عندما يتكلم اللاخلاقيون عن الاخلاق

حسن اسحق
تعرضت مندوبة الولايات المتحدة الامريكية بالامم المتحدة سوزان رايس لهجوم عنيف من قبل المؤتمر الوطني كالعادة ،واعتبروها غير مؤهلة اخلاقيا لاتهام السودان ،والخرطوم لا تتلق تعليمات من واشنطن علي حد تعبير نائب امانة الاعلام بالحزب الحاكم ياسر يوسف . غريب جدا ان يتحدث حزب كالمؤتمر الوطني المسيطر علي كل مفاصل الحياة في السودان عن الاخلاق ،ويتبجح بكل وقاحة اخلاقية ان سوزان رايس مندوبة الولايات المتحدة الامريكية بالامم المتحدة ،غير مؤهلة اخلاقيا لاتهام حزب البشير الانقلابي ،ومذكرين ان حزبه لا يتلقي الدروس من البيت الابيض بواشنطن .ان كانت الاخلاق هي التي تضع الوقاء لحماية الضمير الانساني والاخلاق البشرية من الانحراف والانجرار وراء الانانية والفردية ، والتوجه الي الشمولية الانسانية ،ودون نسيان ان هنالك مميزات عظيمة للفردانية في شتي مجالات البشرية في العصر الحديث ،تلك التي كسرت حاجز الفردية المغلوط بالاستبداد ،وتوجهت نحو العالمية التي تظهر ملامحها واثارها في المنظمات الدولية والاقليمية في تحقيق السلام واغاثة المجتمعات التي اجتاحتها الكوارث الطبيعية والكوارث من صنع الانسان نفسه ،والانسانية ذات الضمير والاخلاق الحية ،لا تعبث بروح الانسان ولا تسترخصه ولا تهينه ولا تقتله ،ولا ولا ولا ،وللولايات المتحدة الامريكية سلبياتها ،يتحدث عنها الناس في افغانستان والعراق وفيتنام ،الحروب التي اندلعت في الفترات الماضية ،في حقيقة الامر كانت هناك اخلاق انسانية في الولايات ومازالت موجودة ،وضمير انساني يشكله الرأي العام الحقيقي والضمير البشير ،كما اسلفت في السابق في البلدان التي اشتعلت فيها الحروب وتشرد الالاف ،ونقلت وسائل الاعلام المرئية والمقروءة تلك القصص المؤلمة والمحزنة للمجتمعات التي لها اخلاق وضمير حقا ،وجاء دورها في الخروج الي الشوارع والتظاهر ومطالبة الحكومة في واشنطن ان تجد حلا للحروب الدائرة في افغانستان والعراق ،لايقاف الحرب لتستقر الشعوب في تلك الاقاليم والدول ،كما فعلت واشنطن اثناء الحرب في يوغسلافيا السابقة ،عندما صمت المسلمون تدخل الغرب وانقاذ ارواح المسلمين في البوسنة وكوسوفو ،لانقاذ مجتمعات باكملها من الفناء والزوال ومدها بالغذاء والادوية المرضية ،لا ننكر ان لواشنطن اخطاء ارتكبتها ،وفي نفس الوقت لها ضمير اخلاقي يوجهها اذا اخطأت يمثله المجتمع المدني الحر ،ويتوق دائما الي الي حرية الفرد ،وهذه هي الاخلاق التي تفضح وتكشف عن المسكوت عنه ،اذا قارنا بين نظام المؤتمر الوطني الذي يصرح نائب امانة الاعلام ان رايس غير مؤهلة اخلاقيا ،قد يقبل جزء من حديثه ،اذا نظر ياسر يوسف نفسه ،هل نظام الانقاذ الذي جاء بانقلاب عسكري عام 1989 مؤهل ايضا اخلاقيا ،وهل احترم الديمقراطية التي اعطته مقاعد ونسبة جيدة في برلمان الديمقراطية الثالثة ،اذا كان حزبه اخلاقيا ،عليه ان ينتظر الدورة الرئاسية التي تنتهي في مدة لا تتراوح دورتها الرئاسية في 4او 5 سنوات ،وبعدها يدخل للمنافسة الانتخابية ،واحتمال ان يفوز الرئاسة في السنوات الاولية من التسعينات من القر ن الماضي .
ان الحديث عن الاخلاق من نظام المؤتمر الوطني يعتبر حديث للاستهلاك الاعلامي وتغييب للحقائق والعزف المتعمد علي الوتر السماوي الحساس ،وهي سياسة متعمدة لعزل الناس عن الواقع .هؤلاء اين الرابط بينهم وبين الاخلاق في المستويات الاجتماعية والانسانية ،جوعي جبال النوبةوالنيل الازرق يعيشون اكثر من عام دون زراعة والاطفال ينقصهم الغذاء الجيد،وحديثي الولادة لا يتلقون الادوية والحقن المناسبة لسنهم ،والنظر الي العيش في معسكرات اللجوء في جنوب السودان ،والاخرين يقبعون في الجبال خوفا من قصف الطائرات العسكرية التي تستهدف قري المواطنين الابرياء العزل من اطفال وعجزة ومرضي ،وضع كهذا قريب جدا للاقليم الغربي في دارفور ،استهدف النظام المنظمات العاملة في مجال الاغاثة ،ومساهمتها الظاهرة للجميع ،طردت من المناطق والمعسكرات التي تأوي المتضررين ،وما اشيع حول طردها ،انها حاملة للاجندة وتعكس صور مغلوطة وماتحمله تقاريرها به اكاذيب كما تكذب الحكومة دائما ،ويسعي النظام لنشر اشياء كهذه ،الهدف منها اعطاء انطباع وصورة مزيفة ومغلوطة وغير حقيقية ،وارسال رسائل للمواطن المغلوب علي امره ،ان احداث دارفور وتفاصيلها المؤلمة واحداثها الكارثية تخطيط غربي وصهيوني امريكي بهدف عكس ،بهدف عكس واقع مضلل يحيد المواطن الذي يحتمل ان تكون لديه الرغبة في الخروج ضد سياسات الحكومة والتظاهر ضد القتل في كجبار وبورتسودان وجبال النوبة والنيل الازرق ودارفور ،وكل الاكاذيب والتهم لخدمة اغراض تضليلية ،اين الاخلاف يانائب امانة الاعلام الحزب الحاكم.
وبعد كل هذا ،يستمرون في الخداع والكذب والايهام ،اين الاخلاق مرة اخري ،فيما تدور احداثه  الدموية والمجاعية في المنطقتين في الجنوب الجديد ،في هذين المنطقتين الاغاثة تمنعها الحكومة من الدخول والنساء والاطفال الصغار المرضي يمنعن من الادوية ،وماينطبق في جبال النوبة ينطبق في النيل الازرق مأسي انسانية جوع ومرض وتشرد ولجوء ،ان الامر لم يتوقف علي المنطقتين وحدهما ،هناك شرق السودان ،رغم توقيعه اتفاق مع الحكومة في اريتريا قبل سنوات ،الا ان المؤتمر الوطني المتعطش للحروب للاستمرار في الكرسي ،لم يجروء علي استخدام اموال الصندوق الكويتي المخصص لاعمار الشرق ،سؤال للمرة التالية ،اين الاخلاق التي تتحدثون عنها وتكررونها ،انسان المنطقة يعيش امراض يمكن ان يساهم صندوق الاعمار في فتح مستشفيات بكل مناطق الاقليم الغربي ،لكن خصصت القروض لاعمار بورتسودان للسياحة والترفيه وقضاء عطلات ،علي حساب انسانها الذي يعاني من السل ونقص الغذاء ،اين الاخلاق ياهؤلاء مرة اخري ؟.
بينما تطالب اللجان الثلاثية بفتح الممرات لدخول الاغاثة الي المنطقتين ،الا ان الحكومة تقول ان الاغاثة اذا سمح لها بالدخول سوف تذهب الي الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال ،اين الاخلاق ،الا يرون الاطفال صغار السن وحديثي الولادة والنساء الحوامل ،وهل الكذبة الانقاذيون لهم اخلاق ؟اذا كانت لهم اخلاق ،كل مواطن عليه ان يسأل نفسه ،لماذا منعت الاغاثة من دخول جبال النوبة والنيل الازرق ودارفور لماذا طردت من المنظمات العاملة فيه ،والاقليم الشرقي ،انسان هذه المناطق يموت مرضا جوعا وخوفا ،اين اخلاق البشير ؟هذه البلد بقراصنتها الانيين مجردون من كل شيء ،وما يحملونه في الدواخل نفاق ممنهج ،وسرقة مؤسسات دولة وبيعها للاجانب وتشريد العاملين لتدمير الاسر ،كما ذكرت ان للغرب منظمات ومؤسسات مدنية قوية قادرة علي الضغط ،واحداث تغيير ،ولها اخلاق ،ولكن هؤلاء لا اخلاق لهم ولا انسانية ،وليس لديهم اي شيئ يتحدثون عنه .
حسن اسحق
صحفي
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *