عيد الأضحى في السودان.. طقوس فريدة وملامح جديدة!

صلاح الدين مصطفى
الخرطوم – «القدس العربي»: يستقبل السودانيون عيد الأضحى المبارك أو «عيد الضحية « كما يسمونه باللهجة المحلية، بطقوس فريدة ومميزة عن كل الدول الأخرى، لكن هناك متغيرات اجتماعية واقتصادية أدّت لوجود ملاح جديدة في الإحتفال بهذه المناسبة الكبيرة. تبدأ الإستعدادات قبل حلول العيد بأسبوع وتقع الأعباء الكبيرة على المرأة بنظافة المنزل من الداخل وحتى الشوارع المحيطة به، وتقول منى حسن إن الإستعدادات تبدأ بغسيل الأواني التي يحتاجون إليها لإعداد اللحم (الشواية، الصاج، الكانون، والصواني والصحون) وتمتد بإضفاء لمسات جمالية على البيت من حيث تجديد الطلاء والستائر، لكنها تقول إن عملية التجديد تقلّصت كثيرا بسبب الضغوط الإقتصادية.
أما الرجال فيطمئنون على وجود الآلات التي تستخدم في الذبح وتقطيع اللحوم وتتكون من «السكاكين والساطور والفرار وغيرها من مستلزمات الأضحية». ويقول فيصل علي الطاهر إن البعض يحتفظ بهذه المعدات في مكان خاص، بينما يشتريها آخرون في كل عام ويعتمد البعض الآخر فيها على جيرانه. طريقة تجهيز خروف العيد للأكل مختلفة عن المناسبات الأخرى، فالسودانيون لهم طريقة خاصة في طبخ كل جزء من أجزاء الخروف، ويتم الذبح عادة أمام الباب الخارجي، ويعقبه «سلخ الجلد» والتقطيع وفي السابق كان أصحاب الأضحية يقومون بهذه العمليات لكن الآن، وخاصة في المدن، فإنها توكل إلى جزار محترف.
(الشية، المرارة، لحمة الرأس، والكمونية) أسماء تتردد كثيرا طوال أيام العيد، ويقول جبر الله السماني «هذه كلها أشياء تميزنا ولها طعم خاص، لكن الأجيال الجديدة أصبحت لا تهتم بها، فهم لا يأكلون (الكمونية) وهي أمعاء الخروف ومعدته، و(المرارة) التي تتكون من الرئتين والكبد والمعدة وتؤكل دون إنضاج بعد إضافة البصل والشطة والليمون ومعجون الفول السوداني.
ويصف جبر الله بعض المشروبات المتعلقة بهذه المناسبة وعلى رأسها (الشربوت) وهو عبارة عن منقوع التمر مضافا إليه بعض التوابل ويتم إعداده قبل عدة أيام ويساعد على الهضم. ويضيف:»شباب اليوم يلجأون إلى المشروبات الغازية وهذا قد يؤدي إلى تخلي البعض عن أشياء تميزنا، لكنها ضريبة التحضر».
بعض المأكولات الشعبية تتمتع بطعم لذيذ جدا وخصوصية مثل (رأس الخروف) ويعرف شعبيا (بالباسم) ويوضع في (اللداية) وهي المكان الذي توقد فيه النار، ويترك فيها لمدة يومين ليتم نضجه بطريقة جيدة، وبعد ذلك يتم إخراجه من النار ويقطع وتنثر فيه البهارات ويقطع فيه البصل ويبدأ عشاقه في أكله ويشعرون كأنما تم طهيه في (فرن حديث) وكان الناس يستمتعون بأكله خاصة في ثالث أيام العيد ويجتمعون في بيت أحد أفراد العائلة لتناوله.
يقول أيمن محمود وهو شاب عشريني:»استمتع بتناول «شية الجمر» ولا أقرب لحم الرأس و»الكمونية» مطلقا، توافقه في الرأي رانيا حامد وتقول إنها لم تذق طعم «المرارة» في حياتها ولا تستسيغ لحم الرأس!
ويقول العم جاد المولى: «هنالك فرق كبير بين العيد زمان والعيد الآن، فالخراف كانت رخيصة والناس كانوا لبعضهم البعض، متعاونين ومتكافلين وكل شخص (يشيل هم الثاني) والذي لا يستطيع أن يذبح خروفاً للأضحية تكون اللحمة لديه أكثر من الذين ضحوا، لأن كل شخص يأتيه بكمية من اللحم، لكن الآن كثيرين لا يعملون بتقسيم الأضحية كما يجب فقط يأكلها أهل البيت ويحتفظون بالباقي في الثلاجات ولا يعطون منها أحداً».
صلاح الدين مصطفى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *