عن خطاب الكراهية المتبادل وعن دولة النهر والبحر أتحدث للمرة الأولى والأخيرة

لم أحاول إيجاد أي مبررات لخطاب الكراهية الذي قام ببثه بعض العنصريين من أبناء أقاليم الهامش السوداني بحكم أنني أنتمي تنظيميا لحركات الكفاح المسلح بل ماحدث هو العكس تماما فإنني لله وللتاريخ أدنت هذا الخطاب التعميمي المخل والذي صور من مجتمع إقليم الشمال كله وكأنه حاضنة لنخبة تعاقبت على حكم السودان وهذا الأمر ليس صحيحا وينفي حالة التهميش التي يعانيها مواطن الشمال نفسه بسبب تلك النخبة التي استأثرت بالقرار السياسي والثروة طوال الفترة الماضية من عمر السودان ولحديثي هذا شواهد.
*الكثيرون لايعلمون أن هنالك مجازر وقعت في شمال السودان نفذتها ذات النخبة المذكورة وإن هنالك سجون تابعة لأجهزة الأمن في مروى وكريمه ودنقلا وغيرها يزج فيهاكل حين بكل من يخالف توجه تلك النخبة ويسام سوء العذاب ولم تكن (قبيلة كذا للمعارضين من أبناء الشمال عاصم لهم من التعذيب والتنكيل والقتل والسحل والإعدام في نهار رمضان دون محاكمات موضوعية، وعندما برزت مشكلة خزاني الحامداب وكجبار عزلت الحكومة باقي السودان إعلاميا عما يحدث من سحل ومجازر هناك وتحمل أبناء تلك المناطق عبء الظلم والتهجير والسجون والموت لوحدهم وعندما بدأت الهبات الشعبية تنتظم المدن السودانية ضد نظام المؤتمر الوطني لم يصمت أهلنا في الشمال بل انتظموا مع إخوانهم من أبناء الأقاليم الأخرى حتى توج هذا الجهد بثورة ديسمبر المجيدة.
عزل البشير وزبانيته ولم يذكر لهم بواكي من شمال السودان إلا قلة منتفعة من حزبهم كانت تعيش على فتاتهم وهذه القلة لا تزيد على قلتها عددا عن أقرانهم من أبناء الأقاليم الأخرى.
الانتهازيين حول البشير كانوا من كل رقعة في السودان وهذا لا مزايدة فيه.
أما عن الكفاح المسلح ضد نخبة المركز فأبناء الشمال سطروا أسماءهم حضورا فيه منذ وقت مبكر بدءا من الحركة الشعبيه مرورا بحركتي العدل والمساواة السودانية وحركة جيش تحرير السودان.
لكل هذا كنت أدين خطاب الكراهية التعميمي الذي يقوم به البعض تجاه مجتمع الشمال .
كان ذلك الخطاب الكريه أكبر عقبة أمام طموحي الكبير وجهدي المتواضع لتوثيق عرى المحبة وكشف مايجري في دارفور و كردفان والنيل الأزرق والشرق لأهلي في شمال السودان وكذلك كشف وشرح طبيعة معاناة أهلي في الشمال وتهميشهم من قبل ذات النخبة التي تسلطت على رقاب كل السودانيين.
منذ فترة علا خطاب عنصري موازي لخطاب (بعض) ناشطي الهامش ومحتوي هذا الخطاب يهدف الي إنشاء مايعرف (بدولة النهر والبحر) وبذات القدر الذي انتقدت فيه الخطاب الأول أجد لزاما على أن أنتقد أيضا خطاب الكراهية ودعاوي الإنفصال من (بعض) الناشطين من أبناء الشمال والذين لا يتجاوز نشاطهم صفحاتهم في وسائط التواصل الاجتماعي.
وهنا دعوني أطرح عدة أسئلة للعنصريين عبد الرحمن عمسيب وحياة عبدالملك ومن على شاكلتهما، من الذى فوضكم من أبناء الشمال لتقوموا نيابة عنه بطرح دولتكم المزعومة؟ تمثلون من أنتم؟ هل تعلمون أن النسبة الغالبية من أبناء الشمال منتشرين في ربوع السودان المختلفة وفي الخارج وارتبطت حياتهم ومصالحهم هناك بعيدا عن مناطقهم الأصلية وأكثر القبائل تصاهرا وتداخلا مع مكونات الشرق والغرب والجنوب والوسط هم قبائل الشمال لا يكاد يخلو بيت في الشمالية خاصة منطقة منحني النيل يخلو من علاقة دم وصلة رحم تربطه بمكون من الشرق أو الغرب أو الوسط أو الجنوب.
*خطاب الكراهية يقوده الجهلاء من الطرفين لا أتواني أبدا في وصفهم بالجهل حتى لو حملوا الشهادات العليا من أرقى الجامعات.
*صاحب خطاب الكراهية دائما يبحث عن مبررات حتى وإن كانت واهية وغير موضوعية فهو يتغذى عليها.
*لا الناشطين العنصريين من أبناء دارفور يمثلون كل أهل دارفور ولا الناشطيين العنصريين من أبناء الشمال يمثلون كل أهل الشمال، هؤلاء قلة شاذة يجب ألا نعطيهم حجما أكبر من حجمهم الطبيعي لأن مجاراتهم تعطيهم مساحة أكبر من الإنتشار وشعبنا السوداني غير محصن بالصورة الكافية من مثل تلك الفيروسات المضرة .
#من المستفيد من خطاب الكراهية؟
لو تذكرون كانت تثار في الإعلام السوداني بين الفينة والأخرى دعاوي مثل مخطط دولة الزغاوة الكبرى ومخطط دولة البقارة ومخطط دولة الشمال من المعلوم أن كثير من صحفنا السودانية هي أبواق لجهاز المخابرات اللا وطني وجهاز المخابرات هو حارس البوابة الأول لتطلعات وأحلام ومصالح نخبة المركز، في اعتقادي مثل تلك الدعوات ماهي إلا فزاعة لشغل شعوب السودان عن التفكير العميق في إيجاد حلول وطنية موحدة تنظر للمصالح المشتركة والميزات النسبية والمصالح التكاملية لكل إقليم وشغلهم كذلك عن التفكير في تنوعهم وكيفية إدارة هذا التنوع وكيفية رفع حالة الوعي العام لدي الشعب بالحقوق والواجبات هذا كله يسحب البساط تدريجيا من تلك النخبة المركزية ويهدد مصالحها في الاستئثار بالسلطة والثروة لأطول فترة ممكنة.
للأسف أولئك الناشطين العنصريين رغم علو أصواتهم الضوضائية واتساع حناجرهم إلا أنهم أدوات ومجرد أرجوزات تحركها أجهزة تلك النخبة الإنتهازية.
*لدي سؤال مهم هل سمعتم أن حزبا سودانيا من عواجيز أحزابنا السياسية أدان يوما ما في بيان أو منبر عام خطابات ودعوات الكراهية والإنفصال المنتشرة الآن؟
نحن نتواجد الآن في ظل فترة إنتقالية تعقبها انتخابات ولسنا مهيأؤون تماما لاستقبال تلك الإنتخابات بالقدر الذي يأتي بشئ مختلف عما هو سائد الآن بمعنى أنه ستفوز ذات الأحزاب الحاليه التي لم تجري ولا حالة واحدة من النقد الذاتي لتجاربها الفاشلة ولأن وعينا السياسي كما هو في محله لم يتجاوز إسقاط أشكال طواغيت السلطة من على سدة الحكم واستبدالهم بآخرين يخدمون بنفس أدوات وسيستم من سبقوهم.
أخطر مافي الأمر أننا نلدغ كل مرة بعد كل ثورة من ذات الجحر ونتلقف ذات الطعم وننشغل في صراعات جانبية بيننا بفعل فاعل ومستقبل بلادنا تعبث به ثلة غير راشدة من بيننا
وعجلة دائرة الفشل تدووووووور وستدوووور حتى بعد الفترة الإنتقالية.
والله المستعان
فتح الرحمن يوسف سيدأحمد
باريس
16/09/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *