما, لأن الشعب السوداني قوي وقادر نيل مراده وتحطيم أصنام نظام جعل شعبه يعيش في وهم “صراع مع اسرائيل” الذي لا يتعدي حرب طواحين الهواء.. نظام جاء علي حكم في يونيو 1989, متجاهلا وجود شعب وحكم شرعي منتخب من الشعب.
ونحن نقول إن ثورتنا ما زالت مستمرة حتي آخر رمق, وما زال شعبا صامدا ومصرا علي الوصول الي نهاية النفق.. وما زالت الجبهة الثورية السودانية صوت الشعب الدوي أمام المجتمع الدولي, يفضح جرائم النظام وأكاذيبه وترهاته وتسعي لانتهاء المطاف به الي محكمة الجنائيات الدولية.

احمد قارديا خميس
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *