طالب رئيس الهيئة البرلمانية للحركة الشعبية السودانية الجنوبية، ياسر عرمان، بتنحية رئيس البرلمان، أحمد إبراهيم الطاهر، عن منصبه بعد أن اتهمه بالفشل، وقال إنه لا يستحق أن يدير مؤسسة تمثل الشعب واتفاقية السلام والدستور والرؤية الجديدة للسودان، في وقت كشف فيه وزير شؤون رئاسة حكومة الجنوب، دكتور لوكا بيونق، أن المبعوث الأميركي إلى السودان، سكوت غرايشن، يحمل ثلاثة مقترحات لتجاوز قضية التعداد السكاني، مثار الخلاف بين شريكي الحكم، المؤتمر الوطني بزعامة عمر البشير، والحركة الشعبية برئاسة نائبه الأول سلفاكير ميارديت.
ورفض عرمان التحذيرات التي وجهها رئيس البرلمان لكتلته بسبب مقاطعتها جلسات البرلمان، وقال: «نحن لسنا موظفين عند رئيس المجلس الوطني الذي ينتهج سياسة (جوّع كلبك يتبعك) التي اتبعت في مقامات أخرى ولا يمكن أن تطبق علينا»، وأضاف أن «اختصار قضايا البرلمان والشعب والقضايا الكبرى التي تمس سيادة القانون والحريات في المخصصات ينم عن العقلية التي يدار بها البرلمان ومؤسسات الدولة»، وقال: «نحن من سيوقف مخصصات الطاهر إذا كان يهتم بها»، واصفا حديث الطاهر بالمؤسف، وقال: «من يقول ذلك الحديث لا يستحق أن يكون رئيسا للبرلمان ويجب عليه أن يغادر رئاسته، بعد الفشل الذريع الذي جناه».
وجدد عرمان تمسك حركته بمقاطعة جلسات البرلمان لحين تنفيذ مطالبهم، وقال: «لن يحدد لنا شخص آخر متى نعود»، معتبرا أن ما يجري في البرلمان مضيعة للزمن ولموارد الشعب، وأضاف: «لا يوجد برلمان الآن وإنما كتلة المؤتمر الوطني، وهي التي تناقش ما يجري في البرلمان»، وقلل من أهمية إصرار البرلمان على إجازة قانون الأمن في غياب الحركة، وقال: «يسعدنا إجازة القانون في غيابنا لأنه ينتهك الدستور ولا نريد أن نشارك في تلك الجريمة»، لكنه عاد وحذر من أن الحركة ستتخذ خطوات أخرى ستعلن في حينها.
من جهته، قال وزير شؤون رئاسة حكومة الجنوب، لوكا بيونق، إن المبعوث الرئاسي الأميركي إلى السودان، سكوت غرايشن، الذي سيصل إلى السودان السبت المقبل يحمل معه ثلاثة مقترحات لتجاوز عقبة التعداد السكاني، وأضاف أن غرايشن سيناقش المقترحات مع الشريكين (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية)، كل على حدة، وقال إن من بين المقترحات اقتصار الانتخابات القادمة على مستوى الجهاز التنفيذي في رئاسة الجمهورية، ورئاسة حكومة الجنوب وولاة الولايات، وإرجاء انتخابات المجالس التشريعية إلى ما بعد الاستفتاء، مشيرا إلى استثناء منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان لعلاقتهما بالمشورة الشعبية الواردة في اتفاقية السلام بالمجالس التشريعية المنتخبة، ولذلك ستجرى فيهما انتخابات تشريعية.
وقال بيونق في تصريحات إن المقترحات الثلاثة صاغها المبعوث الأميركي لتجاوز الخلافات حول نتائج التعداد السكاني، موضحا أن المقترح الأول يدعو إلى التأمين على نتائج التعداد السكاني الخامس، مع تعديل مادة بعينها في الدستور الانتقالي، لضمان عدم إحداث أي تغيير في اتفاق نيفاشا إلا بموافقة 80% من أعضاء البرلمان بدلا من 75% الواردة في الدستور، والحفاظ للجنوب بنسبة 30% من التمثيل في الجهاز التنفيذي كما جاء في اتفاق السلام، في حين يدعو المقترح الثاني للتركيز على الانتخابات على المستوى التنفيذي، وأن المقترح الأخير يتعلق بتعديل قانون الانتخابات لرفع عدد مقاعد المجلس الوطني من 450 إلى 510، على أن يذهب 57 مقعدا من المقاعد الإضافية إلى زيادة مقاعد الجنوب ومقعدين لجنوب كردفان ومقعد لأبيي مع التأمين على تمثيل الجنوب بنحو 30% في الجهاز التنفيذي.
وأضاف بيونق أن المبعوث الأميركي يفترض أن يركز حول تلك المقترحات في اجتماعاته المقبلة للاتفاق حولها، مشيرا إلى أن غرايشن الذي سيعقد اجتماعات منفصلة مع الشريكين، سيعقد لقاءات منفصلة برئيسي اللجنة السياسية العليا، علي عثمان طه، ورياك مشار، إلى جانب رئيسي وفد الآلية الثلاثية، غازي صلاح الدين، ومالك عقار.
وذكر بيونق أن غرايشن سيركز في لقاءاته على التقييم الذي أعده مكتبه حول القضايا التي نفذت في الاتفاقات التي تمت ضمن اجتماعات الآلية الثلاثية منذ أن انطلقت في يوليو (تموز) الماضي في واشنطن، حيث اتفقت الأطراف منذ ذلك الوقت على 53 نقطة عمل لتنفيذ 11 قضية أساسية على رأسها أبيي، وترسيم الحدود والأمن والانتخابات ودارفور وقانون الاستفتاء، وأكد أن مكتب غرايشن وضع مصفوفة تفصيلية حول التطور الذي تم في تلك النقاط أسبوعيا، مشيرا إلى أن التقييم جاء على أربعة محاور أساسية توضح سير التنفيذ حتى 16 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وذكر، حسب التقييم، أن 11% من النقاط الـ53 التي تم الاتفاق عليها في الآلية الثلاثية لم تنفذ ونحو 55% لم تشهد أي تقدم ملحوظ، و21% جار فيها التنفيذ حسب ما جاء في اللقاءات الثلاثية و13% نفذت تماما، لافتا إلى أن القضايا التي لم تنفذ على رأسها القضايا المتعلقة بترتيبات ما بعد إعلان قرار هيئة التحكيم الخاصة بأبيي، إضافة إلى قضايا المنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق) والمشورة.
الى ذلك وصفت الحكومة السودانية أمس قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما بتجديد العقوبات ضد السودان بأنه «مؤسف»، و«مهدد للسلام والاستقرار في السودان»، وقالت إنه «مكرر، وليس جديدا». واستبق القرار الأميركي بتجديد العقوبات زيارة من المقرر أن يقوم بها المبعوث الأميركي للسودان سكوت غريشن، حول الأزمة في دارفور، وتنفيذ اتفاق السلام. وفي خطوة استباقية أخرى، أعلنت الخرطوم عدم وجود ترتيبات لعقد لقاء بين المبعوث سكوت والرئيس عمر البشير، «لن يتم في هذه الزيارة أو المستقبل حتى لو جاء ذلك بطلب من الإدارة أو المبعوث». ويحمل هذا القول، حسب المراقبين في الخرطوم، تسريبات أميركية بأن الإدارة مررت سرا، ضمن استراتيجيتها الجديدة تجاه الخرطوم، توجيها لمبعوثها الخاص غريشن بعدم لقاء البشير باعتباره مطلوبا لدى المحكمة الجنائية الدولية. وقال معاوية عثمان خالد الناطق الرسمي باسم الخارجية للصحافيين أمس إن تجديد العقوبات على السودان قبل اليوم الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام أصبح مناسبة شبه سنوية «مكرورة»، وأضاف أن القرار الذي صدر ليس مفاجئا للحكومة ولم يحمل الجديد، ومضى: «ولكن بالنسبة للحكومة؛ التجديد مؤسف، لأنه ليس من شأنه أن يسهم بأي درجة في دعم عملية السلام وتحقيق الاستقرار، بل العكس؛ يهدد السلام والاستقرار». وقال الناطق باسم الخارجية السودانية إن الإدارة الأميركية «أعلنت قبل أسبوعين ما أسمته (الاستراتيجية نحو السودان)، وأعلنت التزامها بالمساهمة في تحقيق السلام والاستقرار في السودان، وكان أمامها فرصة كبيرة لتأكيد المصداقية، وأنها تملك إرادة سياسية كبيرة لتنفيذ الأهداف التي أعلنت عنها، وذلك بالامتناع عن تجديد العقوبات واجترار الفصول المكرورة من السياسات القديمة». وكرر أن حكومته «تدرس الآن الاستراتيجية الأميركية، وعلى ضوء ما تخرج به تبني استراتيجيتها تجاه الولايات المتحدة».
لندن: مصطفى سري الخرطوم: إسماعيل آدم
الشرق الاوسط