غرايشن هو من ضحك أخيراً…
محمد آدم الحسن – هولندا
إن معرفة مفاهيم مثل الدبلوماسية الوقائية ودبلوماسية الأزمة ، وصنع السلام ، وفرض السلام ، وحفظ السلام ، وإعادة الأعمار في مرحلة مابعد الصراع ، توحي بنوع التدخل الذي تم استخدامه أو كان من الممكن أن يكون مفيداً في مرحلة معينة من الماضي أو توحي في حالة الصراع المستمر بنوع التدخل الذي قد يكون مفيداً الآن.
في رواندا كانت القضية الرئيسية قبل الإبادة الجماعية هي تنفيذ الحكومة بقيادة الهوتو لاتفاقات أروشا. وكانت الاتفاقات الموقعة في اروشا بتنزانيا عام 1993 ستسمح بعودة لاجئ التوتسي وستقود الي ترتيب لتقاسم السلطة بين الحكومة والجبهة الوطنية الرواندية بقيادة التوتسي. واتهم الرئيس ومتشددوا الهوتو بإعاقة تنفيذ اتفاق أكدوا انه كان سيعطي نصيباً غير متكافئ من السلطة الي الجبهة الوطنية الرواندية.
أشير الي النقطة السابقة للتعلم من المحاولات السابقة للتدخل.
وكنت أود أن تكون نقطة البداية لمفاوضات سلام دارفور بالدوحة (مراعاة عدم انتكاس جهود التسوية) لتشكل ولو الحد الأدنى من سلسلة الأسئلة التي كان يجب طرحها علي المبعوث الأمريكي إسكوت غرايشن الذي بدء مهمته خلفا للمبعوث السابق يان الياسون ولم يذهب بعيدا غير ترتيب سلم أولوياته والتي كانت كالأتي : التأكد من تطبيق اتفاق السلام الشامل CPA ، وقيام الانتخابات في موعدها والاستفتاء علي حق تقرير المصير. ، ثم دارفور.
وكانت خطة غرا يشن حل أزمة دارفور ترتكز علي ثلاثة محاور.
تحديد أطراف الصراع الرئيسية والثانوية ، ومن له تأثير علي الأحداث.
المحاولات السابقة للتوصل الي تسوية ولماذا فشلت.
البحث في الأسباب الجذرية مثل دوافع الصراع وما الذي يحركه.
ورغم الانتقادات الكثيرة والتي ما تزال توجه له إلا أن غرايشن هو من سيضحك أخيراً
طرح قرايش خارطة الطريق في أديس ابابا وحاول ان يجمع حولها كل الأطراف المشتركة في الصراع وكان يري كغيره ان التشرذم علي مستوي القيادات السياسية والعسكرية لدارفور يعتبر من اكبر العقبات التي تقف في طريق التسوية السلمية.
وعندما حاول أن يتمحص الأسباب الجذرية وخلفيات الصراع لدارفور ونشوب الحروبات المتكررة فيها إختار من مئات الاسباب اوهنها ، واختار أقصر الدوافع القائمة معتبراً أن الفصائل الدارفورية المنقسمة ما هي إلا واجهات لقبائل وبالتالي يجب تمثيل الممثل ، والإتيان بغير الممثل وهو المنطق والفرضية التي أحيت التجاني سيسي من بعد رميم.
بني اسكوت غرايشن جدله علي هذا الأساس وكان غير مقتنع من داخله ان لدارفور قضية تستحق من الأساس كل هذه الزوبعة.
المهم حاول أن يوجد لكل قبيلة في دارفور موطئ قدم في مرحلة السلام السياسي المتفاوض عليه حتي ولو كان ذلك تحت مظلة منظمات المجتمع المدني. وتحرك قطار التفاوض ورأينا السابق واللاحق أن هذا يمكن أن يعمق الانقسام في المستقبل القريب.
ونحن هاهنا قاعدون ولنري !!
إلتزامات خارطة الطريق لو تم الإيفاء بها لما كان الحبل متروك لمركب الإعلام الترويجي ولكان الحال أفضل مما كان عليه الآن فعلي سبيل المثال المؤتمر الأربعيني للفصائل المسلحة الذي كان من الفترض أنعقاده في دارفور لتكملة إجراءات التوحد وهو بمثابة مؤتمر سياسي عسكري لم يقم لأسباب لوجستيه وأخري غير معروفة.
تمت (كروتة بقية الفصائل) وتنويمها الي أن وجدت نفسها في الدوحة ومفروض عليها تتوحد – لتتفاوض في فترة شهر.
عندما ذهبت كل الفصائل للدوحة كمنبر واحد وشامل لتحقيق السلام من خلال التفاوض ، تفاجأت بغرايشن من خلفها أعد طبخة تجمع بين العدل والمساواة والحكومة في انجمينا ، وعلي الوساطة أن تتبني الإتفاق المطبوخ من جانب وأن تجعل منه الوجبة الرئيسية للمفاوضات وعلي الفصائل أن تأكل مما طبخ وتتفاوض علي بنود الإتفاق من جانب آخر.
وهاهي في شراك الابتزاز للقبول بالأمر الواقع.
وعلي فكرة الابتزاز عمل مشروع في التفاوض كورقة ضغط . إنها لخدعة غرايشن وشركه الذي سيجعله يضحك أخيراً وكثيرا.