*عملية الزراع الطويل حكايات لم تروى ومواقف لم تخلد*

*ابوعبيدة برغوث*
[email protected]
حكى لى الصديق الجنرال صديق بنقو عندما إلتقيت به قصصا عن الحرب والسلام وانا على يقين ان اروع ما فى تلك الذكريات مع ان الحرب لا يتسق معها أية أمر يقال عنه انه رائع هي تلك التى تتعلق بالقصص خاصة أن كان الراوي هو جزء من تلك الأحداث ومن بين تلك الأحداث التي يجب أن توثق للأجيال القادمة وتدوين للتاريخ هي عملية الزراع الطويل وانا استمع لحكاية الزراع الطويل هذه وكاني اصغى الى صوت المعركة بتفاصيلها بانتصاراتها وهزائمها وبينما أنا اتنقل بين المواقف وجدت ان اجمل مافي عملية الصراع الطويل ذلك الذى يتعلق بالفكرة المستمدة من المشروع حيث ان الإنسان عندما يؤمن بفكرة ما يعمل المستحيل من اجل تحقيقيها وجعلها واقعا كان هذا الجانب هو الاكثر جمالا من وشوشة الريح على اشجار النخيل التى اجلس بالقرب منها وانا استمع لحكابة ذلك الثورى العظيم والقائد الملهم الشهيد الدكتور خليل ابراهيم محمد ثم ذهبت بعد تلك الجلسة وجلست على الصخرة وكأني أري فيها صلابة الموقف واعطيت نفسى حق الافتتان بروعة الافق الماثل امامى
تمنيت ان اسال العرافين عن تلك الامور التى تمر بنا ونعيشها لحظات جميلة ولكن تعقبها محطات سئية ولحظات عصية على التقييم حتى منها فقدان الاخرين وهم ماضون في مشوار الثورة لم تمل لهم قناة او تلين لهم عظيمة او ان يحدث ما يكون سببا في تغيير مسار حياتنا مسببا لنا الالم حتى قبل حدوثه انه مواقف العظماء ورسائلهم التي دائما ما تكون قوة دافعة تشعل جذوة التمسك بالمشروع حتى تحقيق الغايات ونحن نعيش مناقشات السلام فى جوبا التى يتطلع اهل السودان ان تضع حد لمعاناتهم وتاسس لوطن يسع الجميع في هذه الأثناء والذاكرة مازالت ترسم لوحة تلك النضال العظيم بدا صوت الحياة فجاة وكانة يتلاشى لتظهر امامي
صورة البحر الهائج ايضا فجاه من حيث لا ادرى تذكرت فى تلك الجلسة وانا اراجع القصة مع الصديق الجنرال بنقو نعم أراجع القصة الزراع الطويل لأنها تستحق أن تروي بل وإن تخلد وقتها
كان النهار اوشك ان ينتهى و عندما انتبه الناس كان فى الافق ترتسم دائرة الدخان بلونه الاسود يعلن عن بداية المعركة على جسر ام درمان وبدات الخرطوم كالحصن الذى انهار سقفه جزئيآ فصرخ الساسه وقادة النظام انه خليل
نعم هو خليل ابراهيم الذى يعرفه الجميع لأنهم كانوا زملاءه السابقون لا شك فذلك كونه يدخل الخرطوم يبقى شي مؤكد آلتقتت الفضائيات والوكلات الخبر واندهش العالم واصبح مابين مصدق ومكذب لحكاية ضرب الحصن

وانا مازلت جالس ارتب فصول القصة اذ بمراة تعتمر وشاح على راسها تطرح العديد من الاسئلة على الاخريات كنت اود ان اسالها عن عملية الزراع الطويل وكيف شاهدت تلك السيارات على جسر ام درمان من شرفة منزلها تذكرت ان علي ان احترام اسبقية السن لذا لا يجب ان اقاطع مناقشات الكبار وهى تقاليد راسخة فى حكايات وقصص الحبوبات القديمة التى تمثل الاطار الاجتماعى الذي يشب علية الطفل
عن عملية الزراع الطويل يقول الصديق بنقو القائد العام للحركة العدل والمساوام .ة
ان تقدرات القيادة السياسية للحركة تشير ان الهامش هو ميدان الحروب وان الخرطوم هى مصدر تلك الحروب وكل الدلائل تشير وتضح ان المركز ليس له استعداد لايقاف الحروب البته مادام ان تلك الحروب لم تصل العاصمة وبذلك هو اي المركز لاتعنبه معاناة الناس هناك فى الهامش لذا قررت القيادة السياسية لحركة العدل والمساواة ان تنقل الحرب من الهامش الى المكان الذى يتخذ فيه قرار الحرب
ويمضي محدثي قائلا اتخذ الشيهد الدكتور خليل ذلك القرار واعلنه فى مؤتمر وادى هور فى كيامى 2007 ثم بدات الاستعدادات لتلك العملية واذكر هنا والحديث للقمة عندما قال الدكتور خليل اننا نريد ان نذهب الى الخرطوم هتف المؤتمرين كل القوى الخرطوم جوه!!!! وتحول ذلك الهتاف الى عدد من المواقع من خلال عزيمة القيادة بنقل المعركة الى المركز من خلال عملية نوعية وجرئية هي عملية الزراع الطويل واضاف صديق فى تقديرى ان قرار العملية قرار شجاع ولا يمكن ان يتخذ الا من قبل القادة الشجعان نسبة للمخاطر الكبيرة والتى تتمثل فى بعد المسافة مابين وادى هور والخرطوم والتى تقارب 1600كيلو وتنعدم فى تلك الصحراء التي يلزم عبرها مصادر المياة والمؤن ولكن اتخذ القرار وتحركنا من وادى هور وارتكزنا فى وادى مقير فى دار الميدوب وهى المنطقة التى تعرضت فيها قواتنا لقصف من طيران الحكومة وخسرنا هناك بعض رجالنا وعدد من العتاد ولكن واصلنا السير اتجاه الخرطوم ووصلنا ام درمان واستهدفنا مواقع عسكرية عديدة فى وادى سيدنا والمريخيات وكررى
ويضيف بنقو صحيح كنا نحمل عتاد عسكرى كبير ولدينا اسلحه ثقيلة لم نستخدمها واقول لك اننا فى حركة العدل والمساواة لدينا قيم واخلاق تشكل مسار الحرب ونحن كنا متمسكون دائمآ بقوانين الحرب وهذه تقاليدنا فى المعارك نعم دخلنا ام درمان بذلك العتاد ولكننا كنا ندرك ان الحرب التى نخوضها فى ام درمان تندرج فى تنصيف حرب المدن واذكر دخلنا فى المساء وكانت ام درمان مكتظة بالسكان واعتقد هذه واحدة من الاسباب التى جعلتنا لا نستخدم تلك الاسلحة الثقيلة بل اقول لك نحن دائمآ ملتزمين بقوانين واخلاق الحرب وهذه هى تعليمات الدكتور الخليل وهى لم تنحصر فى المدن فقط بل حتى فى الامكان المكشوفة تجد مقاتليبنا يلتزمون بهذه القوانين وكل عملياتنا لم يعتدى جنودنا على حقوق المواطنين او مزراعهم ولم يقوموا بتخريب مصادر المياة كما التزموا ايضا بعدم استيعاب الاطفال فى الحرب وكما ان الشيهد الدكتور خليل يشدد على معاملة الاسرى معاملة كريمة ويقول يجيب ان يحظى الاسير بعاملة جيدة وان يتمتع بحقوق الاسير ويشهد على تلك المعاملة اسرى القوات الحكومية التى اطلقنا سراحهم وايضآ اذكر ان من الاشياء التى لا تنسى عندما نتحرك الى اى عملية كان هناك تيم من النيابة يرافق المتحرك ويحرص على ان تطبق قوانين واخلاق الحرب فى العمليات وهذه الرقابة رسخت مفهوم الحرب النظيفة لدى مقاتلين العدل والمساواة
لذا عندما دخلنا ام درمان ادرنا حرب نظيفة التزم فيها مقاتليينا بدرجة عالية بقوانين الحرب والمواثيق والمعاهدات الدولية ولم نستهدف المواطنين ولا ممتلكاتهم واعتقد ان ذلك دفع المواطنين لان يتجاوب مع قواتنا عند دخولنا ام درمان

ومازال الحديث لصديق بنقو وهو يضيف قائلا ان اغلب مقاتليينا جاءوا من مناطق مظلومة ومقهورة عاشوا الظلم واقعا وعندما اعلنت الحركة الكفاح المسلحه و اطلقت على نفسها العدل والمساواة انضم اليها كل المظلومين على قناعة لان المنفستو الذى طرحته عبر عن اولئك المظلومين فى كل مكان وتشكل وعى مبكر لدى السكان فى دارفور ورغم محدودية تعليمهم الا ان الشعور بالظلم جعلهم يستوعبون طرح الحركة ومشروعها السياسى وتحول اولئك الناس الى مقاتلين شرسين من اجل ذلك المشروع وشكلوا منارة اهتدى بها الثائرين في درب الحرية والعدالة والمساواة وكان تطلعهم ان يعبر عنهم القائد الملهم والمنقذ الشيهد الدكتور خليل ويعبر بهم الى وطن يسع الجميع تسودة قيم الاخاء والعدالة والمساواة وهذه الاحساس كان سائد لدي الذين آلتزموا بالمشروع السياسى لدى العدل والمساواة وهذا هو الاطار التنظيمى والسياسى الذى شكل العدل والمساواة وهو والالتزم الصارم بقوانين الحرب والمعاهدات الدولية والاخلاقية التى تنظم مسارات الحروب استطيع اقول لك ان الدكتور خليل اسس حركة هدفها ليس الانتقام او التشفى كما صورها اعلام النظام البائد بل حركة تؤسس للعدلة والمساواة بين السودانين وان السودان لا يمكن ان يكون دولة للجميع ما لم تنتهى مظاهر الظلم والاستعلاء العرقى والتمييز بين الناس لذا شكلت هذه المفاهيم مسار الحركة
اولئك الجنود الذين وصولوا الى ام درمان فى عملية الزراع الطويل وقفوا على الظلم بعيونهم وتاكدون ان الاشياء لا يمكن ان تستمر بهذا الشكل يجب ان يكون هناك مساواة بين الناس
كانت الحركة تضم كل الناس اذكر ان لدى دكتور خليل فلسفة فى التعامل مع جنوده ودائمآ يضع القيادة فى ايادى اكثر الناس حكمة وليس اكثرهم تعليم واذكر هنا من القيادات العظيمة القائد فضيلى محمد رحومة وهو ينتمى الي اقليم كردفان من اهلنا المسيرية هذا الرجل الاسطورة استطاع بحكمته ان يقود كل الدكاترة المتعلمين بالحركة وكان مكان احترام وتقدير للجميع كان قائدآ استثنائيآ ومهلمآ وفريدآ وهكذا كان الدكتور خليل لديه نظرة وحكمة فى اختيار القادة واعتقد وجود الدكتور خليل فى الميدان واشرافه بنفسة على العمليات وتواضعه وسط المقاتليين جعله فى نظرهم كمنقذ وملهم ومعلم يستدلون به فى معاركهم ومناقشاتهم واذكر ذات يوم ونحن نمر بالعدد من الجنود وهم فى مناقشات عن اخلاق وقوانين الحرب فكان احدهم بقول لهم عمك قال وعندما يقولون عمك يقصودن دكتور خليل
قال الزول البعتدى على الاسير دا راجل هوان رجل جبان
وطبعا عندما توصف بالجبن فى الميدان فهذه كارثة وسبة بل لعنه لذلك لا يريد احد ان يصف بالجبن وهكذا كان يدير الشهيد الدكتور خليل الحركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *