في السودان الذي انهكته الحرب.. السدود تصد الفيضانات والمتمردين
تلودي (السودان) (رويترز) – تشق جرافة الارض وتصدر دويا وهي تعمل خارج هذه البلدة السودانية التي مزقتها الحرب لتنتزع هتافات التكبير من جنود مسلحين ببنادق كلاشنيكوف يقفون على مقربة.
ويقول مسؤولون ان السد الترابي الذي يبنى في بلدة تلودي بطول كيلومتر واحد ستكون له فوائد جمة.
ولن يؤدي السد فحسب وظيفة حماية البلدة من الفيضانات وتوفير مياه الري لكنه سيكون ايضا رادعا للمتمردين الذين يهاجمون مرارا وتكرارا هذا الموقع الاستراتيجي .
وقال ابراهيم عبد الله عبد الكريم وزير التخطيط المدني والمرافق العامة لولاية جنوب كردفان الحدودية الجنوبية خلال جولة نظمتها الحكومة في تالودي “سيكون حاجزا طبيعيا لمنع الهجمات من هذه المنطقة.”
وكان عبد الكريم الذي يرتدي زيا عسكريا مموها يشير الى تل صخري تتدفق منه الامطار الموسمية التي تصب في غابات السافانا.
وقال متحدثا بالانجليزية بطلاقة “هذه هي الفكرة.. اقامة مشروع له وظائف عديدة.”
ومن غير الواضح مدى فعالية السد فعليا في صد المتمردين الذين يزعمون انهم يقاتلون من أجل البقاء وتشير التقارير الى انهم مدعومون بالمدفعية والدبابات لكن لا شك في أن البلدة يمكن ان تستفيد من هذا التطور.
واندلع قتال بين السودان وجنوب السودان هذا الاسبوع فيما جعل الجانبين أقرب ما يكون من استئناف الحرب الشاملة بعد أن انفصل الجنوب في العام الماضي بموجب اتفاق سلام أنهى عقودا من الحرب الاهلية بين الشمال والجنوب.
وتقع تالودي على بعد حوالي 50 كيلومترا من الحدود التي لم يتم ترسيمها بالكامل مع جنوب السودان وتتكون في الغالب من أكواخ مصنوعة من القش وبنايات من الطوب من طابق واحد. ويقول مسؤولون محليون ان اقتصادها يعتمد الى حد كبير على المنتجات الزراعية مثل العسل.
وتعتبر مساحة صغيرة من الارض المغطاة بالعشب وعدد قليل من الاشجار بمثابة حديقة عامة للسكان البالغ عددهم حوالي 30 ألف نسمة.
وفي الوقت الذي يهز فيه العنف المناطق الحدودية تزداد الحياة صعوبة في أماكن مثل تالودي.
ويقول مسؤولون سودانيون ان العمل توقف في تشييد طريق يؤدي الى كادوقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان بعد هجوم من قبل المتمردين سرقوا خلاله المعدات.
ولم يكتمل بناء سوق كان يهدف لان يحل محل سوق متداع قديم. وحتى محطة توليد الطاقة الصغيرة أغلقت واحترقت صهاريج الوقود بها فيما قال مسؤولون انه قصف للمتمردين خلال هجوم كبير في الشهر الماضي.
وتنتهز الخرطوم مثل هذه الحالات لكي تزعم أن المتمردين الذين يتطلعون لجذب الاهتمام وتحقيق انتصارات سهلة يحاولون طرد السكان بالقوة من منازلهم واثارة الفوضى والارتباك.
وقال أحمد هارون حاكم ولاية جنوب كردفان المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب في دارفور “حاولوا على مدى أسبوع الاستيلاء على البلدة لكنهم فشلوا.”
وأضاف “عندما شعروا بأنهم فشلوا بدأوا قصف البلدة واستهداف المدنيين وأماكن أخرى”.
ويقول المتمردون ان هدفهم هو عكس ذلك تماما وهو الحصول على مزيد من النفوذ السياسي والاقتصادي لاقلياتهم العرقية في هيكل السلطة السياسية والاقتصادية بالسودان الذي يشتكون منذ زمن طويل من هيمنة النخبة العربية عليه.
وللتعبير عن هذه المظالم انضم كثيرون من ولاية جنوب كردفان ولا سيما منطقة جبال النوبة الى المتمردين الجنوبيين خلال الحرب الاهلية التي استمرت عقودا في السودان.
لكن اتفاق السلام في عام 2005 الذي أنهى الحرب ومهد الطريق لتقسيم البلاد في العام الماضي ترك جبال النوبة وغيرها من الاراضي المتمردة السابقة الى الشمال من الحدود. وتجدد القتال في ولاية جنوب كردفان قبل شهر من انفصال جنوب السودان.
وأصبح الصراع منذ ذلك الحين قضية مثيرة للنشطاء المهتمين بأمر السودان ومن بينهم نجم هوليوود جورج كلوني الذي تسلل الى ولاية جنوب كردفان بصورة غير قانونية ووضع شريط فيديو على موقع يوتيوب حول الزيارة في الشهر الماضي.
(اعداد أيمن مسلم للنشرة العربية – تحرير أحمد حسن)
من ألكسندر جاديش